بسم الله الرحمن الرحيم، وصلي الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
شيوخنا الكرام! ما حكم الشرع في بناء مسجد تقام فيه صلاة الجمعة بالمال الحرام، يعني: ساهم فيه باعة الخمور بقدر وافر من المال، يعني ٩٠% من هذا المال حرام؛ فلما ناقشت هذا الموضوع مع إمام هذا المسجد قال لي: الصلاة فيه مكروهة وليست بباطلة! قال على حد قوله قاله العلماء؛ فما رأيكم في هذا الموضوع.
جزاكم الله خيراً.
الجواب
المال الحرام الذي اكتسبه الإنسان بطريق محرم كبيع المخدرات والخمر ، أو التعامل بالربا ، ونحو ذلك من الطرق المحرمة، فهذا المال حرام على من اكتسبه فقط ، أما إذا أخذه منه شخص آخر بطريق مباح كأن يتصدق عليه فلا حرج في ذلك ، وكما لو تبرع به لبناء مسجد ، أو أخذه عامل أجرة عمله عنده ، أو أنفق منه على زوجته وأولاده ، فلا يحرم على هؤلاء الانتفاع به ، وإنما يحرم على من اكتسبه بطريق محرم فقط .
وطريقة توبة مكتسب هذا المال المحرم : التخلص منه ، وإنفاقه في وجوه البر ومنها بناء المساجد .
قال النووي رحمه الله في “المجموع” (9/330) :
” قال الغزالي : إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه – فإن كان له مالك معين – وجب صرفه إليه أو إلى وكيله , فإن كان ميتا وجب دفعه إلى وارثه , وإن كان لمالك لا يعرفه ويئس من معرفته فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة , كالقناطر والربط والمساجد ، ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه , وإلا فيتصدق به على فقير أو فقراء . . . وهذا الذي قاله الغزالي ذكره آخرون من الأصحاب , وهو كما قالوه , لأنه لا يجوز إتلاف هذا المال ورميه في البحر , فلم يبق إلا صرفه في مصالح المسلمين , والله سبحانه وتعالى أعلم ” انتهى .
وأما الصلاة في مثل هذه المساجد فجائزة ولا حرج فيها ؛ لأن من بناه من مال حرام قد يكون أراد أن يتخلص من المال الحرام الذي اكتسبه ، وحينئذٍ يكون بناؤه لهذا المسجد حلالاً إذا قصد به التخلص من المال الحرام ، وإذا تخلص الإنسان من المال الحرام في أي مشروع خيري حصلت به البراءة . والله أعلم .
اضافة تعليق