بيان العلماء في عيد الحب و حكمه في الشريعة الإسلامية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فإنه لا يخفى على كل مسلم أن التشبه بأهل الكتاب حرام سواء كان ذلك في عباداتهم أو أعيادهم أو أخلاقهم أو غير ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من تشبه بقوم فهو منهم) ( أخرجه أحمد 2/50 وأبو داود 4021) قال شيخ الإسلام: ( هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله تعالى( ومن يتولهم منكم فانه منهم) (اقتضاء الصراط المستقيم 1/314) وقال الصنعاني: (فإذا تشبه بالكافر في زي وأعتقد أن يكون بذلك مثله كفر، فان لم يعتقد ففيه خلاف بين الفقهاء: منهم من قال: يكفر، وهو ظاهر الحديث، ومنهم من قال: لا يكفر ولكن يؤدب) (سبل السلام 8/248)
و نقل شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الإجماع على حرمة التشبه بالكفار في أعيادهم في وقت الصحابة رضي الله عنهم. (اقتضاء الصراط المستقيم 1/454) وأحكام أهل الذمة (2/722-725)
وحيث انه قد انتشرت في السنوات الأخيرة بين المسلمين ظاهرة تقليد الكفار في أعيادهم ومن ذلك تقليدهم للنصارى في الاحتفال بعيد الحب خاصة الشباب والفتيات, مما كان داعيا لأولي العلم والدعوة أن يبينوا شريعة الله تعالى في ذلك. نصيحة لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم حتى يكون المسلم على بينة من أمره ولئلا يقع فيما يخل بعقيدته التي أنعم الله بها عليه.
وهذا العيد (عيد الحب ) أصله عقيدة وثنية عند الرومان، يعبر عنها بالحب الإلهي للوثن الذي عبدوه من دون الله تعالى ، إذ كانت الوثنية سائدة عند الرومان قبل ما يزيد على سبعة عشر قرنا. وذلك أنه لما حكم الرومان الإمبراطور الروماني (كلوديوس الثاني) في القرن الثالث الميلادي منع جنوده من الزواج لأن الزواج يشغلهم عن الحروب التي كان يخوضها، فتصدى لهذا القرار (القديس فالنتين) وصار يجري عقود الزواج للجند سرا، فعلم الإمبراطور بذلك فزج به في السجن، وحكم عليه بالإعدام.وأعدم في سبيل ذلك في 14 فبراير عام 270م. ولما اعتنق الرومان النصرانية أبقوا على الاحتفال بعيد الحب لكن نقلوه من مفهومه الوثني (الحب الإلهي) إلى مفهوم آخر يعبر عنه بشهداء الحب، ممثلا في القديس فالنتين الداعية إلى الحب الذي قتل في سبيل ذلك حسب زعمهم وربطوه بيوم إعدام (فالنتين) إحياء لذكراه، لأنه مات في سبيل رعاية المحبين وتزويجهم. وسمي أيضا (عيد العشاق) واعتبر (القديس فالنتين) شفيع العشاق وراعيهم.
ولهم فيه طقوس وشعائر يمارسونها فيه ومن هذه الشعائر:
إظهار البهجة والسرور فيه كحالهم في الأعياد المهمة الأخرى.
لبس الثياب الحمراء وتبادل الورود الحمراء.
تبادل كلمات الحب والعشق والغرام المحرم في بطاقات التهنئة المتبادلة بينهم .
أن المحبة المقصودة في هذا العيد منذ أن أحياه النصارى هي محبة العشق والغرام خارج إطار الزوجية ونتيجتها: انتشار الزنا والفواحش، ولذلك حاربه رجال الدين النصراني في وقت من الأوقات وأبطلوه ثم أعيد مرة أخرى.
وأكثر شباب المسلمين يحتفلون به لأجل الشهوات التي يحققها.
موقف المسلم من عيد الحب
مما سبق عرضه في بيان حقيقة هذا العيد،وانه عيد بدعي من أعياد الكفار فانه يجب على المسلم تجاهه ما يلي :
تحريم الاحتفال به، أو مشاركة المحتفلين به في احتفالهم، أو الحضور معهم لما سبق عرضه من الأدلة الدالة على تحريم الاحتفال بأعياد الكفار. قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى: (فإذا كان للنصارى عيد ولليهود عيد كانوا مختصين به فلا يشركهم فيه مسلم كما لا يشاركهم في شرعتهم ولا قبلتهم. أهـ (تشبه الخسيس بأهل الخميس، رسالة منشورة في مجلة الحكمة 4/193)
تحريم إعانة الكفار على احتفالهم به بإهداء أو طبع أدوات العيد وشعاراته أو إعارة أو بيع ما يستعان به عليه
تحريم إعانة من احتفل به من المسلمين بإهداء أو طبع أدوات العيد وشعاراته أو إعارة أو بيع ما يستعان به عليه قال الله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله ان الله شديد العقاب )
تحريم تبادل التهاني بعيد الحب، لأنه ليس عيدًا للمسلمين. وإذا هنئ المسلم به فلا يرد التهنئة.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق)).
توضيح حقيقة هذا العيد وأمثاله من أعياد الكفار لمن اغتر بها من المسلمين، وبيان ضرورة تميز المسلم بدينه والمحافظة على عقيدته مما يخل بها.
انه يجب على الجهات المعنية بالشئون الثقافية والتعليمية وغيرها منع أحياء مثل هذه الأعياد سواء كان ذلك عبر القنوات الفضائية أو الإذاعية أو الصحف وغيرها.
كمما يجب على المسلمين جميعاً الاعتصام بالكتاب والسنة والمبادرة إلى التوبة والرجوع إلى الله ولزوم طاعته اجتناب معاصيه في كل حال وأن يقوموا بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ونسأله تعالى أن يحفظ المسلمين من مضلات الفتن وأن يقيهم شرور أنفسهم ومكر أعدائهم انه سميع مجيب. وصلى الله وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



اضافة تعليق