تابعنا على

الحديث النبوي الشريف ركن الفتاوى

ما مدى صحة حديث ( إن اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن) ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

ما مدى صحة حديث ( إن اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن ، فيقول الله تعالى لملائكته : يا ملائكتي ! من ذا الذي أبكى هذا اليتيم الذي غيبت أباه في التراب ، فتقول الملائكة : ربنا أنت أعلم . فيقول الله تعالى لملائكته : يا ملائكتي اشهدوا أن من أسكته وأرضاه أنا أرضيه يوم القيامة )
الجواب:
هذا الحديث روى عن صحابيين جليلين الأول عمر بن الخطتب رضي الله عنه والثاني أنس بن مالك رضي الله عنه .
أما حديث عمر فقد رواه ابن عدي في ” الكامل ” (3/142)، وأبو نعيم في ” تاريخ أصبهان ” (2/269)، والثعلبي في ” الكشف والبيان ” (10/230) نحوه  من طريق الحسن بن أبي جعفر ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
وهذا إسناد ضعيف  جدا فيه علتان :
1- الحسن بن أبي جعفر : له ترجمة في ” تهذيب التهذيب ” (2/260) وقد  اتفق الأئمة على تضعيفه ،فقال علي بن المديني : ضعيف ضعيف . وقال  البخاري : منكر الحديث . وقال النسائي : متروك . وقال ابن حبان : غفل عن صناعة الحديث وحفظه ، فإذا حدث وهم وقلب الأسانيد وهو لا يعلم ، حتى صار ممن لا يحتج به وإن كان فاضلا .
2- علي بن زيد بن جدعان : له ترجمة في ” تهذيب التهذيب ” (7/324) وهو ضعيف أيضا قال فيه ابن حبان : يهم ويخطىء فكثر ذلك منه فاستحق الترك .
ولذلك حكم أهل العلم على هذا الحديث بالضعف الشديد والنكارة :
قال ابن عدي رحمه الله – بعد أن ساق مجموعة أحاديث للحسن بن أبي جعفر -:
” لعل هذه الأحاديث التي أنكرت عليه توهّمها توهما ، أو شُبِّه عليه فغلط ” انتهى من ” الكامل ” (3/143)
قال الذهبي رحمه الله :
” إسناده ضعيف ” انتهى من ” العلو ” (ص/96)
وقال ابن عراق :
” في سنده مَن لم أقف لهم على ترجمة ” انتهى من ” تنزيه الشريعة ” (2/136)
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
” هذا متن منكر جدا مع ضعف إسناده الشديد ، وفيه علل ” انتهى من ” السلسلة الضعيفة ” (رقم/5852)
وقد روى ابن أبي الدنيا في ” النفقة على العيال ” (رقم/615) هذا الحديث من طريق درست بن زياد ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب من كلامه .
ولكن درست بن زياد قال فيه أبو زرعة : واهي الحديث . وقال البخاري : حديثه ليس بالقائم . وهكذا اتفق العلماء على ضعفه كما في ” تهذيب التهذيب ” (3/209)

وأما حديث أنس بن مالك : ولفظه  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إِذَا بَكَى الْيَتِيمُ وَقَعَتْ دُمُوعُهُ فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ تَعَالَى ، فَيَقُولُ : مَنْ أَبْكَى هَذَا الْيَتِيمَ الَّذِي وَارَيْتُ وَالِدَيْهِ تَحْتَ الثَّرَى ؟ مَنْ أَسْكَتَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ )
رواه الخطيب البغدادي في ” تاريخ بغداد ” (15/35) من طريق موسى بن عيسى البغدادي ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك .

وهذا إسناد ضعيف  بسبب موسى بن عيسى ، فلم أقف له على ترجمة .
لذلك قال الخطيب رحمه الله :
” هذا حديث منكر جدا ، لم أكتبه إلا بإسناده ، ورجاله كلهم معرفون إلا موسى بن عيسى فإنه مجهول ، وحديثه عندنا غير مقبول ” انتهى من ” تاريخ بغداد ” (15/35)
وأورده ابن الجوزي في ” الموضوعات ” (2/168) تحت باب : ” بكاء اليتيم “
وقد اتهم الإمام الذهبي موسى بن عيسى هذا بأنه واضع الحديث في أكثر من كتاب ، انظر مثلا : ” تذكرة الحفاظ ” (4/4)، ” سير أعلام النبلاء ” (14/73)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
” كذب ” انتهى من ” السلسلة الضعيفة ” (5851) هذا والله الموفق .