السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا مطلقة ولدي طفل ، وأعيش مع والدي ووالدتي، وابني معي، ومنذ فتره 3 أشهر تعرفت على رجل وأعجب بأخلاقي وديانتي، وطلبني للزواج، وامرأته كانت مريضة، ولكن ظروفه أنه لا شغل لديه، ولكنه رجل مسلم ودين، وأخلاق، وحافظ للقرآن الكريم، ولكنه فقير بسبب نزوحه لتركيا بسب الأحداث في سوريا، وعمره 52 سنة، فلا يوجد له شغل، وعندما تقدم لخطبتي والدي رفض بسب مرض زوجته، وقال يجب عليه ألا يتزوج، وبسبب عدم شغل لديه، ولكنني معجبة بأخلاقه ودينه، وأريده زوجًا لي بالحلال، وبعد شهر توفيت زوجته، وهو مازال يريدني زوجة له بالحلال.
وأنا واقعة بين مشاعري ورغبتي بالزواج من هذا الرجل، وبين أبي الذي رفضه وحلف علي يمين ألا أذكره أمامه، وأنا أريد أطبق سنة الله -سبحانه وتعالى- ووجدت رجلًا دينًا مسلمًا يريدني، ومتمسك بي، ولكنه فقير، ونحن ندعو ربنا أن يفرجها علينا وأن يجمعنا بالحلال عاجلًا غير آجلًا، وخائفة إن تزوجت منه وأبي رافض أن أعصي ربي، فبماذا تنصحني أن أفعل؟! أنا مؤمنة أن الرزق على الله، وهو يقول لي بأنه ممكن يكون رزقه على وجه زواجي منه، أنا محتارة وغير مرتاحة على وضعي هذا، أرجوك إن كان من حل لمشكلتي فانصحوني بها!
حسبي الله ونعم الوكيل، وجزاكم الله كل خير.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. شكراً على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم “مستشارك الخاص” وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:
فمرحبًا بك -أختنا الكريمة- في مستشارك الخاص وردًا على استشارتك أقول:
ما يصيب الإنسان في حياته من أحداث ليس جزافًا، وإنما وفق ما قضاه الله تعالى وقدره، قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء) ولما خلق الله القلم قال له اكتب، قال: وما أكتب؟ قال: (اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة) وقال عليه الصلاة والسلام: (كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس) والكيس الفطنة.
من نعمة الله عليك أن رزقك الرضا بقضائه وقدره وصبرك طيلة هذه المدة بعد الطلاق؛ فالرضا بما قدره الله جزء من إيمان العبد، وإياك أن يصيبك اليأس أو أن تتسخطي؛ فإن الإنسان لا يدري أين يكون الخير له، يقول تعالى: (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).
الجزاء يكون على قدر البلاء؛ فإن عظم البلاء عظم الجزاء والابتلاء عنوان محبة الله للعبد، يقول عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ) ولا تعلقي نفسك بأحد من الناس؛ فإن كان مقدرًا لك أن تتزوجي بهذا الشخص أو بغيره فسوف يأتيك رزقك، ولن يستطيع أحد أن يقف بوجهك، كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام جفت الصحف).
أقدر وأحس برغبتك بالزواج، وأن يكون لك بيت خاص بك، ورجل تستظلين بظله، ويشبع رغباتك العاطفية والحميمية، ولكني أنصحك أن تحاوري والدك بالحسنى، وأن تقنعيه بالأدلة الشرعية والعقلية بأن الرزق بيد الله تعالى، وأن الله تعالى يقول: (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) وأنه ما من دابة إلا على الله رزقها قال تعالى: ( وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ).
والدك وإن امتنع عن تزويجك بهذا الرجل إنما يريد مصلحتك وراحتك، وليس مقصده أن يمنعك من الزواج فلا تحملي في قلبك عليه شيء، وثقي صلتك بالله أكثر واجتهدي في تقوية إيمانك وتضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسليه أن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك، وكوني على ثقة إن توفرت فيك أسباب استجابة الدعاء وانتفت الموانع أن الله سيستجيب لك؛ فالله حين أمرنا بدعائه وعدنا بالاستجابة فقال: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ) وقال: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).
الزواج مشروع عمر وليس آنيًا؛ ولذلك يحتاج منك إلى التفكير العميق بالعقل المرتبط بالشرع وليس بالعاطفة المجردة، وأن تكون نظرتك بعيدة وليس قريبة، وأن تكون واضحة وليست ضبابية.
الزواج يحتاج إلى تأن وترو وعدم تعجل في أمرك فقد صبرت الكثير، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (التأني من الله والعجلة من الشيطان) ولا شك أن الهموم تنتابك ما بين الحين والآخر والصراع النفسي والعاطفي يعاودك؛ لذا فعليك أن تلزمي الاستغفار وتكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عيه وسلم- فهما من أسباب تفريج الهموم وكشف الكروب، يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).
قد يكون ثمة ذنب يعوق بين الإنسان وبين حصوله على رزقه، ففتشي في نفسك -وأنا لا أتهمك بشيء- وكلنا أصحاب ذنوب؛ فالغيبة والنميمة وقطيعة الرحم، والتقصير في حق الله وارد على كل أحد؛ فإن رأيت شيئًا فاستغفري الله وتوبي إليه؛ ولذلك يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).
احذري من بناء أي علاقة مع أي رجل خارج إطار الزواج؛ فتعرفك على هذا الرجل، وكلامك معه، وإعجابه بك، وإعجابك به، وربما كان ثمة حديث جانبي كان خطأ، ليس هو الطريقة الصحيحة لمن تريد الزواج؛ فدينك يريدك أن تكوني عزيزة مطلوبة لا ذليلة طالبة فلا تذلي نفسك.
قبل أن توافقي على أي شخص يتقدم لك لا بد أن تدرسوا شخصيته وصفاته دراسة واسعة متأنية عند من يخالطونه ويخرجون ويسافرون معه، ويأكلون معه ويشربون، ولا تكتفوا بالصفات الظاهرية أو بثناء شخص عليه حتى لا تصطدمي بالصفات الحقيقية له بعد يومين أو أسبوع من الزواج فتندمي ندمًا شديدًا، وعليك بعد التيقن من صفاته أن تصلي صلاة الاستخارة وتدعي بالدعاء المأثور ثم تبدين موافقتك متوكلة على الله فإن سارت الإجراءات بيسر فهذا دليل أن الله قد اختاره زوجًا لك، وإن تعسرت فهذا مؤشر أن الله صرفه عنك، وكوني على يقين اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.
نسعد كثيرًا بتواصلك في حال أن استجد أي جديد في حياتك، وأسأل الله تعالى أن يعجل لك بالفرج وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك والله الموفق.
اضافة تعليق