تابعنا على

استشارات مستشارك الخاص الاستشارات

أكره بلد إقامة أهلي، ولا أستطيع الإقامة في بلد أحبها.

السائـل: مرام2016-12-18 13:21:53

السلام عليكم..

 

لا أريد أن أطيل! أنا لا أستطيع أن أفعل ما أريد؛ لأن كل شيء أريده مستحيل، أريد أن أعيش في دولة، لا أستطيع ذلك؛ لأني أحتاج لإقامتها، وأهلي يعيشون بدولة أكرها وأكره كل من ينتمي إليها؛ لأن أخلاقهم كريهة، وأقسم بالله أنهم معقدون.

 

أنا الآن أعيش في الدولة التي أحبها لأنهي دراستي، وسوف أنهيها قريبًا، بعد ذلك سيتم ترحيلي عن الدولة؛ لأن الجامعة التي أدرس بها هي من تتكفل بإقامتي، ويجب علي أن أغادر البلاد قريبًا خلال أربعة أشهر، لم أجد وظيفة؛ لأني وافدة، وليس لدي مال لأفتح مشروعًا، ماذا أفعل أنا الآن في منتصف الثلاثينات ولم أتزوج، وأصبحت يائسة من كل شيء، حتى من شكلي! ولم يتقدم لي أحد! أفكر في الانتحار، وأتردد دائمًا؛ لأني أخاف أن لا يكتشف أحدهم جثتي بما أنني منسية!

 

أرجوكم ساعدوني انصحوني، لا تطلبوا مني أن أعود إلى بلدي الأم؛ لأني من دولة آسيوية، ولا أنتمي إليها إلا بالجواز للأسف، لقد تربى أبي وجدي بالدولة التي يقيم بها أهلي.

 

أرجوكم انصحوني وأرشدوني -وأقسم بالله- أني أعاني من التفكير المستمر، ولا أجد حلًا.

المستشار: د.عقيل المقطري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. شكراً على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم “مستشارك الخاص” وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:

 

فمرحبًا بك -أختنا الكريمة- في مستشارك الخاص، وردًا على استشارتك أقول:

 

إن الله جبل الناس على حب أوطانهم التي هي مسقط رؤوسهم مهما كان ذلك الوطن، وهذا نبينا -صلى الله عليه وسلم- يقول حين أخرجه قومه من مكة، قال مخاطبًا مكة: (والله إنك أحب البلاد إلي ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت) وقد يخرج الإنسان من بلده لظروف معينة ولا يستطيع السكن طويلًا في غير بلده نتيجة للقوانين الصارمة التي تمنع الاستمرار.

 

يجب عليك أن تراجعي نفسك وإيمانك؛ فكل شيء يجري في هذه الحياة يكون وفق قضاء الله وقدره، ومنها ما يعانيه الإنسان من ظروف حسنة أو سيئة، فأين رضاك بقضاء الله وقدره الذي هو ركن من أركان الإيمان، يقول تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء) ولما خلق الله القلم قال له اكتب قال وما أكتب قال: (اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة) وقال عليه الصلاة والسلام: (كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس) والكيس الفطنة.

 

الزواج رزق من الله تعالى لا يأتي إلا في الوقت الذي قدره وليس للإنسان فيه تصرف فيقدم فيه ويؤخر ويختار، وكل إنسان سيأخذ نصيبه ورزقه، فلا تيأسي من روح الله، وكوني متفائلة، ولعل الله يقر عينيك ويرزقك من حيث لا تحتسبين.

 

الذنوب من أسباب منع الرزق، وكلنا أصحاب ذنوب، ففتشي في نفسك وحاسبيها؛ فلعل ذنبًا عندك استصغرته ولم تعيريه أي اهتمام ولم تستغفري الله منه كالغيبة والنميمة، وما شاكل ذلك، وأنا لا أتهمك بشيء، ولكن من باب محاسبة النفس فإن وجدت شيئًا فتوبي إلى الله واستغفريه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).

 

إياك أن تفكري في الانتحار؛ فذلك ليس حلًا، وإنما هو انتقال من بلاء مقدور تحمله إلى عذاب شديد لا يتحمله الإنسان؛ لأن المنتحر في جهنم عياذًا بالله.

 

أين التجاؤك إلى الله الذي بيده ملكوت السموات والأرض، وبيده مقاليد الأمور، والذي إذا أراد شيئًا فإنما يقول له كن فيكون، فانطرحي بين يديه، واطرقي بابه وأنت ساجدة؛ فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وسلي الله ما تريدين من خيري الدنيا والآخرة؛ فالله لا يعجزه شيء، وقلوب العباد بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء، وكوني على يقين أن الله تعالى سيستجيب لك، وخاصة إن توفرت فيك أسباب الاستجابة، وانتفت الموانع؛ فقد تطلبك الدولة التي تدرسين فيها للعمل بها وما ذلك على الله بعزيز.

 

اعملي بالأسباب المتاحة والمشروعة من أجل بقائك في البلد الذي تدرسين فيه من خلال التراسل مع الجهات ذات العلاقة مع تخصصك؛ فلعل بعضها يوافق على عملك معه، فلا تيأسي واجعلي التفاؤل دائمًا نهجًا لك.

 

أوصيك بكثرة الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فهما من أسباب تفريج الهموم وكشف الكروب، كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).

 

أكثري من تلاوة القرآن الكريم واستماعه، وحافظي على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك، يقول ربنا جل في علاه: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

 

أنت صاحبة رسالة ويجب عليك أن تؤدي رسالتك في أي بلد تكونين فيه، فاستعيني بالله ولا تعجزي، وثقي أن الله معك ناصرا ومعينا.

 

أسأل الله لك التوفيق، وأن يعطيك من الخير ما تتمنين، وأن يصرف عنك كل سوء ومكروه إنه سميع مجيب.

رابط الاستشارة في موقع مستشارك الخاص :

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق