تابعنا على

استشارات مستشارك الخاص الاستشارات

انتهكت محارم الله في خلواتي .. ففقدت إيماني الذي في قلبي!!

السائـل: محمد2016-12-14 23:02:01

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

أولاً: أشكركم على موقعكم هذا الجيد.

 

أنا أعاني من مشكلة منذ عام كامل وشهرين، ولم أجد حلاً لمشكلتي، وبسبب هذه المشكلة كرهت هذه الحياة ومللتها، وأتمنى أنَّني لم أخلق في هذه الحياة!.

 

مشكلتي -يا شيخ- هي: أنَّني أعاني من بُعد شديد عن الله تعالى، وأعاني من فقدان الإيمان وسلبه، وموت قلبي بعد أن كان حيًّا ومليء بحبّ الله ورسوله، وكنت -يا شيخ- حافظًا لنصف القرآن، والآن نسيته بأكمله، ولم أعد حافظًا لأي آية، وذلك بأنّي أخطأت وارتكبت ذنبًا عظيمًا، وهو انتهاك محارم الله في الخلوات، وهذا الذنب النَّظر إلى الحرام.

 

وبعد ارتكابي لهذا الذنب بدأت علاقتي بالله تقلّ يومًا بعد يوم حتى سُلب الإيمان بأكمله من قلبي، ولم يعد في قلبي شيء، وأصبحت خاليًا من الإيمان، وكنت على وشك الخروج من هذا المأزق إلى أن جاء يوم السبت 1/ رجب / 1437؛ وذلك أنّي قلت كلمة، وهذا النص الذي تكلمت به: (إنَّ جزمة حسان عند الله أفضل منّي) وحسان هذا رجل من الصالحين المحبين لله ولدينه، علمًا -يا شيخ- أنَّني بعد أن قلت هذه الكلمة مباشرة أحسست بسلب باقي الإيمان الذي في قلبي مثل أن تسلب الشعرة من العجين!.

 

اليوم لي تسعة أشهر من هذه الكلمة، ولم أعد أشعر بشيء في قلبي، لا إيمان، ولا محبة، ولاخوف، ولا رجاء، ولا حسن ظنّ بالله، حتى شعور وجود الله تعالى لم أعد أشعر بوجوده في أي شيء سواء في صلاة، أو ذكر، أو قراءة قرآن، وكلمتُ أحد الصالحين وقال لي: جدّد إسلامك ولا تظنّ -يا شيخ- أنَّه وسواس، أتمنى أن يكون وسواسًا.

 

أرجوك ساعدني -يا شيخ- ماذا أعمل؟ فقد كرهت هذه الحياة بأكملها.

المستشار: د.عقيل المقطري

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وشكرًا على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم “مستشارك الخاص” وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:

 

    مرحبًا بك -أخي الكريم- في مستشارك الخاص، وردًا على استشارتك أقول:

 

    ليس هنالك أحد معصوم عن الوقوع في الذنوب والمعاصي كبيرها وصغيرها حتى الشرك بالله تعالى، ولم يعصم الله غير الأنبياء؛ يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: ((كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون))، ويقول: ((لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم)).

 

    لعلك لم تتب ولم تستغفر الله من ذلك الذنب؛ لذلك ما زالت العقوبة حالة بك، فيجب عليك أن تتوب إلى الله توبة نصوحًا من هذا الذنب، ومن شروطها: الإقلاع عنه، والنَّدم على ما فعلت، وتعزم على ألا تعود مرة أخرى.

 

    لا شكَّ أنَّ من أسباب ارتكاب الذنوب ضعف الإيمان كما قال عليه الصلاة والسلام: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن… الحديث)) أي إيمانًا كاملاً، والذنوب تضعف الإيمان.

 

    مهما كان ذنبك ومهما تكاثرت هذه الذنوب وتبت منها تقبلك الله وغفرها لك؛ كما يقول تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، وفي الحديث القدسي: ((يا عبادي إنكم تذنبون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا، فاستغفروني أغفر لكم))، ((يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة))، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر)) يعني: ما لم تبلغ روحه حلقومه.

 

– تضرع إلى ربّك بالدعاء وأنت ساجد، وسله تعالى أن يغفر ذنوبك، ويستر عيوبك، وعليك بدعاء ذي النون؛ فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنّه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له)).

 

– وثّق صلتك بالله تعالى، وحافظ على الصلاة في وقتها في جماعة، وأكثر من نوافل الصلاة والصوم، واجعل لنفسك وردًا يوميًا من القرآن الكريم جزءًا كاملاً تقرأه بعد كل صلاة ولو صفحتين؛ فهذا سيقوي إيمانك بإذن الله تعالى، وإن قوي إيمانك وهبك الله الحياة الطيبة كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

 

– الزم الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهما من أسباب تفريج الهموم، وكشف الكروب، ومغفرة الذنوب؛ كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا))، وقال لمن قال له: أجعل لك صلاتي كلها؟ (إذن تكف همّك، ويُغفر ذنبك).

 

– لا تيأس ولا تقنط من رحمة الله؛ فالله سبحانه يفرح بتوبة العبد، ويبدل سيئاته حسنات إن صدق في توبته.

 

– صادق الأخيار واهجر الأشرار؛ فالصديق له تأثيره الإيجابي والسلبي على الشخص كما جاء في الحديث الشريف: ((إِنَّمَا مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالحِ والجَلِيسِ السّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِير، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً))، ويقول عليه الصلاة والسلام: ((المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل))، ويقال في المثل: (الصاحب ساحب)؛ فالصَّالحون يدلونك على الخير، ويعينونك عليه، والفاسدون يدلونك على الشر ويجرونك إليه.

 

– لا تختل بنفسك، وعاقب نفسك بعدم الدخول على تلك المواقع، وامح ما عندك إن كان لا يزال معك منها شيء، وابتعد عن كل السبل التي توصلك لذلك الطريق المظلم.

 

– لا تظنّ أنَّ تلك المناظر ليس لها تأثير على صحتك بل لها عواقب وخيمة جدًا على أدائك الجنسي في حال زواجك ما لم تتركها من أجل الله تعالى؛ فكثير من الشباب أصيب بضعف في النّاحية الجنسية بسبب إدمانه على تلك المناظر.

 

– لا تعط هذا الموضوع أكبر من حجمه؛ فعلاجك يكمن بالتّوبة والإكثار من العمل الصالح، ولا تصغ للشيطان إن وسوس لك أنَّه لا إيمان عندك ولا فائدة من توبتك؛ فلولا الله تعالى ثم بما عندك من خوف من الله وإيمان لما كتبت إلينا هذه الاستشارة.

 

– نسعد كثيرًا بتواصلك معنا في حال أن استجد أي جديد في حياتك.

 

    نسأل الله تعالى أن يتوب علينا جميعًا، وأن يقوي إيمانك، ويرزقك الاستقامة على دينه والثبات عليه. والله الموفق.

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق