السؤال:
لدي وسواس الصلاة والوضوء والنجاسات فلدي إفرازات ناقضة للوضوء وأشك بنجاستها وبتنجس ثيابي بها لذا أغير الثياب قبل الصلاة ثم الإستنجاء ثم الوضوء أشك بوصول الماء إلى العضو كالاستنشاق وعندمسحي راسي وأذني فأخي يشير بمبالغتي في مسحهما كأني أغسلهما وأحاول البدئ بالصلاة ولكني أنسى نوعها وعددد ركعاتها فأحاول التذكر فأقف نصف ساعة لم أبدأ فيهاومع الإفرازات أعيد كل ما سبق بسبب الوسواس وأطيل الصلاة بشكل مبالغ فيه ولكني لم أشعر بالوقت لذا أمرني أهلي بإنهائها فخفت أن أسرع فتكون معصيةوأن أطيل فأسخط والداي فتكون معصية والوسواس أثر على دراستي فأبدأ مذاكرتي بعدالعشاءفهل يكون الوسواس بسبب حسد وهل يحسد الشخص على دينه وكيف يتجنب؟ وهل وسواسي قهري لأنه سبب فرحي عند العذر الشرعي والخوف والضيق عند انتهاء العذر.
الجواب:
فمرحبا بك أختنا الفاضلة وردا على استشارتك أقول:
الوسواس يمر على كل إنسان لأن منبعه الشيطان الرجيم وهو كما لا يخفى عليك عدو للإنسان حاقد عليه كونه امتثل لأمر الله وقام بعبادته ولذا فقد أمرنا الله بأن نتخذه عدوا لنا فقال: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ).
لقد طلب الشيطان من ربه أن يمهله إلى يوم القيامة وكل هذا من أجل أن يقوم بإغواء بني آدم وإخراجهم من دين الله فقال: ( رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ) فقال الله له: (فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) فقال الشيطان: (رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) قَالَ الله: (هَٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ).
وقد توعد بإغواء بني آدم بكل ما يملك من وسائل فقال: (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) وقال: (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا).
للشيطان مداخل كثيرة ومنها ما يسببه من وساوس أثناء الوضوء والصلاة وقد اشتكى رجل من الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يجده من وساوس في الصلاة ففي الحديث الصحيح أن عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلاتِي وَقِرَاءَتِي يَلْبِسُهَا عَلَيَّ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ ، وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلاثًا . قَالَ : فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي) .
العلاج النبوي الذي هو أفضل العلاجات لطرد الوساوس الشيطانية احتقار تلك الوساوس وعدم التفاعل معها أو الإصغاء لها ومحاورتها والعمل بما يخالف تلك الوساوس فبهذه الطريقة يفر الشيطان من الشخص الذي يتعامل معه بهذه الطريقة لكن من أصغى أو استرسل معه أو حاوره يفترسه الشيطان وينقله من وسواس لآخر حتى يسقطه في شراكه ويكبله فلا يستطيع القيام بالعبادة إلا بشق الأنفس وبعد جهد ومجاهدة فيصل الإنسان لدرجة التضجر والشعور بأن الأفضل أن يترك العبادة نهائيا كي يسلم من تلك الوساوس والعياذ بالله.
إن كنت تقصدين أن عندك إفرازات مهبلية فهذه الإفرازات إن كانت بكثرة فإنه معفو عنها ولا تكون نجسة ولا تنجس الملابس ويكفيك بعد أن تتبولي أن ترشي قليلا من الماء على السروال الداخلي أمام الفرج كي يبعد عنك الوساوس وإن وضعت مناديل فلا بأس لكن إن نزلت هذه الإفرازات فإن الصلاة صحيحة ولا تحتاجين إلى إعادة.
من النصائح في هذا الباب أن تتوضئي لكل صلاة مع نوافلها وضوءا واحدا حتى وإن نزلت إفرازات بعد الوضوء فلا تلتفتي لها وهذه هي صفة وضوء أصحاب الأعذار وإن أتاك الشيطان يوسوس لك بأن وضوءك قد انتقض فلا تصغي له وخالفيه.
الشيطان سينوع لك الوساوس وسينتقل بك من وسواس لآخر لكن يجب عليك أن تنتصري عليه لأن كيده ضعيف والمشكلة أنك أظهرت لك ضعفك واستسلمت له.
لا تطيلي في الصلاة واكتفي بالفاتحة وسورة قصيرة ولا تترددي في القراءة ولا بألفاظ الصلاة كالتكبير وغيره ولا تعيدي الصلاة وبهذا سينصرف عنك الشيطان.
تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد وسلي الله تعالى أن يصرف عنك وساوس الشيطان الرجيم وأكثري من دعاء ذي النون (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).
الزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
داومي على الرقية الشرعية صباحا ومساء
أكثري من تلاوة القرآن الكريم وحافظي على أذكار اليوم والليلة فإن الشيطان يخنس عن القلب الذاكر لله تعالى يقول سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما كما في البخاري: (الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس).
نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى أن يصرف عنك الشيطان ووساوسه.
اضافة تعليق