تابعنا على

إنتاجات الشيخ خطب مفرغة

محاسبة النفس

 المحاسبة تبعد العبد عن مزالق الشيطان فإن الشيطان يستدرج الإنسان استدراجا فيأتيه من طرق يتداولها بالتوسع الشديد بالمباح ثم في المكروهات ثم يدخل بعد ذلك في المحرمات ثم يهلكه…

خطبة بعنوان :( محاسبة النفس) 

العناصر:

1-  أهمية الأمن 2- خطط الأعداء في زعزعة الأمة 3- أمثلة واقعية 4- العلاج 5- مسئولية الحاكم .

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

أما بعد:

فإن أرباب التجارات اعتادوا في نهاية كل عام وبدايته أن تكون هنالك محاسبة وجرد لمعرفة الربح من الخسارة فإن الإنسان يرى في عمله ربحا فإنه يستمر في ذلك الطريق ويجدد السبل والوسائل التي تكفل له مزيد من عمله ربحا فإنه بهذا يتحصل له سعادة في هذه الدنيا وإن كان ثمة إخفاق فإن هذا الإخفاق لا بد أن يعالج ولا بد من محاسبة لمن كان سببا في هذا الإخفاق .

ولربما أدي ذلك إلى عقوبات ولربما أدي في المقابل إلى شيء من المدح والثناء ومنح الجوائز لأولئك الذين ريما اكتشفوا مثل هذه الأخطاء التي أدت إلى هذا الإخفاق.

 هذا هو عمل التاجر الناجح والشرائك الناجحة التي تجدد في وسائلها وطرقها لكسب الربح وهذا الأسلوب يسلكه أغلب التجار الذين عندهم حس تجاري .

وهكذا قل في جميع المصانع والمؤسسات ولا شك أن هذا العمل مطلوب لأنه ليس من العقل أن يعمل الإنسان ويجهد نفسه ويتلف ماله دون أن يكون له ربح من هذا العمل فالعقل و قوانين التجارة يقتضي هذا الأمر ولذلك ترى جميع المؤسسات في أواخر الأعمال في ستنفار تام بل ربما بعض المكاتب والمؤسسات أغلقت أبوابها فلا تقبل أي معاملة وتشتغل ليلا ونهارا من أجل هذه المحاسبة ومن أجل ذلك الجرد من أجل تلك التصفيات وترى الشركاء ينظر بعضهم إلى بعض نظرة الريبة إلى شريكة فيحاسب ويعاقب ويدقق ويأتي بمن يحاسب من قبله لأنه ربما عامل شريكه بسوء الظن فترى الخصومات وترى الجدال وترى المشاكل تترى وتكاثر وتطرق أبواب المحاكم والنيابات من أجل شيء واحد ذلك الربح .

هذا العمل صار عند تاجر يريد النجاح صار أمرا روتنينا ولا عيب في هذا فإن هذا هو مقتضى العقل وهو المقتضى الذي يؤدي إلى نجاح هذا التاجر في عمله فالتاجر الذي يدفع ماله إلى شريكه من أجل أن يعمل به ومن أجل أن يستثمر يشترط عليه شروطا ويراقبه ويأتي بمن يدقق ويحاسب حتى يضمن لنقسه أن يكون من الرابحين وحتى لا يخسر رأس المال فإن الغاية التي يريدها هو تحقيق الربح لا أن يبقى رأس المال فقط وإلا ففي نهاية المطاف يكون جهده وسهره وقلقه وتعبه ذهب كله سدى ماذا يصنع بمال حوفظ عليه من عام إلى عام وأتى بعد عشرة أعوام ورأس المال لا يزال محفوظا والربح ذهب أدراج الرياح .

هذه محاسبة وهذا جرد وتدقيق وحساب بل ربما يتعامل بهذا الأمر الإنسان في بيته حينما يضع شيئا من المال  في يد زوجته فيحاسبها أين ذهب المال؟

 أو بيد ولده أين صرف هذا المال؟

 لينظر هل صرف في موضعه أم صرف في غير موضعه.

 وبالتالي يعرف أين الخلل ليصلحه وليحاسب وليعاقب وهذا كله من أجل حطام الدنيا.

 لكن حسابا بين حسابين غفل عنه كثير من الناس فلا يطرقون أبوابه ولا يأتون إلى العقلاء ليستشيروهم ولا يتعبوا أنفسهم من أجل أن ينظروا أهم في ربح أم في خسارة ؟

هذه المحاسبة وهذا التدقيق وهذا الجرد ينبغي على الإنسان أن فعله و أن يطرق أبوابه ليس على رأس كل سنة بل على كل يوم لينظر هل ربح وأن كان هذا العام أم لم يربح وفي نهاية كل يوم هل ربح أم لم يربح في هذا اليوم أم لم يربح إن كان هذا العمل  كثير من التجار لا يعمله بل لا أظن أحد يعمله إنما هو بطريق الحس والظن أن العمل ماشي وأن الأموال تدر وأن النفقات لا تزال باقية على ما هي عليه ليس هنالك أي زيادات في الإنفاق المعتمد هذه المحاسبة هي التي عناها ربنا جل علا في قول سبحانه وتعالى:((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )) سورة الحشر آية (18).

إنها محاسبة بين محاسبتين محاسبة في الدنيا بأموالها وحطامها ومحاسبة في الآخرة بجميع الأعمال التي قام بها العبد في حياته الدنيوية حيث أمده الله وأفسحه .

فإن التاجر الحقيقي في هذه الدنيا هو العقل عقل الإنسان هو المتاجر مع الله عز وجل في هذه الحياة الدنيا :((إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )) سورة التوبة آية (111).

فهي تجارة وبيع وشراء ليربح فيها من يربح ويخسر فيها من يخسر والسعيد من جرد أعماله وصفى حساباته لينتظر هل الأعمال التي يقدمها تؤهله للقاء الله عز وجل أم لا تؤهله إن العقل هو المتاجر إن النفس هي الشريك والعقل يملى عليها و يشترط عليها بشروط ويتابعها ويراقبها ويعاقبها ويثبتها نعم العقلاء يعاقبون أنفسهم.

والعقلاء يثبتون ويعطون الحوافز لأنفسهم فإذا عملت حسنة واستمرت عليها لا بأس أن تعطي هذه النفس من الجوائز ما يريحها رحم الله ابن الجوزي حيث قال: (( لقد حملت على نفسي أن تزهد في الدنيا فتترك ملذاتها قال: فحمحمت علي نفسي مالت عليه نفسه وبدأت تتمرد عليه هذه النفس فال : فأرجعتها إلى ما ألفت عليه من المباح فاستقرت ولذلك كلفها بالأعمال فأطاقت هذه الأعمال ثم قال : تدرجت معها شيئا فشيئا حتى وصلت بها إلى المراد)).

 المحاسبة أيها الإخوة الفضلاء:

لا يعني أن الإنسان يترك ماله ولكن المحاسبة هي أن تعرف النفس مالها وما عليها أن تعرف النفس مالها وما عليها فتأخذ مالها وأن تعرف ما عليها فتؤديه والإنسان هو الذي يعرف حقارة نفسه ولا يمدح بشخص إلا وجب عليه أن يعرف أن هذا من دناءة النفوس وحقارتها فإن الإنسان مهما عمل ومهما كد ومهما سهر في طاعة الله تعالى لا يوازي ذلك نعمة من نعمه سبحانه وتعالى فليس إلا رحمة الله سبحانه وتعالى هو المتفضل الذي ذكر هذه الأنفس وهو الذي قادها إلى الطريق وهو الذي وفقها إلى هذا الطريق تماما كما برأها وخلقها فهو الذي قادها ووفقها سبحانه وتعالى .

إن محاسبة النفس تحتاج إلى أموار من هذه الأمور :

ومن هذه الأمور نور الحكمة والمقصود به العلم أن يكون الإنسان الذي يريد أن يحاسب نفسه عنده العلم الذي يبصره بالخير من الشر وبالحق من الباطل و الهدى من الضلال والسنة من البدعة والشرك من التوحيد بهذا النور يستكشف الإنسان حقيقة نفسه بهذا النور تكمن المحاسبة وتؤتي ثمارها لأن من ليس عنده نور العلم والحكمة لا يمكن أن تظهر له حقيقة المحاسبة فإنه يجهل كثيرا من الأمور وبالتالي فلا تستبين له رحم الله عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان يقول : ((حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا وتزينوا ليوم العرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية))

 اعرض أعمالك على نفسك بهذا النور الذي أتاك الله عز وجل ولذلك فإن هذه المحاسبة والمراقبة وهذا الجرد لهذا الأعمال يتفاوت من شخص إلى آخر.

فالله تعالى يؤتي أتباع الرسل من نور الحكمة ومن كمال المحاسبة والمعاقبة لهذه النفس والجرد لهذه الأعمال ما لا يؤتيه لغيرهم.

أمر آخر يحتاجه المحاسب لنفسه وهو أن يكون مزدريا لنفسه محتقرا لها لا مادحا لها لا رافعا لها لأن من كان يمدح نفسه يحب نفسه فإنه يخفي كثيرا من العيوب لأنه ما عرف حقيقة هذه النفس وما عرف حقارة هذه النفس الأمارة بالسوء فإذا كان الإنسان محتقرا لنفسه حاطا لها يكتشف الأمور على حقيقتها ويتضح له الأمر جليا أسألكم سؤالا كثير منا ربما فاتته صلوات الجمع كثير منا ربما يصلى الفجر في جماعة كثر منا ربنا لا يأتي المسجد في الأسبوع إلا مرة أو مرتين من هذا الذي أزدرى نفسه واحتقرها لترك هذا الأعمال لماذا لا نحتقر أنفسنا ونحاسبها ونعرف حقارة هذا النفس التي تترك عبادة الله ثم لا تتأثر رحم الله بعض التابعين قال : فاتتني صلاة الفجر مرة فعزاني رجل ولو توفي ولدي لعزاني الآلاف لماذا؟

لأنهم ما يعرفون حقارة هذه النفس لأنهم ما يقدرون الله حق قدره ما يعرفون حقيقة هذه الطاعات وحقيقة هذه العبادات التي تقرب إلى الله تعالى .

هذا رجل من السلف قال : عرضت نفس أنها في الجنة تأكل ثمارها وتشرب من أنهارها وتعانق أبكرها ثم عرضت نفسي كأنها في النار يأتيها من سمومها ومن عذابها وتغل سلاسلها فقلت لها: يا نفس تمني ؟

قالت: أتمنى أن أعود إلى الدنيا لأعمل صالحا فقلت :ها أنت في الأمنية  فأعملي من أجل أن تكوني من أهل الجنة لا أن تكون من أهل النار.

عمر بن الخطاب رضي الله عنه من ازدائه لنفسه رضي الله عنه ورفع الله قدره في الجنة قال :

أنس رضي الله عنه دخل عمر حائطا ولم يكن بيني وبينه إلا سور فسمعته يقول : إيه يا ابن الخطاب يا أمير المؤمنين بخ بخ والله لتتقين الله أو ليعذبنك الله هكذا كان عمر يحاسب نفسه ما نحن أمامه وما أعمالنا بين يدي أعمالهم رضي الله عنه فمن ذا الذي يحاسب نفسه إذا لابد من الذي يريد أن يحاسب نفسه أن يكون على نور و حكمة ولا بد أن يكون كذلك مزدريا لنفسه عارفا لحقيقتها فإذا عرف حقيقتها عرف أن الرب رب وأن العبد عبد وأن الكمال لله والنقص لهذا الإنسان إذا لابد من المحاسبة ولا بد من الازدراء بالنفس التي ربما تفرح بطاعة فعلتها وتبقى تمن بها على الله سبحانه وتعالى تفعل حسنة وتطاولت بها على خلق الله سبحانه وتعالى .

تفعل حسنه ما فلربما رأي هذا المحسن شخصا أساء الأدب مع الله عز وجل فارتكب إثما وأرتكب جرما فترفع عليه واحتقره وازدراه .

قال ابن القيم رحمه الله :فلربما كان صاحب الذنب هذا أعظم من هذا الذي فعل خيرا وترفع على عباد الله عز وجل لأن هذا مغرور و ذلك الذنب يكوي قلبه ويؤرق نومه خوفا من الله عز وجل .

ولذلك قال بعض السلف : رب خطيئة وذنب أفضل من طاعة ويقصدون لها رب ذنب أثر على العبد ندامة وحسرة وأثر على العبد استقامة أفضل من عمل صالح أثر على العبد غرورا واستكبارا وتباهيا واحتقارا لحلق الله سبحانه وتعالى.

 فإن هذا وإن كان قد عمل حسنة فإنه أذهبها بهذه الأعمال المشيئة التي تبعده من الله عز وجل .

ولا بد أيضا من التفريق بين ما كان نعمة وبين ما كان استدراجا من الله عز وجل فإن النعم  هي التي تؤثر على العبد طاعة وقربا ومعرفة بجلال الله سبحانه وتعالى واسمائه وصفاته وأما الاستدراج فهي تلك التي تظهر بصورة المنح وبصورة النعم ولكن العبد لا يشكر الله عز وجل ولكن العبد لا يعرف قدرة الله عز وجل وكثير من الناس يستدرج في هذه النعم التي هي بصورة النعم لكنها في الحقيقة استدراج من الله سبحانه وتعالى فترى حوائجه تقضى و ترى النقم عنه تدفع وترى العيوب عنه تستر هذه هي الراحة أموره ما شية النعم كثيرة ما عنده أي مشكلة ما عنده أي عيوب تظهر على الناس ظن أن هذه هي السعادة وما عرف المسكين أنه لم يقدر الله حق قدره بهذه النعم التي أنعم الله بها عليه ولم تثمر أعمالا وطاعة وقربا محاسبة لهذه النفس فصار هذا الأمر استدراجا من الله عز وجل: ((وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ )) سورة الأعراف آية(182).

 هذا الثلاث القضايا كثير من الناس لا يفرق بين ما كان نعما وبين ما كان استدراجا من الله عز وجل .

فيا أيها الإخوة :

 لاشك كما قلنا أن التاجر العاقل اللبيب الذي يريد الربح من الخسارة وينظر في الوسائل التي تزيد في ربحه وتزيد في انتشاره تجارته وهكذا نحن في هذه الحياة فلا بد من هذه المحاسبة ونحن في خاتمة العام لا بد من هذا التدقيق ولا بد من هذا الجرد لا بد من وقفة جادة مع النفس لو أن الله تعالى أرسل إلى أحدنا ملك الموت الآن هل نحن راضون أن نلقى الله تعالى بهذه الأعمال التي كسبناها من أوائل حياتنا لا شك أنه لا أحد راض عن نفسه فإذا كنا لسنا راضين عن أنفسنا إذا فالأمر في هذه الدينا أما لك وأما عليك وكثير من الناس يخلط في هذه الأمور خلطا عظيما فيترك ماله أخذه بحق شرع تعبدا لله تعالى وما تعبدنا الله تعالى بذلك لذلك بعض الناس لو رأى داعية يلبس الجديد وهو نظيف ويأكل مما لذ وطاب ويركب الفاره من السيارات من نعم الله عز وجل أما شابه ذلك لقالوا هل هذا عالم؟

 وهل هذا داعية وكأنه هذا الأمر لا يصلح إلا لتاجر صاحب المال ومن الذي حرم التجارة على الدعاة وعلى المشايخ وعلى العلماء هذا خلط عجيب بل الأمر ليس كذلك كثير من الناس للقضايا الأمر إما لك وإما عليك مالك هو ما أباحه الله تعالى بحق الشرع فلك أن تأخذه ما عليك هو ما أباح الله تعالى فخذ مالك وفق الشرع فلك أن تأخذ وما عليك هو ما أمرك الله تعالى بإذن الله تعالى تؤدي حقه سبحانه وتعالى فخذ ما لك وفق الشرع وأعط الله عز وجل حقه بمقتضى الشرع هذه هي الحياة المتزنة ولذلك أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على أولئك النفر الذين جاءوا يسألون عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم على أولئك النفر الذين جاءوا يسألون عن حياة النبي عليه الصلاة والسلام ما يأكل ؟

قالوا : يأكل ويأكل و يأكل .

وما يشرب ؟

قالوا: يشرب ويشرب ويشرب .

هل يصوم قالوا: نعم يصوم كذا يصوم كذا هل يتزوج ؟

 قالوا : نعم.

فقال :شخص هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقال : أما أنا فلا أقرب النساء أبدا .

انظر ترك ما أباح الله له .

قال : آخر وما أنا فأصوم الدهر كله كلفنا الله ؟

 وقال آخر : وأنا لا أكل اللحم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر بهذا فقام وجمع الناس وخطب قال: أيها الناس أما والله إني أتقاكم لله و أخشاكم له وأقربكم منه والله إني لأصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء واكل اللحم من رغب عن سنتي فليس مني.

 إذا الأمر هكذا أن تأخذ مالك بحق الشرع فكونك تترك الأمور المباحة مثلا تعبدا الله تعالى هذا ليس من التعبد من حقك أن تستظل لأن أن تبقى في الشمس من حقك أن تركب لا أن تمشي دائما من حقك أن تنام إلى آخر ذلك .

ولهذا رأى النبي عليه الصلاة والسلام رجلا وافقا في الشمس صائم لا يتكلم قال : ما له؟

قالوا: نذر لله أن يبقى في الشمس ولا يستظل ويصمت ولا يتكلم ويصوم ولا يفطر .

فقال :مروه فليستظل وليتكلم وليتم صومه فأمره أن يتم العبادة أما الأشياء التي ليست بتعبد لا تتقرب بها إلى الله عز وجل ترك المباح لا يتقرب به إلى الله عز وجل فهو أمر مباح لهذا قصدي أن كثير من الناس خلط عليه بعض الأمور والقضايا فصارت الأمور عنده ملتبسة.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .

الخطبة الثانية:

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد آله وصحبه ومن والاه                            وبعد:

 فإن هذه المحاسبة لا شك أنه سيكون لها فوائد عديدة وعظيمة عند هذا الإنسان من هذه الفوائد:

 أنها تحقق له السعادة في الدنيا و الآخرة لأنه إذا حاسب نفسه وعرف حقارتها طالبها بالعمل بالقرب التي تقرب إلى الله عز وجل وبالتالي تنال السعادة في الآخرة .

 أيضا تثمر محبة الله عز وجل ورضوانه لأنه عرف حقارة نفسه ودناءتها وعرف جلال الله عز وجل وبالتالي يؤدي هذا الأمر إلى أن الله تعالى يحب هذا العبد.

من ثمارها أنها دليل على صلاح هذا الإنسان وأنه يحاسب نفسه من أجل أن يصلحها ومن أجل أن يترقى بها ((قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )) سورة الشمس آية(10).

 المحاسبة تبعد العبد عن مزالق الشيطان فإن الشيطان يستدرج الإنسان استدراجا فيأتيه من طرق يتداولها بالتوسع الشديد بالمباح ثم في المكروهات ثم يدخل بعد ذلك في المحرمات ثم يهلكه.

أيضا من فوائد المحاسبة أنها دليل على الخوف من الله عز وجل ومن خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل.

إذا لا بد أن يكون لنا برنامج يومي لمحاسبة هذه النفس لماذا فعلنا هذا الفعل وما هي الثمرة من وراء هذا الفعل وهل هذا الفعل يرضى الله عز وجل وهل هو على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الذي جرني لأفعل هذا المنكر ولأن أفعل هذا المعصية لهذا كان بعض السلف يضع يده على الشمعة على النار حتى تؤلمه النار.

 فيقول: هذه نار الدنيا يا نفس فهل تقوين على نار الآخرة ؟

إن هذه النار التي في الدنيا هي جزء من بضع وسبعين جزءا من نار الآخرة فمحاسبة النفس ستؤدي إن شاء الله تعالى أن تتجدد حياة هذا الإنسان وأن تتغير حياة هذا الإنسان الأفضل إن شاء الله تعالى .

 ومن جملة الأعمال التي ينبغي أن يحاسب الإنسان نفسه فيها أن نحاسب أنفسنا على كثير من الأعمال التي فرطنا فيها وخاصة جانب الإيمان .

تقول النبي صلى الله عليه وسلم :(( والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل من يا رسول الله ؟

 قال: من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع))[1]

 لا يشعر به و لا يحس به ليس الفقير وليس ذو الحاجة من يطرق المساجد ويأتي لإزعاج الناس في المساجد ويأتي يمثل على الناس في المساجد فأكثر هؤلاء يكذبون وأكثر هؤلاء ينصبون ولكن المحتاج الذي لا بد من مساعدته هو ذلك المتعفف الذي يحتاج كل إنسان منا أن يفتش عن جيرانه أن يمشى يميننا ويسارا وأماما وخلفا لينظر في محيط جرانه من يستحق مثل هذا المساعدة لعلكم أيها الإخوة : سمعتم قبل يومين تقريبا بانفجار لغم في حارة حبيل الظبي وكان ليل هرع كثير من الإخوة لينظر في الأمر.

 الأمر الذي حصل أن شخص وجد قطعة من حديد في صندقة ما فأخذوه وراوا فيه قطعة نحاس وتعرفون الآن أن تجارة النحاس لدرجة أن اللصوص أكرمكم الله صاروا يتفقدون أحوال المساجد ومعهم البانات في أوقات الصلاة يسرقون مواصير الماء الحاصل أن هذا الولد نظر قطعة النحاس وظل يعالجها يريد أن ينزعها وزميله بجواره فانفجرت وبترت ساقيه ويديه وإحدى خصيته أكرمكم الله وفقأت إحدى عينيه وفيه جروح شديدة وهو الآن في مستشفى الثورة وهو من أسرة فقيرة مدمرة أسرة لا عائل لها توفي الأب قبل سنتين وتعيش في بيت من فضل الله تعالى أيتها ملك لهم لكنك أذا نظرت في المفارش وفي البطانيات بمجرد أن تنظر إليها تسقط دمعة عينك كيف يعيش هؤلاء وهم لا يزالون في رعية الشباب ذكورا وإناثا .

الحاصل أن هذا الولد يحتاج إلى عمليات جراحية كثيرة ونأمل منكم في هذا اليوم المبارك أن تمد يد العون له.

أسأل الله تعالى أن يأجر كل من أنفق وساعد وساهم وأن يخلف عليه والحمد لله رب العالمين.


[1]

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق