إن الله تعالى لم يحرم عليك في رمضان سوى المباحات أضافة إلى ما كان محرما معتادا عليه قبل رمضان وفي رمضان تكون أشد تحريما منعك من الطعام منعك من الشراب منعك من جماع أهلك من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس هذا كله لك أنت موكل به وهو سر بينك وبين الله عز وجل أنت موكل والله تعالى يراقبك وينظر إلى خشيتك وتقواك…
خطبة بعنوان : ( مدرسة الصيام)
العناصر:
1- أهمية التغير 2- فضائل الصوم 3- ثمار الصوم 4- شهر رمضان دورة تدريبية 5- رمضان والصحة.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
فإن النفوس قد يصيبها شيء من الملل والضجر والفتور خاصة مع طول الزمان .
ومن هذا الفتور الذي يصيب هذه الأنفس الفتور في جانب الطاعة والعبادة من أجل ذلك نوع الله تعالى العبادات و جعل لها مواسم هذه المواسم يستطيع الإنسان أن يجبر النقص الذي جعل له أثناء فتوره .
وذلك إذا استقبل هذه الأوقات الفاضلات التي اصطفها الله تعالى واختارها من بين سائر الأوقات ومن ذلك على سبيل المثال لا على سبيل الحصر يوم الجمعة وقراءة سورة الكهف فيه لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له النور ما بينه و بين البيت العتيق))[1]
وفي روية ((ألا أخبركم بسورة ملأت عظمتها ما بين السماء والأرض ؟ ولقارئها من الأجر مثل ذلك ومن قرأها غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام ؟
قالوا : بلى .
قال : سورة الكهف))[2]
فانظر إلى هذا العمل اليسير كيف أن الله تعالى يغفر لك بسببه ذنوب أسبوع و زيادة وثلاثة أيام فمن كان عنده فتور في أيام الأسبوع عليه بالجمعة.
وعندك يوم عاشوراء صيامها إذ شرعه النبي صلى الله عليه و سلم فقال فيه صلى الله عليه وسلم: ((صيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله))[3].
أي ذنوبا صغائر ليست كبائر فالكبائر من شروطها التوبة والندم والعزم على عدم العودة وعندك عشر من ذي الحجة وخاصة يوم عرفة قال فيها صلى الله عليه وسلم : ((صوم عرفة كفارة سنتين سنة ماضية وسنة مستقبلة وصوم عاشوراء كفارة سنة ))[4]
هذه المواسم إذا استعملها الإنسان تجبر له النقص الذي يحصل نتيجة فتور هذه النفس التقرب إلى الله عز وجل ومن هذه الأيام الفاضلات شهر رمضان الذي كل مؤمن بالله عز وجل فرح بقدومه وداعيا لله عز وجل أن يبلغه رمضان أو يمكنه من صيام و قيامه أن صيام هذا الشهر و قيامه عمل جليل قيل للنبي صلى الله عليه وسلم وقد مات شخص في السنة الماضية مجاهدا في سبيل الله عز وجل شهيدا فقالوا :في العام الماضي مات أخوه فقالوا : إن أخاه أفضل منه مات شهيدا .
قال : وما يدريكم إن أخاه قد عمر سنة وأدرك رمضان أي عمل فيه الطاعات وعمل فيه العبادات .
رمضان أيها الإخوة :
دورة تأهيلية للنفس البشرية لمن أراد أن يستفيد منها دورة تربوية و دورة في جانب العبادة في جانب السلوك في جانب الأخلاق في جانب الأنفاق في كل الجوانب إنها دورة تعقد كل عام.
وتعودنا من كل إداري أو مرب نقيم دورة تأهيلية تدريبيه للناس أن يعلن عنها وأن يعرض مزاياها وأن يعرض فوائدها .
إضافة إلى كون هذا الصوم في هذا الشهر عبادة لله عز وجل لكن ما من عبادة من العبادات إلا وفيها من المعاني السلوكية والأخلاقية والتربوية والعبادية ما فيها من هذه المعاني الشيء الكثير و سواء كانت هذه الفوائد في جانب الروح في جانب الأخلاق في جانب الصحة كل ذلك موجود في جميع العبادات وإذا نظرنا و قرأنا فيم يكتبه كثير من الأطباء ليس من الأطباء المسلمين فحسب ولكن حتى من الأطباء الغربيين إنهم يذكرون كثيرا من الفوائد التي يجنيها الحسد من خلال الصوم أو من خلال حركات هي موجودة في الصلاة أو من خلال راحة النفس التي يجدها الإنسان في إسداء الخير للفقير والمعدوم والأسر المتعففة.
إن راحة النفس وطمأنينتها التي يجدها الإنسان من خلال هذه الأعمال التي يقدمها لهؤلاء المعوزين والمحتاجين من الفقراء والمرضى و الجوعى إلى آخره .
إن تلك الراحة النفسية لتضفي عليه من الصحة الجسدية الشيء الكثير .
وإن كثيرا من الناس يصاب بكثير من الأمراض نتيجة عدم راحة النفس نتيجة القلق والتوتر لدرجة إن كثير منهم ينتحر ويقتل نفسه بالرغم من أن جميع الملذات قد وفرت له وكل ما يتمناه هو بين يديه من ملذات هذه الحياة الدنيا لكنه لما افتقد راحة الروح ولما افتقد راحة النفس عاش في قلق ما بعده من قلق حتى أن كثير من المشاهير الذين ألفوا كتبا يدعون فيها الناس إلى تجديد الحياة إلى الحياة براحة وترك القلق ونكد العيش .
إنهم لم يستفيدوا مما كتبوا بالرغم من أن هذه الكتب قد بلغت الآفاق وهذه الكتب ترجمت إلى كثير من اللغات الحية وبيع منها الملايين من النسخ إلا أن مؤلفوها لما كانوا غير مؤمنين بالله عز وجل لم يستفيدوا منها استفادة منها المسلمون كثيرا.
ولكن أصحاب هذه الكتب في نهاية المطاف ينتحرون لماذا ينتحرون؟ لأنهم لا يجدون راحة النفس لا يجدون الطمأنينة لا يجدون السكينة أبدا .
فشهر رمضان دورة تأهلية لمن أراد أن يهذب نفسه ولمن أراد أن يربي نفسه ولمن أراد أن يغير من نفسه ولمن أراد أن ينضبط في مواعيده وفي سلوكه وفي تعامله فشهر رمضان هو الدورة التأهيلية الناجحة الناجعة لهذه الأمور كلها.
أن أول ثمرة من ثمار الصوم هي تقوى الله عز وجل ومعلوم أن الصيام لم يفرض على هذه الأمة وحدها وإنما فرض على الأمم قبلنا :((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) سورة البقرة آية (183) .
لعلكم تتقون أي هذه هي الغاية وهذا هو الهدف من هذا الصوم أن تكسب النفوس تقوى الله عز وجل وتقوى الله تعالى يعني خشيته ومراقبته وتنمية الوازع الذاتي لمراقبة الله عز وجل حتى لا تجترح المعاصي علنا ولا يختلي العبد بمعاصي الله عز وجل فيجترحها.
وذلك الإنسان إذا تنمى عنده هذا المعنى خشية الله عز وجل استقام على أمر الله عز وجل خشية الله وتقوى الله تأتي من خلال التعرف على الله عز وجل بأسمائه وصفاته بأنه العزيز وأنه الجبار وأنه المنتقم وأنه سبحانه وتعالى ذو البطش الشديد وذو الجبروت وأنه يرى عباده وأنه ينتقم من المعاندين والمكابرين والجاحدين والعصاة و العتات أنه ينتقم منهم مع أنه أيضا غفور رحيم ودود رحيم كريم عزيز رزاق .
هذه المعاني هي التي تربي في الإنسان خشية الله عز وجل من خلال التعرف عليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا من خلال قراءة القرآن التي يصف الله عز وجل نفسه بهذه المعاني وبهذه الصفات فإذا عرف العبد أن الله تعالى يراه وأنه يراقبه وأنه يعلم ما توسوس به نفسه ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الأعين وما تخفي الصدور إذا علم العبد هذه المعاني راقب الله جل وعلا .
ولهذا الصوم أيها الإخوة:
سر بين العبد وربه جل وعلا وكله إلى العبد وهو يراقبه جل وعلا من الذي يمنع الإنسان أن يأكل في بيته ويشرب ويفعل ما كان مضادا عليه قبل رمضان ويخرج إلى الناس يتظاهر بأنه صائم لا أحد يمنعه من الذي يمنع الإنسان وهو يتمضمض للصلاة أن يبتلع الماء لا أحد يمنعه إنها رقابة الله الذاتية خشية الله عز وجل. هكذا نتعلم من هذا الشهر المبارك الكريم كيف ننمي في أنفسنا الوازع الذاتي والرقابة الذاتية والخشية والخوف من الله عز وجل من خلال الصيام .
إن الله تعالى لم يحرم عليك في رمضان سوى المباحات أضافة إلى ما كان محرما معتادا عليه قبل رمضان وفي رمضان تكون أشد تحريما منعك من الطعام منعك من الشراب منعك من جماع أهلك من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس هذا كله لك أنت موكل به وهو سر بينك وبين الله عز وجل أنت موكل والله تعالى يراقبك وينظر إلى خشيتك وتقواك قال الله تعالى : (( كل عمل ابن أدم له إلا الصوم…))[5].
أيها الإخوة الكرام:
ليس من الأعمال التي يقايض بها العبد يوم القيامة كل الأعمال يقايض بها العبد يوم القيامة السيئة تقابل الحسنة إلا الصوم فإنه على جنب لا يقايض أبدا مهما كانت الذنوب لأن الله تعالى قال : إلا الصوم فإنه لي وأن أجزي به .
كثير من العبادات ذكر الله أجرها وثوابها إلا الصوم كتم أجره لتكون مفاجأة وهدية لهذا العبد يوم يلقى الله عز وجل :((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)) سورة الزمر آية (10).
إذا فمن فوائد الصوم تنمية الخشية من الله عز وجل ولهذا تلكم العلماء والمربون على الصيام وعدوه مدرسة متكاملة تؤهل العبد في تربية نفسه أخلاقيا وسلوكيا وعباديا وفي جميع المعاني ولهذا ختم الله عز وجل آية الصوم بالتقوى فقال :(( لعلكم تتقون )) .
الصوم أيها الإخوة :
جعله الله عز وجل معنى يوصلك إلى تقوى الله عز وجل لأنه جنة يكون واقيا بينك وبين معاصي الله عز وجل الصوم جنة أي وقاية مأخوذ من المجن والمجن هو ما يأخذه المحارب والمقاتل في يده يتترس بها من ضربات السيوف فالصوم كذلك جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يأت بالكلام الذي فيه رفث مقدمات الجماع الكلام الذي لا يرفث ولا يصحب ولا يرفع صوته لا يكون صخابا في الأسواق فإن هذا ليس من صفات المؤمن بل ليس من صفات البشر فإن الصخب من صفات الحيوان الحيوانات المتوحشة أما الإنسان فإنه ليس بصخاب كما قال عليه الصلاة والسلام : (( المؤمن ليس بالصخاب ولا باللعان ولا بالطعان ولا بالفاحش ولا بالبذي)) [6].
((إذا كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجعل ))[7].
لا يأتي بكلام الجهال فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل هنا جاء دور الصوم تذكر أنه صائم فجاء هذا المجن وجاءت هذه الوقاية فليقل: إني صائم مرتين إني صائم إني صائم أي كأنه قال: سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين مهما حاول الإنسان أن يستفزك تذكر أنك صائم فتعرض عنه :((وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ )) سورة الصافات آية (55).
مدرسة الصوم تعلمنا الإخلاص لله عز وجل الصوم لي من صام لله عز وجل ولم يرفث ولم يصخب الصوم لله عز وجل ولهذا لما كان الصوم لله عز وجل تعلمنا من هذا المعنى أن تخلص لله عز وجل أن تكون أعمالنا خالصة لله عز وجل يأتي رمضان ليؤكد هذا المعنى من خلال الصيام إنك تصوم لله عز وجل لا تصوم رياء و لا سمعة بدليل أنك لو شئت لأكلت ولو شئت لشربت .
أيضا من فوائد الصيام أن رمضان يعلمنا الدقة في المواعيد يعلمنا حفظ الأوقات لأن هذه الأوقات هي رأس في مال الإنسان في هذه الحياة إن أحسن استثمارها .
ولهذا أيها الإخوة :
انظروا إلى كثير من الناس بل كل إنسان ينظر إلى نفسه في غير رمضان كيف كان تذهب عليه الأوقات إما في رمضان فالجميع إلا ما ندر يستغلون أوقاتهم .
تعالى إلى أي مكتب من المكاتب ستنظر هذا فاتح لجهاز الكمبيوتر يسمع فيه القرآن ويعمل .
هذا يمسك المصحف ويقرأ المدرس يمسك المصحف ويقرأ الطالب يمسك المصحف ويقرأ والمرأة في البيت تمسك المصحف وتقرأ في فسحة في أي مكان تحصل الناس يسبحون الله عز وجل احترموا أوقاتهم دقة في المواعيد تصوم في وقت محدد وتفطر في وقت محدد هل تعلمنا هذا المعنى ليكون هذا الأمر في جميع أيام السنة دقة ونظاما واحتراما للأوقات و الاستفادة من هذه الأوقات الاستفادة التامة لا تجعل وقتنا يفوتنا إلا ونحن نستفيد منه .
أيضا نتعلم من رمضان إمكانية التغير اليوم كثير من الناس حيثما تأتي وتقول له هذه الصفة التي فيك ليست بجيدة هذا الأسلوب الذي أنت فيه ليس بجيد هذه العادة التي أنت اعتدت عليها ليس أمر جيدا.
يقول : أنا معك هذه قضية أن مقر أنها عادة سيئة ولكن يبدأ بعد ذلك يسرد الحجج الواهية أنه لا يستطيع ترك هذه العادة .
وإذا جاء رمضان أثبت لنفسه أنه قادر على أن يتغير ومن الصبح إلى أن تغرب الشمس ويهدمه بالليل .
أثبت لنا هذه الدورة وهذه المدرسة النافعة الناجعة أنه يمكن أن يتغير الإنسان فيه إمكانية للتغير فإذا كنت قادر على أن تمتنع نحو اثنى عشر ساعة أو أكثر أحيانا فإنك قادر على أن تغير نفسك ما في شيء مستجيل أن يتغير كل أمر يمكن أن تغيره في نفسك وأن تكون في القمة بإذن الله عز وجل ها أنت تجد في رمضان المساجد مليئة بالناس لماذا؟
ها أنت تجد صلاة الفجر في المساجد مليئة بالناس في رمضان لماذا؟
أمكن الناس أن يغيروا من أنفسهم .
ها أنت تجد الناس يقرؤون القرآن في رمضان وهو نفسه الإنسان في غير رمضان ها أنت تجد كثيرا منم الناس في رمضان يكثر من ذكر الله عز وجل ها أنت تجد كثيرا من الناس في رمضان ينظرون إلى الفقراء ويعطفون عليهم ها أنت تجد كثيرا من الناس في رمضان عندهم من الخشية والانكسار والتذلل لله عز وجل طيلة رمضان بل وبعد رمضان لأنه يمكن أن يتغير هذا الإنسان فهل نعي ونتعلم في هذا الشهر الكريم أن نغير أنفسنا: ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ…)) سورة الرعد آية (11).
أقول قولي هذا واستغفر الله لي لكم فاستغفروه إنه غفور رحيم .
الخطبة الثانية:
الحمد الله وكفى وسلام على عبادة الذين أصطفى وبعد:
مدرسة الصيام تعلمنا أيضا الصبر وقوة الإدارة الصبر على كثير من القضايا الصبر على كثير من القضايا الصبر على الجوع والصبر على العطش والصبر على أذى الناس كل ذلك نتعلمه من رمضان ونصبر ولهذا كثير من الناس يحتاج إلى الصبر ويحتاج إلى أن يعلم نفسه الصبر يعينه الله عز وجل على الصبر فالصبر من الصفات المكتسبة التي يمكن للإنسان أن يكتبها من خلال المثابرة .
انظر إلى حال الإنسان لو مثلا كثير من العوائد انقطعت عليه أنقطع التيار الكهربائي .
ونسأل الله عز وجل :
أن يكون رمضان هذا فاتحة خير إن شاء الله تعالى أنقطع التيار الكهربائي تجد الناس يتململون يتعبون مجهدين يرشحون يعني يقومون ويجلسون.
ولا يهدأ إن تعطلت سيارة أحدنا في الشارع اضطرب واضطربت حياته كيف لو تعطلت هذه السيارة وصارت لا تعمل ولا تمشي إطلاقا يعني حياة الناس تتغير لكن لو صبر الإنسان وتعلم الصبر لانحلت الأمور بشيء من السلاسة هذا هو رمضان يعلمنا كيف نصبر على أذى الناس كيف نصبر على تعدي الناس كيف نصبر على الجوع كيف نصبر على العطش كيف نصبر على مضض الطاعة تقربا إلى الله عز وجل الصيام والقيام قراءة القرآن الاعتكاف كثير من الطاعات كيف نصبر عليها وعلى أدائها ابتغاء وجه الله عز وجل.
من فوائد رمضان تهذب الأخلاق تهذب أخلاق الإنسان يخرجه في نهاية رمضان غير الذي كان في نهاية شعبان إنه يخرج منكسر متذلل إنه يخرج وهو مفتقر لله عز وجل يعرف بأن نعم الله تعالى عليه كثيرة ولهذا نبه على هذه النكتة نبينا عليه الصلاة والسلام حين قال: (( من لا يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))[8].
ولهذا تجد كثيرا من الناس في رمضان ينضبط لا يغش ولا يكذب ولا يلف ولا يدور يحاول أن يبتعد عن الحرام في رمضان لماذا؟
لأنه تعلم هذا في رمضان.
والدوارات الجماعية أنجح وأنجع لما فيها من التنافس ولما فيها من الاكتساب الناس بعضهم من بعض أنجح من أن تكون شخص يعلم شخصا ربما لا يكتسب ورب إنسان ينظر إلى أخ له وينظر في سمته وفي أخلاقه يتأثر أكثر من تأثره بالخطب والمحاضرات والمواعظ بل حتى بقراءة القرآن الكريم كثير منا ربما يقرأ آيات من القرآن العظيم لا يتأثر فيها ولكن إذا نظر إلى ذلك المعنى بعينه في إنسان تأثر وطبعه يتأثر فيها ويحاول أن يقلده وأن يكتسب منه هذا الخلق انظر إلى طفلك في البيت كيف يقلدك في حركاتك كيف يقلدك في أن يأخذ نظارتك ويلبسها كيف يقلدك في أن يأخذ نعلك ويلبسه كيف يفعل كثيرا من الأفعال التي يفعلها سواء سليمة أو كانت قبيحة فيحاول أن يقلد لأن المحاكاة والمجالسة والمعايشة تكسب سلوكا وأخلاقا وهذا جبلي فالصوم يعلمنا ويهذبنا يعلمنا كيف نغير من هذه السلوكيات والأخلاقيات .
ومن فوائد رمضان أنه يذكرنا بنعم الله عز وجل الغني الموسر إذا صام رمضان يبدأ يشعر بلفح الجوع ويشعر كذلك بلفح العطش فيتذكر نعم الله تعالى عليه أنه من نعمة الله وفضل من الله فبتذكر أولئك الجوعى أولئك العطشى فيعطف عليهم فيتذكر نعمت الله تعالى ولهذا ختم الله هذا آيات الصوم بالشكر لعلكم تشكرون.
أي تشكروا نعم الله تعالى التي تتذكرونها وأنتم في رمضان الموسر الذي يجلس في بيته في البرود بين المكيفات يشعر حيثما يخرج بلفح الشمس ويشعر بأولئك الذين يتلمظون في بيوت الصفيح وفي الأماكن الحارة فيعطف عليهم وتصدق عليم ويضفي عليهم مما رزقه الله تعالى .
الصوم أيها الإخوة:
له فوائد له فوائد صحية كثيرة أسردها سردا وأكثر هذا مأخوذ من كتب الغربين:
1- من فوائد الصوم الصحية مع أنه طبعا عبادة لله عز وجل من فضائله أن يوقف عملية امتصاص المواد المتبقية في الأمعاء يوقفها ويخرجها بر الجسم.
2- أنه بفضل الله ثم بسبب الصوم تستفيد أجهزة الاطراح التي ترمي بالشوائب وتستفيد من هذا الصوم وتتقوى ويجدد نشاطها فتعطي للجسم صحة وعافية
3- بالصوم يستطيع الجسم تحليل المواد الزائدة والترسبات المختلفة داخل الأنسجة المريضة وتصح كثير من الأنسجة التي فيها كثير من الأمراض .
4- الصوم يمكن أن يجدد النشاط للخلايا والأنسجة التي اعتلت أيضا الصوم يضمن الحفاظ على الطاقة الجسدية .
5- يحسن وظيفة الهضم.
6- وهكذا أيضا أيها الإخوة علاج شاف بإذن الله تعالى فهو يخفف نسبة الدهون في الجسم ويخفف حمض البوليك في الدم وهذه الأشياء تسبب أمراضا خطيرة منها تصلب الشرايين وداء النقرس الذي يصاب به أولئك الذين يكثرون من أكل اللحوم.
7- وأيضا له فائدة لمرضى القلب فإن عضلات القلب تسترخي في رمضان لا تدفع دما إلى المعدة لغرض الهضم في نهار رمضان فيصح القلب وتصح عضلاته.
8- أيضا من فوائد هذا المدرسة أن القلب يتحلى بذكر الله والتفكر في جلال الله تعالى وعظمته لأن القلب أقرب ما يكون إلى الهدوء وإلى السكون في هذا الشهر من فضل الله عز وجل فتجده يتدبر القرآن ويتدبر معاني الصوم وتجده يخشع وتجد العينين تدمع بخلاف الأيام غير رمضان فإن القلب وتذلله لله عز وجل فتجد الإنسان يحس بنفسه خفة ويجد في نفسه فرحا وطربا في هذا الشهر المبارك لأنه يعمل أعمالا كثيرة تقربه إلى الله تعالى يأتي إليها بانشراح صدر .
ولهذا أيها الإخوة :
رمضان لم يشرع من أجل استكثار الموائد لأن هذا الموائد نحن معتادون عليها خلال العام إنما رمضان مدرسة لتقليل الطعام على الجسم من أجل أن يرتاح الجسم من أجل أن نستشعر نعم الله عز وجل وفضائله سبحانه وتعالى من أجل أن نفرغ هذا الأجسام للطاعة الجسم إذا أكثر عليه الطعام والشراب أصيب بالإرهاق وأصيب بالكسل وأصيب بالنعاس ولذلك يضجر كثير من الناس من صلاة التراويح ويظنون أنها صلاة طويلة وعبادة طويلة لماذا؟
لأنهم لم يخففوا على هذا الجسم الطعام ولو أن الإنسان يعني في رمضان جعل لنفسه طعاما يسيرا بعد المغرب وأخر إن كان يحتاج إلى طعام إلى ما بعد صلاة التراويح لكان ذلك أفضل لأنه يستفيد من صلاته ويستفيد يعني من سماعه لكتاب الله عز وجل.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
والحمد لله رب العالمين.




اضافة تعليق