تابعنا على

إنتاجات الشيخ خطب مفرغة

مسئولية بناء الأسرة والرقي بها

بناء الأسرةفإن الأسرة هي المؤسسة الأولى التي يتلقى بها الإنسان القيم والأخلاق والأسرة هي المخزون العظيم التي به تقوى الأمة وتتماسك بها ينبني المجتمع هي اللبنة الأولى له والأسرة هي الحلقة المتوسطة بين الفرد وبين المجتمع…

خطبة بعنوان : مسئولية بناء الأسرة والرقي بها

الحمد لله كل شيء خاشع له وكل شيء قائم به غناء كل فقير وعز كل ذليل وقوة كل ضعيف ومفزع كل ملهوف من تكلم سمع لنطقه ومن سكت علم سره ومن عاش فعليه رزقه ومن مات فعليه منقلبه انقادت له الدنيا والآخرة بأزمتها وقذفت إليه السموات والأرض مقاليدها وسجدت له بالغدو والآصال الأشجار الناظرة وآتت أكلها بكلماته الثمار اليانعة أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له رب كل شيء ومليكه سجدت له الوجوه وخضعت له الرقاب وأصغت له الآذان وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله وصفوته من خلقه وخليله أشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح لهذه الأمة وكشف الله به الغمة وجاهد في سبيله حتى أتاه اليقين من ربه ما من خير إلا وطلناه عليه وما من شر إلا وحذرنا منه فهو الرحمة المهداة والنعمة المزداه صلوات الله وسلامه عليه صلاة دائمة سرمدية إلى يوم الدين

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار 

وبعد :

فإن الأسرة هي المؤسسة الأولى التي يتلقى بها الإنسان القيم والأخلاق والأسرة هي المخزون العظيم التي به تقوى الأمة وتتماسك بها ينبني المجتمع هي اللبنة الأولى له والأسرة هي الحلقة المتوسطة بين الفرد وبين المجتمع وإن أخطر ما يهدد الإنسانية هو تفككك الأسر وما يعترى هذا الجدار العظيم من التصدع الذي ينتابه ما بين الحين والآخر وخاصة في أيام الفتن والأزمات وخاصة إذا لم تكن هذه الأسرة شاكرة صابرة وإذا لم تكن متماسكة إلى المدى الذي يريده الله عز وجل – فإن هذه الأسر يوشك صرحها أن ينهدم ويوشك جدارها أن يتصدع وبتصدعها تتصدع المجتمعات والشعوب وتنهار الدول هذه الأسرة التي حرصت الشريعة على بنائها بناءً صحيحاً وحرصت الشريعة على معالجة ما يعتريها أولاً بأول ولذلك فإنه لا عيب على الكبار أن يراجعوا من طريقة حياتهم وأن يأخذوا دورات تدريبية وإعادة إعمار لهذا البناء الهام بناء الأسرة إنه من الأهمية بمكان الزواج – أيها الكرام – وبناء البيت مطلب شرعي يتم وفق عقد هذا العقد نجاحه بنجاح الطرفين وفشله بفشل الطرفين وفي بداية هذا العقد تنبني هذه الشراكة على شيء من المواءمة والمودة والرحمة لكن يحدث شيء من الخلل أحياناً على وجه السرعة وأحياناً يأتي بعد مدى وما ذلك إلا نتيجة لأن كلا الطرفين أحدهما مال عن مراد الله – عز وجل – كثير منا يشكو من فتور العلاقة بينه وبين زوجه وإذا بحث أحدنا عن السبب لا شك أنه سيجده مخالفة لآمر الله – تعالى – كما قال  – صلى الله عليه وآله وسلم – : ((  ما تواد اثنان في الله فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما ))[1] فإذا فتشنا في أحوالنا فسنجد أن كلا الطرفين أو أحدهما فعل معصية أو مخالفة لآمر الله عز وجل – وبالتالي تبدأ العلاقة بالفتور لو لاحظنا – أيها الكرام – في مبدأ الحياة الزوجية قد يكون الزوج غريباً هذا من بلد وذاك من بلد آخر هذا من قبيلة وذاك من قبيلة أخرى ولكن بمجرد أن يتم العقد فإن القلب والنفس تشعر بدفق عظيم من الدفء والمحبة والرغبة في السكنى بالمودة والرحمة بالطمأنينة كيف هذا من أين أتت هذه العواطف الجياشة إنها آية من آيات الله – سبحانه وتعالى – العظيمة التي لا يستطيع أحد أن يفسرها سوى أنها نعمة من نعم الله – عز وجل – قال تعالى : (( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ  ))

سورة الروم آية (21) بخلال ثوان معدودة  يشعر كل طرف بهذا التدفق الذي العظيم من المحبة والمودة والألفة والرغبة في السكنى إنها آية من آيات الله – تعالى .

أيها الإخوة :

ما يحدث من فتور في الحياة الزوجية كما أسلفنا إلا بسبب مخالفة يرتكبها أحد الطرفين أو كلاهما ولذلك البعض أيضاً يدخل إلى هذا البناء العظيم دون خبرة سابقة وأخص بهذا كثير من الشباب الذين لا يقدمون على هذه الشراكة على دراية بل حتى بعضنا من الكبار ربما دخلنا في هذه الشراكة دون أن نأخذ المقدمات دون أن يعرف كل طرف ماله وما عليه ولذلك لا عتب ولا عيب في أن يراجع الطرفان أنفسهما ولا بأس أن يبدأ الإنسان صفحة جديدة من أجل هذا البناء الهام ولذلك بعض الناس يجهل معان كثير من الآيات القرآنية ويفسرها تفسيراً غير صحيح ومن ذلك قول الله – تعالى : (( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ …)) سورة النساء آية ( 34)

فالبعض يفهم القوامة بأنها عصاً غليظة بيد الرجل وقبضة حديدية يفهمها على أنها كبت وطغيان وعلى أنها جبروت وهذا خارج عن الفهم الصحيح الدقيق الذي أراده الله تعالى – من هذه القوامة إن هذه القوامة تعني قوامة الرحمة والمحبة والرعاية والتوجيه هذا البناء العظيم يقوده اثنان في الحياة ليس غير الزوج أولاً ثم الزوجة ثانياً ولذلك فإذا لم يتطاوعا بقيادة هذا الصرح الكبير  وبالدفع بهذه الشركة إلى الأمام فإنها ستفشل

لقد أمرنا الشرع – أيها الإخوة – بإكرام النساء والزوجة فقال – صلى الله عليه وآله وسلم – : ((ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم . ( موضوع ) ))[2]

فالمرأة هي شريكة الرجل وهي مخلوقة منه ولهذا كان لزاماً على كلا الطرفين أن يعاشر الآخر بالمعروف وهنا – أيها الإخوة – فهم خاطئ آخر فالبعض يفهم المعاشرة بالمعروف يفهمها فهماً قاصراً أي أنه يحاول أن يبتدع عن المشاكل أو يعمل السبل التي تقيه من المشاكل وهذا أمر محال أحكم الحكماء رسل الله – تعالى – أنبياء الله – عليهم الصلاة والسلام – كل الناجحين في حياتهم في هذه الحياة لا تخلو بيوتهم من مشاكل ولذلك مهما حاولت تجنب المشاكل فلن تستطيع إطلاقاً خاصة إذا عرفت أن السلوكيات متباينة بين الرجل والمرأة العاطفة عند الرجل والمرأة متفاوت تماماً والتفكير تقدير المصلحة والمفسدة يتفاوت تماماً إذا المعاشرة بالمعروف ليس المقصود منها أن تتجنب المشاكل وإنما النجاح في هذا هو التوفيق لحسن التعامل مع المشاكل هذه هي المعاشرة بالمعروف كيف تتعامل مع كل مشكلة بالطريقة الصحيحة هذا هو النجاح في هذه المسألة كيف تستقبل المرأة أي مشكلة أو معضلة من زوجها وتتعامل معها التعامل الصحيح والعكس هذه هي المعاشرة الزوجية التي أراد الله تعالى – حيث قال – سبحانه : (( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ..)) سورة النساء آية ( 19)

 وأمر الرجل بالمعاشرة دون المرأة ذلك لأن تركيبة المرأة غير تركيبة الرجل تماماً وأخلاقياتها وانفعالاتها غير الرجل تماماً ولذلك المرأة كما هو معروف خلقت من ضلع آدم قال – صلى الله عليه وآله وسلم – : ((استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء))[3]

ولا يصلح للرجل أن يكون أعوج مثل المرأة ويتعامل معها بعوجها فإن هذا يؤدي إلى التصادم ومعنى هذا أن يتصادما في منتصف الطريق ولكن الصحيح أن يأتي حسن تعامل الرجل وحسن معاشرته أن يأتي للتعامل مع هذه المرأة ليس بالمواجهة ولكن بالمطابقة وأن يحسن التعامل والخروج من أي معضلة والرجل في الغالب أقدر على التعامل مع هذه المشاكل ويحسن التعامل معها ويخرج منها بمخرج طيب ورب امرأة تكون أكثر دهاءً وأكثر حكمة  في التعامل مع هذه المشاكل وحسن الخروج منها المشكلة – أيها الإخوة – الفهم السائد والبيئة السائدة والعادات والتقاليد الموجودة في كثير من البلدان سبب رئيس من الأسباب التي تفاقم هذه المشاكل مثلاً تحدث مشكلة بين الرجل وزوجه المرأة مباشرة تخرج من البيت وهذه هي أم المشاكل بمجرد أن تخرج من البيت معناها فتح ملف كبير لا أول له ولا آخر عمره عشرون عاماً أو ثلاثون عاماً تبدأ المرأة تسرد قصة حياتها وفعل وفعل وفعل ومن هنا قال الله تعالى – : لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً (1) سورة النساء آية ( 1)

كلا الأمرين إلا أن يأتين بفاحشة مبينة هنا يمكن إخراجها أما مشكلة بسيطة فلا يجوز للرجل طردها ولا يجوز للمرأة أن تخرج بل يجب عليها أن تبقى ويجب عليه أن يراجع نفسه ويجب عليه أن يتعامل التعامل الصحيح فيخرج من البيت في حال الغضب ولا تحل المشكلة في حال الغضب ومن هنا جاء فعل علي رضي الله عنه – لما تخاصم مع فاطمة رضي الله عنها – لم يجلس في البيت وهذه ابنة رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – تخرجت في بيته ويأتي النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – لزيارتهما فلا يجده أين زوجك قالت : حرج ابحثوا عنه فوجدوه في المسجد نائماً وقد علق التراب على بدنه خروج المرأة من البيت معناه فتح ملف كبير خروج المرأة معناه تدخل أطراف أخرى ربما تريد الإصلاح فتفسد وربما تريد الفساد فكم من الإخوة مثلاً لا يرتاحون لهذا الزوج وبالتالي يفعلون مشاكل من أجل أن تنفصل عنه أو الضغط عليه من أجل إذلاله بعض الأمهات لا تراعي مصلحة البنت بعض الآباء لا يفكر إلا في نفسه وكيف يهين هذا الزوج  وكيف يستغله وكيف يستخرج منه المال فإبقاء المرأة في بيتها وحصر المشكلة بين أربعة جدران وحلها ودياً ثنائياً هو الطريق الصحيح للعشرة الحسنة فربما كان الخطأ من المرأة نعم لكن بمرور يومين أو ثلاثة يأتي الرجل وبته في غاية من النظافة ثيابه مجهزة طعامه مجهز أولاده نظاف وما شاكل ذلك فيـتأسف ويتندم وربما دمعت عينه لأنه غير قادر على القيام بمثل هذه الأعمال وربما جاء معتذراً إلى زوجته وفي هذه الحال لا يجوز للمرأة أن تعيش معه مبتذلة ومن الخطأ الكبير أن بعض النساء في حال الانزعاج وفي حال المخاصمة أنها تهمل نفسها وهذا من أكبر الأخطاء وأفدحها وأبشعها أن تهمل المرأة نفسها فلا تلبس ولا تتزين ولا تستقبل زوجها و لا تقوم بحقه هذه من أكبر المشاكل – أيها الكرام – المرأة تعيش حياتها وتجنب هذه الأمور إذا رزق الله تعالى الزوجين بمولود وجب عليهما أن يطرحا حظوظ أنفسهما تحت أقدامهما وأن يغلبا مصلحة الأولاد قبل مصلحتهما لأن هذا هو الجدار وهذا هو السد إذا تهدم هذا السد وتكسر هذا الصرح فإن المشكلة العظمى تعود على الأبناء وإلا فإن الزوجين قال الله – تعالى _ فيهما  : (( وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً  )) سورة النساء آية (130)

حظوظ النفس مشكلة كبيرة التكبر والترفع من بعض الطرفين وانعدام الحوار الجاد والنافع هذا من أكبر المشاكل لذلك – أيها الكرام – لو تتذكرون معي حديثاً عظيماً في صحيح مسلم مشهور بحديث أم زرع هذا الحديث حكته عائشة – رضي الله عنها – للنبي – صلى الله عليه وآله وسلم – ليلاً طويلاً قالت : اجتمع عشر نسوة في بيت من البيوت كل واحدة تحكي زوجها أخلاقه سلوكياته ومعايبه ومحاسنه ولم تخف شيئاً والنبي – صلى الله عليه وآله وسلم – مصغي إليها كان أفضل هؤلاء الأزواج هذا الذي سمي الحديث باسمه أو باسم زوجته وهي أم زرع كان كريماً كان تقياً كان صاحب خلق كان يكرمها ويكرم أهلها وكان وكان وكان كل ما تتمناه المرأة موجود في هذا الرجل والنبي – صلى الله عليه وآله وسلم – يصغي لزوجته قالت : في النهاية غير أنه طلق كل هذا كان نهايته الطلاق النبي – صلى الله عليه وآله وسلم تلتف إليه زوجته والمرأة بعاطفتها ربما تحتاج  إلى كلمة واحدة تغلق هذا الملف بل تجعلها تهرول معتذرة إلى زوجها ولنجرب جميعاً ربما البعض خاصة من الكبار ربما يستحي – أيها الكرام – أن يتكلم مع زوجته بكلمة فيها حب وغرام وفيها طمأنة على أنه يحبها عائشة رضي الله عنها – أم المؤمنين أنظر كيف تقول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم – تقول – رضي الله عنها – يا رسول الله كيف حبك لي ؟ قال لها : مثل عقدة الحبل يعني كأنك أتيت بحبل فعقدته أي حباً شديداً  حتى كانت فيما بعد ما عادت تسأله أتحبني أنت تحبني وكيف حبك ؟ صار الحب فيما بينه وبينها شفرة فتقول له : يا رسول الله كيف العقدة فيقول لها : شديدة ومتينة هذا الكلام يلؤم أي جرح ويرأب أي صدح ويغلق أي ملف فلو أن الزوج بعد خصام دخل على زوجته فقال لها مثل هذه الكلمة والله لعاشت مثل هذه الأسر في غاية من السعادة المرأة من شدة انفعالها أحياناً تطلب الطلاق والله تعالى حكيم لو أنه ترك الطلاق للمرأة لطلقت زوجها في أول أسبوع ولكن هنا تأتي حكمة الرجل امرأة تشغب في وجه زوجها وتصرح  طلقني طلقني طلقني فيأخذ ورقة ويكتب لها فيها كلمات فيها غزل وفيها حب وفيها كذا ثم يحطها تحت الوسادة ويخرج من البيت فتلملم المرأة ثيابها على أنه قد طلقها ثم تتذكر الورقة تنظر ماذا كتب فيها فلما وجدت فيها عبارات الحب والمودة والغرام أرجعت ثيابها إلى دولابها وعادت لاستقبال زوجها مرة أخرى نبينا – صلى الله عليه وآله وسلم – يعلمنا كيف نتعامل مثل هذا التعامل ولذلك – أيها الكرام – إن المودة والرحمة التي جعلها الله تعالى في قلوب الأزواج هذه آية باهرة وآية عظيمة من آيات الله – عز وجل – أقول قولي هذا وأستغفر الله .

الخطبة الثانية :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن واله

وبعد :

أود أن ألخص معنى السكن والمودة والرحمة التي وردت في كلام الله – عز وجل – السكن – أيها الإخوة – هو ماتتطلبه فطرة الرجل وتركيبه النفسي أكثر من المرأة ولذلك خص الرجل به في هذه الآية وهو ما يدعوه للبحث عن المرأة والسعي إليها السكن النفسي يمثل للأسرة خط الدفاع الأول فإذا انهار هذا الخط أصبحت العلاقة على شفى جرف هار أما المودة والرحمة فهما مشتركان بطبيعتهما فلا يتصور أن تقدم علاقة إنسانية بهما أو بأحدهما من طرف واحد في حالة الصحة والشباب تتجلى علاقة الحب والمودة بين الزوجين لأن كلاً منهما يعيش في ربيع العمر والحب ينعش هذه العلاقة ويؤلفها أما في حال الكبر والضعف فتتجلى علاقة الرحمة لأن ضعف الصحة في الشيخوخة يجعل الإنسان بحاجة إلى رحمة الآخرين وشفقتهم وأقرب الناس إلى الزوج زوجته وإلى الزوجة زوجها فكل منهما يطلع على ما لا يطلع عليه والد ولا ولد وهنا كانت الرحمة ضمانة مهمة لحياة ينال فيها الإنسان الحياة الكريمة من شريك حياته كلما تعلقت علاقة المودة في حال الصحة والشباب توثقت عرى الرحمة في الكبر فالرحمة هي البوابة العميقة للحب المودة هي الفضل والرحمة هي العدل والمودة هي الحد الأعلى والرحمة هي الحد الأدنى فإن لم يستطع الزوجان أو أحدهما أن ينعما بالفضل بالعلاقة بينهما فلا أقل من أن تقوم على العدل وهي الرحمة وأخيراً في الحياة الزوجية إذا لم تستقم العلاقة على ذلك وفقد الرجل السكن النفسي نحو زوجته فعندها يأتي التحاكم إلى حكمين عدلين عاقلين ليبحثا عن الأسباب ويحاولا معالجتها فإن لم يقدرا فيأتي

قول الله تعالى : ((: (( وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً  )) سورة النساء آية (130)

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت اللهم إنا نعوذ بك من منكرات الأخلاق والأهواء والأدواء والحمد لله رب العالمين


[1] – الجامع الصغير وزيادته 1/ 1054

[2] – السلسلة الضعيفة 2/ 241

[3] – البخاري 3/ 1212

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق