تابعنا على

ركن الفتاوى فقه الأسرة المسلمة

ما الحكمة من تحريم جماع الرجل زوجته حال الحيض؟

بسم الله الرحمن الرحيم

ما الحكمة من تحريم جماع الرجل زوجته حال الحيض؟
الجواب:
العلة ذكرها الله في قوله :( قل هو أذى ) ففيه نجس وجراثيم وميكروبات وفيه ضرر على المرأة كذلك وفيه منافاة للفطرة

والدراسات العلمية في هذا المجال كشفت لنا عن شيء من الأذى الذي أشارت إليه الآية الكريمة ولكنهم لم يصلوا إلى التعرف على جميع الأذى الذي عناه النص القرآني .

يقول الدكتور محيي الدين العلبي : ” يجب الامتناع عن جماع المرأة الحائض لأن جماعها يؤدي إلى اشتداد النزف الطمثي ، لأن عروق الرحم تكون محتقنة وسهلة التمزّق وسريعة العطب ، كما أن جدار المهبل سهل الخدش ، وتصبح إمكانية حدوث الالتهابات كبيرة مما يؤدي إلى التهاب الرحم أو يحدث التهاب في عضو الرجل بسبب الخدوش التي تحصل أثناء عملية الجماع ، كما أن جماع الحائض يسبب اشمئزازاً لدى الرجل وزوجه على السواء بسبب وجود الدم ورائحته ، مما قد يكون له تأثير على الرجل فيصاب بالعنة (البرود الجنسي ).

ويقول الدكتور محمد البار متحدثاً عن الأذى الذي في المحيض : يُقذف الغشاء المبطّن للرحم بأكمله أثناء الحيض .. ويكون الرحم متقرحاً نتيجة لذلك ، تماماً كما يكون الجلد مسلوخاً فهو معرّض بسهولة لعدوان البكتيريا الكاسح .. ويصبح دخول الميكروبات الموجودة على سطح القضيب يشكل خطراً داهماً على الرحم .

لهذا فإن إدخال القضيب إلى الفرج والمهبل في أثناء الحيض ليس إلا إدخالاً للميكروبات في وقت لا تستطيع فيه أجهزة الدفاع أن تقاوم .

ويرى الدكتور البار أن الأذى لا يقتصر على ما ذكره من نمو الميكروبات في الرحم والمهبل الذي يصعب علاجه ، ولكن يتعداه إلى أشياء أخرى هي :

  1. امتداد الالتهابات إلى قناتي الرحم فتسدها ، مما قد يؤدي إلى العقم أو إلى الحمل خارج الرحم ، وهو أخطر أنواع الحمل على الإطلاق .

  2. امتداد الالتهاب إلى قناة مجرى البول ، فالمثانة فالحالبين فالكلى ، وأمراض الجهاز البولي خطيرة ومزمنة .

  3. ازدياد الميكروبات في دم الحيض وخاصة ميكروب السيلان .

والمرأة الحائض كذلك تكون في حالة جسمية ونفسية لا تسمح لها بالجماع ، فإن حدث فإنه يؤذيها أذى شديداً ، ويصاحبه آلام وأوجاع أثناء الحيض ـ

ويقول الدكتور البار :

  1. يصاحب الحيض آلام تختلف في شدتها من امرأة إلى أخرى ، وأكثر النساء يصبن بآلام في الظهر وفي أسفل البطن ، وبعض النساء تكون آلامهن فوق الاحتمال مما يستدعي استعمال الأدوية والمسكنات .

  2. تصاب كثير من النساء بحالة من الكآبة والضيق أثناء الحيض وخاصة عند بدايته ..كما أن حالتها العقلية والفكرية تكون في أدنى مستوى لها أثناء الحيض .

  3. تصاب بعض النساء بالصداع النصفى قرب بداية الحيض ، وتكون آلام مبرحة وتصحبها زغللة في الرؤية وقيء .

  4. تقل الرغبة الجنسية لدى المرأة ، بل إن كثيراً من النساء يكن عازفات تماماً عن الجماع أثناء الحيض . وتكون الأجهزة التناسلة بأكملها في حالة شبه مرضية ، فالجماع في هذه الآونة ليس طبيعياً ولا يؤدي أي وظيفة ، بل على العكس يؤدي إلى الكثير من الأذى .

  5. تنخفض درجة حرارة المرأة أثناء الحيض درجة مئوية كاملة ، ومع انخفاض درجة الحرارة يبطئ النبض وينخفض ضغط الدم فيسبب الشعور بالدوخة والفتور والكسل .

ويذكر الدكتور البار أيضاً أن : الأذى لا يقتصر على الحائض في وطئها ، وإنما ينتقل إلى الرجل الذي وطئها أيضاً مما قد يسبب له التهابات في الجهاز التناسلي الذي قد يسبب عقماً نتيجة هذه الالتهابات . كما أن الآلام المبرحة التي يعانيها المريض من هذه الالتهابات تفوق ما قد ينتج عن ذلك الالتهاب من عقم .

إلى غير ذلك من المضار الكثيرة والتي لم يكشف عنها الآن ، وإنما عبّر عنها الله عز وجل بقوله : ( قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ، ولا تقربوهن حتى يطهرن ) فوصفه تعالى له بأنه ( أذى ) أذى للزوجة ، وأذى للزوج وغير ذلك من مضار كثيرة الله أعلم بها .

وبهذا يتبيّن أنه ليس المنع من وطء الزوجة في زمن الحيض من أجل الدم فقط . بل لأسباب كثيرة سبق ذكرها .

كما أن على المسلم أن يمتثل أمر الله عز وجل فإنه هو الخالق وهو أعلم بما يصلح العباد وما يضرهم ، وهو القائل ( فاعتزلوا النساء في المحيض ) فحتى لو لم يتبيّن للشخص الحكمة من ذلك فإن عليه أن يسلّم لأمر الله الذي أمر أن يترك الرجل جماع أهله في هذه الفترة .

كما ثبت علميآ أيضا أن الاتصال الجنسي عن طريق الإيلاج في فترة الحيض ( جماع المرأة الحائض ):- – يزيد بشكل كبير من إحتمال الإصابة بسرطان عنق الرحم هذه نقطة مهمة إكتشفها الطب الحديث وهى أن النسيج الذى يبطن جدار عنق الرحم يكون فى وقت المحيض  معرضاً للجروح وسهل الإقتحام ، ولو دخل رأس الحيوان المنوي هذه الخلايا وقتئذ فإن بإمكانه إحداث تغيرات فخواص الحمض النووي داخل الخلايا ويجعلها أكثر قابلية للتغيرات السرطانية والتعرض للإصابة الميكروبية و الالتهابات في منطقة الحوض ولقد كشف الطب الحديث ما في إفرازات الحيض من مواد سامة تضر بالجسم إذا بقيت فيه، كما كشف سر الأمر باعتزال جماع النساء في الحيض.فإن الأعضاء التناسلية تكون في حالة احتقان، والأعصاب تكون في حالة اضطراب بسبب إفرازات الغدد الداخلية، فالاختلاط الجنسي يضرها، وربما منع نزول الحيض، كما يسبب كثيراً من الاضطراب العصبي ، وقد يكون سبباً في التهاب الأعضاء التناسلية.

ومع هذا كله فلا يعني أن المرأة تنبذ وحيدة ولا يجوز لزوجها القرب منها كما هو حال اليهود بل هي بأمس الحاجة لقرب زوجها منها في هذه الفترة حتى لا يتبادر إلى ذهنها أن زوجها لا يعيش معها إلا من أجل الجنس بل إن الشرع جوز للزوج أن يستمع بزوجته فيما دون الفرج وعليه فإن على المرأة أن تهتم بزينتها ونظافتها في هذه الفترة ولا تبقى جسدها في حالة تجعل الزوج ينفر منها هذا وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر زوجاته بالاتزار ثم يباشرهن، كما في حديث عائشة أنها قالت: “كانت إحدانا إذا كانت حائضاً، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها، أمرها أن تأتزر بإزار في فور حيضتها، ثم يباشرها” متفق عليه.

فهذا يدل على جواز الاستمتاع بالزوجة الحائض فوق الثياب، وهذا ما يحل لصاحب الزوجة الحائض  ومعنى يباشري: أي يستمتع بما دون الفرج ولما نزل قول الله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ) [البقرة:222].

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اصنعوا كل شيء إلا النكاح” متفق عليه.

والناس في مسألة الحائض ثلاثة أقسام:

الأول اليهود : يجتنبون المرأة الحائض ولا يعاشروهن في البيوت ولا يؤاكلوهن .

الثاني: النصارى يجامعون المرأة الحائض ولا يتنزهون عن ذلك .

الثالث : المسلمون لم يجتنبوا المرأة ولم ينبذوها وفي المقابل لم يجامعوها في حال الحيض بل يستمتعون بما دون الفرج وهذه هي الوسطية في هذا الجانب .

ويمكن مراجعة :

كتاب الحيض والنفاس والحمل بين الفقه والطب د . عمر الأشقر .

وكتاب توضيح الأحكام للبسام (1/362)

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق