إذا لم تغير أخلاقك في هذا الشهر المبارك الكريم إذا لم تكن صادقاً ولما ضرب مثالاً بالصدق إنما هو مثال يحتذى به في جميع الأخلاقيات والسلوكيات إذاً غير ما في نفسك لابد من التغيير هذا التغيير نجد أن كثيراً من الناس استفاد منه أتدري ما السبب ؟
إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) سورة آل عمران آية (102)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1)
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )) سورة الأحزاب الآيات (70- 71)
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدي محمد –صلى الله عليه وآله وسلم – وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
عباد الله :
فهاهو رمضان حل على هذه الأمة شهر رمضان شهر التغيير يحل على هذه الأمة في وقت يطلق عليه الساسة ربيع التغير في بلاد العرب هذا التغيير الحاصل في هذا الشهر المبارك الكريم تغيير بأمر رباني هذا الموسم وهذا الشهر المبارك الفضيل الذي هيأ الله تعالى- فيه أجواء التغيير ومن حق الشعوب المسلمة أن تسعى للتغيير فالتغيير مطلب رباني ليس مطلباً نفسياً فحسب ((… إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ …)) سورة الرعد آية (11). إذاً التغيير في الوضع والتغيير في النفس والتغيير في الواقع أمر مطلوب لكنه تغيير للأفضل وهذه سنة الله تعالى – التي لا تتغير ولا تتبدل أن أي تغيير في النفس إن كان للأفضل سيغير الله الأحوال إلى الأحسن وإن كان التغيير إلى الأسوأ يغير أحوالها إلى الأسوأ ((… إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ …)) سورة الرعد آية (11) ارجع معي قليلاً إلى زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- بل قبل أن يسلم الناس ويدخلون في دين الله أفواجاً كيف كانت أحوال الناس في جرائم في قتل في شرب للخمر في زنا في تعامل بالربا في هضم للناس لما تغير ما بداخل النفوس غير الله لها الأوضاع والعكس بالعكس حينما تناقص وتراجع هذا الالتزام بدين الله عز وجل – وحينما فشت المعاصي وحينما بدأ التلاعب بدين الله عز وجل – وبدأ ت الرشاوى وبدأ الظلم يظهر تغير أحوال الناس إلى ما هو أسوا فزمان النبوة كان حكماً عادلاً نتيجة تغيير الناس لأنفسهم ولما استمر الناس على صلاح الحال جاءت لهم خلافة على منهاج النبوة ولما بدأت الأمور تتغير وتبتعد عن منهاج النبوة جاء لهم الملك العاض وجاء لهم الملك الجبري ولكن إن حدث هذا التغيير من داخل أنفس المسلمين فسوف يعود لهم الخلافة والحكم الراشد بأذن الله تعالى – التغيير أيها الإخوة في شهر رمضان وهو شهر التغيير . ليس تغييراً منحصراً في زاوية معينة ولكنه تغيير من أوسع الأبواب وتغيير شامل بكل ما تحويه هذه الكلمة من معنى أقول إن من حق الشعوب العربية أن تطالب بالتغيير خاصة وهي ترى بلاد الكفر تنعم بالرفاهية والحرية والكرامة وتعيش عيشة هنيئة وإن كانت في الظاهر لكن من حقها أن تنتفض ومن حقها أن تغار ومن حقها أن تطالب بالتغير وخاصة أن ثرواتها يأكلها هؤلاء ويعبث فيها الكفار بينما هذه الشعوب تعيش في فقر وتعيش في بطالة وتعيش في ظلم وتعيش في تهميش خاصة وهي تعيش في هذا الشهر شهر رمضان المبارك التي لم تسلم بعض الشعوب من تقتيل أبنائها ومن دخول الدبابات إلى شوارعها ومن هدم البيوت وبيوت الله تعالى – على من فيها من حق هذه الشعوب أن تغار وأن تطالب بالتغيير وبالتغيير السلمي أيضاً من حقها ذلك إذا كانت ترى حكامها ومسئوليها ينعمون ويعيشون عيشة رغيدة يعبثون ويبعثرون لا بأموالهم وإنما بأموال الشعوب إذاً من حقهم أن يغضبوا ومن حقهم أن ينتفضوا في وقت ضاعت فيه العدالة وضاعت فيها الحقوق ونحيت فيه شريعة الله تعالى- فمن حق الشعوب أن تطالب بالتغيير إلى الأفضل هكذا نحن مطالبون بتغيير أنفسنا التغيير أيها الإخوة في رمضان تغيير كامل في جوانب شتى أبدأها : التغيير في جانب السلوك في جانب الأخلاق ألا ترى أن رمضان يقول فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))[1]
إذا لم تغير أخلاقك في هذا الشهر المبارك الكريم إذا لم تكن صادقاً ولما ضرب مثالاً بالصدق إنما هو مثال يحتذى به في جميع الأخلاقيات والسلوكيات إذاً غير ما في نفسك لابد من التغيير هذا التغيير نجد أن كثيراً من الناس استفاد منه أتدري ما السبب ؟ إنك تستطيع أن تحبس لسانك عن الكذب وعن شتم الناس وعن أكل لحوم الناس في رمضان أتدري ما السبب؟ السبب أمر داخلي فيك أنت وهو وجود النية لأنك كل يوم تنوي أن تترك هذه السلوكيات والأخلاقيات وإن كان بعض الناس يعيش في فصام نكد ما بين النهار والليل فتجده في النهار يحرص على أخلاقياته لكن بمجرد أن تغرب الشمس تعود الأمور إلى ما كانت عليه من قبل إذاً إن كانت هناك نية من الداخل للتغيير فسوف تتغير أخلاقياتنا وسلوكياتنا . أمر آخر يقول صلى الله عليه وآله وسلم- (( فإن سابه أحد أو شاتمه أو قاتله فليقل إني امرئ صائم يذكر نفسه بشهر التغيير بشهر الصوم أنك لا تجاريهم في سلوكياتهم الخاطئة إذاً هذا أمر جانب الأخلاق لابد أن يتغير في هذا الشهر الكريم .
الأمر الثاني : جانب الأخلاق السيئة كثير من الناس يشكو من عادات سيئة في نفسه ثم إذا جئت لتنصحه لتغيير هذه العادات السيئة وكل منا له عاداته السيئة ذكوراً أو إناثاً نحن نعرفها أو يصارحنا بها بعض الناس هذه العادات بعض الناس عندما تأتي وتصارحه يقول أنا لا أستطيع أن أغير هذا مثل هذا الكلام نبع من نفس منهزمة من نفس ليست تواقة للتغيير وليست تواقة للحرية لأنها صارت مستعبدة للهوى من الداخل وللشيطان من الخارج على هذه العادات السيئة وكذبت هذه النفس عليك يوم قالت وصرحت أنها غير قادرة على التغيير بل هي قادرة والدليل على هذا أنك في رمضان تترك هذه العادات السيئة ساعات أطول من تعاطيها والسبب هو نفسه السبب الذي ذكرته آنفاً وجود النية لأنك تنوي من الليل وقبل الفجر تنوي ترك هذه العادات السيئة لكنها لما كانت عندك نية مؤقتة انتهى وقتها بغروب الشمس وعدت إلى نفس العادات السيئة التي تتعاطها في نهار رمضان أنت تستطيع أن تغير وأنا أضرب لك مثالاً ربما أحياناً يكون المجتمع هو السبب في أن تستمر في مثل هذه العادات السيئة نحن معاشر اليمنيين عندنا من العادات على سبيل المثال مضغ القات وترى أن كثيراً من الناس يرى أنه غير قادر على تركها لكنه في الحقيقة يقدر على تركها كيف يقدر على تركها وهو يسافر إلى الصين وإلى بريطانيا وإلى أمريكا وإلى غيرها من الدول العربية والإسلامية والغربية وربما عاش شهوراً من أول يوم يغادر فيه البلد ينسى هذه العادة تماماً ولما يعود إلى بلاده يعود إلى نفس الموال ويعود مرة أخرى ليبرر لنفسه أنه غير قادر ها أنت قد قدرت على تركها وأن تتجاوز كثيراً من السلوكيات والعادات السيئة التي أنت في نفسك في الداخل تمقتها ولا تريدها وتتمنى أنك تترك مثل هذه العادات إذاً جانب السلوكيات مطلب من مطالب التغيير . من الجوانب أيضاً جانب الورع الذي يظهر في رمضان لكنه أحياناً قد يكون ورعاً بارداً تجده في رمضان ربما لا يرتشي وربما في النهار وربما لا يزور ولا يكذب ولا يشهد زوراً ولا يأكل أموال الناس ولكنه إذا أفطر أفطر على مال حرام وأفطر على كلام حرام يبدأه بالغيبة والنميمة وهكذا هلم جر في دواوينه وفي مقايله حتى يأتي الفجر وهو في غيبة وفي نميمة ويطعن في هذا ويلمز في هذا أما في النهار فهو يأمر كثيراً من الناس بالمعروف وبنهاهم عن المنكر فلا يريد أن يسمع إلا القرآن وإلا الذكر وإلا المحاضرات ولا يريد أن يسمع كلاماً في الناس هذا ورع بارد إن الورع هو أن يكون في النهار وفي الليل لأنه يتعبد لله في مثل هذه القضايا . جانب آخر : وهو جانب العادات المباحة من مواطن التغيير أن نغير في حياتنا في العادات المباحة شهر رمضان ليس شهراً للطعام والشراب ولكنه شهر يريد الله منا أن نشعر بلفح الجوع وأن نشعر بلفح العطش حتى نشعر بالفقراء ونشعر بالمعدمين ونشعر بأولئك الذين يموتون بالآلاف يومياً في الصومال وفي غيرها يموتون جوعاً ونحن نسمع الأخبار ولا نرى تحركات من الحكومات العربية والإسلامية التي تمتلك المليارات وتمتلك الثروات ولكن تصدرها إلى أعداء الله تعالى- ليستقووا على هذه الأمة وما سمعنا من المنظمات التي تنادي بحقوق الإنسان وتنادي بحقوق الحيوان مجرد أرقام وإحصائيات ولكنها في جانب العمل أصفار لو كانت هذه المجاعة في إحدى دول النصارى واليهود لرأيت قوافل الطائرات وقوافل السفن والسيارات لتوزيع هذه الإغاثات لرأيتها تملأ الساحات لكنها لما كانت في بلد مسلم تركوا في خلال ثلاثة أشهر الآلاف من الأطفال يموتون في الصحارى لا يجدون كسرة الخبز ولا يجدون قطرة الماء ولا يجدون حبة الدواء والمسلمون ينظرون ونحن نرفل في النعم الموائد ترمى في القمائم وتتنوع الأغذية في موائدنا وأولئك لا يجدون كسرة خبز أين نحن من شهر التغيير أن نغير من هذه العادات لسنا في حاجة إلى أن ترمى هذه الأطعمة في القمائم ولسنا بحاجة إلى أن ننفق في هذا الشهر الكريم ثلاثة أضعاف فيما ننفقه في غيره من الشهور بل هو شهر من شهور الله عز وجل من أهدافه أن يشعر المسلم بلفح الجوع ليعرف نعمة الله-تعالى- عليه أن يعرف كيف يتضور الذين لا يجدون المال جوعا ًولهذا أهيب بإخواني في هذا الشهر الفضيل أن يجودوا بأموالهم على الفقراء والأيتام وعلى المعدمين والمساكين في الداخل والخارج كذلك يقول الله تعالى ((… وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ )) سورة الأعراف آية (31)).
ويقول سبحانه(( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً)) سورة الإسراء آية (27)
شهر رمضان شهر التغيير في الجوارح كلها ليس تغييراً محصوراً كما قلت آنفاً وإنما هو تغيير جذري أعضاءك وجوارحك يجب أن تتغير فعينك يجب ألا تنظر إلا إلى ما أباح الله –تعالى- وسمعك لا تسمع به إلا إلى ما أباح الله ولسانك لا تتكلم به إلا بما يرضي الله تعالى- لا تنطق بكلمة إلا وأنت تحسب لها ألف حساب وتعد لها الجواب بين يدي الله-عز وجل – إياك أن تكون لسانك تنطق بالكذب وتنطق بالغش وتنطق بالسب وتنطق بالتهم الباطلة على الأبرياء وتسب هذا وتغتاب هذا ربما يعود على صيامك بالفساد وإذا نظرت في وسائل الإعلام عرفت ما يعانيه هؤلاء القوم الذين يكذبون في وسائل إعلامهم من الأمراض الخطيرة التي لا تؤثر ربما على أنفسهم وإنما تؤثر على شريحة كبيرة من الناس ولهذا فكذب الناس يتفاوت فكذبك على نفسك ليس ككذبك على غيرك كذبك على أسرتك ليس ككذبك على جارك كذب المسئول ليس ككذب الإنسان العادي ولهذا عن أبي هريرة قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم قال أبو معاوية ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر))[2]
لأن كذبه يبلغ الآفاق لأن كذبه يضلل الملايين وينسحب على هذا ليس المقصود بالملك ولا السلطان ولا الرئيس وإنما يقصد به كل مسئول يضلل ويكذب يدخل في هذا الحديث مباشرة فالصدق لا بد أن يكون سواء كان في السياسة أو الإعلام أو في التعليم أو كان في أي مكان كان وما حدثت هذه الثورات في بلاد العرب إلا نتيجة لهذا الفساد الذي طال الإعلام وطال الاقتصاد وطال التعليم وطال السياسة وطال السلوك وطال الأخلاق وطال كل شيء ألا ترى أن كثيراً من الناس انحرف بسبب الإعلام ألا ترى أن كثيراً من الناس حارب الله من خلال الاقتصاد الفاسد من خلال الاقتصاد ألربوي ألا ترى أن كثيراً من الناس صار أمياً في زمن ثورة التعليم لأنه غش وكذب في هذا المجال فلا المعلم كفؤ ولا الطالب يستفيد لدرجة أنه في هذا العام أثناء اختبارات الثانوية العامة سمح لكل طالب بعد الربع الساعة الأولى أن يغش من الكتب وما استطاعوا أن يغشوا لأنهم ما عندهم قدرة على التعامل مع هذه الكتب ولا مع هذه الدروس فإذا وصل الناس إلى مثل هذه الحالة ألا تريد منهم أن ينتفضوا في بلاد العالم العربي طولاً وعرضاً .
أيها الإخوة من جوانب التغير أيضاً : العناية بالوقت لا بد أن تغير من نمط سلوكك مع الوقت فإياك أن يكون وقتك رخيصاً الوقت هو العمر والوقت هو رأس المال . والوقت أسهل ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع . ها أنت في رمضان تحرص على دقائقه وثوانيه بقراءة القرآن بالذكر بالطاعة في كثير من الأعمال الخيرية إياك أن تفوت لحظة واحدة في هذا الشهر المبارك ورمضان شهر التغيير مدرسة متكاملة من أجل أن تكون حياتك كلها في انتظام ألا ترى أنك تمسك في وقت محدد وتنام في وقت محدد وتصحو في وقت محدد وعملك في وقت محدد وينتهي دوامك كذلك ووقتك مشغول بين قراءة القرآن والذكر والدعاء وصلة الأرحام وما شاكل ذلك فكن حريصاً على هذا الوقت وإياك أن تهدر أوقاتك فيما يضرك ولا ينفعك .
سابعاً من هذه الجوانب أيضاً : جوانب الحفاظ على العبادات إننا في شهر التغيير في شهر رمضان حريصون على أداء الصلوات في جماعة فما بالنا في شوال وفي غيره من الشهور كثير منا ربما لا يعرف صلاة الفجر في جماعة إلا في رمضان هل صلاة الفجر فرضت في رمضان فقط ولهذا كان من أسباب انحطاط هذه الأمة وضعفها وهوانها على أعدائها أنها غير محافظة على صلاة الفجر على وجه الخصوص وأذكر وقد ذكرت هذا مراراً وتكراراً أن مناحين بيجن رئيس وزراء إسرائيل الأسبق حين قيل له إن المسلمين يقولون إن نبيهم قال لهم : إن المسلمين سيقاتلون اليهود حتى يقول الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله قال : صدق رسولهم في هذا الكلام لكنهم ليسوا هؤلاء الموجودين على ظهر الأرض قيل له : متى تتوقع أن يكون هذا الأمر قال : حين يكون تواجدهم في صلاة الفجر كتواجدهم في صلاة الجمعة . وهذا أمر واضح للعيان صلاة الفجر دليل واضح على الإيمان وعلى تقوى الإنسان ودليل واضح على حب الأوطان لكننا حينما خنا حي على الفلاح خنا حي على الكفاح فلم نستطع أن نغير من أوضاعنا ولم نستطع أن ندحر العدو الذي هو بيننا والذي يدنس مقدساتنا والذي يضربنا في عقر دورنا . جوانب التغيير في رمضان جوانب كثيرة جداً لكن لنا في هذه الجوانب التي ذكرناها انطلاقة بأذن الله تعالى ونور ودروب للتغيير في حياتنا بأذن الله تعالى-
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفا، وبعد :
كم كنا نتمنى أن يحدث رمضان تغييراً ليس في نفوس العامة فحسب وإنما في نفوس الخواص كنا نتوقع أن رمضان يشمل في تغييره قلوب المسئولين في بلاد المسلمين طولاً وعرضاً فيرحموا ويرأفوا شعوبهم حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا جرير بن حازم حدثنا الحسن
: أن عائذ بن عمرو وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عبيدالله بن زياد فقال أي بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن شر الرعاء الحطمة فإياك أن تكون منهم ) فقال له اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقال وهل كانت لهم نخالة ؟ إنما النخالة بعدهم وفي غيرهم ))[3] إي شر الرعاة والمسئولين الحطمة إي الذين يحطمون الناس هؤلاء شرار الناس . عن عوف بن مالك
: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم ) قيل يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف ؟ فقال ( لا ما أقاموا فيكم الصلاة وإذا رأيتم من ولا تكم شيئا تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يدا من طاعة))[4] كم كنا نتمنى أن يدخل رمضان على المسلمين بخيراته وبتغييره لا أن يكون المسئولين في بلاد الإسلام طولاً وعرضاً أكثر قساوة وأكثر شراسة لا على الأعداء فذلك ممدوح بل هذه القضية تهم المسلمين برمتهم ففلسطين أمانة في أعناق المسلمين وليست أمانة في أعناق العرب ثم انتقلت إلى أعناق العرب ثم انتقلت إلى أعناق الفلسطنيين
ومواثيق جامعة الدول العربية تنص على أن أي اعتداء على أي بلد عربي إنما هو اعتداء على المجموع لكنه كلام في دستورها كما هو الكلام في دساتير الدول العربية والإسلامية لا يرفع له رأساً بل إنه يداس بالأقدام ويخالف ليلاً ونهاراً كم كنا نتمنى أن تحقن الدماء في رمضان فرمضان الذنوب فيه عظيمة يزداد الإثم فيها ولا يصلح أن نعرف أن الكذب محرم ويكون إثمه أعظم في رمضان ونتغافل ونتجاهل عن أن إراقة الدماء في رمضان ليست محرمة تدخل الدبابات إلى الشوارع وإلى الحارات والمدافع وتدك كثيراً من المناطق خاصة في سوريا تدكها دكاً العشرات بل المئات يقتلون في نهار رمضان وهم صائمون لله عز وجل – ووالله أستطيع أحلف جازماً وأكرر يميني أنهم ما حملوا سلاحاً وأن هذه تهمة وفرية ما بها مرية لكن هؤلاء العوج الذين لا ينظرون الذين أصيبوا بالحول الذين لا يرون أعداءهم أمامهم ولم يعرفوا إلا أن يسلطوا وأن يوجهوا أسلحتهم على أبناءهم رمياً بالدبابات ومدافع الهون والصواريخ والطائرات على من على الأعداء إن الأعداء قد استباحوا بلاد المسلمين هاهي طائراتهم تجوب في سماء البلدان العربية والإسلامية تسرح وتمرح لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً هذه بوارجهم في مياه البلدان العربية والإسلامية تنتهكها وتدخل ربما إلى الموانئ ولم يستطيعوا أن يحركوا ساكناً ما عرفوا أعداءهم إن شعوبهم لم تطلب منهم سوى التغيير أن يغيروا من أحوالهم ومن أوضاعهم أن ينظروا في حاجاتهم لا أن يقتلوهم وكذبا ًوزوراً يقولون أن سوريا هي البلد الممانع الوحيد بل هي البلد المتواطئ المتعاهدة مع اليهود بدليل تصريحات مسئوليها أن أمن سوريا هو أمن لإسرائيل ما المقصود بهذه العبارة حللوها اقرءوها مراراً أين الجولان هذه القطعة من أرضنا إنها مع اليهود أين بعض البقاع في لبنان أين العراق أين أفغانستان أين أين بلاد الإسلام منتهكة من قبل أعداء الإسلام ونحن لا نستطيع أن نفعل شيئاً وكأن هذه الأسلحة إنما اشتريت من أجل أن تقمع الشعوب من أجل أن تعيش حياة في غاية من الذل والمهانة شهر رمضان فيه خصائص عظيمة إن أردنا أن نغير من أحوالنا منها أن الله جعل شهر رمضان- ثلاثين يوماً وأنت تنوي التغيير وأنت تمارس عادات وعبادات محددة تتمرن عليها ثلاثين يوماً هذا جدير بأن تصلح من أحوالك ولذلك يقول علماء النفس إن أي تغيير ناجح لابد أن يكرر من ست مرات إلى واحد وعشرين مرة إذا كررت أي أمر صواب تستطيع أن تغير من نفسك وأن تغير من سلوكك أما إذا كان أقل من ذلك أو انعدم هذا التكرار فإنك لا يمكن أن تغير من نفسك وقبل هذا لا بد أن تدرب عقلك الباطن على هذا التغيير ابتداءً بأن تتصور أنك تركت هذه العادات القبيحة وتشعر بالفرحة والنشوة بانتصارك على نفسك وعلى هواك أن تشعر عقلك الباطني بأنك انتصرت على نفسك وتركت كثيراً من المعاصي والسيئات والمخالفات فإذا كررت هذا على عقلك الباطن وصار هذا أمراً معتاداً يمكنك هنا أن تبدأ بالخطوة الأولى تتلوها خطوات ها أنت ترى نفسك في شهر الصوم لم تعتد على الصيام إطلاقاً فإذا جاء أول يوم من رمضان إنك من خمسة عشر من شعبان إنك تبدأ تبرمج نفسك رمضان قادم متى رمضان ماذا تريد ؟ أريد أصوم وأريد كذا وأريد كذا فما أن يأتي رمضان إلا وأنت متهيئ داخلياً ثم تنقطع عن الطعام والشراب والجماع في رمضان والكثير من السلوكيات والعادات السيئة تقلع عنها من أول يوم وتمر اليوم بسلام وما بعدها أسهل . إذاً من خصائص رمضان أنه متكرر وأنك تتكرر هذه الأمور .
ثانياً : أن من خصائص رمضان وجوب تبييت النية ووجوب تبييت النية في التغير أمر مطلوب ولهذا فإن الناس حينما تريد أن تغير ما يأتي هذا جزافاً وإنما يأتي من نوايا داخلية ويأتي عن شعور بأحوال البعض والتغيير أحياناً يحتاج إلى شيء من التعاون وأنت تغير في نفسك تحتاج إلى من يقف بجانبك وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل “[5] وصدق رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم – حينما قال لليهودي الذي قتل مائة نفس أنه قيل له انتقل من هذه القرية إلى قرية أخرى فهذه قرية سوء فاعبد الله معهم فإنهم قوم صالحون . تحتاج إلى من يعينك على إصلاح نفسك فإذا كان هذا في حال النفس فالتغيير في الأمة يحتاج كذلك إلى تعاون لو عندنا مشكلة في الحارة لا أستطيع أن أغيرها أنا لوحدي لكنني أحتاج اثنين وثلاثة وعشرين وثلاثين حتى تكتمل هذه القوة من أجل تغيير هذا المنكر الموجود حانت خمر وإلا بيت زنا وما شاكل ذلك ما يمكن أن يغيره واحد يحتاج إلى تكاتف من أبناء الحارة ويحتاج إلى تعاون من الأجهزة الأمنية من أجل أن يجتث هذا الفساد من هذا المكان .
ثالثاً من خصائصه : خروج الإنسان عن المألوف مألوف الطعام والشراب يتغير دوامك يتغير وقتك تتغير طاعاتك وعباداتك فالخروج عن المألوف معين على التغيير بأذن الله تعالى على التغيير.
رابعاً : تنظيم الوقت معين على التغيير . خامساً : البيئة من حولنا كلها بيئة صلاح وصيام وذكر لذلك أنت معان لا تشعر بتعب متى تشعر بالتعب جرب أن تصوم يوماً في شهر شوال والناس يأكلون ويشربون جرب أن تمتنع عن العادات السيئة ومن حولك يتعاطى هذه العادات السيئة انظر كيف تعاني من الداخل في نفسك لا شك أن البيئة الصالحة مهيأة في رمضان لذلك يوحي إلينا رمضان بأنه نحتاج إلى تغيير بيئاتنا يحتاج إلى إعادة صياغة أصدقائنا من نجالس مع من نمشي أفكارنا من أين نستقيها وهكذا فشهر رمضان هيأه الله تعالى عن أبي هريرة : قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة ))[6] أيها الإخوة الكرام ونحن في شهر رمضان نغير ما بأنفسنا وعندنا النية بأذن الله عز وجل – ومن هذا الوقت نعزم على أن نغير من أحوالنا ومن أنفسنا ومن التغيير إن شاء الله تعالى – أن نتحسس أحوال الفقراء والأيتام والمساكين فجودوا بالخير يجد الله عليكم وأنفقوا ينفق الله عليكم ونسأل الله تعالى أن يخلف عليكم بالخير وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال .
والحمد لله رب العالمين .
[1] -البخاري 2/673
[2] -مسلم 1/102
[3] -مسلم 3/1461
[4] -مسلم 3/1481
[5] -مشكاة المصابيح 3/87
[6] -الترمذي 3/66
اضافة تعليق