السائـل: محمود ابو داود2016-02-03 20:52:57
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم لإتاحة الفرصة لي بعرض مشكلتي على المستشار، وبعد:
مشكلتي باختصار تكمن بأني -والحمد لله- كانت أوضاعي المادية جيدة جدًا، وكان كل شيء متوفرًا من أساسيات وكماليات -ولله الحمد- ولكن بعد أن تركت عملي السابق أصبحت أوضاعي المادية تسوء وتسوء إلى أن وصل الحد أني غير قادر على دفع التزامات أساسية للأسف -والحمد لله على كل شيء- حتى العلاقة الأسرية تأثرت كثيرًا؛ حيث بدأت بإحساس أن زوجتي وأم أولادي أصبحت لا تتحمل هذه الأوضاع وتقول لي: إلى متى سنبقى في هذا الفقر؟ مع أنني أيام عملي السابق كانت لا تترك شيئًا تريده ألا وتشتريه، وللأسف أصبحت تحسسني أن وضعي منذ زواجنا في فقر وقلة، للأسف وصل بي أن أطلق زوجتي جراء كلامها الذي أصبحت أسمعه شبه يومي، وهذا كله أثر في حالتي النفسية والتفكير الدائم بالوضع الذي صرت إليه والحمد لله.
أريد منكم المشورة والنصح ماذا أفعل؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. شكراً على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم “مستشارك الخاص” وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:
فردًا على استشارتك أقول:
– لم تخبرنا ماذا كان عملك السابق؟ وما الأسباب التي جعلتك تترك عملك؟ وما هو عملك الحالي؟ فقد يكون ذلك له علاقة في حل مشكلتك.
– كل شيء يسير في هذا الكون وفق قضاء الله وقدره ومن ذلك أرزاق العباد قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء).
– لن تموت نفس إلا بعد أن تستوفي رزقها وأجلها، كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: (إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها فأجملوا في الطلب فإن رزق الله لا يؤخذ بالمعصية) فالرزق قد يستمر إلى نهاية الحياة وقد يضيق ثم يعود مرة أخرى فلا تيأس بل كن متفائلا محسنًا للظن بالله تعالى ففي الحديث : (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما يشاء) وفي حديث آخر(فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط).
– ما أنت فيه ابتلاء من الله تعالى والحياة كلها ابتلاء كما قال تعالى: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) وقد يكون مرد الابتلاء إلى ذنوب العبد كما قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) وما منا إلا وله ذنوبه فبالتوبة النصوح ترفع العقوبة.
– الله تعالى وحده هو من يقسم الأرزاق بين عباده فهذا غني وهذا فقير وهذا متوسط الحال: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ).
– من أفضل ما يجلب الرزق الإيمان والعمل الصالح كما قال مولانا جل جلاله سبحانه بقوله: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) فهذا بيان من الله تبارك وتعالى أنه يترتب على الأعمال الصالحة مع الإيمان الحياة الطيبة والسعيدة والمستقرة فمن أراد سعة الرزق فعليه بتحقيق ذلك.
– مما يجلب الرزق كثرة الاستغفار قال تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) وقال: ( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِير ) ويقول عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه الله من حيث لا يحتسب).
– عليك بكثرة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنها من أسباب كفاية الهم كما قال عليه الصلاة والسلام لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).
– عليك بتقوى الله تعالى فإنا جالبة للرزق كما قال تعالى:( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).
– عد إلى عملك القديم إن أمكن ذلك أو إلى مثله إن كانت وظيفة فإن لم يكن ممكنًا في الوقت الحالي فغير عملك الحالي؛ فلعل الله يفتح عليك به قال تعالى: ( فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ).
– مما يجلب الرزق صلة الأرحام يقول صلى الله عليه وسلم: (من سرَّه أن يُنسأ له في أجله، ويبارك له في رزقه فليصل رحمه).
– كن متوكلًا على الله تعالى فمن توكل على الله وعمل بالأسباب رزقه الله تعالى كما قال عليه الصلاة والسلام: (لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا) فربط عليه الصلاة والسلام الرزق بأمرين: الأمر الأول: التوكل على الله؟ والثاني: العمل بالأسباب كما تفعل الطيور الضعيفة تمامًا بخروجها من أوكارها وهي جائعة ثم تعود وقد شبعت.
– المؤمن يتقلب بين أجري الصبر والشكر فإن كان قد حصل لك هذا الضيق في الرزق، فعليك أن تصبر وإياك أن تجزع أو تتسخط يقول عليه الصّلاة والسّلام: (عجبًا لأمرِ المؤمنِ، إنّ أمرَه كلَّه خيرٌ، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمنِ، إن أصابته سرّاءُ شكرَ، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرّاءُ صبر، فكان خيرًا له).
– عليك بكثرة الدعاء وأنت ساجد وفي أوقات الإجابة واحرص أن يتوفر فيك أسباب استجابة الدعاء وتنتفي الموانع فإن توفر ذلك استجاب الله لك كما وعد بقوله: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ).
– أكثر من دعوة ذي النون التي قال فيها رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – : (دعوة ذي النّون إذ هو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت، سبحانك إنّي كنت من الظالمين، فإنّه لم يدع بها مسلم ربّه في شيء قطّ إلا استجاب له ).
– عليك بصلاة الحاجة وهي ما التي جاءت في حديث الصحابي الجليل عبد الله بن أبي أوفى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله وليصل على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم ليقل لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبًا إلا غفرته، ولا همًا إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضًا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين ) وفي روايته ( ثم يسأل الله من أمر الدنيا والآخرة ما شاء فإنه يقدر).
– عليك بمراجعة زوجتك إن كانت الطلقة التي طلقتها رجعية ولم تخرج من عدتها، وأن تعضها وتذكرها بالله وبقوله تعالى: (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) واصبر عليها فإن لك أولادًا هم من سيكون ضحية الطلاق؛ ولعلك تعلم أن من صفات النساء أنهن يكفرن العشير كما قال عليه الصلاة والسلام: ( .. لو أحسن إلى إحداهن الدهر ثم وجدت منه سوءًا قالت ما رأيت منك خيرًا قط).
أسأل الله أن يوسع رزقك، وأن ييسر أمرك، وأن يجعلنا وإياك من سعداء الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم.
اضافة تعليق