تعاني عائلتي من أزمة مالية خانقة، وديون كثيرة لا ترحم؛ سببها شغل أبي الذي كان مربحًا للغاية، لكنه أصبح الآن مفلسًا بكل معنى الكلمة، فإلى سنة 2010 كنا أغنياء بفضل الله أولاً، ثم بفضل شركة أبي للتجارة، ثم ومن حيث لا ندري أفلسنا وأصبحنا فقراء -والحمد لله-، حاول أبي مرارًا وتكرارًا إعادة إحيائها، لكن كل محاولاته فشلت، والديون لا ترحم؛ فهي تتراكم باستمرار.
أسباب هذه الأزمة مجهولة، ولكن في أيام غنانا كنا نعاني من التابعة والحسد، وفي عام 2010 بالتحديد وجدنا سحرًا مرشوشًا على بابنا، ومن حينها ونحن نعاني.
لم نعرف من ولماذا هذا السحر الذي أصبحنا نجده بشكل يومي! فكل ما نعرفه هو كلما ألقي يحصل شجار ما أو مرض أحدنا، وقد حاولنا التصدي له بشتى الطرق، بالرقية والقرآن، لكن لا جدوى!
أملنا بالله كبير، ونحن نؤمن أن بعد كل عسر يسرًا -والحمد لله-، فأرجو منكم نصيحتنا لتجنب هذه الأزمة. وشكرًا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. شكراً على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم “مستشارك الخاص” وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:
فالغنى والفقر بيد الله تعالى؛ فهو سبحانه يغني من يشاء ويفقر من يشاء لحكم يعلمها سبحانه قال تعالى: (وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ).
ما حصل لكم أمر مقدر من الله تعالى، وعليكم الرضا بذلك، وإياكم أن تتسخطوا على القدر، يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ) فعليك أن ترضى بقضاء الله وقدره، وحذار أن تتسخط؛ وإلا فالجزاء من جنس العمل.
قبل أن نرمي بالتبعة على غيرنا أو نلقي اللائمة على أسباب خارجية؛ ينبغي أن نفتش في أنفسنا؛ لأن المصيبة قد تكون بسبب أعمالنا كما قال تعالى: قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ).
لعلك تدرك أن غزوة أحد تحولت من نصر إلى هزيمة بسبب مخالفة واحدة خالف فيها الصحابة أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وحينئذ أنزل الله تعالى: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فلا بد من التفتيش عن الأسباب الحقيقة الطبيعية لخسارة شركة الوالد، فإن لم يكن شيء من ذلك، وكان الإفلاس غير متفهم؛ فهو ابتلاء من الله تعالى لحكمة يعلمها هو.
– الحياة كلها ابتلاء، الخير والشر، والسعادة والتعاسة، والغنى والفقر، والفرح والحزن، كما قال تعالى: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) والمؤمن يتقلب بين أجري الشكر والصبر، كما قال عليه الصلاة والسلام: (عجبًا لأمر المؤمن؛ إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وليس ذلك إلا للمؤمن).
– ليس كل ما تجدون من ماء جوار البيت يكون سحرًا؛ لأن موضوع السحر ليس أمرًا حسيًا، ولكن لا مانع من عمل الرقية عند راق أمين وثقة؛ فالسحر علاجه بالرقية، وتحصين البيت بتلاوة سورة البقرة كما قال عليه الصلاة والسلام: (لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ) ويقول: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، أَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَلَا يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ).
أوصيكم جميعًا بملازمة الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن ذلك من أسباب تفريج الهموم وكشف الكروب، كما قال عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذًا تكفى همك ويغفر ذنبك).
تضرعوا جميعًا بالدعاء بين يدي الله تعالى في حال السجود، وتحينوا أوقات الإجابة، وسلوا الله تعالى أن يفتح عليكم أبواب الرزق، وأن يزيل عنكم الهم ويكشف عنكم الغم.
أكثروا من دعاء ذي النون؛ فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
اعلموا بالأسباب الجالبة للرزق، والتي من أهمها تقوى الله تعالى وقوة الإيمان (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون)، وكثرة الاستغفار (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً ) وقال عليه الصلاة والسلام: (مَن لزم الاستغفار جعل الله له من كل همَّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب) والتوكل على الله قال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) وقال عليه الصلاة والسلام: (لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً، وتروح بطاناً).
ومن الأسباب الجالبة للرزق أيضًا: صلة الرحم؛ يقول عليه الصلة والسلام: (مَن أَحب أن يُبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه).
الإحسان إلى الفقراء والأيتام والأسر المتعففة؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: (ابغوني في ضعفائكم، فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم).
– لقضاء الديون عليكم كذلك بالدعاء الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر).
– إن ثبت أن عمل لكم سحر ولم يخرج بسهولة؛ فقد يكون من جملة المعالجات الانتقال إلى منطقة أخرى بطريقة سرية لا يعرف بذلك أحد؛ فبعض أنواع السحر يكون محصورًا في منطقة معينة، مع التحصن بقراءة ورد يومي من القرآن الكريم، والمحافظة على أذكار اليوم والليلة؛ فذلك سيكون حرزًا من الأسحار، وطمأنة للقلب.
– وأخيرًا: لا تتوقف الحياة عند فقد المال، بل قد يكون في ذلك نعمة إذا ما رأيت غيرك وقد فقد ماله على الأطباء طلبًا للدواء ولم يحدث له الشفاء، غيرك آلاف يعيشون الأمراض ولا يعرفون أسباب الداء ولا ماهية المرض، وينتظرون الموت كل لحظة، وفقدوا كل ما لهم، وركبتهم الديون بلا أمل في السداد؛ نقول لك ذلك حتى تعلم أنك بالنسبة لهم في عافية ونعمة، فاحمد الله، وابدأ وانهض، ولعل الله يعيد إليكم ما فقد منكم وزيادة.
نسعد بتواصلك في حال أن استجد أي جديد، ونسأل الله تعالى أن يرفع عنكم البلاء، وأن يفتح عليكم أبواب الرزق، إنه سميع مجيب.
اضافة تعليق