فإن رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين إنه يسر لهم هذا الدين وجعله يسيرا ورفع الآصار والأغلال على هذه الأمة بخلاف الأمم التي كانت قبلها فالله عز وجل جعله دينه يسرا :((إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلج))…
خطبة بعنوان : ( بقرة بني إسرائيل)
العناصر:
1- يسر الدين.
2- كراهية كثرة الأسئلة.
3- التحديث عن بني إسرائيل.
4- تشدد بني إسرائيل.
5- النهي عن المجادلة.
6- آثار الذنوب .
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
قال الله تعالى :((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102). قال الله تعالى :((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1). ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71). أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار . فإن رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين إنه يسر لهم هذا الدين وجعله يسيرا ورفع الآصار والأغلال على هذه الأمة بخلاف الأمم التي كانت قبلها فالله عز وجل جعله دينه يسرا :((إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )) . وأن الله: ((لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ )) سورة البقرة آية (286). وكان من قواعد الإسلام أن المشقة تجلب التيسير ومن رحمة النبي عليه الصلاة والسلام بهذه الأمة أنه صلى الله عليه وسلم وهو القدوة والأسوة لهذه الأمة قال الله تعالى: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)) سورة الأحزاب آية (21). كان ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما وكان صلى الله عليه وسلم في حياته يكره كثرة سؤاله عن الأشياء لأنه قد يسكت لله عز وجل عن أشياء من غير نسيان ولكن رحمة بهذه الأمة فيسكت الله عز وجل عنها فإذا سئل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاب عنها وربما كان في ذلك مشقة على الآخرين ولذلك فإن الله تبارك وتعالى قد حكى عن بني إسرائيل ما كانوا يتعنتون فيه من الأسئلة الكثيرة لأنبيائهم ثم مخالفتهم في ذلك كان رجلا من بين إسرائيل غنيا ثريا ولم يكن له ولد ولا يرثه إلا ابن أخيه فاستبطأ هذا الولد موت عمه فخطط له الشيطان كيف يستولي على مال عمه فوسوس له الشيطان أن أخرج عمك في الظلماء إلى مكان بعيد ثم اقتله فقتله ثم عاد ليبيت مع الناس وأصبح في الصبح يدق الباب على بيت عمه يسأل عن عمه فقيل له إنه غير موجود فالتمسه فوجده في المكان الذي قتله فيه وقد اجتمع الناس عليه فأخذ بتلابيبهم و قال لهم : أنتم قتلتم عمي وذهب بهم إلى موسى عليه السلام وقال : أنت نبي الله وهؤلاء قتلوا عمي فادعوا الله تعالى يبين لنا من قتل عمي فأوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى عليه السلام: ((وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ)) سورة البقرة آية (67). انظر الآن إلى السؤال: ادع لنا ربك يطلبون منه السؤال يوضح لهم الأمر فيقول لهم : إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة يعني أي بقرة كانت يجرونها من أطرف سوق أو يشترونها من أقرب بيت فيذبحوها . ولكنهم قالوا له : أتتخذنا هزوا؟ قال : أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. قالوا: ادع لنا ربك يبين لنا ما هي؟ قال : إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون. أي لا فارض ليس بالهرم الكبير ولا الصغيرة الكثيرة لكنها وسط بين ذلك بين هذا وذاك هذا أول تعنت من بني إسرائيل . تعني أنه كما قال : أبو هريرة وكما قال : ابن عباس ولا يصح هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء قال: لو أنهم أخذوا أي بقرة لأجزأت عنهم ونص الآية هكذا ((وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ )) سورة البقرة آية (67). أي بقرة كانت فجاء أول تفصيل لها ليست بالكبيرة ولا بالصغيرة ولكنها بين ذلك قالوا ادع لنا ربك يبن لنا ما لونها ؟ سوداء رقشاء حمراء فالبقر كثير؟ قال :إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين . فاقع لونها أي شديد الاصفرار وهذه ألوان نادرة بل إن من حسن لونها أن من نظر إليها سرته فلا شيء يخالط هذا اللون. قالوا : ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقرة تشابه علينا؟ وهذا ثاني تعنت يتعنتون به على نبي الله صلى الله عليه وسلم ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا أن شاء الله لمهتدون . قال أبو هريرة رضي الله عنه والله لو لم يستثنوا أي لو لم يقول وأنا أن شاء الله لمهتدون لما اهتدوا لكنهم استثنوا أي فهداهم الله عز وجل إليها . قال :إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها يعني لم يذللها العمل بالحراثة لدرجة إنها صارت مذللة ولا تشتغل في السواني بحيث تدور الماء من الآبار ولا شيء من هذا مسلمة من العيوب فليس فيها أي عيب في بدنها ولا أي عيب في لونها مسلمة لا شية فيها . قالوا: الآن جئت بالحق وهذا غاية في قلة الأدب يعني ما جاء بالحق من أول وهلة . بل جاء بالحق من أول وهلة لما قال لهم : ((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ)) سورة البقرة آية (67). أي بقرة كانت لكن يعد هذا من التعنت كله وهذا كله خوفا من تنفيذ وإجراء الحكم وخوفا من أن يفضح أحدهم أنه هو القاتل ولكن من جملة الحاضرين هذا الرجل المتعنت المتصلب قاتل عمه الذي استعجل تركة عمه وإرثه. قالوا: الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون. هذه الآية فيها عجائب عن قدرة الله عز وجل وفيها آية من آيات الله عز وجل وخارقة من خوارق العادة إذ أن الرجل الذي مات لا يعرف له قاتل ونبي الله موسى عليه السلام لا يعرف من قتله لكنه سأل الله عز وجل أن يبين لبني إسرائيل من هو هذا القاتل فالله تعالى أمرهم أن يذبحوا بقرة وأن يضربوه ببعضها أي شيء منها بلحمة بجلد بعظم بقرن بظلف بأي شيء منها والرواية متفاوتة . من هذا منهم من قال : أنه ضرب بشيء من لحمها أو بشيء من عظمها واللفظ عام يصدق عليه أي شيء يضرب بها وهذا الأثر لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو منقول عن عبيدة السليماني بإسناد صحيح إليه وربما أخذه من كتب بني إسرائيل ولا حرج من التحديث عن بني إسرائيل في مثل هذه المسائل لأنه توضيح للقرآن الكريم وليس فيه مصادمة ولا مخالفة لكتاب الله عز وجل وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )) و التحديث عن بني إسرائيل على ثلاثة أقسام قسم يتوافق مع شرعنا وهذا نحدث فيه ولا حرج عليه فيه لأن شرع من كان قبلنا شرع لنا ما لم ينسخه شرعنا والأحاديث التي حكى فيها النبي صلى الله عليه وسلم عن بني إسرائيل متكاثرة منها قوله صلى عليه وسلم :((انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتى أووا المبيت إلى غار… الحديث)) . ومنا قوله صلى الله عليه وسلم :((بينا رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتا في سحابة اسق حديقة فلان فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته فقال له يا عبدالله ما اسمك ؟ . قال :فلان للاسم الذي سمع في السحابة . فقال: له يا عبدالله لم تسألني عن اسمي ؟ فقال: إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول اسق حديقة فلان لاسمك فما تصنع فيها ؟ قال :أما إذ قلت هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثا وأرد فيها ثلثه )) . فهذا حدث به النبي صلى الله عليه وسلم . القسم الثاني: من كلام بني إسرائيل قسم يتصادم تماما مع شريعتنا ومع كتاب ربنا عز وجل مثل قصة السحرة هاروت وماروت وقصة الزهرة وأنها كانت من الملائكة هذه أشياء لا تثبت بل تتصادم مع شريعتنا لأن الملائكة لا يعصون الله ما آمرهم ويفعلون ما يؤمرون والقصة تظهر معصية هذا الملك وأنه وقع في مخالفة أوامر الله عز وجل. والقسم الثالث: ليس متوافقا وليس مصادما مثل هذه القصص فتحدث بها ولا حرج هذا الرجل أخذ عظم أو شيء بها فضرب به فقام أحياه الله فقام أمام أموسى عليه السلام وأمام بني إسرائيل فقال نبي الله موسى عليه وسلم :من قتلك ؟ قال: هذا ابن أخي ثم عاد ميتا كما كان . فضح هذا الرجل وقتل بعمه ولم يرث وفي هذا أيها الإخوة الكرام لنا معاشر المسلمين منهاج أننا لا نكثر الجدل أمام النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم إنه داء مرضت استفحل في هذه الأمة يأتي الإنسان منا ليسأل العالم عن شيء وقد بيت الحكم في ذهنه يريد أن يكون الحكم على كذا وكذا فيجد أن هذا العالم يجيبه على خلاف ما يهوى. ونحن أيها الإخوة إذا أردنا أن نضع منهاجا لهذه القضية أن الإنسان في حال استفتائه يستفتي من يثق بعلمه ومن يثق بتقواه ومن يثق بورعه وخوفه من الله عز وجل والمستفتي العامي أو طالب علم مجتهد من هذا الباب يتخير من أهل العلم من يرى تقواه وصلاحه ولا يلزم بزيد أو عمرو ولا بهذا المذهب أو ذاك بل متى ما وثق بعلم وتقوى وزهد وورع هذا الإنسان ذهب إليه وعمل بحكمه بدون تردد فأنت مجتهد في حال استفتائك وأما في حال الإجابة على الفتيا فلا يجوز لك بعد ذلك أن تذهب إلى شخص آخر لتستفتي اللهم إلا إذا كان هذا الأمر من باب الاستثبات لا من باب التشهي فمثلا قد يكون هذا المستفتي العالم قد يكون في نظرك ما تفهم القضية كما ينبغي وأنت متيقن في نفسك أن الفتوى لا يمكن أن تكون على هذا الحال فتذهب إلى عالم آخر لتفصل له القضية مع تقواك و ورعك وخوفك من الله عز وجل دون لف أو دوران ففي هذه الحال لا بأس أن تنتقل إلى عالم آخر هو مثل هذا الإنسان في تقواه وزهده و ورعه أما إذا كان تشهيا وانتقاء حتى تصل إلى عالم يفتيك على مرادك فهذا من أشد المحرمات ومن أكبر الكبائر بل من أهل العلم من قال :أن من تتبع الزلات صار زنديقا أي خرج من دين الله عز وجل . بمعنى أن من كان دينه كله تتبعا للزلات فإنه يخرج من دين الإسلام زنديقا لأنه يأخذ بأقوال شاذة وضعيفة وليس لها أدلة بل ربما أحيانا يذهب ليسأل مؤذني المساجد ومعممين وربما وعاظ لا يعرفون بالحلال ولا بالحرام وهم يرسلون بالفتاوى إرسالا دون تثبت ودون معرفة من كتاب الله عز وجل ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم هذا هو النهج الذي أمرنا الله عز وجل به فأنت مجتهد في تخير من يفتيك وإذا أفتاك فيجب عليك أن تعمل بهذه الفتوى دون التنقل من فلان إلى فلان من أجل أن تجد من يتمشى مع هواك هذه الآيات المباركات توجب علينا أننا لا نجادل أيضا ولا نقول أن هذه القضية اشعر أنها تعنت إن شعرت أن فيها تعنت وكان هذا الكلام من عامي أو من طالب علم مبتدئ فلا بأس أن تذهب إلى عالم كما سبق لتسأله عن هذه المسالة وهنا أيها الإخوة أذكر بأن كثيرا من الناس لا يستفتي أبدا بل يقدم على الأعمال إقداما دون أن يستفتي فيها لماذا أيها الإخوة في الله؟ قال لأن الله تعالى يقول : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ)) سورة المائدة آية(101). هذا الكلام غلط أيضا لأن هذه القضية كانت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط لا تسألوا عن أشياء أن تبدى لكم تسؤكم . في حال كون النبي صلى الله عليه وسلم حيا كون الشرع لم يكتمل بعد أما بعد اكتماله فالأمور صارت مستتبة وصار الأمر معلوما لا نحاف أن ينزل أمر بحكم جديد فالأحكام كلها معروفة فلا يحل لمسلم يقدم على أي عمل من الأعمال حتى يسأل عن حكمه أحلال هو أم حرام؟ يريد قرضا يقترضه من بنك. هل هذا القرض مباح أم لا ؟ يريد أن يعامل معاملة ما هل هذه المعاملة جائزة أم لا ؟ . لا بد أن يسأل و لهذا كان في الصدر الأول من الإسلام كان الخلفاء يمعنون أن يخوض في التجارة من ليس له علم في أحكام التجارة . كان الصحابة رضي الله عنهم لما نزل قول الله تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ)) سورة المائدة آية(101). كره رسول الله صلى الله عليه وسلم السؤال كانوا يفرحون إذا قدم شخص من البادية ليسأل النبي صلى الله عليه وسلم يفرحون فيحملونه بعض الأسئلة سل عن كذا وكذا …فيبين لهم الحكم . وفي يوم من الأيام خرج النبي صلى الله عليه وسلم مغضبا وصعد المنبر ثم قال : أيها الناس سلوني عما شئتم فإنكم لا تسألوني عن شيء في مقامي هذا إلا أجبتكم عليه فعطوا رؤوسهم وبكوا وطنوا أن الأمر حدث فيه أمر جلل حتى قام رجل من أواسط القوم وقال : يا رسول الله من هو أبي ؟ كان الناس يتحدثون يقولون : هذا لعل أمه زنت وهذا أبوه لعله ليس فلان بن فلان فأول سؤال يشغله قال : يا رسول الله من أبي؟ وكان اسم هذا الرجل عبد الله بن حذافة قال : أبوك حذافة فاطمأنت نفسه ثم قام عمر رضي الله عنه قال: رضينا بالله بالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبينا ورسولا أعوذ بالله من الفتن أعوذ بالله من الفتن ثم قامت أم هذا الرجل قالت: والله ما رأيت أعق لأمه منك أكنت تشك أن أمك تخون في عرضها؟ قال والله لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نسبني إلى عبد لتبعته ولكنه أراد أن يستثبت .. أو كما جاء في حديث أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(( خَرَجَ حِينَ زَاغَتْ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ السَّاعَةَ فَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا أُمُورًا عِظَامًا ثُمَّ قَالَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْ فَلَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكُمْ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا فَأَكْثَرَ النَّاسُ فِي الْبُكَاءِ وَأَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ سَلُونِي فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ فَقَالَ :مَنْ أَبِي؟ قَالَ: أَبُوكَ حُذَافَةُ ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ سَلُونِي فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا فَسَكَتَ ثُمَّ. قَالَ :عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ فَلَمْ أَرَ كَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ)) . وجاء عنه صلى الله عليه وسلم: ((ذروني ما تركتم فإنما هلك الذين قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم)) . يعني لا تكثروا علي من السؤال فإنما أهلك بني إسرائيل فمن كان قبلكم كثرة سؤالهم.. أي أنهم كانوا يكثرون من سؤال أنبيائهم ومخالفتهم لأنبيائهم يسألون ثم يخالفون وما أكثر الناس اليوم أيها الإخوة إلا من رحم الله تعالى من يسأل ثم لا يبالي وهذا من نوع من أنوع المخالفة يسأل ثم دعنا من هذا . هذا تشدد وتركه مع أنه صلى الله عليه وسلم قال : ((دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ)) . وهناك أشياء وقائمة طويلة عريضة عندنا قدرة على أن تعملها ومع هذا لا نعملها ذروني ما تركتم فإن أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فانتهوا عنه أو فاجتنبوه المناهي لا يجوز لأحد أن يقترفها . الأفعال نفعل منها ما نستطيع وهذه الأفعال منها ما هو واجب ومنها ما هو مندوب مستحب فأما المناهي فمنها المحرمات ومنها المكروهات أما المحرمات فلا يحل لأحد أن يقترفها إلا إذا كان بأشد الحاجة وفي أضيق الظروف فيقتحم مثل هذه الأشياء وأما المكروهات فإنها لا تصل إلى درجة المحرمات ولكنها واسط ويريد المحرمات كما أن المباحات الاستكثار منها والتتبع لها يوصل الإنسان إلى أنه ينتهك ما حرم الله عز وجل فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. أقول قول هذا واستغفر الله لي لكم. الخطبة الثانية: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول لله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد : فإنه لا يمكن لهذه الأمة أن يعود لها مجدها ولا يمكن لهذه الأمة أن تسعد وتنعم في هذه الحياة ما لم تعمل بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والحاصل أن ما نعانيه الأمة من الضعف وتكالب الأعداء عليها من كل حدب وصوب إنما هو ناتج عما كسبت الأيدي وجنت. قال الله تعالى: ((وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ )) سورة الشورى آية (30). كثرة المخالفات في هذه الأمة تسبب لها هذا الحرج وهذا الضيق وتسبب لها تداعي الأعداء وتسبب لها الذلة والمهانة و النبي صلى الله عليه وسلم قد قال :((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل يا رسول الله وما الوهن قال حب الدنيا وكراهية الموت)) . وهذا من جملة الذنوب وقال أيضا صلى الله عليه وسلم :((إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ)) . وهذه كلها ومعاملات محرمة مركون إلى الدنيا أما قوله : رضيتم بالزرع واتبعتم أذناب البقر كناية عن الركون إلى الدنيا وترك الاهتمام في قضايا الدين والتقوى وصلاح الإنسان وأما قوله و تبايعتم بالعينة فهو نوع من أنواع الربا وهو أن تذهب إلى التاجر فتحتاج إلى المال فتقول : أحتاج إلى مائة ألف ريال منك؟ فيقول: ما عندي نقدا ولكن أعطك حديد اسمنت مواد غذائية ما تريد بمائة ألف فيقول : قبلت هذا فيكيت عليه في دفتره دينا مائة ألف ريال . مقابل كذا كيسا من الإسمنت مثلا . ثم يقول له التاجر أيش رأيك أشتري منك هذا الإسمنت بتسعين ألف ريال؟ يقول: قبلت فيعطيه تسعين ألف ريال. بعد أن كان قد كتبت عليه مائة ألف ريال . هذا يسميه العلماء بيع العينة لم يستلم بضاعة أو حتى استلمها وباعها على نفس الشخص هذا من البيوع المحرمة قال: سلط الله عليكم ذلا حتى ترجعوا إلى دينكم وهذا يدل على أن المعاملات التي تكثر بين المسلمين المخالفة فيها تكثر المعاملات القمار والربا وجهل وغرر وما شاكل ذلك وأكثر ما يتداول في الأسواق العالمية بالذات البورصات وبيع الأوراق المالية والسندات وما شاكل ذلك أكثر هذا داخل في الربويات ولهذا أذلنا الله عز وجل ولا تزال تداعيات النكسة المالية العالمية الحاصلة إلى يومنا هذا ولا يمكن أن يتعافى الاقتصاد الربوي إطلاقا وإن تعافى فإنما هو عبارة عن ترنحات الموت قد يتعافى شيئا يسيرا ولكنه سرعان ما ينتكس ولعلكم تتابعون اليوم كثير من الشركات يحصل فيها نوع اندما يحصل فيها تسريح للموظفين وما شاكل ذلك وهذا كله دليل على أن تداعيات النكسة الاقتصادية لا تزال موجودة إلى يومنا هذا والله تعالى يحدث لهؤلاء القوم يوما بعد يوم نكسات فمن أنفلونزا الطيور إلى أنفلونزا الخنازير إلى ما شاكل ذلك وهذه كلها تحتاج إلى أموال من أجل مكافحة هذه المخالفات وهذه الأمراض التي تتداعى على الناس والتي صار الرعب يدب إلى العالم كله. لأن القضية ليست في قضية الخنازير وليس في قضية تربية الخنازير . والله أيها الإخوة: لقد كشفت هذه الحادثة أشياء كثيرة ما كنا نتوقعها أظن لو سألت واحد منكم هل كان في ذهنه وفي خلده أنه في خنازير تربى في الأردن أو في مصر أنا حقيقة عن نفسي ما كنت أستشعر ولا أظن حتى ولو كان فيها نصارى يمكن أن تأتيهم أشياء معلبة من الخارج لكن تربى في أحواش وما شاكل ذلك وهذا كله أيها الإخوة : ينبأ عن كلمة الشرع في منع تربيته أو اقتناء مثل هذه الحيوانات المحرمة النجسة نجاسة مغلظة فهي تنقل الأمراض ويسري في جسمها الأمراض وهذا من فضل الله تعالى يبين الله تعالى للناس أحكامه وأن أحكام الشرع مبنية على مثل هذه المصالح التي تعود للبلاد والعباد لكن المرض الآن صار ينتقل عن طريقة الناس عن طريقة السفريات يسافر هذا إلى هنا وهذا إلى هنا فينقلون الأمراض إلى بلدانهم وصار الناس في رعب هذا الرعب كله يحتاج من هذه الدول إلى نفقات من أجل أيجاد العلاجات والحماية والمطارات وهذا أيضا يسبب مزيدا من هذه التداعيات لكننا نسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.



اضافة تعليق