لقد علمنا النبي عليه الصلاة والسلام كيف نضحك وكيف نبتسم ومتى نبكي وكيف نبكي علمنا النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذه الخصلة التي ذمها صلى الله عليه وسلم وامتدحها في أماكن أخرى سواء كان ذلك الإنسان فلا فرق بعد ذلك بينه وبين أي حيوان أكرمنا الله تعالى وإياكم فيجب على الإنسان أن يفقه هذه الخصال الخمس وأن يعمل بهن و يعلمهن لمن يعمل بهن …
خطبة بعنوان : ( توجيهات نبوية)
العناصر:
1- من جوامع كلمة صلى الله عليه وسلم.
2- تعليم الناس بالسؤال.
3- أدب الصغار لدي الكبار.
4- التعليم عن طريق الحوار.
أما بعد:
روى الأمام الترمذي في جامعه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( من يأخذ عني خمس كلمات يعمل بهن أو يعلمهن لمن يعمل بهن (ما أجمل هذا التوجيه ما أجمل هذا التعليم ما أرحم هذا المعلم صلى الله عليه وسلم )فينبري أبو هريرة رضي الله عنه ويقول : أنا يا رسول الله قال : فأخذ بيدي فقال: ((وقال اتق المحارم تكن أعبد الناس وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب))[1]
خمس كلمات موجزات تدل على أنه صلى عليه وآله سلم أوتي جوامع الكلم كل كلمة من هذه الكلمات تحتاج إلى ساعات طوال حتى نبين ما معني هذه الفقرات أو ما معنى كل فقرة من هذه الفقرات اعلموا وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى إن الشريعة انبنت على أمرين اثنين على فعل نؤمر به أو ترك ننهي عنه مدار الشرع على هذا كله و يندرج تحت هذا المكروه وينضم إلى ما نهينا عنه المستحب ينضم إلى أمرنا به فالأفعال التي أمرنا بها أو أمرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم بها إما أن تكون واجبه يجب على كل ملف أن يفعله أو على كل قادر أن يفعله أو مستحب ينبغي فعله ويمدح فاعله أو نهي يكون محرما فعله فينهن كل الناس اضطر أو مكروه يستحب تركه يمدح تركه لأن هذه المكروهات إذا استرسل فيها الإنسان يوشك أن يقع في محارم الله عز وجل انظروا إلى هذا المعلم الرحيم صلى الله عليه وسلم كيف كان يعلم ا لناس ؟
كيف كان يلقن الناس العلم؟
كيف كان يتخذ الأسباب الناجعة النافعة التي لا يمكن أن يتوصل أحد من البشر إلى ما توصل إليه النبي عليه الصلاة والسلام وما أتى الناس بأمر مسلمهم وكافرهم إنما هو مستقى ومستنبط من سنة النبي عليه الصلاة والسلام هؤلاء الذين أتوا يظنون أنهم استطاعوا أن يأتوا بشيء لم يأت به أحد قبلهم و والله إن كلامهم كله مستنبط ومأخوذ من كلام النبي عليه الصلاة والسلام سواء شعروا بهذا أم لم يشعروا لقد فرح كثير من الناس بما يسمى بالبرمجة العصبية اللغوية وفرح كثير من الناس بالعلوم الإدارية وما شاكل ذلك ظنوا أن الغرب أتى بما لم يستطع أحد الإتيان به ولو فتشت وقرأت في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجدت كل مسألة من هذه المسائل مدعما بأدلته من كلام الله أو كلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم إن الناس إنما هم بشر خلاصة أذهانهم إما أن يكون صوابا وإما أن يكون خطأ هذه هي خلاصة أو عصارة أذهان البشر ولكنه كان يوحى إليه وكان يصوب ويقوم ويعدل من قبل الله تعالى وانظر إلى هذا المعلم الرحيم الذي علم الأمة كيف تتعلم ؟
وكيف تعلم ؟
وكيف تتعامل مع المتعلم؟
التعليم بالسؤال استخدمه النبي عليه الصلاة والسلام في عدة مواطن يعلم الناس بواسطة السؤال طرح السؤال إذا طرح المعلم السؤال انتبهت الأذهان والأسماع واشرأبت الأعناق للإجابة أو لسماع الإجابة من يأخذ مني خمس كلمات يعمل بهن أو يعلمهن لمن يعمل بهن .
هذا السؤال الذي قرأت عنه في كتب التربية وكتب علم النفس وما شاكل ذلك لوجدت أنهم يطرحون مثل هذه القضية وليس هذا الأمر بجديد فلقد استخدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بل إن الله تعالى أقر المتعلمين الذين كانوا يأتون فيسألون النبي عليه الصلاة والسلام كما قال الله تعالى :(( يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))سورة البقرة آية (189).
هذا أسلوب من أساليب التعليم والتثقيف كيف يتعلم الإنسان بعدة وسائل وعدة طرق منها أن يسأل أهل العلم وأهل الاختصاص كل في فنه قال الله تعالى : ((يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ …)) سورة البقرة آية (189).
وإن كان القرآن علمه ألا يجيب على كل شيء وألا يجيب إلا بما ينفع الناس فكثير من أسئلة الناس لا نفع من ورائها ولا طائل منها وللأسف الشديد أن أكثر المدارس والمعاهد بل أكثر أحيانا حق المتدينين الملتزمين يطرحون في مسابقاتهم وأسئلتهم الثقافية يطرحون أسئلة لا طائل من ورائها ولا تجنى ثمرة من خلالها بل ربما تكون مبنية لا على أصل وعلى شيء فيذهب هذا الإنسان يقلب ويفتش ويسأل ويضيع جهود الآخرين فيما لا طائل له بأي لغة تكلمت النملة التي خاطبت سليمان؟
من أي شجرة كان عصى موسى؟
ما لون الكلب الذي كان مع أهل الكهف ؟
ما هي الفائدة من وراء هذه الأسئلة؟
يجب أن تكون الأسئلة مهدفة ويجب أن تكون يجب أن تكون الأسئلة لها ما ورائها من الفهم والعقل والفقه والعمل لذلك لما سألوا النبي عليه الصلاة والسلام عن الأهلة لم يسألوه إلا عن شيء لا طائل تحته فلذلك لم يجبهم القرآن الكريم على هذا يقول الله تعالي: ((يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ…)) .كان سؤالهم لماذا وكيف وما السبب أن الهلال يبدوا كالخط ثم يكبر حتى يكتمل ثم يبدأ بالنقصان حتى يعود كما بدأ ؟
ما الفائدة من وراء هذا هل الإجابة موجودة نعم الإجابة موجودة ولكن ما الفائدة من رواء هذا فلم يجبهم الله تعالى إلا على ما ينفعهم فقال تعالى: ((قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ )) هنا تكون الفائدة توقتون بها لأشهركم للصيام للإفطار للصلوات وما شاكل ذلك والحج أيضا تعلمن متى الحج وهلم جر .
فالسؤال اقره القرآن قال الله تعالى :((يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ )) سورة البقرة آية (219).
وقال تعالى : ((وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)) سورة البقرة آية (222).
وكانت الإجابة وافية شافية من الله تعالى وستخدمه النبي عليه الصلاة والسلام حين كان يطرح الأسئلة ليستوفز الأفهام والعقول ويلفت الانتباه يسأل صلى الله عليه وسلم في مجلس من المجالس فيقول: لأصحابه وكان فيهم عبد بن عمر رضي الله عنهما قَالَ: (( إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ حَدِّثُونِي مَا هِيَ؟
قَالَ: فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ.
ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: هِيَ النَّخْلَةُ))[2]
وتشتت الأذهان شمالا وجنوبا حتى ذهبت أفهامهم وأذهانهم إلى شجار البادية التي ليست موجودة في المدينة حتى جال في خاطر ابن عمر رضي الله عنه أنها النخلة ولكن يأتي هنا الأدب أدب الصغار أدب المتعلمين في المجالس يطرح السؤال فيجيب عليه كل من هب ودب كل واحد يقول: حلال حرام يجوز ولا يجوز مكروه وغير مكروه وإذا جئت تفتش عنهم إذا هم من عامة الناس الذي ربما كثير منهم لا يحسنون قراءة الفاتحة هذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما من المثقفين وإن كان صغيرا في السن لكنه مع هذا كان متأدبا لم لم تجب يا ابن عمر كيف أجيب وفي المجلس أبو بكر رضي الله عنه وعمر الفاروق رضي الله عنه وأهل بدر هؤلاء الأعلام لم يجيبوا أجيب أنا.
فقال : صلى الله عليه وسلم هي شجرة النخل فالتفت عبد الله لأبيه وقال: والله يا أبتي لقد وقع في ذهني أنها النخلة قال: فلم لم تجب قال مهابة هؤلاء الأشياخ .
قال: والله لو أجبت لكان أحب إلي من كذا وكذا.
وهنا يبرز ما يكنه الوالد لولده من المحبة في أن يكون أحسن منه وأفضل منه وأن يكون له مكانته المرموقة في المجتمع لا كما يفهم كثير من الأبناء وكثير من الشباب لا كما يلقن كثير من أبناء المدارس والجامعات لا كما يلقن كثير من الغرباء أبناءنا أن الآباء لا يريدون لأبنائهم خيرا وأنهم لا يعرفون ولا يملكون إلا الأمر والنهي افعل ولا تفعل صحيح أن هذا فيه شيء من الخطأ من قبل الآباء والمربين ولكن الخطأ لا يعالج بالخطأ أبدا .
يجب علينا أن نعلم أبناءنا الحوار تحاوره وتقنعه لفعل هذا الأمر أو تركه لا أن يبق الولد متلقيا افعل ولا تفعل هذا ينفع في أوقات دون أوقات وفي أعمار دون أعمار هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يبرز هذا الحديث مكانه أبي هريرة رضي الله عنه في أخذه للعلم لقد أسلم متأخرا ومع هذا فلقد كان من حفاظ الصحابة من الكبار والذين أخذوا عن النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يأخذه السابقون في الإسلام لأنه كان متشوفا محبا للعلم ما ضر أبا هريرة رضي الله عنه لو كان تاجرا أو كان محترفا ولكنه فرغ نفسه للعلم .
وهنا يأتي دور التخصص فهذا مجاهد وهذا في الأنساب وهذا في اللغة وهذا في القرآن وهذا في حفظ السنة وهذا في الطب وهذا في للغات الأجنبية كل هذا كان موجود لدي أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ينبري أبو هريرة رضي الله عنه فيقول : أنا يا رسول الله من يحمل عني حديث كذا وكذا من يبسط رداءه أحدثه بأحاديث لا ينسى منها شيئا يقول : أبو هريرة رضي الله عنه فبسطت ردائي من هنا جاء حقد كثير من الطوائف الضالة المضلة على هذا العلم من أعلام الصحابة رضوان الله عليهم الذي كان يتحمل عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يهدم أفكارهم و معتقداتهم و مناهجهم حتى أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتعجبون بل أحيانا بعضهم يقول يا أبا هريرة : اعقل ما تحدث عن النبي عليه الصلاة والسلام لقد أكثرت.
قال: ما ضرني إذا أكثرت لقد كان أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام منهم من هو مشتغل بصفق في الأسواق وفي التجارة ومنهم من كان مشتغل بزرعه ولقد لا زمت النبي عليه الصلاة والسلام بملء بطني ولقد رأيتني أصرع ما بين منبر النبي عليه الصلاة والسلام وبيته فيراني الناس فيقولون مجنون و والله ما بي من جنون ولكنه الجوع .
خمس كلمات قال : فأخذ بيدي هذا أسلوب آخر أيضا من أساليب التعليم خذ بيد الطالب خذ بيد الولد خذ بيد البنت ثم انظر ماذا ستجني من وراء هذه اللمسات الجانية إذا طرحت مفاهيمك وأفكارك وتوجيهاتك سترى العمل لا تكن فقط تعرف الأمر والنهي افعل ولا تفعل حاور خذ بيده امسح على رأسه ربت على كتفه اضرب له الأمثال التي تقع في قلبه ويراها في أم عينيه من النماذج التي يجب أن يكون مثلها أو تحذر في أن يقع فيما وقع فيه هؤلاء القوم .
أخذ في يدي ثم عد في أصابعي الأمر الأول: قال له : اتقي المحارم تكن أعبد الناس مفهوم خاطئ منتشر بين الناس أن العابد هو القائم الصائم … إلخ.
الذي يفعل بعض المأمور وليس كله لأنه لو فعل كل المأمور لاجتنب المحظور ولكن هل هذا هي العبادة ليس هذا المتأخرين بل حتى في المتقدمين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أن امرأة كان يذكر من عبادتها وصيامها و قيامها فقالوا: يا رسول الله فلانة صوامة غير أنها تؤذي جيرانها .
فقال : صلى الله عليه وسلم هي في النار الله أكبر صوامة قوامة ومن أهل النار لأن مفهوم التعبد والعبادة ينبغي أن يكون فهما صحيحا وفهما دقيقا ليس هو فعل المأمور فقط ولكنه فعل المأمور وترك المحظور.
اتق المحارم ما معنى : اتق المحارم؟
اتق مأخوذ من الوقاية جعل بينك وبينها واقيا تقي من الوقوع فيها يقيك من آثامها يقيك من تبعاتها
خـــــــل الــــذنوب صغيرهــــــــــا وكبيرها ذاك التقـــــــــــــــى
واصنع كماش فـــــوق أرض الشوك يحذر ما يـــــــرى
لا تحــــــــــقــــــــرن صغيـــــــــــــــــــــــرة إن الجبال من الحصى
التقوى أن تجعل بينك وبين هذه المحظورات والمنهيات وقاية ولهذا ذكرت التقوى في أكثر من أيه في كتاب الله عز وجل وحث عليها النبي عليه الصلاة والسلام اتقي المحارم اجتنبها اجعل بينك وبينها وقاية تكن أعبد الناس لأنك إذا تركت المحظور فإن فعل المأمور سيأتي تبعا ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ولا يمكن لإنسان أن يفعل كل ما أمر الله وتعالى وإنما يكفيه أنه يجتنب ما حرم الله سبحانه وتعالى ويأتي من العبادة ما يقدر عليه وما يستطيعه فقال: صلى الله عليه وسلم هي من أهل النار قيل يا رسول الله فلان من الناس قليل الصيام قليل القيام قليل العبادة غير أنه يحسن إلى جيرانه قال هو من أهل الجنة.
فانظر كيف يصحح النبي صلى الله عليه وسلم وما أكثر ما تقع فيما حرم الله عز وجل كم من الناس من المسلمين من يرابي وهو من رواد المساجد بل في الصفوف الأول خلف الأئمة في الصلوات في صلاة الفجر ومن غيرها وهو قارئ للقرآن وهو صوام لكنه يأكل الربا كم من الناس من لسانه تفري لحوم الناس فريا يتكلم فيهم ويغتابهم يزرع فيما بينهم الأحقاد والضعفاء ويظن أن على خير ويراه الناس أنه على خير ويراه الناس من العباد والزهاد ليس هذا هو الزاهد وليس هذه هي العبادة .
اتق المحارم تكن أعبد الناس كم من الناس من ربما يقع في الزنا ويقع في شرب الخمر من يقع في السرقة في غصب أموال الناس والاحتيال على أموال الناس بالباطل وربما لو رأيت إلى جبهته لرأيت سجدته مثل ركبة البعير ويظن نفسه أنه على خير وهو مقترف لمحارم الله تعالى يزور أحكاما يرتشي يلف ويدور يفتن بين الناس يغتصب حقوق الناس وتراه من المصلين والصائمين هل هذه هي العبادة ليست هذه هي العبادة إنما العبادة أن تترك المحارم – سبحان وتعالى- .
وراض بما قسم الله تكن أغنى الناس في صحتك في علمك في بدنك في مالك أرض بما قسم الله تكن أغنى الناس قال صلى الله عليه وسلم: ((ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس))[3].
كثرة الأموال والأرصدة والعقار وما هو بالمخازن وما شاكل ذلك ليس هذا هو الغنى ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغني غنى النفس كما من إنسان عنده من الأموال والأرصدة وتجد قلبه فقيرا لا يحمد الله ولا يشكر الله عز وجل ولا يعرف نعمة الله ولا يعرف حق الله ولا يعرف حق السائل والمحروم وحق المحتاج واليتيم والأرملة لا يعرفها هل هذا غنى؟
بل من أفطر الناس لو كانت أرصدته تضيق بها البنوك ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى أرض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس لأنك إذا أيقنت أيها الأخ الفاضل أن يرزقك مكتوب وأن الله تعالى كتب رزقه وأنت في بطن أمك قبل أن تخرج إلى الحياة وعلمت أن كل شيء ستجده أمامك من خير أو شر كل أمر قدره الله : ((إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)) سورة القمر آية (49).
يقول ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل شيء بقدر حتى العجز والكيس))[4]
حتى عجزك وكيسك أي فطنتك كل ذلك بقضاء الله وقدره رفعت الأقلام وجفت الصحف لا يمكن للإنسان أن يأخذ فوق ما قدره الله له إطلاقا هذا الرضاء إذا أيقنت رضيت ولكن هذا لا ينافي أن تعمل بالأسباب بعض الناس يظن أن هذا الأمر .
بق في بيتك والرزق سيأتيك لا بد من العمل بالسبب اعمل بالأسباب المباحة ورزقك ستأخذه ولهذا قال صلى الله عليه وسلم :((إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها و تستوعب رزقها فاتقوا الله و أجملوا في الطلب و لا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته))[5] .
ولعلك شاهدت ونظرت وأحسست بأناس بجوارك يمرضون أسبوعا كاملا لا تنزل في بطونهم قطرة ماء لأن رزقه انتهي ولكن أجله باق فيعمر أسبوعا أو أسبوعين أو ثلاثة أسابيع لكنه من دون شيء انتهي رزقه.
بقي أجله الزرق يمشي مع الأجل تماما إذا انقضى الأجل وقد استوفى الإنسان رزقه انتهى الأمر قال : فأجملوا في الطلب أي اسلكوا الطريق الجميل في نيل الأرزاق فأن الرزق لا يؤتى بمعصية كم من الناس من يتشوف للغنى بطرق محرمة ليأخذ رزقا مكتوبا له كان سيأخذه فيما أباح الله تعالى له كم من الناس من يرتشي ويسرق ويزور وينصب وتغتصب أموال الناس وأرضي الناس لماذا؟
من أجل أن يصير غنيا هذه كلها مكتوبة له لكنه أخذها في غير طريقها هي مكتوبة له في أن يأخذ ها لا محالة ولكن بعض الناس يستعجل فيأخذ الرزق بالحرام ويظن أن هذه رجولة وفحولة ودهاء وذكاء هذه وسائل اليهود ليست طرق المسلمين أرض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس.
قال: أحسن إلى جارك فلا تؤذه وقد ذكرنا حديث المرأة وذكر صلى الله عليه وسلم حين قال: ((وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ قِيلَ وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بوائقه))[6]
أي مصائبه متابعه وأذيته وقال صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته))[7]
فهو من الإيمان إحسان إلى جارك تكن مؤمنا لأن الإيمان يظهر هذا الصنائع وبمثله هذه الأفعال.
أقول قول هذا واستغفر الله
الخطبة الثانية:
الحمد الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
فإن الخصلة الثالثة التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام قال : و أحب للناس ما تحبه لنفسك تكن مسلما مستلما لأوامر لله عز وجل مستسلما لقضاء الله تعالى وقدره وهذه علامة من علامات الإيمان أن ترضى للناس ما تحبه لنفسك وأما عكس هذه الخصلة إنها عياذا بالله تعالى علامة ودليل على مرض القلب أن يغضب ويحنق وأن لا يرفض بأن غيره على نعمة بل هذا هو غاية سوء الأدب مع الله تعالى أن يتمنى الإنسان زوال النعمة من أخيه وهذا نوع من أنواع الحسد المذموم فالحسد نوعان ممدوح : وهو أن تحب للناس ما تحب لنفسك وتحب أن تبقى هذه النعم عند إخوانك مع تمني أن يكون لك مثلها و وأفضل والمذموم هو أن تحب أن يكون هذا الأمر لك وأن يزيل الله تعالى النعمة عن إخوانك هذا حسد مذموم وحسد ينبأ عن مرض القلب أن تحب لإخوانك ما تحبه لنفسك تكن مسلما فمن أحب للآخرين ما يحب لنفسه ذاك هو المسلم الحق المسلم الذي استجمع الإسلام وأخذا بمجامعه وأخذا بزمامه .
والخصلة الأخيرة يقول فيها النبي عليه والصلاة والسلام :(( لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب))[8]
ما أكثر إنسان من الضحك والقهقهة وكانت حياته كلها ضحكا إلا وأمات الله قلبه ومميتات القلوب كثيرة جدا منها ترك الجمعات كما قال صلى الله عليه وسلم :((من ترك ثلاث جمعات من غير عذر طبع على قلبه))[9]
ومنها : أن يكون الإنسان كل حياته ثرثرة وضحك ولما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ولا تكثر الضحك يعنى أنه لا بد من الضحك وكان يبتسم ولكن الناس في هذا بين إفراط و تفريط .
فمن الناس حياته لكها ضحك ومن الناس من إذا رأيته كأن أسد فتوحش لا يعتري وجهه ابتسامة ولا تري بياض أسنانه لا من بيته ولا من عمله ولا من أي مكان ترى دائما الوجوم وترى دائما العبوس وترى دائم الغضب فما هو صفة المؤمن أبدا .
ولكن المؤمن كل حياته وسط وخير الأمور الوسط الوسيط وشرها الإفراط والتفريط.
فلقد علمنا النبي عليه الصلاة والسلام كيف نضحك وكيف نبتسم ومتى نبكي وكيف نبكي علمنا النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذه الخصلة التي ذمها صلى الله عليه وسلم وامتدحها في أماكن أخرى سواء كان ذلك الإنسان فلا فرق بعد ذلك بينه وبين أي حيوان أكرمنا الله تعالى وإياكم فيجب على الإنسان أن يفقه هذه الخصال الخمس وأن يعمل بهن و يعلمهن لمن يعمل بهن .
والحمد لله رب العالمين .



اضافة تعليق