تابعنا على

إنتاجات الشيخ خطب مفرغة

وقفات مع النفس

أن هذه الحياة إنما هي دار ابتلاء واختبار وامتحان من الله تعالى لهذه النفس البشرية التي كانت تنعم بين يدي الله تعالى في جناته الفسيحة ولكنها لما عصت ابتلاها الله تعالى بالإحباط إلى الأرض لتكون هذه الدار دار ابتلاء واختبار وامتحان…

خطبة بعنوان : وقفات مع النفس

العناصر:

1-  حقيقة الدنيا 2- طبيعة النفس البشرية 3- أهمية محاسبة النفس 4- أقسام النفس البشرية 5- خطورة الذنوب والمعاصي 6- خطوات إصلاح النفس.

أما بعد:

فمعلوم أيها الإخوة الكرام :

أن هذه الحياة إنما هي دار ابتلاء واختبار وامتحان من الله تعالى لهذه النفس البشرية التي كانت تنعم بين يدي الله تعالى في جناته الفسيحة ولكنها لما عصت ابتلاها الله تعالى بالإحباط إلى الأرض لتكون هذه الدار دار ابتلاء واختبار وامتحان ولهذا فإن النفس التي بين جنبي الإنسان هي محط التركيز عند هذا الإنسان يجب عليه أن يركز عليها وأن يعتني بها وأن يحاسبها وأن ينظر درجتها ومرتبتها حتى تفوز بالفلاح فإن الغاية من هذه الحياة أن يكون هناك تميز بين أهل الجنة وأهل النار بين الطائعين والعصاة بين الممتثلين والمخالفين هذا سر الحياة كلها لينظر الله تعالى من يطيعه ممن يعصيه من يمتثل لأمره ممن يخالفه ولهذا فإن الله تعالى لو شاء لهدى الناس جميعا ولكن جعل الهداية وسلوك سبيلها وطريقها وتحصيل أسباب هذا الفلاح والنجاح صيره الله تعالى للإنسان هو الذي يختار لنفسه الطريق الذي يرتضيه ولكنه تعالى من عدله أن أرسل الرسل وأنزل الكتب فلم يجبر الناس على طريقة واحدة وإلا فإن الله تعالى يخلق الناس جميعا على فطرة واحدة هو الإيمان والإسلام: ((فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ )) سورة الروم آية (30).

فالله تعالى يخلق كل إنسان على فطرة الدين والإسلام والإيمان فهما كان أبواه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :(( كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ))[1].

ولم يقل أو يسلمانه ولو أن وثنيا أو شيوعيا أو عابد شمس أو قمر ترك دون أن يتواصل في فطرته لهدته فطرته إلى الإيمان ولهدته فطرته إلى الإسلام لأن هذه الفطر قد غرسها الله عز وجل في الأنفس البشرية لذلك أيها الأخوة فإن الله تعالى لو شاء لهدى الناس جميعا ولكنه سبحانه وكل هذه الهداية إلى النفس البشرية ومع هذا فقد وجد الأسباب التي تدل على هذه الهداية فأرسل الرسل وأنزل الكتب ليقطع الحجج على الناس لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل .

فالقرآن من قرأه وتدبره وعرفه يوقن بأن القرآن من أوله إلى آخره ينقسم إلى قسمين القسم الأول يعتني بصفات النفس التي توصل إلى رضي الله والقسم الآخر يعتني بالصفات التي تتصف بها النفس التي توصل إلى سخط الله فهذا هو مجمل القرآن العظيم يتحدث عن أهل النار وصفاتهم ويتحدث عن أهل الجنة وصفاتهم ولهذا فقد قسم الله تعالى بأطول قسم في كتابه الكريم على تزكية هذه النفس فقال سبحانه : ((وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10))) سورة الشمس الآيات (1-10).

 إلى أن قال سبحانه وتعالى: ((وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10))) سورة الشمس الآيات (7- 10).

 أطول قسم في القرآن هو هذا القسم في سورة الشمس.

 الله سبحانه أقسم بأن النفس التي يرتضيها ويحبها وصاحبها يكون من المفلحين هو صاحب النفس التي تزكت ونفس وما سواها قد أفلح من زكاها أفلح في الدنيا وأفلح في الآخرة.

أيها الإخوة الفضلاء:

 هذه قضية كثيرا ما نغفل عنها وكثيرا ما ننساها ولا يتذكر الإنسان هذه الحقيقة التي يجب أن تكون دائما هي محك نظره وهي مكان شغله الشاغل لا يتذكرها الإنسان حق التذكر إلا إذا جاء الملك يعالج هذه النفس البشرية ليخرجها من هذه الجثة لتصبح جثة هامدة هنا يتذكر الإنسان الحقيقة ويعرفها ويتندم أشد الندم أنه لم يعرف هذه الحقيقة ولم يحاسب نفسه ولم يزكي نفسه ولم ينتبه لهذا الأمر.

 أخواني الفضلاء :

إن الناس ينقسمون إلى ثلاثة أقسام بالنسبة لهذا الأمر:

 قسم لا يعرف نفسه إلا بالصفات الذميمة من كبر وحقد و رياء وكل صفة ذميمة.

 وقسم آخر يلوم نفسه لوما ولكنه عنده القدرة على أن يعترف بهذا الذنب وليس عنده الجرأة على أن يعالجها وقسم ثالثا : إذا صارت عنده صفة حميدة في وقت ما فإنها سرعان ما تتلاش هذه الصفة وترجع إلى الصفات الذميمة الأخرى ولهذا فإن القرآن صنفت هذه النفس إلى ثلاثة أصناف وجعل درجتها ثلاث درجات وهذه النفس هي ألد الأعداء أنت تحافظ عليها وتجهد نفسك من أجلها أما الدرجة الأولى من درجات النفس فهي تلك الدرجة البهائمية التي لا تعتني إلا بالشهوات لا تعتني إلا بالصفات الذميمة وهي تسعى لتحصليها وتسعى لتكميلها وهذا تماما كما هي حياة الكفار الذين قال الله فيهم : ((أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ)) سورة الأعراف آية (179).

لأن الله ميزهم بالعقول وشرفهم بإنزال الكتب وأرسل الرسل وشرفهم الله بالعقل كرمهم بهذا ولم يكرم غيرهم.

والدرجة الثانية للنفس التي ذكرها الله عز وجل هي درجة النفس اللوامة التي تلوم صاحبها على فعله للمعاصي أو علي همة لمخالفة أمر الله وهذه الدرجة أعلى أفضل من المرتبة الأولى التي هو مرتبة البهائم المرتبة الثالثة وهي أعلى درجات النفس وهي درجة النفس المطمئنة التي تترقى فيها هذه النفس البشرية من النفس البشرية من النفس البهائمية إلى النفس للوامة التي تلوم صاحبها وتزجره وتقرعه كيف تفعل هذا أولا تستحي أن تفعل هذا ألا تخاف من الناس لكن ليس المراد هذا فحسب وإنما المراد أن تترقى هذه النفس إلى المرتبة العليا والدرجة الأخيرة وهي النفس أنت خلال اللحظات خلال الدقائق والساعات فكل دقيقة ربما تتقلب النفس في هذا الدرجات الثلاث وهاهنا يأتي أهمية المجاهدة أن يجاهد الإنسان فالنفس البشرية بطبعها أنها تريد أن تجر صاحبها للشهوات وتجر صاحبها للكل وتجر صاحبها لأن تقع في المخالفات لكن يأتي طور المجاهدة فتأتي النفس البشرية فتلوم النفس اللوامة تلوم النفس البهائمية وتقول لها أتق الله ألا تخافين ألا تتوبين وتأتي بعد ذلك النفس المطمئنة فتريح هذه النفس اللوامة بعيد لتكن إلى طاعة الله عز وجل .

فإنما الشهوة إنما هي سعادة ساعة وإن أثرها يبقى إلى قيام الساعة فالعقل يدل يقول أن راحة العمر خير من لذة ساعة يقضيها الإنسان في معصية الله هيا يأتي كما قلت دور المجاهدة والمحاسبة لهذا النفس وهل العقل مأجور على هذه المجاهدة نعم هو مأجور على هذه المجاهدة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :((إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة فإن هو هم بها وعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة ))[2].

جاء في بعض الروايات أن الله تعالى يقول إنما تركها من جرائي خوفنا مني أن هذه النفس إذا لم يحاسبها الإنسان فإنه سيدخل معركة قوية مع ألد الأعداء هي هذه النفس يـأتي بعد ذلك العدو الثاني وهو الشيطان وهو عدو لدود لهذا الإنسان : ((إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)) سورة فاطر آية (6).

هذا الشيطان أعلم وأدرى بمداخل النفس ومخارجها ومكامن ضعفها فإذا دخلت معه في صراع لا شك أنك إن لم تكن صاحب نفس مطمئنة فسوف تخسر المعركة وسوف تعض أنامل الندم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم يوم يأتي الشيطان الرجيم فينصب منبره ليخطب في الناس فيقول: ((وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) سورة إبراهيم آية (22).

 هذه النفس إن لم يحاسبها الإنسان وإن لم يتعرف على مكامن خللها فإن أدواءها وأمراضها لمن تكون على صاحبها فقط بل أن خطئها وآثارها سوف تعم المجتمع كله فشخص واحد في هذه الأمة يخالف ويعطي لنفسه ما تهواه وما تتمناه آثر ذلك يعود عليه نعم بل ويعود على الأمة بأسرها وكل بحسه فربما عاد على من يعول أكثر وربما عاد على أبويه وربما عاد على أسرته أكثر وربما عاد قريته أكثر و ربما عاد أكثر أن يعود على الأمة كلها يدل على هذا أن النبي صلى الله عليه سلم حيثما أمر مجموعة من الجيش في غزوة أحد أمرهم ألا ينزلوا من مواقعهم ليجمعوا الغنائم مع المسلمين وأمرهم أن يحفظوا الظهور لكنهم لما سولت لهم أنفسهم أن يتركوا الموقع بعد أن حذرهم النبي عليه الصلاة والسلام من هذا وحذرهم نبيهم من هذا لكن جزءا منهم خالف و أعطى النفس هواها ولم يزجرها حينئذ عادت المعركة كما كانت من قبل بعد أن انتصر المسلمون و ولى والعدو الأدبار و ربما داروا والتفوا من وراء الجبل وصعدوا عليه ثم سددوا منهم للمسلمين وكان بسبب هذه المخالفة أن عادت الكارثة على المسلمين وتأثر النبي عليه الصلاة والسلام وشج وجهه وكسرت رباعيته وسقط في الحفرة حتى فرح هؤلاء (أعداء الله ).

إن المعاصي في هذه الأمة لا تفرح إلا الأعداء ولا يجنى ثمارها إلا الأعداء يومئذ حين صار المسلمون يقلبون أيديهم ألسنا على الحق وهم على الباطل أليس معنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أليس الله معنا ألم يعدنا الله بالنصر فيأتي الله تعالى بالجواب سريعا : ((أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )) سورة آل عمران آية (165).

 فانظر كيف كانت الآثار من هذا الذنب الواحد كيف جرت هذا الثقل كله على الأمة بأسرها بل على الرسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذنبه وقد حذرهم وقال لهم : لا تزلوا ولا تجمعوا الغنائم مهما حصل ولو قطعنا إربا ولو تخطفتنا الطير لكنهم خالفوا .

جنى ثمار هذه المخالفة نتيجة إعطاء النفس هواها أفرع الأعداء حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل و أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قد قتلا وظنوا أنهم قد أفلحوا وفازوا وحققوا مناهم فصار أحدهم يقول أفي القوم محمد فيقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تجيبوه ثم يقول أفي القوم أبو بكر فيقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تجيبوه أفي القوم عمر فيقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تجيبوه حتى صاح صائح المشركين اعل هبل .

قال: الآن أجيبوا قالوا وبما نجيب.

قال : قولوا الله أعلى وأجل .

فقال المشركون :لنا العزة ولا عزى لكم .

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قولوا :الله مولنا ولا مولى لهم .

شاهدنا هنا أنه ينظر كيف جنت الأمة آثار هذه المعاصي نتيجة عدم محاسبة النفس البشرية .

لهذا أيها الإخوة أن النفس إن لم تحاسب فإن الفساد يعم على المجتمع.

ما هذا الفساد في المجتمعات المسلمة ؟

ما هذا الغلاء ما هذا الذي يحصل من السلاطين من جور وظلم وتعدي وتهب للأموال لماذا يحصل هذا كله ؟

كل هذا يحصل نتيجة الذنوب والمعاصي نتيجة عدم المحاسبة النفس ولهذا فإن النبي عليه الصلاة والسلام صح عنه أنه قال : ((لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها ))[3].
أي لم يتعفن وكنت قد تحطه في أي موضع يمكث السنين الطوال ولكن بسبب الذنوب والمعاصي تعثر معايش الناس وانظر إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال : ((الحجر الأسود من الجنة و كان أشد بياضا من الثلج حتى سودته خطايا أهل الشرك ))[4].

 قال سودته خطايا بني آدم والمشركون من أشد الناس إعطاء للنفس هواها فتأثر الحجر وتأثرت الأشجار وتأثرت البيئة وتأثرت المطاعم وهكذا أيضا لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : ((خمس بخمس قالوا : يا رسول الله وما خمس بخمس ؟ قال : ما نقض قوم العهد إلا سلط عليهم عدوهم وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر ولا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت ولا طففوا المكيال إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر ))[5]

أو كما قال صلى الله عليه وسلم فسبب الذنوب لأن هذه الذنوب من أعمال النفس الحيوانية البهائمية الشهوانية فلو أن النفس اللوامة أتت ولامتها وجاءت النفس المطمئنة فقرعتها واطمأنت على طاعة الله لما يحصل ما حصل في المجتمعات ولذلك لن تقوم الساعة حتى لا يبقى في الأرض من يقول: الله والله وتقوم على شرار الخلق لأنهم لا يذكرون الله سبحان سبحانه وتعالى من هنا كانت أهمية العناية بالنفس ولذلك لا بد من اتحاد خطوات جادة من أجل إصلاح النفس إن أردنا أن تنفذ أنفسنا أولا وأن تنفذ امتنا ثانيا وأعلم أنك عضو في هذا الأمة فاحذر أن توتى الأمة من قبلك لذا الله عز وجل من أنفسنا جراءة وشجاعة وأن نغضب أعدانا ابتداء من الشيطان الرجيم إلى أعدائنا وخصومنا من يهود ونصارى أن نريهم من أنفسنا جلدا بمحاسبة الأنفس لهذا كان بعض السلف يقول ما أوتي عبد مثلما أوتي في هذه الحياة الدنيا من إيمان صالح ومجاهدة للنفس وجليس يوقفه على معايب نفسه.

أقول قولي واستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى                                                              وبعد:

 فإن الخطوات المهمة لإصلاح النفس البشرية تبتدئ أولا: بالجلوس مهما ومحاسبتها يوميا عن فعلته لم فعلته عن ذنب ارتكبته لم لم تخف الله عز وجل وعن كلمة نبت من اللسان؟

 لم تكلمت بهذا الكلام أما كان في الكلام ما هو أحسن من هذا عن نظرة مسمومة نظرت به تلك الأيمن الخائنة والله تعالى المطلع على خائنة الأعين وما تخفي الصدور لم هذه النظرة فرب نظرة ورثت حسرة وندامة إلى يوم القيامة تأتي الخطوة الثانية : أن يكون هناك جراءة على أن تعترف النفس بالأخطاء فإذا اعترفت النفس بالأخطاء فإنها أصبحت نفسا مثقفة تحمل الشهادات العالية لا تحتاج إلى نصح ولا تحتاج إلى وعظ ولذا كان سلفنا الصالح يقولون : رحم الله امرئ أهدى إلي عيوبي يقول سفيان الثوري رحمه الله :(( أدركنا أناسا كانوا يفرحون إذا قيل لهم : اتق الله )).

وأما الآن فإن أناسا يغضبون إذا قيل له أتق الله ويقول بعضهم : لا يكون الرجل ناصحا إلا إذا جاهر صاحبه بمثالبه من أجل أن يعالجها ومن أجل أن يصلحها .

 الطريق الثالث بعد ذلك وقيل هذه أشبه جراءة النفس بالاعتراف بالمرض ولاعتراف بالمعايب أشبه ذلك بالمرض الذي يصاب بمرض ولكنه لا يعترف بهذا المرض يوشك أن يهلك فلو أنه استسلم للطبيب وأخذ العلاج لشفي من مرضه و لكان العلاج يسيرا ولكنه لما تمادى ولما تغافل ولما أبى أن يعترف بالمرض استعجل مرضه وربما قتله ذلك المرض ثم يأتي بعد ذلك الخطوات الثالثة والعلم أهم العلم أن يكون جليسك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن القرآن الكريم إنما يدلك على الصفات الحسنة أو ينهاك عن الصفات الذميمة والسنة النبوية كذلك ثم يأتي بعد ذلك أنك تعمل من أجل أن تصلح من نفسك وأن تترك الصفات الذميمة يأتي أيضا الجليس الصالح الذي يعينك على الصلاح ويعينك على إصلاح نفسك ويعينك على الاستقامة أن استقمت شجعك وأن اعوججت قومك أيضا يأتي أهمية الحاقدين عليك فإن هؤلاء لا يستفيدون منك شيئا في الحقيقة لكن ليس ثمة شيء في الحياة ليشخص عيوبك مثل أعدائك فإنهم بمثل بعض العلماء وكالذباب ولا يقع إلا على الحرج فإنهم بما يقولون فإن كان صدقا وأصلح نفسك وإن كان غير ذلك فاحمد الله تعالى  وأنت مأجور على هذا.

أيضا كلام الناس ماذا يقول الناس عنك؟

تلمس وكن جريئا ماذا يقول الناس عني ؟

 إن كانوا يعيبون على شيء فإن أصلح من نفسي إن كنت واقعا منه وهذا الأمر طبقا يحتاج إلى مجاهدة ويحتاج إلى شيء من الصبر حتى يبلغ الإنسان ينفسه مرتبة النفس المطمئنة .

إن هذه القضية أيها الإخوة الفضلاء: مهمة جدا لذلك العناية بها مهمة وأن النفس إذا أصلحها الإنسان أفلح في هذا والثمار من هذه المخالفات إنما يجنيها الأعداء وأنت أن جنيت شيئا فهو شيء موقوف يوشك أن يمنحني وتورث بعد ذلك العواقب الوخيمة التي ربما تأتي ساعة الندم و لات ساعة مندم فإن الأعمار والحياة بيد الله تعالى لا يعلم الإنسان متى يأتي إليه أجله.

الحمد لله رب العالمين



[1] – البخاري3/379

[2] – البخاري 8/2380

[3] – البخاري 3/1212

[4]

[5] – المعجم الكبير 11/4

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق