يا مطلق النواظر في المحرمات أقبل خير الشهور فحذار حذار من انتهاك حرمة رمضان وانتقاص مكانته يقول عليه الصلاة والسلام: ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )
التبشير بقدوم رمضان
العناصر: الثلاثاء
1- حقيقة الدنيا.
2- فضل رمضان.
3- التحذير من دعاة الفساد.
4- العيش مع القرآن .
5- فضل الإنفاق والإحسان.
6- التحذير من الإسراف والتبذير.
الحمد لله على نعمه الظاهرة و الباطنة ومن أجلها نعمة الإسلام الذي من جملته فريضة الصيام لما فيه من رفعة الدرجات وتكفير الآثام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل في محكم التنزيل (( يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام ….)
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أتقى من صلى وصام صلى الله عليه وآله وأصحابه البررة الكرام.
أما بعد:-
عباد الله:
اعلموا أن الدنيا حلوة خضرة نعيم لولا أنه يزول محمود لولا أن مفقود وغناء لولا أن مصيره الفناء.
المستقر فيها يزول والمقيم فيها منقول أيامها تسير في خبب وشهورها تتابع في عجب فهي قليل وما بقى منها إلا القليل.
الدنيا مخاطر ومعاثر وفتن زوائر.
الناس يتقلبون فيها مؤمن وكافر وتقي وفاجر وناج وخاسر فطوبى لمن حفظ نفسه وأهله من موجبات الشر والذم و وسائل الشر والهدم (( ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ))[1]
ونحن نستقبل شهر رمضان شهر المرابح بظلاله ونواله وجماله وجلاله زائر زاهر وشهر عاطر فضله ظاهر وبالخيرات زاخر فعليكم أن تحثوا حزم حزمكم وتشدوا لبدأ عزمكم و أروا الله من أنفسكم الجد.
فبالجد فاز من فاز وبالعزم جاز من حاز وأعلموا أن من دام كسله خاب أمله وتحقق فشله تقول عائشة رضي الله عنها ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره))[2].
أيها المسلمون:
أتاكم شهر القبول والسعود والعتق والجود والترقي والصعود عن أنس رضي الله عنه قال النبي عليه والسلام قال: ((إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا))[3].
أيها المسلمون :
هذا نسيم القبول هب.
هذا سبيل الخير صب.
هذا الشيطان كب.
عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا(( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين ))[4].
وعنه مرفوعا (( إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ونادى مناد: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة ))[5]
قرب رمضان فكم قريب لنا فقدناه وكم عزيز علينا دفناه وكم حبيب لنا في اللحد أضجعناه.
يا أسير المعاصي يا سجين المخازي هذا شهر يفك الله فيه العاني ويعتق فيه الجاني ويتجاوز عن العاصي فبادر الفرصة وحاذر العثرة و لا تكن ممن أبي وخرج رمضان ولم ينل المنى.
عن جابر رضي الله عنه قال : صعد النبي صلى الله عليه و سلم المنبر فقال : ( آمين آمين آمين) ولما سئل لم قال هذا قال : ( أتاني جبريل عليه السلام فقال يا محمد من أدرك أحد والديه فمات فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين قال : يا محمد من أدرك شهر رمضان فمات فلم يغفر له فأدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين قال : ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين ))[6].
عباد الله:
احذروا ما أعده لكم أهل الانحلال ودعاة الفساد والضلال من برامج مضلة ومشاهد مخلة
قوم لا يبالون ذما ولا يخافون لوما ومجرمون لا يراعون فطرا ولا صوما جرعوا الشباب سموم الشراب.
يا مطلق النواظر في المحرمات أقبل خير الشهور فحذار حذار من انتهاك حرمة رمضان وانتقاص مكانته يقول عليه الصلاة والسلام: (( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ))[7]
إن أولى ما قضيت فيه الأوقات وصرفت فيه الساعات مدارسة الآيات وتدبر البينات والعظات كان جبريل عليه السلام (( يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ليلة من رمضان يدارسه القرآن))[8]
فهو شفاء لما في الصدور وحكم عدل عند اشتباه الأمور قصص باهرة مواعظ زاجرة وحكم زاهرة .
لا يجف ينبوعه ولا تنضب فيوضه (( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)) [9].
فكن يا عبد الله كالحال المرتحل كلما ختم ختمة عاد إلى أوله قال عليه الصلاة والسلام (( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول القرآن أي رب منعته النوم بالليل فيشفعه فيه ويقول الصيام أي ربي منعته الطعام في النهار فشفعه في قال فيشفعان))[10].
أيها المسلمون :
أتاكم شهر الإنفاق والبذل والإشفاق قال الله تعالى (( وأطعموا القانع و المعتر))
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم (( أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان ))[11].
وما من يوم يصبح فيه العباد إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر: اللهم أعطي ممسكا تلفا ))[12]
أيها المسلمون :
مواسم الخيرات أيام معدودات مصيرها الزوال والفوات فأكثروا من الشعائر التعبدية وواجبات رمضان الشرعية.
(( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر))[13].
((فصل مابين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور ))[14].
فلقد ((كان رسول لله صلى الله عليه وسلم يفطر برطبات فإن لم يجد فتمرات فإن لم يجد حسا حسوات من الماء))[15].
وكان إذا أفطر قال (( ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله)) [16].
ومن أكل وهو ناس فلا شيء عليه قال رسول الله صلى الله وسلم: (( من أكل وهو ناس فليتم صوم فإنما أطعمه الله وسقاه))[17].
وكذلك من استقاء بغير عمد فليس عليه شيء قال رسول الله صلى الله وسلم: (( من استقاء فليقضي ومن غلب عليه القيء فلا قضاء عليه))[18]
إن مما ينبغي على الصائم أن يحتسب الآجر عند الله عز وجل قال رسول الله صلى الله وسلم : ((من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)) [19].
و قال رسول الله صلى الله وسلم: (( إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب لا يجهل فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم ))[20].
وهذا نداء للأخوات الصائمات أن يكثرن من الاستغفار والأعمال الصالحات في هذا الشهر المبارك فقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام: (( يا معشر النساء تصدقن وأكثرنا الاستغفار …… فجعلت إحداهن تلقي القراريط من أذنها ويدها وتضعه في حجر بلال رضي الله عنه ))[21].
وعليكن اجتناب الغيبة والنميمة فإن ذلك يؤثر في الصيام يقول النبي عليه الصلاة والسلام ))ليس الصيام من الجوع والعطش إنما الصائم من صامت جوارحه عن الحرام))
فلا تجعلن صوم أحداكن وفطرها سواء.
إخوة الإسلام:
إن كثيرا من الناس جعل رمضان شهرا للتفنن في المطعومات والمأكولات والمشروبات وهذا من الإسراف التبذير الذي نهى الله عنه قال تعالى: (( وكلوا وأشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ))[22].
فالتوسط مطلوب في جميع الأمور وهناك من الفقراء والمساكين من لا يجد ما يملأ بطنه من الجوع.
أخيرا: علينا جميعا أن نكثر من الدعاء في هذا الشهر المبارك فإن للصائم دعوة ما ترد فلا يبخل على نفسه وعلى إخوانه بدعوة من قلب خالص لعل الله يفتح لها أبواب السماء قال عليه الصلاة والسلام: (( أبخل الناس من بخل بالسلام وأعجز الناس من عجز عن الدعاء))[23].
فنسأل الله عز وجل أن يعز الإسلام والمسلمين وأن يتقبل منا صلاتنا وصيامنا وقيامنا وجميع أعملنا أنه ولي ذلك والقادر عليه .
[1]– سورة آل عمران آية (101).
[2] – مسلم 2/832
[3] – الترغيب 2/393
[4] – مسلم 2/758
[5] – سنن الترمذي 3/66
[6] – مجمع الزوائد8/135
[7] – سنن أبي داود 2/767
[8] – مسند أحمد 1/2888
[9] – سورة البقرة آية( 185)
[10] – الترغيب 2/84
[11] – مسند أحمد 1/288
[12] – السلسلة الصحيحة 2/625
[13] – المشلكاة 1/619
[14] – مسلم 1/771
[15] – أحمد 3/164
[16] – المشاكاة1/621
[17] – أرواء الغليل 4/86
[18] – الدار قطني 2/184
[19] – سنن أبي داود 2/103
[20] – سنن أبي داود 2/768
[21] – مسلم 1/86
[22] – سورة لأعراف آية (31)
[23] – البيهقي 6/429
اضافة تعليق