تابعنا على

إنتاجات الشيخ خطب مفرغة

الطلاق هادم البيوت

إن الإسلام حرص كل الحرص على بقاء صفو المودة والحياة في أوساط الأسرة على ألا تتفرق هذه الأسرة…

خطبة بعنوان : الطلاق هادم البيوت

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار

أيها المسلمون : اتقوا الله تعالى حق التقوى واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى واحذروا من سخطه الله تعالى وعقابه فإن أقدامنا على النار لا تقوى.

 أيها الإخوة الأحبة : إن كلمة ربما تصدر من فم رجل تتهدم بها بيت المسلم إن كلمة تخرج من فم امرئ مسلم في وقت أشتد فيه غضبه ربما تؤدي إلى تفرق أسرة بأكملها كلمة تخرج من فم الرجل تحرق القلوب وتدمع المآقي وتبث الحزن إن كلمة تؤدي إلى تشريد أسرة بأكملها تؤدي ربما إلى شتات وضياع هذه الكلمة التي ما شرعها الله تعالى- وما أذن بها إلا في أضيق الظروف وأحلكها لتكون حلاً لمشكلة ومعضلة في داخل الأسرة المسلمة إن الأصل في الأسر أن تبقى وأن تمتد وأن تتجذر وأن تخرج الذرية الصالحة وأن تخرج من يعمر هذه الأرض بأذن الله تعالى – الأسرة المسلمة الأصل فيها البقاء إلا أن يطرأ عليها طارئ كأن يقدر الله تعالى – على أحد الزوجين بالفناء أو كأن تحدث مشكلة لا حل لها إلا بما ذكر الله تعالى . هل تستشعرون أن هذه الكلمة إن خرجت أحرقت القلوب وأدمعت العيون وضيقت الصدور وقلبت الحياة رأساً على عقب تقلب البسمة إلى اكفهرار وغصت في الحلق تقل الفرح ترحاً تقلب السعادة إلى شقاء تقلب الألفة إلى تفرق وتمزق تؤدي إلى تفكك الأواصر بين الأسر وبين العشائر وبين القبائل في أوساط هذه الأمة في وقت ربما نجد أن كثيراً من الناس يلقون دورات تأهيليه هي أقرب ما يكون إلى الكهانة والشعوذة إن أحق ما تبنى به الأوقات وتصرف من أجله الأموال كيف يعلم المسلمون أن يحيوا حياة طيبة  ؟ كيف يعاشر الرجل زوجته العشرة الصالحة والطيبة ؟

 كيف تعاشر المرأة زوجها العشرة التي أمر الله تعالى – بها لا أن تهدر الأوقات وتنفق الأموال من أجل دورة هذه الدورة من أجل أن يتخرج من شارك فيها كيف يقرأ شخصية الرجل أو المرأة من خلال الخط أو من خلال التوقيع ما عسى أن يستفيد الرجل أو المرأة المشارك في هذه الدورة من فائدة إنها أقرب ما يكون إلى السحر والكهانة والشعوذة والادعاء لعلم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله – تعالى – لقد كنا نقرأ قديماً في كتب الجريمة والعقاب التي يؤلفها أناس غربيون يعلمون فيها أبناء الإسلام أن طول القامة يدل على الإجرام وأن طول الشعر يدل على الإجرام وأن تفرق الأسنان يدل على الإجرام وأن وأن كل هذا ما عليه أثارة من علم ولا عليه دليل فإن أجدر ما يدرس ويعلم أبناء الأمة وتفتح الدورات التأهيليه والتدريبية من أجل الحفاظ على هذه الأسر ومن أجل تنشئة الأجيال التنشئة الطيبة الصالحة . إن الإسلام حرص كل الحرص على دوام الألفة بين الزوجين وإن الإسلام قد أعطى لكل مخلوق من بني آدم حقه ومستحقه أعطى للرجل حقه وكلفه بواجباته وأعطى المرأة حقها وكلفها بواجبات لكنه مما يجب أن يعلم أن الرجل والمرأة ليسا مخلوقين متماثلين متساويين فبينهما فروق كثيرة وعظيمة على كل مخلوق من هذه المخلوقات أن تعرف حقها وأم تعرف قدرها وأن تعرف واجبها إذا أرادت أن تحيا الحياة السعيدة  وإذا أرادت أن تنشأ الأسرة الصالحة والمجتمع الصالح على كل واحد منهما أن يعرف خلقته وأن يعرف حقيقته قال الله تعالى – ((وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )) سورة البقرة آية (228) وهذا لا يعني أن القوامة للرجل أن يصير مستبداً وأن يصير وحشاً كاسراً في وسط البيت ولا يعني هذا أنه يتخلى عن سيادته ويتخلى عن قوامته بل لا يعني بالضرورة أنه يصير المرأة عبداً رقيقاً يحركها كيف يشاء بل لابد من التعاون فيما بينهما في حل أي معضلة من المعضلات إنه من المحال تريد المرأة من الرجل أن يفكر ويشعر بقلبها وعواطفها ومن المحال والجنون أن يفكر الرجل بأن المرأة يجب أن تفكر بعقله أن تفكر بهدوئه وأن تفكر بتفكيره هذا من الخطأ ومن خلط الأمور والأوراق لا يمكن أن تحيا أو أن تعيش الأسرة بهذه الطريقة أبدأً بل لابد من توطين النفس على أن الأجواء في البيت لا يمكن أبداً أن تكون دائماً هادئة وأن تكون عليلة وأن تكون الأجواء صافية في البيت هذا أمر محال لا يطلبه إلا مجنون لا يطلبه إلا إنسان يفكر بالأشياء المثالية التي لا يمكن أن تطرأ أبداً إن بيوت النبوة يتنزل فيها الوحي والله تعالى لا يريد لأنبيائه أن تتكدر عليهم صفوهم أو تفكيرهم لم تخلو من المشاكل ولم تخلو من الكدر فذاك رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – يعتزل نساءه شهراً كاملاً يخرج من بيوته ويبقى في مسجده – صلى الله عليه وآله وسلم – حتى ظن الناس أنه – صلى الله عليه وآله وسلم – طلق نساءه وشاع الخبر هكذا أنه طلق نساءه فأتى عمر- رضي الله عنه – جاء إلى المسجد وطرق على رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – ليسأله أطلق نساءه أم لا ؟ فقال – صلى الله عليه وآله وسلم – لا لم أطلقهن ولكني اعتزلتهن شهراً كاملاً أي تأديباً لهن لما يحدث في بيته وفي وجوده – صلى الله عليه وآله وسلم – مما يكدر عليه حياته فهذه بيوت النبي صلى الله عليه وآله وسلم – لم تخلو من الكدر ومن الخطأ ومن الخلط أن يريد كل من الزوجين ألا يحدث شيئاً مما يكدر الحياة في البيت ولكن يجب التغافر ويجب أن ينسى الإنسان أو يتناسى كثيراً من الهفوات التي تصدر من زوجته وهكذا أيضاً المرأة يجب عليها أن تغفر وأن تتناسى وتغض النظر عن كثير من القضايا التي تصدر من زوجها فلا يصح ولا يصلح أن تناقش مثل هذه المشاكل أو تحل هذه المشاكل في وقت الغضب وفي وقت الانفعال بل لا بد من تهدئه الأجواء تماماً كما فعل علي- رضي الله عنه – حينما تغاضب مع زوجته فاطمة – رضي الله عنها – خرج من البيت وذهب إلى المسجد وأكثركم ربما يعرف قصته حينما جاء – صلى الله عليه وآله وسلم – إلى البيت يسأل عنه فلم يجده فقال : اذهبوا فابحثوا عنه فوجدوه في المسجد فأتاه – صلى الله عليه وآله وسلم- وقد التصق التراب بجسده فقال له قم أبا تراب قم أبا تراب تلك بيوت النبوة وهذه بيوت أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – بنت رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – وابن عم رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – إن تكدر المعيشة بين الزوجين ينبأ عن الأنانية من أحدهما أو من كليهما وإن هذه الأنانية لتؤدي إلى فساد الحياة في البيت وتؤدي إلى تكدر الحياة بل يصل تكدر الحياة إلى العشيرة بأسرها وتكدر الحياة في أوساط العشيرة يؤدي إلى تكدرها في أوساط المجتمع بل إلى تكدرها في أوساط الأمة بأسرها لأن الأمة إنما هي مجموعة من القبائل والشعوب بل قبل من هذا من الأسر فتتكون هذه الأمة وما لم نعرف حقيقة الحياة الزوجية وما تحتاجه هذه الحياة من الصبر ومن الحكمة في التعامل أحد الزوجين مع الأخر مع الطرف الأخر كلا الزوجين مع أحدهما لا يمكن أن تصفو الحياة أبداً مما هو معلوم عند الناس بالضرورة أن الرجل بحاجة ماسة إلى المرأة وأن المرأة بحاجة ماسة إلى الرجل وأن الحياة بهما تتكامل ويتكاثر النسل ويخرج الله تعالى من أصلابهم أشباههما ممن يعبد الله تعالى – ويكثر أفراد هذه الأمة .

أيها المسلمون : إن الإسلام حرص كل الحرص على بقاء صفو المودة والحياة في أوساط الأسرة على ألا تتفرق هذه الأسرة من أحل هذا قال – صلى الله عليه وآله وسلم – ((تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك))[1] يعني إن لم تنتق وتختار المرأة الصالحة ذات الدين تربت يداك أي التصقت يداك بالتراب كناية عن الدعوة بالفقر أن يفقر الله تعالى من يسعى وراء الجمال فقط أو الحسب فقط أو وراء المال فقط لا بد من الدين فماذا تصنع بامرأة تكون مغرورة بنفسها وجمالها أو بمالها أو بحسبها ولا دين عندها إن الحياة تنقلب إلى معركة لا نهاية لها إلا بالفراق إلا بالطلاق وليست القضية هنا القضية والأهم حين تكون هذه الأسرة قد وجد فيها أبناء هنا تحصل المشكلة لكن ذات الدين يرجعها دينها لهذا قال أيضاً صلى الله عليه وآله وسلم – ((تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم))[2] الودود التي تتودد إلى زوجها التي لا تكدر صفو حياته التي تعرف متى تتكلم معه وبما تتكلم التي تعرف متى هو غاضب ومتى هو مسرور ومتى تجمح عنه وتبتعد في مكان آخر في حال غضبه . إن الرجل كما تؤكد جميع الدراسات بحاجة كل يوم إلى أن يختلي بنفسه ولو لدقائق عدة يستجمع راحته وفكره يهدئ فيها أعصابه ما على المرأة من ضير لو أنها أعطت لزوجها ويأت لزوجها هذه الدقائق التي ستجني من ورائها بعد ذلك خيراً كثيراً ستجني من ورائها محبة وسعادة وكلمات تشبع عاطفتها إنها لو استقبلته بوجه مقلوب في حال دخوله إلى الباب زادت حياته كدراً وصار وحشاً كاسراً إن لم يكن صاحب أعصاب هادئة إن الرجل أحياناً -أيها الإخوة الأحبة _ ليجلس مع نفسه دقائق فيمقت هذه النفس لما فيها من الصفات الذميمة يمقت عصبيته وتعجله واندفاعه يمقت لسانه لأنها تخرج كلمات غير سوية ثم يعود بعد ذلك لمعاقبة نفسه ولمحاولة إصلاح نفسه وربما اعتذر لهذه النفس بأن الحياة ضيقت عليه وبأن الطلبات تكاثرت عليه وبأن العمل أجهده …الخ لكنه لا يفكر يوماً ما أن زوجه تعانى من نفس هذه الظروف فلو أنه اعتذر لها مثلما اعتذر لنفسه ولو أنه غض الطرف عنها في بعض الزلات وفي بعض المزالق لكانت الحياة أسعد مما هي عليه ولكانت هذه هي الخطوة الصحيحة إلى طريق السعادة إننا أيها الإخوة : نجد في الآونة المتأخرة كثرة تشتت الأسر وكثرة التلفظ بالطلاق خاصة من الشباب الذين ليست لهم ربما خبرة وما عندهم معرفة بالأحكام الشرعية للأسرة ما يجب عليه وما الحق الذي له وهكذا أيضاً المرأة ساعد على هذا بعد الأمة عن كتاب الله تعالى – وعن سنة رسوله – صلى الله عليه وآله وسلم – إننا نؤكد على أن طلب العلم في كل أمر المسلم مقدم عليه واجب عيني يحرم على الرجل أن يقدم على الزواج ما لم يتعلم أحكامه ويحرم على التاجر أن يدخل في التجارة ما لم يتعلم أحكامها ويحرم على المرأة إذا شارفت سن البلوغ أن تجهل أحكام الحيض ويحرم عليها أن دخل في قفص الزوجية ولا تتعلم أحكام النكاح وأحكام الأسرة ويحرم على من أراد الحج أن يدخل في الحج وهو لا يعرف أحكام الحج وهلم جر يتعين على كل مسلم ومسلمة أن يتعلم العلم الشرعي في كل قضية يريد أن يدخل إليها قبل أن يلج فيها حتى لا تحدث المشاكل أسأل الله تعالى أن يرزقنا الحياة الطيبة وأن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية : الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى

وبعد :

فإن الرجل صاحب الدين الذي أرشد النبي- صلى الله عليه وآله وسلم – لاختياره للمرأة ووجه هذه الأمة ألا ترد صاحب هذا الدين قال – صلى الله عليه وآله وسلم – ((إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض))[3] ما هذا الفساد التي يحصل في أوساط الأسر ؟ من تشتت وتفرق وكلم القلوب وتقرح الأكباد إلا نتيجة لبعد الناس عن الدين ولبعد الناس عن الخلق القويم الرجل يبحث عن ذات الجمال والأب والمرأة يبحثان عن صاحب المال وصاحب الجاه من هنا حدثت هذه المشاكل إن صاحب الدين يحجزه ويمنعه دينه حينما يقال له إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم – قال : ((استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء))[4] وقوله – صلى الله عليه وآله وسلم – ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي وإذا مات صاحبكم فدعوه))[5] إن صاحبة الدين يمنعها دينها حينما يقال لها إن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم – قال ((لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها))[6] إن أمنا عائشة رضي الله عنها –  لو علمت المرأة حق زوجها وما ينبغي عليها لمسحت عن قدميه الغبار بعرق وجهها يعني كناية عن حسن تبعلها وليس المقصود أن تفعل مثل هذا بل لو فعلت مثل هذا لكانت مطيعة لله- عز وجل – فهذه القضية قضية أرقت المجتمع المسلم بل هي تهدده بكرة وعشياً كم من الأسر تفرقت لم يمض عليها من زواجها سوى أسبوع واحد أو ليلة واجدة أو شهر واحد أو سنة واحدة تفرقت هذه الأسر وتمزقت وتقرحت القلوب وحمل بعضها على بعض الحقد والشحناء إن ثمة مسببات لمثل هذه القضايا من أبرزها وأهمها أننا ابتعدنا عن مصدر التلقي لهذا الدين كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وآله وسلم – واستبدلنا ذلك بمصادر مشبوهة بمصادر أريد من خلالها أن تهدم هذه الأسر اعتمدنا على الإعلام كم من الأفلام والمسلسلات التي تعلم المرأة كيف تتمرد على أبويها ؟ وكيف تتمرد على المجتمع ؟ وكيف تتمرد على القيم ؟ وكيف تتمرد على الأخلاق ؟ وكيف تتمرد على زوجها ؟ وكيف تجر على نفسها وأهلها الويلات ؟ إنها مصادر تلقت قيمها من الغرب لم تتلق من كتاب الله ولا من سنة رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم – حينما صارت المرأة تنازع الرجل في قوامته صيرت نفسها رجلاً أمام رجل والرجال هنا يكونون أحد شخصين : شخص استخدم قوته واستخدم عقله واستخدم قوامته ونسي عاطفته فهدم بيته وآخر استخدم عاطفته وتغلبت عليه عاطفته فصار في البيت عبداً رقيقاً تسيره المرأة كيف تشاء القلة القليلة هم الذين يتوازنون في الحياة فيعمل سلطانه وقوامته مع تشغيل عاطفته ومن هنا يأتي التوازن في أوساط الأسرة ويأتي تهدئه الأعصاب والخروج من البيت والتفكير في الأسرة وفي حال الأبناء وتقديم المصالح على المفاسد وتقديرها ..الخ )) هنا يأتي التوازن وهذا الصنف هو المطلوب وهو الصنف الذي يجب أن يكون موجوداً في البيوت أما صاحب الأعصاب المحترقة أو صاحبة الأعصاب المتوترة هذا لا يمكن بهذه الطريقة أن تبقى الأسر إذاً هذا هو الأول .  أمر آخر ربما يأتي من خارج البيت أن يتدخل أبوي الزوج في قضية الزواج فيؤزان في الرجل أزاً أن يفارق هذه المرأة فيبقى الرجل متوتراً غير قادر على الموازنة أيطيع أبواه اللذان ربيانه صغيراً أمه التي حملته أبوه الذي تعب من أجله وربما إخوانه أحياناً الذين تربوا في بيت واحده وعلى مائدة واحدة أو أنه يبقى مع هذه المرأة التي أحبته وتركت بيتها من أجله وتركت أبويها وجاءت إلى هذا الرجل الغريب من أجل أن تسعده ومن أجل أن تقوم بشئونه تكنس له بيته وتهيأ له طعامه وتغسل له ثيابه وتربي أولاده فيعيش في حيرة وربما كان تغلب الوالدين أقوى فأدى إلى الفراق وهو لا يريد الفراق وربما أحياناً تدخل أبوي المرأة من خلال أزها على زوجها أزاً افعل كذا قول كذا خذ كذا اطلب كذا .. الخ )) حتى يؤدي بالزوج إلى أنه لا يطيق الحياة ولا تظنوا- أيها الإخوة – أن كلمة الطلاق ليس لها أي ثمرة فثمرتها تكمن وتظهر في حال ما إذا كانت الحياة مستحيلة بين هذين الزوجين في ظل واحد وإن يتفرقا يغني الله كلاً من سعته وكما كان اللقاء بإحسان فالفراق لا بد أن يكون كذلك بإحسان وإذا انقلبت البيت إلى حلبة صراع وإذا انقلبت البيت إلى مكان للمشاكسة وإلى إخراج الكلمات غير اللائقة التي ربما تؤثر على الأبناء فإن الطلاق تأتي فائدته هنا وما يدور أحياناً بين الناس من أن الطلاق أبغض الحلال إلى الله هذه كلمة يرددها الفقهاء نعم لكنها قد تكون أحياناً واجبة وذلك فيما لو انحرفت المرأة عن المسار الصحيح فارتكبت الآثام والجرائم فواجب ها هنا الطلاق وهذا أمر يحبه الله تعالى – وهذا قد تكون أحياناً مندوبة مباحة فالقول بأن الطلاق مبغض عند الله تعالى – ليس على سبيل الدوام ذاك ربما يصلح حينما يطلق الرجل دونما بأس إذا كان يريد إنزال الضرر بهذه المرأة وإذا كان ليس ثمة بأس بهذه المرأة وإنما هو مجرد تشهي نعم قد يكون هنا الكلام موزون في مثل هذه الحال .

أيها الإخوة الفضلاء : المرأة يجب عليها أن تعرف قدرها ومقدارها في وسط الأسرة كما أن الرجل يجب عليه أن يعرف مكانه فلا يتنازل عن قوامته ولا يغطي على عقل هذه المرأة فلا يشاورها ولا يحاورها لكن الأسرة مجتمع لابد له من قائد ولا بد له من شخص يفصل في الخصومات والنزاعات والمشاورات ولا يصلح هذا إلا للزوج الذي هو قادر على التنفيذ والتمويل فالزوج هو المنفذ لكن كما قلت لا يغفل رأي امرأته ولا يعطل عقلها ولا مشاورتها إطلاقاً فالمرأة لا بد أن تكون مسندة وساندة لزوجها تماماً كما كان هو حال خديجة- رضي الله عنها- هذه المرأة التي وقفت مع رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – بمالها وكلامها فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل وهو ابن عم خديجة أخي أبيها وكان امرأ تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العربي ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي فقالت خديجة يا ابن عم اسمع من ابن أخيك قال ورقة يا ابن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى فقال ورقة هذا الناموس الذي أنزل على موسى ليتني فيها جذعا ليتني أكون حيا ذكر حرفا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أو مخرجي هم ) . قال ورقة نعم لم يأت رجل بما جئت به إلا أوذي وإن يدركني يومك حيا أنصرك نصرا مؤزرا . ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم))[7]

 هذه وقفة خديجة- رضي الله عنها – الجادة مع رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – تقف معه بالمواساة كلا والله لا يخزيك الله أبداً إنك لتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقرئ الضيف تماماً كما فعلت أم سليم – رضي الله عنها – حينما مرض ابنها كما في الحديث عن أنس قال

: مات ابن لأبي طلحة من أم سليم فقالت لأهلها لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه قال فجاء فقربت إليه عشاء فأكل وشرب فقال ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك فوقع بها فلما رأت أنه قد شبع وأصاب منها قالت يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم ؟ قال لا قالت فاحتسب ابنك قال فغضب وقال تركتني حتى تلطخت ثم أخبرتني بابني فانطلق حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بارك الله لكما في غابر ليلتكما قال فحملت قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وهي معه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى المدينة من سفر لا يطرقها طروقا فدنوا من المدينة فضربها المخاض فاحتبس عليها أبو طلحة وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقول أبو طلحة إنك لتعلم يا رب إنه ليعجبني أن أخرج مع رسولك إذا خرج وأدخل معه إذا دخل وقد احتبست بما ترى قال تقول أم سليم يا أبا طلحة ما أجد الذي كنت أجد انطلق فانطلقنا قال وضربها المخاض حين قدما فولدت غلاما فقالت لي أمي يا أنس لا يرضعه أحد حتى تغدو به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح احتملته فانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فصادفته ومعه ميسم فلما رآني قال لعل أم سليم ولدت ؟ قلت نعم فوضع الميسم قال وجئت به فوضعته في حجره ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعجوة من عجوة المدينة فلاكها في فيه حتى ذابت ثم قذفها في في الصبي فجعل الصبي يتلمظها قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انظروا إلى حب الأنصار للتمر قال فمسح وجهه وسماه عبد الله))[8]

 أين نحن من هؤلاء النساء اللاتي كن يقفن مع الأزواج وقفات جادة بالنفس والمال بالكلام ؟ إنها بيوت يندر أن تعود لكن إذا عدنا إلى كتاب الله تعالى – وسنة رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – ستعود ولا شك أنه توجد في المسلمين بيوت لا تزال تغمرها السعادة والعاطفة وحاصل فيما بينها التعاون والتكامل . أسأل الله تعالى – أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه

والحمد لله رب العالمين



[1] – البخاري 5/1958

[2] – سنن أبي داود 1/625

[3] – مشكاة المصابيح 2/200

[4] – البخاري 2/1212

[5] – مشكاة المصابيح 2/238

[6] – مختصر إرواء الغليل  1/369

[7] – البخاري 4/1894

[8] – مسلم 4/1908

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق