تابعنا على

إنتاجات الشيخ خطب مفرغة

الطفولة في الإسلام

 

تخيروا لنطفكم المرأة الصالحة والرجل الصالح فإن السلوكيات والأخلاقيات تسري مع دم المرأة ومع دم الرجل فإذا كان الرجل صاحب دين وخلق وشجاعة وشهامة كان أبناءه مثله وإذا كانت المرأة كذلك كان أبناؤها مثلها…

خطبة بعنوان : الطفولة في الإسلام

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد – صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار

لا شك ولا ريب أن الهجوم على الإسلام والمسلمين من جميع الجوانب والجهات ومن منظمات عديدة كل هذه المنظمات التي تطمح من خلال أطروحاتها ومن خلال ضغوطها أن توجه سهامها نحو الإسلام وأهله نحو الفضيلة ومن يحمل هذه الفضيلة وإنها استطاعت نتيجة ضعف المسلمين ونتيجة وجود تبعية للغرب أعداء الله تعالى – استطاعت أن تصل إلى موضع صناعة القرار واستطاعت أن تغير عقولاً وإفهاما واستطاعت أن تغير مناهج تعلم لفلذات الأكباد.

 إننا جميعاً – أيها الإخوة الفضلاء – كنا قبل سنين وقبل عقود كنا أطفالاً صغاراً وصرنا اليوم شباناً وشيوخاً وكهولاً ولم نعرف مثل هذه الهجمة الشرسة التي تتوالى على الإسلام والمسلمين في حين غفلة من أبناء هذه الأمة أو تآمر من كثير من أبناء هذه الأمة ممن ينتسب إليها تآمر واضح على هذه الأمة وعلى عقيدة الأمة في مقدراتها وخيراتها ولقد اصمت آذاننا تلك المنظمات بكثير من القوانين التي وضعتها والتي تريد من حلالها أن تطبع حياة المسلمين بنفس الطريقة التي يعيشها اليهود والنصارى والهندوس والشيوعيون والبوذيون ومن نحا نحوهم واستطاعوا أن يدمجوا وأن يدخلوا هذه الأفكار ضمن المناهج الدراسية أو استطاعوا كذلك أن يعقدوا وينظموا مؤتمرات يجمعون فيها بعضاً من صناع القرار من هنا وهناك ومن ثم يمررون مخططاتهم التي يريدون تمريرها في بلاد المسلمين من هذه القوانين التي أصمت بها آذاننا بها هذه المنظمات ما يطلق عليه بحقوق الطفل وكأن الطفل في بلاد الإسلام ليس له أي حقوق وكأنهم سبقوا الإسلام والمسلمين في صناعة وصياغة هذه الحقوق ولم نعرف من هذه الحقوق إلا ما أطلق عليه بتلك الاتفاقيات إما اتفاقية حقوق الطفل أو ما كتب ضمن اتفاقية السيداو التي من خلالها مررت تلك المنظمات كثيراً من الأشياء التي تناقض وتصادم الإسلام جملة وتفصيلاً وإجمالاً هذه الحقوق التي ينادون فيها منها : ما سبقهم الإسلام إليه ومنها المقصود منه كيف يحرفون أطفالنا وعقيدة أطفالنا وعقول أطفالنا … الخ )) حتى يصير أبناؤنا يعيشون بنفس النمط ونفس الطريقة التي يعيش بها أعداء الله – تعالى – يعني قالوا : على سبيل المثال إن من حق الطفل أن يعيش من حق الطفل أن يسمى من حق الطفل أن يرعى رعاية صحية وبدنية من حق الطفل أن يشعر بحنان الأبوة والأمومة من حق الطفل أن يتعلم … الخ )) هذه كلها ربما تكون في جملتها مقبولة ولكن أخطر هذا هو ما سطروه في اتفاقية السيداو التي قالوا فيها : إنه يجب أن يعطى للطفل حرية الاعتقاد يعني إن شاء أن يكون مسلماً أو يهودياً أو من عباد الأوثان قالوا أيضاً من حق الطفل أن يحمى وأن يعطى حريته الفكرية … الخ )) قالوا أيضاً من حق الطفل أن يعطى حريته الجنسية أن تكلف له هذه الحرية منذ السنين الأولى فيتعلم هذه الأشياء تعليماً عملياً وتحمى له هذه الحقوق ويعطى من الوسائل والأدوات التي تعينه وتمكنه على ذلك ومن هنا حرمت هذه الاتفاقية الزواج قبل السابعة عشرة أو الثامنة عشرة وكفلت للأطفال ذكوراً وإناثاً حقوقهم الجنسية ولا يجوز لأحد أن يمنعهم أو أن يضيق عليهم وقررت هذه الاتفاقية كذلك إباحة الإجهاض للحمل الغير مرغوب فيه فهؤلاء الناس يريدون أن يحرموا على من بلغ الذكور والإناث أن يتزوجوا الزواج الشرعي ويبيحون لهم أن يمارسوا حريتهم الجنسية كما يشاءون بالطرق المحرمة فبالحرام مباح وبالمباح حرام .

 الطفولة – أيها الإخوة _ حينما نتكلم عليها إننا نتكلم عن مجتمع وعن شعب وعن الأمة وعن القيم وعن حضارة أثبتت الدراسات أن القيم لا تغرس في الناس إلا في السن المبكرة للطفولة من السن الأولى إلى سن الخامسة أو السادسة هذه السن يغرس فيها نحو 85 % من القيم أما بعد ذلك فمن الصعوبة بمكان أن تغرس فيه شيئاً من القيم وللأسف الشديد أن الاهتمام لا يكون بهذه الشريحة نتيجة غفلتنا عن أهمية هذه السن وهذا العمر من عمر هذا الإنسان إننا لا نعتني بهؤلاء الأبناء إلا حينما يتجاوزون في دراستهم التعليم الأساسي وقد غرست فيهم القيم وانحرفت مفاهيمهم وتشبعوا بالأفكار الغريبة التي أخذوها من رفقاء السوء ومن الإعلام ومن هنا وهناك فحينئذ نأتي لنقوم العود وقد اعوج فلا نستطيع تقويمه هذه السن سن الطفولة هي السن التي تغرس فيها القيم وهي السن التي نستطيع من خلالها أن نصنع رجالاً لهذه الأمة يحمون الأوطان والدين والمعتقد والمقدرات لهذه الأمة لهذا فإن الإسلام قد سبق هؤلاء المتشدقين الذين ينادون بمثل هذه الحقوق .

إن هذه الاتفاقيات لم تعرف من حقوق الطفل إلا بعد وجوده وأما الإسلام فإنه قد جعل هذه الحقوق وقسمها إلى ثلاثة أقسام :

القسم الأول : قبل وجود الجنين – القسم الثاني : قبل تكوينه هاتان الفئتان لم تعتن بهما المنظمات الحقوقية وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على قصور هذه العقول وأنها بحاجة إلى مصادر تستقي منها المعلومات فالإسلام سبقهم إلى هذه التقسيمات . ثالث هذه التقسيمات : هي حقوق الطفل بعد الوجود بعد أن يخرج إلى الوجود . الطفولة – أيها الإخوة – سماها القرآن قرة العين وسماها القرآن هبة من الله – تعالى – وسماها القرآن زينة الحياة الدنيا إذن إذا كانت الطفولة هبة وزينة ومنة من الله – تعالى – وهي قرة العين يعني لا يهدأ لك بال ولا تقر لك عين إن لم تكن عندك طفولة ولهذا – أيها الإخوة الكرام – إن من حقوق الطفولة التي لم تعتن بها ولم يجل بخاطر هذه المنظمات المشبوهة المدسوسة ولم يجل أيضاً بخواطر أولئك الذين يكيدون للإسلام وأهله حقوق الطفولة قبل أن توجد وقبل أن تتكون من ذلك أن الإسلام حرص على اختيار الأبوين

قال الله – تعالى : (( … وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ )) سورة الأنبياء آية (90)

لكن فوق هذا أصلح الله له زوجه وجعلها امرأة صالحة دينه تطيع ربها وتطيع زوجها وتحفظ ولدها فأصلحها الله – تعالى – والنبي – صلى الله عليه وآله وسلم – يقول : ((تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم))[1]

وقال – صلى الله عليه وآله وسلم : ((تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك))[2]

وقال – صلى الله عليه وآله وسلم : ((خيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم))[3]

تخيروا لنطفكم المرأة الصالحة والرجل الصالح فإن السلوكيات والأخلاقيات تسري مع دم المرأة ومع دم الرجل فإذا كان الرجل صاحب دين وخلق وشجاعة وشهامة كان أبناءه مثله وإذا كانت المرأة كذلك كان أبناؤها مثلها وإن كانت بيئة الرجل أو المرأة فاسدة في سلوكياتها وأخلاقياتها فإن الأطفال  يطلعون شبهاً لذلك ويكتسبون من السلوكيات والأخلاقيات ماهي موجودة في سلوكيات الأب والأم ولهذا حرص الإسلام على حق الطفولة من أجل أن تكون هذه الطفولة سوية وصالحة ينشا من خلالها الرجال الصالحون الذين ينشئون أمة صالحة وحضارة إسلامية تقاوم وتساوم بل تتربع على كل الحضارات الموجودة على ظهر الأرض لأن مصدرها مصدر رباني إن هذه الحقوق التي كفلها الإسلام لهذه الطفولة حتى في حال التكوين حينما يكون الطفل في بطن أمه كفل له حقوقاً لم تتعرض له تلط الأنظمة إطلاقاً بل هذه الأنظمة عدوة الطفولة لذلك فإن الأسر عند هذه الشرذمة وعند هؤلاء الناس المنحرفين عن شريعة الله – تعالى – الأسرة عندهم تتكون من امرأة وامرأة عن طريق السحاق وتتكون من رجل عن طريق اللواط وتتكون من الرجل والمرأة . هل رأيتم انحرافاً أشد من هذا الانحراف انحراف تأباه العقول السليمة والفطر السليمة وإن هؤلاء أعداء الطفولة حقاً لأن من جملة أنظمتهم إباحة الحمل غير المرغوب فيه وساء كان شرعياً أو غير شرعي فإذا كانت الأم لا تريد هذا الجنين تذهب إلى المشفى وتسقطه سواء كان برضا الزوج أو بغير رضاه وهكذا أيضاً الأبواب مشرعة ومفتوحة للإجهاض ولذلك لو جئت تنظر في الإحصاءات في بلاد الغرب كم هي عدد الإجهاضات التي تحصل يومياً لذهلت لأن هؤلاء في الحقيقة أعداء للطفولة أما الإسلام فقد حفظ حقوق الطفولة أتكلم عن هذا لأن هذه المنظمات والمشبوهين أصموا آذاننا يجوبون الآفاق في المدارس والجامعات وفي المقالات وفي المنتديات وفي كل مكان يتحدثون عن حقوق الطفولة وهم لا يعرفون ما حقوق الطفولة الإسلام كفل للجنين البقاء وحرم الإجهاض .

الفقهاء يقولون : منهم من يقول : يحرم إجهاضه من أول يوم يعلم أنه قد زرعه الله – تعالى – في البطن

ومنهم من يقول : يحرم إجهاضه بعد شهر . ومنهم من يقول : يحرم إجهاضه بعد أربعة أشهر هذه أطول مدة تكلم فيها العلماء وإن الذين قالوا : يحرم من أول يوم هؤلاء في الحقيقة لم يتصوروا ولم يعقلوا متى علق هذا الولد فلا تستطيع المرأة أن تعرف متى حملت إلا في حال انقطاع دورتها الشهرية وانقطاع الدورة الشهرية قد تعلمه المرأة في نهاية الشهر وقد يكون علق هذا الجنين من أول يوم من طهرها يعني أن عمره الآن 21 يوماً على أقل تقدير ومن هنا فإن الطب الحديث يثبت أن الجنين إذا علق في رحم المرأة وتلقح بالبويضة فإنه من خلال الرؤية التلفزيونية لهذا العالق ولهذا الحيوان أنه ينبض بالحياة ولهذا قال بعض أهل العلم إجهاضه من الشهر الأول يعني بعد شهر يحرم إجهاضه ولهذا فإن كثيراً من المجامع العلمية تحكي نحو هذا وأن الجنين في أول شهر تنبض فيه الحياة ولهذا كان هذا والله أعلم أقرب إلى الصواب أما قضية اليوم الأول فإننا لا نعلم متى هذا اليوم الأول هل علق في أول يوم من الشهر أو في نهاية الشهر ومنهم من قال : بعد أشهر الحاصل أن الإسلام حفظ الحياة لهذه الطفولة وهو جنين في بطن أمه ومن حفظه لهذه الحقوق أنه جعل له عشر الدية كما قال – صلى الله عليه وآله وسلم : ((فيه غرة عبد أو أمة))[4]

 أي قيمة عبد أو أمة فجعل له هذه الحقوق لأن الإسلام يحترم هذه الحياة جعل له أيضاً : حقوق معنوية في أن المرأة وأن الأب متهيئين معنوياً لأن يكون هذا الطفل شيئاً ورقماً وممن يكون له تغيير في مجريات الحياة ولهذا قالت امرأة عمران : ((إِذْ قَالَتْ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )) سورة مريم آية ( 35)

 أي أرادت منه أن يكون شيئاً وأن يكون رقماً فنذرته لعبادة الله فكان نبياً وهكذا أيضاً الصالحون كانوا يعدون الأبناء وهم لا يزالون في بطون أمهاتهم يعدونهم لأشياء عظيمة تستقبلهم في حياتهم أيضاً من هذه الحقوق حقوق الطفل عند وجوده إذا وجد هذا الطفل فإن هذه الاتفاقيات المشبوهة تتكلم عن هذا الجانب فحسب وتتكلم عن جوانب يمكن أن نتفق معهم لا خلاف أصلاً في هذه المسائل سواء سطروها أو لم يسطروها فإذا كان الناس يسمون البهائم يسمون الثيران ويسمون الدجاج ويسمون الحمير والجمال فكيف ببني آدم بل يسمون الطائرات والبواخر إلى آخر ذلك فإن هذا من التمييز حق هذا الطفل إذا وجد فمن حقه من أول يوم أن يسمع الإيمان وأن يربى عليه فمن حقه أن يسمع الأذان بعد خروجه مباشرة إلى ظهر الأرض لقد سن – صلى الله عليه وآله وسلم – أن يؤذن في أذن المولود ليكون أول ما يسمع الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله لكن أولئك الناس لا يخلق الطفل إلا على نغمات الموسيقى وعلى رقصات الدسكو أما في الإسلام فلا فإنه يسمع الإيمان ويسمع التوحيد من أول وهلة يخلق فيها .

من حقه أيضاً أن يماط عنه كل أذى ومن ذلك شرع النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – أن يزال عن الطفل يوم سابعة شعر الجنين أو ما نسميه شعر البطن فيحلق برفق ويوزن ويتصدق بقيمته فضة شكراً لله تعالى – أما هؤلاء الناس لا يعرفون مثل هذا من حقه أيضاً أن يعق عنه شكراً لله تعالى –  فيعق عنه بشاة أو شاتين من حقه أيضاً أن يسمى بالتسمية الحسنة لا كما هو حاصل اليوم إننا ذهبنا إلى ملكات نجوم العالم وذهبنا إلى الفاسدين والضائعين من نحوم المسارح والكرة والمجون فأخذنا تلك الأسماء وسمينا بها أبنائنا وسميناهم بالأسماء التي ربما تكون ضرراً عليهم في حياتهم لقد كان – صلى الله عليه وآله وسلم – يغير الأسماء التي تكسب الطفل شيئاً من الشرس والشكس ومن سوء الأخلاق فمثلاً غير شهاب لأن من صفات الشهاب أنه محرق ولهذا غير مثل هذه الأسماء وكانت الجاهلية يسمون حماراً وكلباً وكليباً وللأسف إلى يومنا هذا لا تزال مثل هذه التسميات موجودة فانظر في الآونة المتأخرة كيف تسمى البنات على سبيل المثال ومن أين تستقى هذه المسميات ؟ تستقى من هذه الشرائح المعوجة ولا ينتقى لها الأسماء الصالحة قال – تعالى: ((يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً )) سورة مريم آية (7)

أي هذا الاسم من أحسن ما يختار قال – صلى الله عليه وآله وسلم ((تسموا بأسماء الأنبياء وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة))[5]

وقال – صلى الله عليه وآله وسلم : ((تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي…))[6]

فمن حقه أن تسميه بالسم الحسن من أجل ألا يتندر به وألا يلقب بالألقاب التي تجعله ينكس رأسه أو أنها تكسبه شيئاً من الصعوبة والوعورة في سلوكه وأخلاقه هذا طرف من حقوق الطفولة بعد وجودها وفي الخطبة الثانية نكمل إن شاء الله – تعالى – أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

 الخطبة الثانية :

 الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى

وبعد :

أيضاً من حقوق الطفولة النسب ولهذا لم يترك الإسلام شخصاً من دون انتساب فلقد قال – صلى الله عليه وآله وسلم – ((…الولد للفراش …))[7]

يعني طالما وولد هذا الولد في فراشك فهو لك واترك وساوس الشياطين الولد للفراش وللعاهر الحجر هكذا ما ترك الإسلام طفلاً إلا ونسبه اللهم إلا أولئك الذين لا تعرف إلا أمهاتهم فجعلهم ينتسبون إلى أمهاتهم فجعلهم ينتسبون إلى أمهاتهم لأنه لا يعرف من هو أبوه ومن الأخطاء التي ترتكب أن بعض الناس إذا وجد طفلاً مرمياً بباب مسجد أو بيت أو في قمامة ونسبه إلى نفسه وهذا من الأخطاء الشديدة لابد من استخراج حكم فوراً بأن هذا الطفل وجد في مكان كذا وكذا لا بأس أن يسميه فلان بن عبد الله بن عبد الرحمن ويعلمه تدريجياً أنه إذا أراد ألا يعقده أن يقال له إن أباك وأمك فقدا وأنت فلان بن فلان ومن البر به أنه لا بأس أن يعطيه وأن يوصي له بشيء من ماله ويعلمه ويربيه التربية الصالحة .

حقه في الحضانة والأمومة : وهذه من الحقوق التي كفلها الإسلام لهذا ففي الحديث ((أن امرأة قالت يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أنت أحق به ما لم تنكح))[8]

لأن الطفل محتاج إلى أمه وإلى حنون الأمومة

حقه في الرضاعة : أن يرضع هذا الطفل من أمه إلا أن يكون هناك ثمة عذر شرعي كما قال – تعالى : ((وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ…)) سورة القصص آية ( 7)

وقال – سبحانه : (( … وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى  )) سورة الطلاق آية (6)

أيضاً : من حقوقه أنه لابد من العناية في تقسيمات عمره فإن بعض الأطباء والفلاسفة قسموا سن الفتوة للأطفال إلى ثلاثة أسباع السبع السنين الأولى والوسطى والأخرى وهناك حديث ضعيف لا يثبت عن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – لكن هؤلاء الفلاسفة كأنهم أخذوه من هذا الحديث أو أن هذا الحديث أصلاً أخذ من حكمة هؤلاء الفلاسفة والأطباء فالسبع السنين الأولى لهذه الطفولة أنه يكون سيداً والسبع السنين الوسطى عبداً والسبع السنين الثالثة يكون وزيراً يعني أن السبع السنين الأولى يكون سيداً بمعنى أنه محتاج وإنه لابد أن يعطى ولا يمنع من شيء مما هو مباح بحسب المقدور فهو السيد في البيت لابد من العناية به والسبع السنين الأولى فيها التأديب والتوجيه كما في الحديث ((مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع))[9]

والسبع السنين الثالثة يكون فيها وزيراً يعني يعلم كيف يدخل إلى معترك الحياة فإذا لم يتعلم في مثل هذه المرحلة ففي الغالب أنه يعني تمسح الأيدي منه لأن هذه السن هي السن التي تؤهله لأن يكون سيداً ولأن يكون وزيراً وأن ينخرط في الحياة فلابد من مراعاة هذه المراحل وأخطر هذه المراحل – أيها الإخوة – السبع السنين الأولى ففيها تغرس القيم والمفاهيم والأخلاق إن هذه السن هي سن التعديل ما بعد ذلك يصعب عليك أن تعدل الأبناء ولنا في معترك الحياة عبرة لهذا نحن لا نعتني بهذه الشريحة ولا نعتني بهذه السبع السنين بعد هذه السبع السنين يبدأ عنايتنا بهذا الطفل ليش ؟ لأنه بدأ يدخل المدرسة الآن وبدأ الآن التوجيه ولابد من عنايته ونأتي بالمدرسين ونأتي ونأتي …الخ )) لكن وقد فاتنا القطار حتى إن بعض المفكرين الإسلاميين كما ذكرت فيما سبق إن كنتم تتذكرون أو قرأتم مثل هذا جاءه رجل فقال له : أريد منكم نصيحة فقد جاءني مولود فقال له : متى جاءك هذا المولود ؟ قال : جاءني قبل يومين قال : فاتك القطار لأنه خلال هذين اليومين تلقن أشياء معوجة وصدق يعني أنه مثلاً : يبكي الطفل مباشرة يعطي الثدي يبكي الطفل تحمله أمه تعود على مثل هذا الأمر قال له : فاتك القطار ولهذا ينبغي أن يعلم الطفل أنه لا يعطى شيئا بمجرد أنه يبكي لا تعطيه إلا في الوقت المناسب وينبغي على كل مقدم على الزواج أن يقرأ وأن يتثقف في هذا الجانب حتى ينشأ أسرة صالحة بأذن الله – تعالى

من حقوق الطفل أيضاً بعد وجوده التكريم فقد كان – صلى الله عليه وآله وسلم – إذا مر على أطفال سلم عليهم من حقه أيضاً الاستئذان كان – صلى الله عليه وآله وسلم –في مجلس وكان معه في هذا المجلس كبار الصحابة – رضي الله عنهم – وكان عن يمين النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – الفضل بن عباس – رضي الله عنه – وكان طفلاً صغيراً والنبي – صلى الله عليه وآله وسلم – علمنا أنه في حال شرب الكبير أن يبدأ بعد ذلك من على يمينه فقال النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – مستأذناً من الفضل بن عباس أتأذن لي أن أعطي فلاناً قال : لا والله لا أؤثر بنصيبي منك أحداً يا رسول الله فوضع الإناء في يده .

من حقه اصطحابه في السفر ليتعلم ولينظر وليسأل وليناقش كان – صلى الله عليه وآله وسلم – يأخذ معه عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – وكان يقول له أحفظ الله يحفظك واصطحب معاذ وأسامة…الخ ))

تكنيته كذلك من حقه أن يكنى بأبي فلان وأن يعطى الألقاب التي تليق به والتي نطمح أن يكون عليها في المستقبل بأذن الله – تعالى – كأن يقال له يا مهندس يا طبيب هذه الأشياء تشبعه وتعطيه دفعة للوصول إلى مثل هذا الهدف . من حقه أيضاً تحنيكه بقليل من التمر يمضغه الأب أو ألام يقولون إن هذا التحنيك هو بمثابة التلقيح بعض الناس اليوم يقولون : كيف نعطي الطفل مكروبات من فم الكبير وما هو التلقيح إلا مكروبات تدخل للجسم وهذا مثله يقوم مقامه وقد سنه النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – ولكننا هجرنا هذه السنة وتركناها . الحنو عليه وإشعاره بالحنان مثل تقبيله والتربيت عليه وإعطائه الكلمات الحانية منها : أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – كان يقول : اللهم إني أحبهما – يعني الحسن والحسين – فأحبهما .

من حق الطفولة المساواة أن يساوى بين الذكر والأنثى في العطاء في الحياة وبعد الممات لا أن تظلم المرأة وتفضل الذكور .

 أيضاً توفير البيئة الإيمانية كان – صلى الله عليه وآله وسلم – يقوم من الليل وكان ابن عباس – رضي الله عنهما – يقوم يصلي بجوار النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – هذه بيئة إيمانية.

أيضاً اصطحابه في الأسفار يتعلم ويوجه … الخ ))

من حق الطفولة أن تتجنب الخصومات والمشاكل في البيوت لا كما يحدث اليوم من مشاكل في البيوت يحدث الصراع بين الزوج والزوجة كل ذلك في ذهن وسمع وعلى مرأى من الطفولة من كلمات مقذعة ورمي وضرب وحلبة صراع …الخ )) كل هذه الأشياء تعقد الطفولة وتضفي عليها مساوئ كثيرة .

من حق الطفولة التعليم وهذا أمر متفق عليه وأن يبلغ أعلى المراتب ذكراً كان أو أنثى .

ومن حق الطفولة أن يبدئ رأيه وأن يناقش وأن يحاور وإن الطفل ليحب الكلام الكثير والحوار الطويل خصوصاً في السبع السنين الأولى وانظر إلى طفلك وهو يتكلم خذه إلى معرض وإلى بقاله ما هذا وما هذا وما هذا وكيف هذا وأيش هذا ؟ يجب عليك أن تجيب عليه وألا تسكته وإلا أطفأت ذكاءه المتوقد .

صلى ابن عباس – رضي الله عنهما – خلف النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – فسأله لماذا صليت خلفي ؟ لماذا لا تصلي بجواري ؟ قال : ما كان لأحد أن يصلي حذاء رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم .

هكذا أيضاً حقه في التعبير بعض الناس لا يحب أن يسمع لأبنائه عيب يجب أن تنصت ويجب أن تأخذ التوجيه من أبيك أو أمك أو جدك لا دعه يحاور ويتكلم وقوم هذه المحاورة .

دخل الحسين بن الفضل وهو طفل على الخليفة وعنده كثير من كبار القوم فأراد أن يتكلم فزجره وأسكته أصغير يتكلم في مثل هذا المقام قال : يا أمير المؤمنين والله لست أصغر من هدد سليمان – عليه السلام – ولا أنت أكبر من سليمان – عليه السلام – فقد تكلم الهدد في مجلس سليمان – عليه السلام – وأنصت له سليمان – عليه السلام – فأنصت الخليفة فتكلم ووعظه وعظاً مؤثراً حتى أبكاه ومن هذه القصص أشياء كثيرة على كل حال – أيها الإخوة – لا تصم هذه المنظمات آذانا ولا تؤثر فينا ولا تجعلنا ننظر للإسلام نظرة ازدراء واحتقار وأن الإسلام لم يكفل حقوق الطفولة ولا حقوق المرأة ولا حقوق الحيوان هؤلاء الناس تكلموا لأنهم أصلاً أشبه ما يكون بالحيوان بل هم أضل من الحيوان كما قال – تعالى – ((…أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ )) سورة الأعراف آية (179)

لأنهم ما عرفوا خالقهم ولأنهم ألهوا عقولهم ويجب علينا أن نتكلم مع أبنائنا وأزواجنا وأطفالنا أن الإسلام كفل لهم حقوقهم كاملة غير منقوصة وإياكم أن تتساهلوا في مثل هذه الأمور فإن أناس يذهبون إلى المدارس وفي الطوابير يتكلمون بمثل هذا الكلام وأناس صاروا مأجورين يكتبون ويخطبون في مثل هذه الأمور وهم مأجورين بقليل من المال يبيعون دينهم بعرض من الدنيا قليل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين

والحمد لله رب العالمين



[1] – سنن أبي داود 1/625

[2] – البخاري 5/1958

[3] – سنن ابن ماجه 2/ 633

[4] – البخاري 6/ 2668

[5] – سنن أبي داود 2/705

[6] – البخاري 1/52

[7] – البخاري 2/724

[8] – سنن أبي داود 1/ 693

[9] – سنن أبي داود 1/ 187

 

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق