تابعنا على

إنتاجات الشيخ خطب مفرغة

لزوم الاستقامة

الخطبة مسموعة :[audio:3013.mp3]

فإنه من تدبر كتاب الله تعالى وجده منهاجاً متكاملاً لحياة المسلم ووجد أنه يأمر بطاعة النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – وبأتباع هديه وسنته – صلى الله عليه وآله وسلم -…

خطبة بعنوان : لزوم الاستقامة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

 

فإنه من تدبر كتاب الله تعالى وجده منهاجاً متكاملاً لحياة المسلم ووجد أنه يأمر بطاعة النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – وبأتباع هديه وسنته – صلى الله عليه وآله وسلم –  لأنه- صلى الله عليه وآله وسلم – هو المكلف من ربه تعالى – وتبيين ما أنبهم من القرآن فلا يمكن لأحد أن يفهم كتاب الله تعالى بعيداً عن دراسة سنة رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – ومن تدبر القرآن وجده يأمر بالفضائل وينهى عن الرذائل وجده يتكلم بإجمال تارة وبالتفصيل تارة أخرى ومن هذه القضايا التي أجملها القرآن وهي تحوي معان عدة وهي رأس حسن الخلق تقوى الله- عز وجل – والاستقامة على طاعته – سبحانه وتعالى – ومن هنا يعلم السر من أننا كذا مرة في اليوم والليلة ندعو الله تعالى _ أن يرزقنا الصراط المستقيم ففي كل ركعة تركعها تدعو الله تعالى ذلك وتقول : اهدنا الصراط المستقيم فهل تدبرنا معنى هذا الدعاء ومعنى هذه الاستقامة وماذا تريد منا الاستقامة وما الأمور التي تعيننا على الاستقامة على أمر الله- عز وجل – إن الله تعالى – جعل في هذا الدعاء سراً مكنوناً لا يتدبره إلا من تدبر كتاب الله تعالى –  ومن تدبر سنة النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – ومن تتبع سير الصالحين من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم – رضي الله تعالى عنهم أجمعين- ولذلك فإننا لا نزال وسنبقى ندعو الله تعالى – على أن يهدنا الصراط المستقيم اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين يفهم من هذا أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – جاء بصراط غير صراط اليهود والنصارى ومن هنا نسأل الله تعالى أن يهدينا هذا الصراط المستقيم مرات في كل يوم وليلة في كل ركعة تركعها تدعو الله تعالى أن يهديك الصراط المستقيم وأن يرزقك الاستقامة على الصراط المستقيم هذا الأمر بالاستقامة ليس فقط لأتباع النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – بل هو بالدرجة الأولى موجه للنبي – صلى الله عليه وآله وسلم – فهو من جملة من كان يقرأ اهدنا الصراط المستقيم حتى ولو كنت ترى نفسك أنك على الاستقامة فلابد وحتماً تحتاج إلى هذه الاستقامة بمعنى آخر أن يفتح الله تعالى – عليك طرقاً أخرى تهديك وتأخذ بيدك وناصيتك إلى الاستقامة على منهاج الله تعالى – قال الله – تعالى – لنبيه – صلى الله عليه وآله وسلم ((فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )) سورة هود آية (112)

أمراً ونهياً وأردف بالاستقامة من آمن معه وأتبع سبيله وجاء أمراً خاصاً بأتباع النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – فقال – سبحانه – (( … فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ  )) سورة فصلت آية(6)

وقال – سبحانه – ((وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ  )) سورة الأنعام آية (153)

خط النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – خطاً طويلاً في الأرض وأصحابه من حوله وتلا قوله – سبحانه – ((((وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ  )) سورة الأنعام آية (153) ثم خط خطوطاً معترضة على يمين هذا الخط وعلى شماله وتلا قوله تعالى – (( … وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ  )) سورة الأنعام آية (153)

إذاً مطلوب من المؤمن أن يستقيم على أمر الله والاستقامة من الكلمات الجامعة التي يدخل فيها جميع خصال الخير وجميع الأخلاق الحميدة والسوية الفاضلة ويخرج منها كل طريق رذي وكل خلق سيء يخرج عن هذه الاستقامة ونحن بحاجة إليها خاصة في وقت الفتن وفي الوقت الذي يلهى الإنسان عن أن ينظر إلى نفسه ولذلك جاء عن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – أن العبادة في أيام الفتن كهجرة إليه السبب في ذلك أن الناس تلهيهم هذه الفتن وتشتت أذهانهم فيبتعدون عن النظر إلى أحوالهم وعن النظر في أمورهم هم في سلوكياتهم وفي أخلاقهم ومن هنا تظهر أخلاقيات الناس في مثل أيام الفتن وكل إنسان ينتمي إلى فصيلة فتجد من يحاول أن يلتف على الناس وأن يلتهم أموالهم وأن يحتال عليها بأي طريقة كانت وتجد منهم من يتشبه بالذئاب وبالأسود ينتظر الفرصة من أجل أن ينقض على فريسته بأي طريقة كانت وتجد من الناس من يتلون في سلوكياته وأخلاقياته فينافق هذا وينافق الآخر وهكذا يصير صاحب وجهين وهلم جر فأيام الفتن العبادة فيها كهجرة إلى النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – أي أجرها كأجر من هاجر إلى النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – لأهمية الأخذ بجوامع الأمور جاء رجل إلي النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – قال : قلت : يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك وفي رواية : غيرك قال : ” قل : آمنت بالله ثم استقم))[1]

أي الإيمان والتصديق الرضا بقضاء الله تعالى وقدره أن يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والقضاء والقدر خيره وشره ثم استقم أي استقم كما أمرك الله تعالى –  فتؤدي المأمور وتنتهي عن المزجور تفعل ما أمرك الله تعالى تفعل الواجب والمندوب وتنتهي عن الحرام والمكروه هذه هي غاية الاستقامة وأجملها بعض أهل العلم فقال : هي العمل بشرع الله تعالى – مع الاعتدال يعني لا تكن في هذا الطرف ولا تكن في الطرف الآخر مع الإجمال والاعتدال فتكون معتدلاً في عبادتك ولما سئلت عائشة 0 رضي الله عنها- عن أعمال النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – وهو سيد المتقين وهو الأسوة والقدوة الحسنة إذ قال الله تعالى ((وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ))

سورة القلم آية (4)

 وقال – سبحانه – ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً  )) سورة الأحزاب آية (21)

سئلت عائشة – رضي الله عنها – عن عمل البني – صلى الله عليه وآله وسلم – قالت : كان عمله ديمة . يعني دواماً وقال – صلى الله عليه وآله وسلم (( … وأن أحب الأعمال أدومها إلى الله وإن قل))[2]

أن يحافظ الإنسان على هذا العمل على سبيل الدوام ولو كان قليلاً فإنسان يركع الوتر ثلاث ركعات على سبيل الدوام خير وأفضل من إنسان يتقطع عمله في النافلة تارة يعمل تارة يترك وتارة يزيد وتارة ينقص كان عمله – صلى الله عليه وآله وسلم – دواماً يداوم عليه – صلى الله عليه وآله وسلم – إن المجتمع المسلم لا يمكن أن تظهر العدالة والمساواة ولا يمكن أن يستتب الأمن والاستقرار في أي بلد ما إذ انعدمت فيه الاستقامة على أمر الله تعالى – فمن انحرف عن الاستقامة أخذ بالسلوك الرديء وأخذ بالأخلاق المشينة فأقلق السكينة وأقلق الأمن والاستقرار فالاستقامة أمر مطلوب وما من خلق فاضل وخلق حميد إلا ويدخل في مادة الاستقامة وما هنالك إنسان يود أو يفرح بالحزن أن يوصم بأنه منحرف بل يفرح إذا مدح وقيل فلان مستقيم حتى ولو كان ذلك على سبيل النفاق والدجل والكذب فهذا وصف يفرح به كل إنسان سوي مسلماً كان أو كافراً يحب مثل هذا اللفظ أن يوصف بأنه مستقيم على أمر الله تعالى – إذاً – أيها الإخوة – الاستقامة على أمر الله تعالى – أمر مطلوب وممدوح ومثله مثل التوبة أن يكون الإنسان ملازماً للتوبة والاستغفار كما هو ملازم أيضاً للاستقامة على أمر الله تعالى – والمؤمن هو الذي يرده إيمانه ويزجره إيمانه عن الانحراف عن هذا الصراط المستقيم والنفس اللوامة تلوم صاحبها إذا أراد الانحراف عن الاستقامة فإنها تلومه ولكن هنا قد يكون الغلبة لها أحياناً وقد يكون الغلبة للهوى والشيطان أحياناً أخرى فيقع الإنسان في السلوك المنحرف عن أمر الله تعالى – ولا يزال المؤمن بخير ما لم يكن مجاهراً بمعصية الله تعالى .

 قال – صلى الله عليه وآله وسلم – ((كل أمتي معافي إلا المجاهرون))[3]

 يعني إلا المجاهر بالمعصية المجاهر بما يغضب الله تعالى – الذي يفرح بأن يظهر عنه أنه يفعل ما يشين

 أسأل الله تعالى – أن يرزقنا الاستقامة وأن يرزقنا حسن الخلق ويصرف عنا سوء الخلق . أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .

 

الخطبة الثانية :

 الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

وبعد :

سئل النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – عما يقرب من صحبته فقال – صلى الله عليه وآله وسلم –

((إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا…))[4]

فحسن الخلق يدخل في الاستقامة على دين الله تعالى – كما سئل – صلى الله عليه وآله وسلم – كما في حديث أبي هريرة قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما أكثر ما يدخل الجنة ؟ قال

: التقوى وحسن الخلق ) وسئل ما أكثر ما يدخل النار ؟ قال  الأجوفان الفم والفرج))[5]

هكذا يخبر – صلى الله عليه عن هذه الفضيلة وعن هذه القضية التي أمة الإسلام بأمس الحاجة أن تستقيم على أمر الله تعالى – فالسعادة كل السعادة في الاستقامة على أمر الله تعالى – وما سعدت هذه الأمة وما ترقت وما صعدت إلى أعلى المراتب في سلم الحضارات إلا لأنها كانت مستقيمة على شرع الله تعالى – وما انحدرت وانحطت الحضارات في الزمان الماضي وفي هذا الزمان إلا نتيجة انحرافها عن أمر الله تعالى – فالله تعالى يجعل أعمار هذه الحضارات كأعمار الناس ولكن هبوطها وانحدارها وسقوطها يجعل الله تعالى – لها أسباباً هذه الأسباب هي البعد عن الاستقامة عن أمر الله تعالى – الاستقامة على أمر الله تعالى – ليست مجرد لفظ ولا مجرد إدعاء وليست خاصة بزمان دون زمان أو مكان دون مكان فتجد من الناس من إذا جاءت بعض المواسم أظهر استقامته كرمضان مثلاً وإذا خرج رمضان عاد إلى ما كان عليه أو مواسم أخرى وأماكن أخرى فتجده على سبيل المثال إذا دخل إلى مسجد ما فإنه يتلبس ويتقمص التقوى والزهد والانكسار والتذلل لكنه بمجرد أن يخرج من بيت الله تعالى – إذا به يعود وحشاً كاسراً لا يعرف تقوى ولا مراقبة لله تعالى – ولا خوفاً من الله تعالى – فيعيش هذا الإنسان بانفصام في حياته حياة المؤمن ليس فيها انفصام إطلاقاً بل يكون في رمضان كما يكون في غيره ويكون في المسجد كما يكون في غيره حاله حال استقامة نعم الكمال لله – تعالى – لا يمكن للإنسان أن يكون مستقيماً 100% كما أمر الله تعالى – تلك هي صفات الأنبياء والرسل ما دون الأنبياء والرسل واقعون لا محالة في الذنوب والمعاصي والمخالفات إن أقرب الناس إلى الأنبياء هم أصحابه ومع هذا وقع منهم ما يشين بالخلق فوجد منهم من زنا ووجد منهم من شرب الخمر ووجد منهم من سرق ووجد منهم من تلفظ بألفاظ بذيئة حتى قال – صلى الله عليه وآله وسلم – كما في حديث أبي ذر قال

: رأيت عليه بردا وعلى غلامه بردا فقلت لو أخذت هذا فلبسته كانت حلة وأعطيته ثوبا آخر فقال كان بيني وبين رجل كلام وكانت أمه أعجمية فنلت منها فذكرني إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي ( أساببت فلانا  . قلت نعم قال ( أفنلت من أمه ) . قلت نعم قال ( إنك امرؤ فيك جاهلية ))[6] .

 أخلاق من أخلاق الجاهلية إنك عيرته بأمه هكذا ما دون الأنبياء واقعون ولا محالة ولا يمكن أن يكتمل أحد بحال من الأحوال تلك خصوصية لرسل الله تعالى – وأنبيائه من هنا قال – صلى الله عليه وآله وسلم –(( اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن))[7] اتق الله – تعالى – حيثما كنت في بيتك في المسجد في بلدك خارج بلدك أنت على مراقبة لله تعالى . إذا أردنا – أيها الإخوة – أن نترجم التقوى ترجمة عملية فلا بد ن أمور : منها : 1- الإيمان الصادق ألا تقول أنك تؤمن بالله تعالى – ثم تخالف هذا الإيمان بأن تنكر شيئاً من أحكام الله تعالى – أو تتحاكم إلى غير شريعة الله تعالى – أو تستنقص من سنة النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – أو ما شاكل ذلك أهون عليك أن تعترف بالتقصير وبالخطأ عن أن تتندر أو تستنقص شيئاً من أحكام الله تعالى – قال الله تعالى ((فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً )) سورة النساء آية  (65)

مجرد الحرج والوسواس وعدم الرضا بالشيء اليسير منه يخرجك من الإيمان قسم من الله تعالى – يقول لنبيه – صلى الله عليه وآله وسلم – فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في كل صغيرة وكبيرة .

2- الإتباع لسنة محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – لهذا قال الفضيل بن عياض – رحمه الله –  عند قول الله تعالى ((الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ )) سورة  الملك آية (2)

 قال : أخلصه وأصوبه قيل له : ما أخلصه وما أصوبه قال : أن يكون خالصاً لوجه الله موافقاً لسنة رسوله – صلى الله عليه وآله وسلم – فانظر إلى عبادتك إلى صلاتك إلى ذكرك إلى صومك إلى كل شيء في حياتك هل هو موافق لسنة النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – أو هو مجانب فإن كان موافق فأنت على طريق الاستقامة وإن كان مجانب فعليك بالرجوع إلى الله تعالى – وعليك أن تلزم سلوك الاستقامة .

3- أداء الواجب أقل الأحوال أن تؤدي الواجب قال – صلى الله عليه وآله وسلم – في الحديث القدسي عن أبي هريرة قال

: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته))[8]

 فأحب شيء أن تتقرب إلى الله هي الفرائض .

4- الانتهاء عن الحرام ففعل المأمور كترك المحظور سواء بسواء أمر الله – تعالى – بهذا ونهى عن ذاك .

5- أن تكثر من النوافل بعد ذلك .

6- المداومة على عمل الخير لا تنقطع عنها .

7- التوسط والاعتدال أن تكون متوسطاً معتدلاً مداوماً لا تكن موسمياً إذا جاءت المواسم نشطت في الطاعات إذا ذهبت المواسم فترت نعم في المواسم تنشط أكثر لكن إذا ذهبت المواسم عدت إلى طبيعتك .

8- حفظ الجوارح تحفظ لسانك وعينيك ويدك وسمعك ورجليك وفرجك فلا تنحرف عن منهاج الله – تعالى  ولا تقترف المآثم وما يغضب الله تعالى .

9- السعي لتزكية النفس أن يكون لديك برنامج لتزكية نفسك والارتقاء بها في سلم الاستقامة .

10- أنتكون مجتهداً بالطاعات .

هنالك قضايا تعيننا على هذه الاستقامة منها :

–       الدعاء ونحن ندعو الله تعالى – في كل ركعة اهدنا الصراط المستقيم . فلا تنس الدعاء لأن الدعاء يعين على الاستقامة .

–       العلم أن يكون عندك برنامج يومي تترقى في سلم العلم أن تقرأ أن تسمع أن تجالس .

–       التوبة إذا حدث عندك شيء من الانحراف فعليك بالرجوع إلى الله تعالى – مازال باب التوبة مفتوحاً .

–       التمسك بسنة النبي – صلى الله عليه وآله وسلم .

–       أن تجاهد نفسك قال – تعالى ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ))

 سورة العنكبوت آية (69) .

–       أن تقرأ القرآن بتدبر وتمعن وأن تنظر في تفسيره من أجل أن يعينك على الفهم وأن تطبق بعد ذلك هذا القرآن .

–       الذكر أن تكون ذاكراً لله – تعالى – لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله تعالى .

–       أن تكون مراقباً – لله تعالى – أن تعلم أن الله – تعالى – معك حيثما كنت في السر وفي العلن فإذا علمت هذا علماً يقيناً فلن ترتكب ما يغضب الله تعالى .

–       أيضاً : أن يكون قلبك سليماً فسلامة القلب تعينك على أن تستقيم على أمر الله – تعالى . كما بين الخوف والرجاء فلاتكن دائماً خائفاً ولا تكن دائماً طامعاً فقط برحمة الله- تعالى – وتنس عقوبة الله تعالى – فالمؤمن يعيش ما بين الخوف والرجاء مثل الطائر لا يطير إلا بجناحيه .

–       أن تجالس الأخيار  فالمرء على دين خليله فلينظر من يخالل والطيور على أشكالها تقع .

–       أخيراً – أيها الإخوة الكرام :

–       الاستقامة أمر لابد منه خاصة والفتن تموج كموج البحر في المعمورة كلها فلابد من الاستقامة وأن نجاهد أنفسنا حتى نكون أعضاءً صالحين في مجتمعنا ننفع أنفسنا ومجتمعنا بأذن الله تعالى .

أسأل الله تعالى أن يرزقنا الاستقامة على دينه اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق واصرف عنا سيئها

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب .

والحمد لله رب العالمين

 



[1] – مشكاة المصابيح 1/4

[2] – البخاري 5/2373

[3] – مشكاة المصابيح 3/47

[4] – الترمذي 4/370

[5] – سنن ابن ماجه 2/ 1418

[6] – البخاري 5/2248

[7] – سنن الترمذي 4/ 355

[8] – البخاري 5/2384

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق