إن سوء الخلق سيئة لا تنفع معها الحسنات وحسن الخلق حسنة لا تضر معها كثرة السيئات.
صنائع المعروف
العناصر:
1– المدرسة النبوية الأخلاقية2- توجيهات نبوية 3- فضل قضاء حوائج المسلمين 4- فضل إدخال السرور على المسلمين .
الحمد لله الذين أنعم علينا بدين الإسلام الذي به هدايتنا لدار السلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من قال ربنا الله ثم استقام .
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام وعلى آله وأصحابه البررة الكرام .
أما بعد :
أيها الناس:
اتقوا الله واشكروه على ما رزقكم وأنفقوا مما آتاكم وأعلموا أنه ليس لكم من أموالكم إلا ما قدمتم لأخراكم قال عليه الصلاة والسلام: ((أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ؟ قالوا: يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله أحب إليه .قال : فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر ))[1]
تحت عنوان (( صنائع المعروف تقي مصارع ا لسوء نعيش معكم في هذا اليوم المبارك ))
لقد جاءت المدرسة النبوية وفي توجيهاتها المحاسبة التي لا تناهى والمبادئ المثلى التي لا تجارى !!.
كيف وهي مدرسة سيد الثقلين مدرسة ما أحلى أن تطيب الأسماع بتوجيهاتها وأن تطيب الأوقات بالعيش معها.
روى ابن عمر رضي الله عنه أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( أحب الناس إلى الله أنفعهم و أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا و لأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا و من كف غضبه ستر الله عورته و من كظم غيظا و لو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة و من مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام و إن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل .))[2]
هذا الحديث تضمن من مبادئ الأخلاق أعلاها ومن قيم الآداب أرفعها ومن المحاسبة أزكاها .
توجيهات تزكو بها النفوس وتصلح بها المجتمعات نعم إنها توجيهات من لا ينطق عن الهوى .
تعالوا نقف وقفات إرشادية مع هذا الحديث العظيم:
الوقفة الأولى :
تأكيد بذل النفع للمسلمين :
فقد أكد الحديث على بذل النفع للمسلمين بوجوه النفع المختلفة وأشكاله المتعددة فذلك سبب للفوز بالآجر الكبير قال عليه الصلاة والسلام (( أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس)).
ومن أعظم النفع لهم قضاء حاجاتهم وإعانتهم في ذلك سواء كانت حاجتهم إلى المال أو الوظيفة أو الشفاعة أو المشاركة في الأفراح والأتراح.
وهذه قاعدة عامة في الشرع قاعدة مشروعية المواساة بين المؤمنين والحرص على قضاء الحاجات ولذا قال عليه الصلاة والسلام: ((و لأن أمشي مع أخي في حاجته أحب إلى من أن أعتكف في هذا المسجد شهرا)).
وجاءت هذه الفضائل مفصلة في أحاديث كثيرة منها:
((تبسمك في وجه أخيك لك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة))[3]
وهذا الصحابي الجليل حكيم بن حزام رضي الله عنه يقول : (( ما أصبحت قط فرأيت بفناء داري طالب حاجة قد ضاق بها ذرعا فقضيتها إلا كانت من النعم التي أحمد الله عليها ولا أصبحت صباحا لم أر بفناء داري طالب حاجة إلا كان ذلك من المصائب التي أسأل الله عز وجل الأجر عليها)).
الوقفة الثانية :
لقد أكد هذا الحديث أيضا وحث على قضاء حوائج المسلمين لعظيم أجرها قال عليه الصلاة والسلام ((أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني))[4]
وفي ا لصحيحين أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :((قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يُدَايِنُ النَّاسَ فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا قَالَ فَلَقِيَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ))[5]
قال أبو هريرة رضي الله عنه : (( كنا نسمي جعفرا أبا المساكين كان يذهب إلى بيته فإن لم يجد شيئا أخرج لنا عكة من عسل فنلعقها))
وكانت لأبي برزة الأسلمي جفنة من ثريد في الغداة والعشي للأرامل واليتامي والمساكين))
وكان علي بن الحسين يحمل الدقيق بالليل على ظهره للمساكين ويقول : ((إن الصدقة في سواد الليل تطفئ غضب الرب))
الوقفة الثالثة
الحرص على إدخال السرور على المسلمين وذلك بتطييب خواطرهم أو مساعدتهم بالمال أو الجاه أو بمشاركتهم في أفراحهم وأتراحهم فإنه من أحب الأعمال إلى الله يقول عليه الصلاة والسلام : ((لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ))[6]
وقال عليه الصلاة والسلام : ((تبسمك في وجه أخيك لك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة))[7]
الوقفة الرابعة:
فضل كظم الغيض قال الله تعالى ((وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134))) سورة آل عمران الآيات ((133-134).
وفي الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة و السلام ((مَنْ كَظَمَ غَيْظًا – وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ – دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ مَا شَاءَ ))[8]
الوقفة الخامسة:
ذم سوء الخلق
ففي الحديث ذم سوء الخلق وبيان لعاقبته الوخيمة وإنها سموم قاتلة ومهلكات واقعة ورذائل واضحة
روى الطبراني عن أنس مرفوعا: ((إِنَّ الْعَبْدَ لَيَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ عَظِيمَ دَرَجَاتِ الآخِرَةِ وَشَرَفَ الْمَنَازِلِ وَإِنَّهُ لَضَعِيفُ الْعِبَادَةِ وَإِنَّهُ لَيَبْلُغُ بِسُوءِ خُلُقِهِ أَسْفَلَ دَرَجَةٍ فِي جَهَنَّمَ))[9].
وروى الترمذي عن أم الدرداء عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن وإن الله ليبغض الفاحش البذيء ))[10]
إن سوء الخلق سيئة لا تنفع معها الحسنات وحسن الخلق حسنة لا تضر معها كثرة السيئات.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رجل : ((يا رسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها قال هي في النار قال يا رسول الله فان فلانة يذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها وإنها تصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها بلسانها قال هي في الجنة))[11]
فاتقوا الله عبادالله واحذروا الصفات المذمومة واتصفوا بالصفات الحميدة قال الله تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ )) سورة الحديد آية (9).
نسأل الله أن يغنينا بحلاله عن حرامه وأن يكفينا بفضله عمن سواه.
[1] – البخاري 5/2366
[2] – صحيح وضعيف الجامع ا لصغير 1/179
[3] – سنن الترمذي 4/456
[4] – البخاري 5/2055
[5] – البخاري 8/591
[6] – البخاري2/2026
[7] – سنن الترمذي 4/339
[8] – سنن أبي داود 9/394 و ابن ماجه 2/1400 و الترمذي 2/372
[9] – المعجم الكبير الطبراني 1/315
[10] سنن الترمذي 5/2
[11] – مسند الأمام أحمد 2/440
رائع جدا هذ الموضوع شكرا لكم على قيمة المعلومات الإسلامية التي نحنو بحاجة اليها اليوم
بارك الله فيك وشكرا على مرورك على الموقع