فأول ما يطمح الشيطان إليه في إغوائه لبني آدم أن يوقعهم في الكفر
مذهب الشيطان
العناصر:
1– وسائل الشيطان في إيقاع ابن آدم .
2- مذهب الشيطان الإضلال والأماني والأمر بالمنكر .
3- الصراع الحقيقي بين الشيطان وبني آدم.
4- حقيقة الشيطان .
أما بعد :
عباد الله:
فإن الله تعالى أمر عموم المسلمين بالجهاد بأنواعه (جهاد النفس وجهاد الكفار وجهاد الشيطان ) عدو أبينا آدم عليه السلام وعدو البشرية كلها وقد حذرنا الله منه فقال سبحانه ((إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ )) سورة فاطر آية (6)
لذا سيكون حديثنا في هذا اليوم المبارك بإذن الله تعالى عن مذهب الشيطان في إغوائه لبني آدم…
فأول ما يطمح الشيطان إليه في إغوائه لبني آدم أن يوقعهم في الكفر قال تعالى قال تعالى :((أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62))) سورة غافر الآيات من (60-62)
وهذا يدل على أن أكثر أهل الأرض يتبعون مذهب الشيطان .
وهذا أيضا واضح في قوله تعالى: ((أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ )) سورة الحج آية(18).
وأي مذهب لا يكون إلا بأمر ونهي والله أنزل الكتب وأرسل الرسل ليبلغوا أمره ونهيه…
إن العداوة بين الشيطان وبين آدم قديمة وقد أقسم عدو الله بإضلال بني آدم قال تعالى: ((وَلأضِلَّنَّهُمْ وَلأمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً )) سورة النساء آية (119).
جاء النبي عليه الصلاة والسلام العرب ودعاهم إلى الله فلماذا قاتلوه مع أنهم يقرون بتوحيد الربوبية وأن الله الخالق والرازق المحي المميت قال الله تعالى: ((وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ)) سورة الزخرف آية (9).
وغير ذلك من الآيات ولكنهم أبوا أن يقروا بتوحيد العبادة فقالوا: ((أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ)) سورة ص آية (5)
وتوحيد الحاكمية أخص خصائص توحيد العبادة قال الله تعالى : ((إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)) سورة يوسف آية (40)
فلا يحل لأحد أ ن يأمر بمعروف أو يوجب أو يستحب أو ينهي إلا الله ومن أرسله من رسول.
ومن المعروف في المدارس مادة السيرة فتفتتح الكتب بالعبارة التي خطط لها الأعداء مكرا وكيدا بقولهم : (( جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العرب و هم … وذكروا بعض مظاهر الجاهلية يسجدون للأصنام ويشربون الخمور ويئدون البنات )) وانتهت العبارة ولم يذكروا التحاكم لغير الله وصارت تتناقل الكتب هذه العبارة والقاعدة تقول ((ما تكرر تقرر)) .
ومن هنا تكلم العلماء قديما وحديثا فقالوا : بتحريم التحاكم إلى غير الله وإلى القوانين الوضعية التي تتصادم مع الشريعة لأنها تحكم بغير ما أنزل الله وتجعل الحكم للمشرعين البشر ومما يرى أن كثيرا من الناس لا يلتزم بأحكام الله ولا يسأل عنها إلا إذا وقع في ورطة .
أيكون الجماد خير من الإنسان قال الله تعالى: ((ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)) سورة فصلت (11)
رجل من عشرين عاما وهو لص مرتشي مختلس يأكل ويشرب ويقيم المشاريع والتجارة وأمواله كلها من الحرام أو الربا، وفجأة يصاب بمرض قلبه فيأتي ليسأل سبحان الله!
كم من التجار عندهم مستشارون قانونيون ومحاسبون يعطونهم مرتبات ضخمة لكن من الذي عنده مستشار شرعي؟!
وهذا دليل على أننا لا نوحد الله توحيد الحاكمية الذي هو أخص خصائص الألوهية .
(رأى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم في النوم أنه لقي قوما من اليهود فأعجبته هيئتهم فقال : إنكم القوم لولا أنكم تقولون : عزيز بن الله فقالوا : وأنتم قوم لولا أنكم تقولون : ما شاء الله وشاء محمد قال : ولقي قوما من النصارى فأعجبته هيئتهم فقال : إنكم القوم لولا أنكم تقولون : المسيح ابن الله فقالوا : وأنتم القوم لولا أنكم تقولون : ما شاء الله وشاء محمد فلما أصبح قص ذلك على النبي صلى الله عليه و سلم فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ( كنت أسمعها منكم فتؤذونني فلا تقولوا : ما شاء الله وشاء محمد ) [1]
ولقد كان العرب تعرف بعض أسماء الله تعالى :
قال الله تعالى: ((وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) سورة الزخرف (9)
وقال تعالى ((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً )) سورة الفرقان (60)
هذا الجنس من الشرك خطر وهو ما يسعى الشيطان إليه وأوسع هذه الأبواب تلقي الأوامر والنواهي .
((وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ ) سورة النحل(116)
ولقد كان إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل إذا سئل عن مسألة في الحلال والحرام يقول يعجبني ولا يعجبني أحب ذلك وأكره ذلك .
قيل له لما لا تقل حلال وحرام فيقول: قال الله تعالى ((وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ ) سورة النحل(116)
إخوة الإسلام :
بقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث عشرة سنة يدعوا الناس إلى الله وتوحيده، وأهدر الأموال بين الناس من أجل التوحيد فحرم أن يرث المسلم الكافر والعكس فقال عليه الصلاة والسلام: ((لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ))[2]
وقال أيضا ((لا يتوارث أهل ملتين ))[3]
أيها المسلمون : في بلادنا يكتب أحد الصحفيين في جريدة الثقافية مقالا بعنوان (( صححوا مصاحفكم)) و غير ذلك من المقالات التي تسب الصحابة وأمهات المؤمنين فأين الدولة التي تزعم أن الإسلام هو مصدر القوانين جميعا.
أخيرا : لنتذكر أن الشيطان لعنه الله يدعو الناس إلى اتباعه وطاعته ومعصية الله ويزين ذلك للإنسان ولكنه بعد إيقاع الإنسان في المعصية يتبرأ منه في الدنيا والآخرة كما قال الله تعالى ((وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمْ الْيَوْمَ مِنْ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتْ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) سورة الأنفال (48)
ويقول سبحانه((وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) سورة إبراهيم (22)
فاللهم يا حي قيوم يا عليم يا ذا الجلال والإكرام أعذنا من كيد الشيطان الرجيم وكيد أعوانه من شياطين الإنس يارب العالمين .
اللهم لا تجعل للشيطان علينا سبيلا.
اضافة تعليق