فإن الله عز وجل قد جعل نبيه عليه الصلاة والسلام أسوة وقدوة للناس أسوة في الخلق وأسوة في القيادة وأسوة في التعامل مع القريب والبعيد مع الصديق ومع العدو وأسوة في عقيدته و أسوة في عبادته وأسوة في بيته وأسوة خارج بيته
النبي عليه الصلاة والسلام زوجا
العناصر:
1- كفي بالله مزكيا.
2- حلمه عليه الصلاة والسلام مع أزواجه .
3- المرح النبوي مع زوجاته.
4- مشاورة النبي عليه الصلاة والسلام لزوجاته.
5- عدله صلى الله عليه وسلم بين نسائه.
6- مواقف نبوية في حسن المعاملة.
الحمد لله رب العالمين أرسل إلينا أفضل الرسل وأنزل علينا آخر الكتب وجعلنا خير أمة أخرجت للناس أحمده وأشكره على نعمه التي لا تحصى وأشهد أن لا إله إلا الله له الأسماء الحسنى وأشهد أن محمد عبده ورسوله ترك أمته على المحجة البيضاء صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين آمنوا به وعزره ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه وسلم تسليما كثيرا.
أما يعد:-
عباد الله :
فإن الله عز وجل قد جعل نبيه عليه الصلاة والسلام أسوة وقدوة للناس أسوة في الخلق وأسوة في القيادة وأسوة في التعامل مع القريب والبعيد مع الصديق ومع العدو وأسوة في عقيدته و أسوة في عبادته وأسوة في بيته وأسوة خارج بيته فهو الأسوة لمن أراد أن يأتسي وهو القدوة لمن أراد أن يقتدي صلوات الله وسلامه عليه والله جل وعلا قد زكاه بل هو الذي رباه وهو الذي جعل فيه هذه الصفات العالية وهذه الأخلاق الفاضلة التي لا يدانيه فيها أحد صلوات الله وسلامه عليه إن الله تعالى قد زكاه وزكى خلقه فقال جل وعلا(( وإنك لعلى خلق عظيم ))[1]
وقال أيضا (( وما آتاكم لرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا))[2]
ذلك أنه لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة السلام كل تصرفاته تكون بميزان العدل بميزان من التقوى بميزان الهدى إنه عليه الصلاة والسلام لا تختلف أحواله.
فلا تختلف أحوال الغضب عن أحول الرضا فكله أسوة عليه الصلاة والسلام .
هذا عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أكتب عنك يا رسول الله كل شيء في رضاك وفي غضبك أم أترك الكتابة عنك والحفظ عنك والتحديث عنك إن كنت في حال غضب فلعلك أن تتصرف تصرفا غير صحيح فيقول عليه الصلاة والسلام ((أكتب عني في الرضا وفي الغضب فو الله إني لا أنطق إلا حقا))[3]
إنه عليه الصلاة والسلام ما كان يؤثر فيه أي موقف من المواقف فيخرجه عن الائتساء والاقتداء بل كان لا تزيده شدة الغضب إلا حلما هكذا كما مثل ذلك الأعرابي الذي جاء وامسك بنبينا عليه الصلاة والسلام بتلابيبه وهزه هزا شديدا وقال له : يا محمد ـ بهذه الجفوة وبهذه الغلظة ـ يا محمد اعطني من مال الله ليس من مالك ولا من مال أبيك حتى أثر على رقبته عليه الصلاة والسلام والله ما كهره و لا نهره ولا سبه ولا زاد على أن قال: (( أعطوه )) حتى قال الأعرابي والله ما رضيت قال زيدوه حتى رضي ذلك الأعرابي ( لا تزيده شدة الجهالة وشدة الغضب إلا حلما عليه الصلاة والسلام إنه عليه الصلاة والسلام قد حصر مبعثه وقصر بعثته على مكارم الأخلاق من أجل أن يكون أسوة وقدوة للناس ها هو عليه الصلاة والسلام يقول : لأمته (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ))
مكارم الأخلاق مع الله ومكارم الأخلاق مع أنبياء الله ومكارم الأخلاق مع الأقربين ومكارم الأخلاق مع الأبعدين ومكارم الأخلاق مع الحياة كلها وفي المعاملات كلها لا يقتصر على جانب واحد .
ومكارم الأخلاق في جميع مناحي الحياة فكيف يصلح أن يكون معلما من هو في حاجة إلى تعليم وكيف يصلح أن يكون قائدا من ليس فيه صفات القيادة أو تنقصه صفات القيادة لقد جعله الله تعالى أسوة للناس وأسوة للصغير وأسوة للكبير وأسوة للقائد وأسوة للمقود وأسوة للنساء وأسوة للرجال وأسوة لكل من أراد يسموا بنفسه ويرتفع عن سفاسف الأخلاق لكل من أراد أن يكون له شأن في هذه الحياة ولمن أراد أن يحيا حياة سعيدة طيبة هانئة هذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جعل الله أسوة من البشر سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ختم الله به الرسالات هكذا يأتي رجل إلى عائشة رضي الله عنها يسأل كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ . فتجيبه بكلام جامع تقول له :((كان خلقه القرآن))[4]
أقرأت القرآن؟ أرأيت القرآن ما في القرآن من أوامر بالأخلاق الفاضلة؟ أرأيت ما في القرآن من العدل ومن السمو في معاملته ؟أرأيت ذلك كله ؟هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال بعضهم كان قرآن يمشي على الأرض وكان صمته أسوة ونطقه أسوة وحركاته أسوة ونومه وأكله أسوة وشربه أسوة كل شيء في حياته أسوة لنا صلى الله عليه وعلى آله وسلم ز
أيها الإخوة الفضلاء:
إننا نريد أن نأخذ في هذه الدقائق المحددة جزاء من القدوة والأسوة في حياته عليه الصلاة والسلام وهي قضية تهمنا جميعا ذكورا وإناثا الأسوة والقدوة في النبي عليه الصلاة والسلام في بيته لأن الإنسان الذي تريد أن تحيا حياته وتعرف شخصيته أعرفه من داخل بيته لا من خارجها فمن الناس من يعيش في تناقض ومن الناس من يعيش في فصام نكد في حياته فإذا خرج من بيته رأيته حليما وديعا رأيته ضحوكا رأيته في غاية البساطة وفي غاية الكرم والجود فإذا دخل إلى البيت صار وحشا صار أسدا صار مفترسا بكلامه بألفاظه بتعاملاته لا يعرف عنه رفق ولا يعرف عنه حلم ولا يعرف عنه لين يتعامل مع أهله في غاية من العبث وهذا الإنسان الذي يعيش هذا التناقض إنه بعيد كل البعد عن أخلاق رسول الله عليه الصلاة والسلام القائل (( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله ))[5]
خيركم لأهله بعمومه بكل شيء بالابتسامة بالعدل في الحكم في الرفق في الكرم وفي العدل بين الأبناء وفي كل أمر أما أن يكون الإنسان متناقضا فهذا الإنسان ليس جديرا بالاحترام إذا أردت أن تعرف الشخص وأن تعرف توازنه في الحياة وسلوكه فعليك أن تقرأه من الداخل من داخل بيته لا من خارجها إن كان في الداخل حليما رفيقا رءوفا رحيما فهو كذلك ولاشك إن شاء الله في خارج البيت ولقد روى في الأحاديث الصحاح تلك الليلة المباركة التي أتمنى أن يكون لنا معها وقفة ليلة في بيت النبوة حيث فتح النبي عليه الصلاة والسلام صدره لعائشة رضي الله عنه يسمع حديثها الطويل الذي عرف بحديث أم زرع وما فيه من الكرم والجود والصفح والعفو حتى سكتت وقالت في نهاية المطاف : طلق أبو زرع أم زرع . فقال لها : عليه الصلاة و السلام كنت لك كأبي زرع لأم زرع غير إني لا أطلق ))[6]
حياته صلى الله عليه وسلم في داخل بيته حلمه مع أزوجه إن الله تعالى جعله أسوة لنا كي نأتسي به في التعامل مع الأولاد وفي التعامل مع الأزواج كان نساءه عليه الصلاة و السلام يجتمعن عنده كل ليله في بيت التي هو دورها فيحدثهن ساعة ثم تنصرف كل واحدة منهن إلى بيتها أراد النبي صلى الله عليه وسلم ـ وتعرفون بأن البيوت كانت مظلمة ـ أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يغمز بيده زوجته فكانت الدورة هي دورة عائشة وليلتها وعائشة ترقب النبي عليه الصلاة والسلام وتلتفت إلى حركاته وسكناته ومع أنه عليه الصلاة والسلام ليس واجبا عليه أن يعدل بين أزوجه فأراد أن يمد يده فامتدت نحو زينب بنت جحش فقالت: عائشة رضي الله عنها إنها زينب فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ولم ينهرها ولم يتجبرعليها ولم يرفع صوته عليها حتى أن زينب رضي الله عنها بدأت تتكلم وبدأت الغيرة تأخذها و بدأت تسب عائشة رضي الله عنها فيما يدور بين النساء والنبي عليه الصلاة والسلام ساكت لا يتكلم فقامت عائشة تدافع عن نفسها وتدافع عن حقها وتقول ما معناه : إذ كان مسموحا أن تجتمعن مع النبي عليه الصلاة والسلام في بيت واحد في كل ليلة أي في بيت التي هي ليلتها فلا يعني هذا أن تأخذن شيئا من حقي فحاورتها وجادلتها حتى أفحمت زينب ولم تستطع أن تتكلم فضحك النبي عليه الصلاة و السلام ولم يزد على هذا لقد كان عليه الصلاة والسلام حليما ولم يكن فاتحا للصراع ولم يكن ينتصر لحساب هذه على تلك .
وهكذا كان أزواج النبي عليه الصلاة والسلام حزبين حزب مع عائشة وفيه حفصة وغيرها وحزب أم سلمة وكان الناس يعرفون حبه عليه الصلاة والسلام لعائشة فكانوا يتحرون بهداياهم ليلة عائشة فيرسلون الهدايا فغارت نساؤه عليه الصلاة والسلام وقال حزب أم سلمة لأم سلمة تكلمي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقولي له أتق الله فينا إننا نريد العدل والإنصاف في ابنت أبي قحافة فتكلمت معه فسكت ولم يتكلم معها ثم في اليوم الثاني خرج من عندها فسألنها فقالت: لم يرد شيئا فقال :حزبها كرري إذا جاء عندك مرة أخرى فألحي عليه فألحت عليه فلم يتكلم ثم في الثالثة فقال لها : ما شأنك وشأن بنت أبي بكر ماذا تريدين من هذا الكلام لا تغضبيني فيها فقالت : أتق الله علمت أن هذا أمر غضبه وأن ÷ذا أمر ليس بيده أن الناس يتحرون بهداياهم ليلة عائشة وفي الرابعة أردن فيها أن تتكلم فقالت أنا لن أتكلم فأرسلن فاطمة رضي الله عنها وقالت فاطمة لأبيها عليه ا لصلاة والسلام أن أزواجك ينشدنك العدل في ابنت أبي قحافة فقال :
يا بنتي ألا تحبين ما أحب قالت : بلى ؟ فانتبدن زينب لتكون هي التي تتكلم فجاءت إليه في يوم عائشة وفي بيت عائشة فقالت أتق الله فينا أننا نريد العدل في ابنت أبي قحافة وبدأت تتكلم في عائشة وتشتمها وتنتقص منها والنبي عليه الصلاة والسلام ساكت لم يتكلم ثم التفت إلى عائشة وهي لا تتكلم كالذي يقول لها: شأنك فقامت عائشة وتكلمت وردت عليها حتي أفحمت زينب ولم تتكلم ثم تبسم عليه الصلاة والسلام وقال:إنها ابنة أبي بكر ))[7]
الشاهد هو حلمه عليه الصلاة والسلام مع أزواجه.
أيضا مرحه مع أزوجه عليه الصلاة والسلام إنه الأسوة في هذا الباب لا يصح أن يكون الرجل عبوسا في وجه زوجته ضحوكا بشوشا في وجه الآخرين إن هذا المرأة طابخة طعامك وهي غاسلة ثيابك وهي كانسة بيتك وهي مربية أولادك وهي محل قضاء وطرك إنها تستحق كل الإجلال وتستحق كل الإكرام وتستحق البسمة والضحكة والملاعبة أكثر من غيرها إنها في الغالب حبيسة أربعة جدران لا تتحرك كما تشاء ولا تتصرف كما تشاء فهي أحق بحسن المصاحبة وحسن العشرة وحسن الملاعبة والمداعبة حتى تلطف أجوائها و حتى تحفف من عنائها هذا النبي عليه الصلاة والسلام يعود من غزوة تبوك فإذا عائشة رضي الله عنها كانت لها لعب في البيت فالريح ضرب الستار فكشف عما في البيت فقال عليه الصلاة والسلام ما هذا إنه قادم من سفر وبعد الشقة وتعب المسير وحر الرمضاء والعطش والجوع فقال ما هذا ؟ قالت : هذه بناتي وقال: ما هذا الذي وسطهن قالت : فرس قال لها: وما هذا الذي في شقيه؟ قالت جناحان قال : سبحان الله فرس يطير قالت : ألم تعلم أنه كان لسليمان فرس يطير فضحك عليه الصلاة والسلام .
وها هو يوم يدخل على بيتها فترى عائشة رضي الله عنها الحبشة يلعبون بالحراب في المسجد فقال :عليه الصلاة والسلام تريدين أن تنظري إليهم قالت نعم : فجعلها تنظر إليهم من وراء كتفه لأنها تفرح بمثل هذا المنظر ويؤخذ من هذا جواز الترفيه عن النفس وعن الأهل حتى قال لها عليه الصلاة والسلام: أيكفيك هذا قالت نعم فجلسا يتحدثان ))[8]
هذا أيضا عليه الصلاة والسلام يهش ويبش في كثير من مواطن يخرج في سفرة من الأسفار مع زوجته عائشة رضي الله عنها وكانت إذ ذاك لم تسمن بعد فقال لها : عليه الصلاة والسلام تسابقيني قالت : نعم فقال للناس تقدموا فإذا بهما يتسابقان فتسبقه لأنها كانت خفيفة فسكت عليه الصلاة والسلام حتى خرج معها مرة أخرى فقال للناس تقدموا فسابقها فسبقها عليه الصلاة والسلام ثم قال: هذه بتلك))[9]
إنه غاية في المرح وإدخال السرور على الأهل بشتى الوسائل وبشتى الطرق .
هذا أيضا نبينا عليه الصلاة والسلام يشاور أزوجه من منا يشاور زوجته في تربية أبنائه بأمور خاصة في أسفاره إن الحاصل هو العكس فما هو مستقر بأذهان كثير من الناس أن المرأة ضعيفة عقل لا تحسن التفكير ولا يجوز مشاورتها ولا يؤخذ بمشورتها بل ينسبون أحاديث إلى النبي عليه الصلاة والسلام لا تصح عنه في شأن المرأة سنذكرها فيما بعد .
الحاصل هنا أنه عليه الصلاة و السلام مع أنه الأسوة والقدوة هو قائد الأمة عليه الصلاة والسلام في الحديبية يخرج على الناس حين منع من خول مكة فيقول للناس (( احلقوا رؤوسكم وانحروا هديكم ))[10]
هذا أمر استعظمه الصحابة كيف نمنع من دخول بيت الله ا لحرام ونحن لا نريد القتال بل نريد عبادة الله تعالى لو يقم أحد منهم ولم يطع النبي عليه الصلاة والسلام فيكلمهم مرة ثانية وثالثة فما ينفذوا أمره فدخل مغضبا فقالت أم سلمة من هذا الذي أغضبك يا رسول وما الذي أغضبك ؟ فقال ألم تري إني آمرهم فلا يأتمرون فقالت : تريد منهم أن ينفذوا أمرك قال: نعم قالت أخرج ولا تلكم أحدا واحلق رأسك وانحر هديك وستراهم يتسابقون في الاقتداء بك فخرج عليه الصلاة و السلام ونحر هديه واستدعى الحلاق فحلق رأسه فإذا الناس جميعا يأتسون به عليه الصلاة و السلام فانظر كيف شاور عليه الصلاة والسلام زوجته في أعظم الأمور وهي أعظم قضية سياسية في ذلك الوقت وفي هذا الظرف يستشير زوجته ويعمل بمشورتها.
أما عامة الناس اليوم فينسبون أحاديث باطلة لا تصح عن النبي علية الصلاة والسلام وفيها امتهان واحتقار لرأي المرأة وذكائها وحسن تدبيرها لبعض الأمور منها :
أنهم ينسبون إلى النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : ((شاورهن وخالفوهن ))
وهذا حديث لا يصح بل هو باطل.
ومنها حديث (( الندامة في مشورة النساء )) يعني أنك لا تندم على شيء مثل ندمك إذا شاورت امرأة وهذا كذلك خطأ.
ومنها أيضا ((ثلاثة يظلمونك إن أكرمتهم أهانوك وذكر منهم العبد والمرأة والفلاح))
وهذا أيضا ذكره العلماء في الأحاديث الباطلة التي لا تصح عن النبي عليه الصلاة والسلام .
أسأل الله لي ولكم السداد والرشاد والتوفيق وأن يجعلنا ممن يأتسي بنينا عليه الصلاة والسلام .
أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين .
الخطبة الثانية :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وسلم .
وبعد:
فإن من الإتساء بالنبي عليه الصلاة والسلام في هذا المجال عدله صلى الله عليه وسلم بين نسائه مع أنه كما قلنا ليس واجبا عليه العدل.
فالله سبحانه وتعالى يقول له : (( ترجي من تشاء منهن وتؤي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت منهن فلا جناح عليك ))[11]
لا يلزم العدل في حقه بين نسائه وكان صلى الله عليه وسلم معددا للنساء لكن مع هذا طيلة حياته على الصلاة والسلام كان غاية في العدل ولم يظهر منه أنه عليه الصلاة السلام مال إلى امرأة أو صنع أمرا فيه حيف أو ظلم بالرغم من أنه كان يحب عائشة رضي الله عنها حبا جما وكان هذا بارزا و واضحا للعيان لنسائه وللمسلمين.
لكنه مع هذا عليه الصلاة والسلام كان في غاية من العدل فكان يطوف على نسائه يوميا يزرهن ويتحدث معهن جميعا وكان يعطي كل واحدة منهن نوبتها وليلتها لا يظلم في ذلك ولا يحيف صلوات الله وسلامه عليه بل إنه عليه الصلاة والسلام كان عادلا حتى مع عائشة فيما لو تعدت حدودها ففي يوم من الأيام صنعت أم سلمة طعاما فأهدت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأتي بالإناء وفيه طعام فلما شعرت عائشة رضي الله عنها بأن هذا الطعام من أم سلمة وأن المقصود من إرسالها له أنها تريد أن تفرح قلب النبي عليه الصلاة والسلام وتتقرب منه لما أتي النبي عليه الصلاة والسلام بالإناء ووضع بيده بطشت به عائشة فسقط الإناء وذهب الطعام ملتصقا بالتراب وانكسر الإناء لم يكن منه عليه الصلاة والسلام إلا أنه ابتسم وضحك وقال : لمن كان موجودا في البيت غارت أمكم .
هذه غيرة النساء ثم دخل إلى غرفة عائشة فأخذ صحفتها فأعطاها للرسول وقال خذ هذا الصحفة وهذا القدح إلى أم سلمة قدحا مكان قدح وانتهى الأمر .[12]
وفي يوم ذكرت عائشة صفية زوج النبي عليه الصلاة والسلام وكانت صفية رضي الله عنها معروفة بقصر قامتها فغارت غيرة شديدة فقالت للنبي عليه الصلاة والسلام :يكفيك منها أنها امرأة قصيرة فقال : عليه الصلاة والسلام : والله يا عائشة لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لغيرته .[13]
أي لصار ماء منتنا ،فلم يكن ليسكت عنها إذا تجاوزت حدودها .
وهذه أيضا زينب رضي الله عنها –
صفية بنت حيي التي معروف أن أباها يهودي يوم من الأيام بعث جملها ومرض وهي في الطريق فقال عليه الصلاة والسلام لزينب وكان عندها جمال كثر لو أنك أعطيت لصفية جمل تنتفع به فقالت أعطي لتلك اليهودية فغضب عليه الصلاة والسلام غضبا شديدا وهجرها شهرين أو ثلاثة أشهر حتى ظنت أنه لن يقربها بعد ذلك فما جاء يوم من الأيام بعد هذه المدة إلا و فجئها رسول الله صلى الله عليه الصلاة و السلام داخلا عليها لكن هجرها هذه الأيام كلها تأديبا لها وزجرا لها ألا تتجاوز الحد .
وهذه حفصة تذكر صفية يوما فتقول : يهودية ابنت يهودي فتأتي تبكي إلى النبي عليه والصلاة والسلام فيسلي عنها النبي عليه الصلاة والسلام يقول لها : بل أنت أبوك نبي وعمك نبي وزوجي نبي فعلام تفخر عليك يسلي عليها ويرفع من شأنها ويذهب وحر صدرها صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الكلام الذي فيه تطييب للخاطر وعدل منه عليه الصلاة والسلام .
عدله كان حال صحته وحال مرضه كان يقول : أين أنا غدا حتى كانت بعد ذلك في شدة مرضه حينما كان لا يستطيع أن ينتقل كانت نساؤه يدرن عليه الصلاة والسلام في يبت عائشة رضي الله عنها .
هذا أيضا النبي عليه الصلاة والسلام يعلمنا كيف تكون مشاعرنا في داخل البيوت زارته صفية رضي الله عنها في المسجد وهو معتكف فتحدث معها ساعة في المسجد ثم يقوم معها فيخرج معها في الطريق ويتحدث معها في الطريق حتى وصلها إلى قرب بيتها فيراه اثنان من الصحابة فيسرعان فيقول : لهم على رسلكما ( لا تجريا إنها صفية هذه زوجتي صفية فيقولا بخجل و وجل سبحان الله يعني أتظن أننا نشك فيك قال : أن الشيطان يجر من ابن آدم مجرى الدم وإن خشيت أن يقذف الله في قلوبكم شيئا ))[14]
وفي هذا تعليم لنا أننا إذا شعرنا بشيء من الوحشة من بعض الناس أن نعرف ونقول : هذه ابنتي هذه زوجتي هذه أختي حتى لا يأخذ في نفسه ويشك فيك .
وهذه صفية كانت في سفر فجملها برك وبكت بكاء شديدا فقال : أعطوها جملا آخر فلم ترض و بقيت تبكي لا تريد إلا جملها فغضب عليه الصلاة السلام غضبا شديدا لأنهم في سفر وسوف يتوقف الناس جميعا فأوقف الجيش وضربت له خيمة فدخل فيها عليه الصلاة والسلام رغم غضبه لكنه راعى مشاعرها فأراد منها أن ترتاح وأن يرتاح جملها فلما شعرت بخطئها ذهبت إلى عائشة رضي الله عنها حب النبي عليه الصلاة والسلام وقالت : يا عائشة وكان يومها هذا اليوم فقالت : والله لا أدري بأي وجه أدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن أهب لك يومي المهم أن تأخذي بخاطر النبي عليه الصلاة والسلام لا يغضب على فتجملت عائشة رضي الله عنها ودخلت وطرقت على النبي عليه الصلاة والسلام فقال: مه يا عائشة هذا ليس يومك قالت هذا فضل الله يؤتيه من يشاء المهم هنا كيف راعى النبي عليه الصلاة والسلام مشاعر زوجته .
وتعرفون قصة سقوط عقد عائشة رضي الله عنها في السفر فأوقفت عائشة رضي الله عنها الجيش بكله كل هذا أخذا بخاطر عائشة ما قال لها يا عائشة عقدين بعقد دعي الجيش يمشي ويتحرك بل آخذ بخاطرها قال التمسوا العقد لعلكم تجدنه وتعرفون القصة بحذافيرها أن الجمل كان باركا وفي الصحيح حين بعث الجمل قائما وجدوه تحته[15] .
ولكن شاهدنا هنا هو مراعاة النبي عليه الصلاة والسلام لمشاعر زوجته وفي هذا الجانب على الزوجة أن تراعي مشاعر زوجها فتنظر ماذا يغضبه فلا تأتيه ولا تكثر من الإلحاح و لا من الجدال ولا من السؤال لأن هذا مما يفسد الود ولتعلم الزوجة أن الزوج هو أحد مفاتيح الجنة وهذه هي بعض حياة النبي عليه الصلاة والسلام وخاصة في بيته عليه الصلاة والسلام .
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المؤتسين به إنه ولي ذلك والقادر عليه .
[1] – سورة القلم آية(4)
[2] – سورة الحشر آية (7)
[3] – مسند أحمد 2/91
[4] – مسند أحمد 6/91
[5] – السلسلة الصحيحة 2/167
[6] – مسلم 4/ 1901
[8] – فتح الباري 5/205
[9] – النسائي 4/195
[10] – الرحيق المختوم 458
[11] – سورة الأحزاب آية (51)
[12] – المشكاة 2/887
[13] – الترغيب 2/505
[14] – فتح الباري 4/282
[15] – الفتح 1/431
اضافة تعليق