بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
فإنه قد ظهرت بادرة خطرة من بعض المتحمسين للدين وهي قيامهم بتغيير جهة القبلة في بعض المساجد بالرغم من أن هذه المساجد قد بنيت منذ زمن بعيد وصلى فيها الناس أجيالا بعد أجيال وقبلة هذه المساجد في الأصل واقعة بين المشرق والمغرب كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم لكنه لما ظهر في الآونة المتأخرة في الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت) ما يسمى ب ( الجوجل إيرث) وكان كثير من الشباب لا يحسن استخدام هذه التقنية قاموا بتغيير جهات القبلة في مساجدهم مما أدى إلى تشويش وفوضى في أوساط عامة الناس من المصلين حتى إن البعض ترك الصلاة في هذه المساجد بالرغم من قربها من منزله لشدة الانحراف الذي أحدث في اتجاه القبلة بل لم يقتصر الأمر على تلك المساجد وانتقل الأمر إلى التحذير من الصلاة في المساجد المجاورة زعموا أنها منحرفة عن القبلة وهذا منذر بشر عظيم لذا كان لزاماً على أهل العلم أن يبينوا الأمر وعلى السلطات المسئولة عن المساجد منع مثل هذه التصرفات إلا عن طريقها حسما للفوضى من أجل ذلك نقول:
معلوم أ ن استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة والمراد بالقبلة الكعبة .
واستقبال القبلة يكون على وجهين :
– الوجه الأول: استقبال عين الكعبة لمن قرب منها .
– الوجه الثاني: استقبال الجهة لمن بعد عن الكعبة.
والجهة حددها النبي عليه الصلاة والسلام بقولة ((لا تستقبلوا القبلة ببول أو غائط ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا )) وهو في الصحيحين من حديث أبي أيوب رضي الله عنه .
قوله شرقوا أو غربوا يريد بذلك عكس القبلة وعلى هذا فيكون مابين المشرق والمغرب بالنسبة لأهل المدينة كله قبلة فالجنوب كله قبلة لهم ليس قبلتهم ما ساوى الكعبة فقط وبهذا نعرف أن الأمر واسع فلو رأينا شخصاً يصلي منحرفاً يسيراً عن مسافة القبلة فإن ذلك لا يضر لأنه لم يزل متجها إلى القبلة .
وجهة القبلة لمن كان شمالاً عن الكعبة مابين المشرق والمغرب .
ولمن كان شرقا عن الكعبة مابين الشمال والجنوب ولمن كان غرباً مابين الشمال والجنوب ولمن كان جنوبا عن الكعبة مابين المشرق والمغرب .
ويستدل على القبلة كذلك بالشمس والقمر لأن الشمس والقمر كلاهما يخرج من المشرق ويغرب من المغرب فإذا كنت عن الكعبة غرباً فالقبلة شرقاً وإذا كنت عن القبلة شرقاً فالقبلة غرباً وإذا كنت عن الكعبة شمالاً فالقبلة جنوباً وإذا كنت عن الكعبة جنوباً فالقبلة شمالاً وما بين المشرق والمغرب قبلة كما قال عليه الصلاة والسلام .
وفي زماننا هذا أنعم الله سبحانه علينا وتعالى – بالآلات الدقيقة التي يستدل بها على جهة القبلة .
قال ابن عمر: إذا جعلت المغرب عن يمينك والمشرق عن يسارك فما بينهما قبلة إذا استقبلت القبلة.
وقال ابن المبارك : مابين الشرق والمغرب قبلة لأهل المشرق .
وقال الشوكاني في الدراري المضيئة (ج1/ص114).
وليس المراد من تلك الجهة الكعبة على الخصوص بل المراد ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه سلم من كون مابين المشرق والمغرب قبلة فمن كان في جهة اليمن وعرف جهة المشرق وجهة المغرب توجه بين الجهتين فإن تلك الجهة هي القبلة وكذلك من كان في جهة الشام يتوجه بين الجهتين من دون إتعاب للنفس في تقدير الجهات إلى أن قال فهذا خلاصة ما تعبدنا الله به من أمر القبلة وهو يغنيك عن التفريعات الطويلة والتهويلات المهيلة في كتب الفقه.
وأما حديث أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مابين المشرق والمغرب قبلة ).
فقد اختلف في معنى الحديث قال العراقي : ليس عاماً في سائر البلاد وإنما هو بالنسبة إلى المدينة المشرفة وما وافق قبلتها وهكذا قال البيهقي في الخلافيات وهكذا قال أحمد بن خالويه الوهبي قال: ولسائر البلدان من السعة في القبلة مثل ذلك بين الجنوب والشمال ونحو ذلك قال ابن عبد البر وهذا صحيح لا مدفع له ولا خلاف بين أهل ا لعلم فيه. (إ حكام الأحكام ج1 ص194).
وعليه فما هو حاصل اليوم من قيام بعض أئمة المساجد من حرف جهة القبلة المبنية غير مشروع لما فيه من تشكيك المسلمين بعبادتهم وإثارة الفوضى .
وأما التذرع بما يسمى ( بالجو جل أيرث) فإن استخدام هذا التقنية تحتاج إلى خبرة عالية وهي تصلح للمساجد التي يراد بناؤها حديثاً لا للمساجد القديمة التي قد صلى فيها الناس فترة طويلة فإن الانحراف اليسير لا يضر طالما وهو لا يزال بين المشرق والمغرب .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
كتب البيان: د. عقيل بن محمد المقطري
العلمـــــــــــــــــــــــــاء الموقعون على البيــــــــــــــــــان
وقع عليه جمع من علماء مدينة تعز وأئمتها وخطبائها





اضافة تعليق