عبادة الدعاء
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
دعوتك يا من يجيب الدعاء ويا من له يسجد الأقوياء
ويا من برحمته أستجــــــــير ليرفع عني الأذى والبلاء
لك الحمد وحدك أنت المغيث وأنت المدبر يا ذا البهاء
خلقت بني آدم من تراب وصيرتهم بشراً أسوياء
فرفقاً بطينك يا ذا الجلال إذا كان يوماً بجهل أساء
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الإله الحق المبين الذي شرع لعباده العبادات وأمرهم سبحانه وتعالى – أن يقوموا حق القيام بعبادته سبحانه وتعالى – ونوع لهم تلك العبادات من أجل أن يستكثروا من الطاعات ومن أجل أن يتقربوا إليه سبحانه وتعالى – بشتى أنواعها ومن ذلك أنه سبحانه وتعالى – جعل من أعظم العبادات دعاءه جل وعلا .
إلهي ما سألت سواك عوناً فحسبي العون من رب قدير
إلهي ما سألت سواك عفواً فحسبي العفو من رب غفور
إلهي ما سألت سواك هدياً فحسبي الهدي من رب بصير
إذا لم أستعن بك يا إلهي فمن عوني سواك ومن مجيري
إليك رفعت يا ربي دعائي أجود عليه بالدمـع الغزيـــــــــــــر
لأشكو غربتي في ظل عصر ينكس رأسه بين العصــــــــــــور
أرى فيه العداوة بين قومي وأسمع فيه أبواق الشــــــــــــــرور
وألمح عزة الأعداء حولي وقومي ذلهم يدمي شعـــــــــوري
وأشهد أن نبينا محمد عبد الله ورسوله وصفوته من خلقه وخليله أشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح لهذه الأمة وكشف الله تعالى به الغمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين من ربه
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
أيها الكرام :
ما منا من أحد إلا ويشكو من هم ما منا من أحد إلا وله كروب ما منا من أحد إلا ويعاني من أسقام وأوجاع وأمراض ما منا من أحد إلا وحلت به الدواهي العظام التي لا يستطيع البشر على حلها ما من بلد من البلدان إلا وتحل به النكبات وتتوالى عليه الكوارث ويتكالب عليه الأعداء من كل حدب وصوب كل هذا لا يرفعه ولا يكشفه إلا الله – جل في علاه – فالمرض الذي يرفعه هو الله ((وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)) سورة الشعراء آية (80)
وما منا من أحد إلا وله معاناته تلك المعانات التي لا معين على رفعها إلا الله تعالى – وما حل بالناس من بلاء لا يرتفع إلا بالدعاء ما حل بهم من مرض لا يرفعه إلا الدعاء ما حل بهم من كروب وأسقام وهموم وغموم لا يرفعه إلا الدعاء والتضرع إليه تعالى بخضوع خشوع ويقين باستجابة الرب جل في علاه – لهذا الدعاء إن عاجلاً أو آجلاً.
الدعاء – أيها الكرام – كما يعرفه أهل اللغة : مصدر من دعا يدعو .
والدعاء في الاصطلاح: رفع العبد يد الضراعة إلى الله جل وعلا- داعياً إياه سبحانه وتعالى – لا سواه وهو نوع من أنواع العبادات التي أمر الله تعالى بها – والعبادة هي كل قول أو فعل يرضى الله تعالى- ويعرفها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى – إذ قال : اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأفعال وبهذا تجتمع رءوس العبادة في هذا التعريف من صلاة وصوم وحج وزكاة ودعاء وجهاد وغير ذلك إن حياة المسلم كلها لله تعالى – وكلها طاعة قربة يتقرب بها الإنسان إلى ربه جل وعلا- حتى العادات يقلبها المسلم بنيته إلى عبادات يأجره الله سبحانه وتعالى – يقول الله تعالى في محكم كتابه (( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )) سورة الأنعام الآيات ( 162-163)
فحياة الإنسان كلها لله ومماته لله سواء كان نوماً أو كان موتاً حقيقياً ولهذا كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم- يفهمون هذا الفهم فيجعلون حياتهم كلها قربة لله – تعالى – حتى طعامهم وشرابهم وتحركهم وخروجهم ودخولهم كل ذلك يجعلونه قربة لله تعالى- وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم – كما ثبت عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ»[1]
يعني بوجه بشوش فيه ابتسامة وابتسامتك في وجه أخيك صدقة كما قال صلى الله عليه وآله وسلم- لقد جعل الله تعالى الدعاء الركن الأعظم أو جعله الشيء الأعظم في كل طاعة وقربة من القرب فقال صلى الله عليه وآله وسلم كما في حديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ،: ” الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ، {قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] “[2]
وهو يشبه قوله بالوقوف بعرفة ” الحج عرفة ” مع أن الحج يشمل على كثير من الأفعال والأقوال سوى الوقوف بعرفة وهنا قال : الدعاء هو العبادة وجاء في رواية وإن كان فيها شيء من الضعف جاء بلفظ الدعاء مخ العبادة وكأنه مأخوذ من هذا الحديث إلا أنه تحرف على قائله فالدعاء هو العبادة أي الجزء الأعظم من كل العبادات فها أنت ترى الصلاة أكثرها دعاء وها أنت ترى الحج أكثره دعاء وهكذا بقية العبادات فما من عبادة من هذه العبادات إلا ويدخل فيها الدعاء ولقد كان من شرك المشركين أنهم كانوا يكثرون من دعاء أصنامهم وأوثانهم التي لا تملك لهم من الله تعالى شيئاً
قال إبراهيم عليه السلام : ((وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا)) سورة مريم آية (48) ولم يقل وما تركعون له وما تنذرون له وما تسجدون له فقد كانوا يتذللون بين يدي تلك الأصنام والأوثان التي يدعونها تضرعاً وخفية من دون الله تعالى – وبهذا أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم- أن يحاجج المشركين بهذا فقال الله تعالى له ((قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا )) سورة الإسراء الآيات ( 56-57) ادعوهم هل يملكون لكم شيئاً ؟ هل يستجيبون لكم دعاءكم ؟ هل ينفعونكم ؟ هل يضرونكم ؟
((قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا )) سورة الأحقاف آية
(40) وقال تعالى ((وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6) )) سورة الأحقاف الآيات ( 5- 6) فسماها الله تعالى هنا عبادة أي الدعاء وكانوا بعبادتهم أي كانوا بدعائهم فأكثر ما وقع هؤلاء القوم في عبادة الدعاء أشركوا بالله تعالى – وصيروا هذه العبادة لغير الله تعالى – فهؤلاء القوم أكثر ما وقعوا بالإشراك بالله جل وعلا – في هذه الطاعة وفي هذه القربة أنهم صرفوا دعاءهم لغير الله سبحانه وتعالى – وهنالك من الناس من لا يلتفت أصلاً إلى الدعاء بل هنالك من لا يظن أنه إذا دعاء غير الله تعالى – وقع في الإشراك بالله – سبحانه وتعالى – ولهذا قال الله تعالى ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ )) سورة غافر آية (60)
وهذا وعد من الله تعالى باستجابته لدعاء العبد إذا دعاه لقد كان الأنبياء صلوات الله عليهم – كثيرو الإلحاح على الله تعالى – بالدعاء والتضرع والتذلل بين يدي الله تعالى – فهذا سليمان يقول ((قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)) سورة ص آية (35)
وهذا إبراهيم يحمد ربه تعالى على نعمائه (( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41))) سورة إبراهيم الآيات ( 39- 41)
وهذا نوح يدعو به فيقول ((رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّاتَبَارً)) سورة نوح آية (28)
لقد أمرنا الله تعالى بالقيام بمثل هذه العبادات حق القيام وكما أسلفنا فما منا من أحد إلا وله هموم وغموم وأسقام وأوجاع وأمراض وما منا من أحد إلا وله مسألة من الله تعالى – يعلم هذا العبد يقيناً أنه لا يمكن أن يعطيه سؤله سوى الله تعالى – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الدُّعَاءِ»[3] لأن العبد يعلم أن له رب يستجيب له دعاءه ولذلك فإنه يرفع يديه ويتذلل بين يديه ويقدم بالمقدمات التي فيها الثناء على الله جل وعلا – فيطلب سؤاله من الله – جل وعلا – وينبغي على الإنسان ألا يستعجل الدعاء ففي الحديث عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو، لَيْسَ بِإِثْمٍ وَلَا بِقَطِيعَةِ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا “، قَالَ: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: «اللَّهُ أَكْثَرُ»[4]
أيها الكرام :
إن مما لا شك فيه أن نعمة الأمن ونعمة الاستقرار لا توازيها نعمة إذا ارتفعت عن الناس فإنه لا يكمن للناس أن يؤدوا العبادات على الوجه الذي يرضي الله تعالى – لا يمكن أن يحسوا بطعم هذه العبادات ولا أن يتذوقوا هذه العبادات ولا أن يجدوا منها المنفعة التي يرجونها من هذه العبادات ولذلك فإن بلاد المسلمين اليوم تمر بأزمات خانقة وتمر بتكالب وتآمر كبير ومكر كبار من قبل أعداء الله تعالى – من أجل أن يفقد المسلمون الأمن والاستقرار من أجل أن يفقد المسلمون الإخاء فيما بينهم من أجل أن يصير المسلمون يحتربون فيما بينهم من أجل أن يقسموا المسلمون إلى طوائف دينية وعرقية وما شاكل ذلك من أجل يضعوا أقدامهم على هذه البلدان كي يسلبوا خيراتها وكي يصيروها بلداناً ضعيفة لا تقوى على مواجهة الأعداء إذا أرادوا أن يدخلوا إليها في أي وقت من الأوقات فمع الانتباه لهذه المخططات ومع العمل الدءوب ليلاً ونهاراً من أجل إيقاف هذا الزحف ومن أجل إيقاف هذا المد لابد من رفع أكف الضراعة والتذلل بين يدي الله تعالى كي يرفع عن هذه الأمة هذا البلاء وهذا الغم وهذا الكرب لقد بات النبي صلى الله عليه وآله وسلم- في غزوة بدر ليلة كاملة يدعو الله تعالى رافعاً يديه حتى سقط الرداء من بين كتفيه يقول : يا رب إن تهلك هذه العصابة – أي الصحابة الكرام رضوان الله عليهم – لا تعبد على ظهر الأرض أبداً في وقت تألبت فيه القبائل التي كانت ترفض الدين والإسلام وتناصب النبي صلى الله عليه وآله وسلم- العداء طيلة ليلته وهو يدعو الله تعالى – وقد استجاب الله – تعالى – له ونصر أولياءه وهم أذلة وهم قلة لأنهم آمنوا بالله حق الإيمان ولأنهم ألحوا على الله تعالى بالدعاء فاستجاب الله دعاءهم وأفسد مخططات أعدائهم وردهم على أدبارهم وأظهر نصره للإسلام والمسلمين والإسلام كان محارباً ولا يزال محارباً وسيبقى محارباً لكنه سينتصر بإذن الله تعالى – المطلوب منا هو مراجعة ديننا ومراجعة النفس ومراجعة العبادات ومراجعة الأخلاق وأن نرجع إلى الله – تعالى – وإلى شرعه في كل قضية من القضايا وأن نرفض مخططات أعداء الله تعالى – التي تريد منا أن ننحي شريعتنا عن حياتنا نرفض ونواجه مخططات الأعداء في إفساد المرأة المسلمة إذا فسدت المرأة المسلمة فسد المجتمع كله نرفض مخططات الأعداء التي تريد منا ألا نرتبط بلغتنا لغة القرآن فتصير اللهجات الدارجة هي السائدة وهي السارية بين الناس ومن ثم تقطع الصلة فيما بين المسلمين وقرآنهم فلا يعرفون معاني ولا مدلولات كتاب الله تعالى – أسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يأخذ بأيدينا إلى كل خير وأن يعيننا وإياكم لما يحبه ويرضاه وأن يرفع عنا وعن بلدنا وسائر بلاد المسلمين كل بلاء أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانيــــــــــــــــــــــــــة:
الحمد لله وكفى وسلام على عبادة الذين اصطفى
وبعد :
أيها الإخوة الكرام :
عالمنا الإسلامي اليوم للأسف الشديد يمر بمؤامرة كبيرة وعظيمة جداً وهذا لتآمر لم يعد سراً من الأسرار بل للأسف الشديد كما قال بعض أعداء هذه الأمة: إن العرب لا يقرءون وإذا قرأوا لا يفهمون وإذا فهموا لا يعملون هذا قول يهودي بعد أن سرب سرا من أسراراهم فلما سألوه لم سربت هذا السر قال لهم : لا تخافوا فإن العرب لا يقرءون إلى آخره تقرير كبير عشرات الصفحات منشور لابد لكل مثقف أن يقرأ مثل هذا التقرير التي أعدته مؤسسة راند الأمريكية والتي تعمل لصالح المخابرات الأمريكية حيث يريدون إعادة تقسيم بلاد المسلمين عبر مشروع أطلقوا عليه الشرق الأوسط الجديد وهو تفتيت المفتت فإذا كان عالمنا قد فتت من قبل بعد أن كان دولة واحدة فهم يريدون اليوم أن يفتتوا المفتت ولذلك اخترعوا ما يطلقون عليه بالحرب بالنيابة أطلقوا عليها مسمى ” حرب الجيل الثالث ” يقيمون أناساً للحرب نيابة عنهم فهم لا ينزلون على الأرض لأنهم رأوا أن نزولهم على الأرض يكبدهم خسائر فادحة عليهم ومن 2006م تقريباً بدءوا ينادون بهذا المخطط بالشرق الأوسط الجديد وبدءوا يشعلون الفتن في بلاد المسلمين وكان أولها غزو العراق واستطاعوا أن يفتتوا الجيش العراقي وأن يعيدوا بناءه على الطريقة التي يريدونها وهم سائرون الآن إلى تقسيم العراق ربما إلى ثلاث دول : الكرد والسنة والشيعة ثم هاهم يتدخلون في كل قضية من القضايا من جملة هذه المخطط أنهم سربوا خارطة جديدة للشرق الأوسط ومنها اليمن ومنها السعودية وسوريا ومصر وغير ذلك ومنها السودان ولم يعد هذا سراً فاليمن يريدون إعادتها إلى قسمين : شمال وجنوب السعودية يريدونها أربع دول : في الشرق سموها شيعستان وفوق سموها الشمال العربي وفي الوسط العرب ثم المشرق العربي في الجهة الغربية لتكون المدينة ومكة في دولة واحدة قالوا : من أجل ألا نثير مشاعر المسلمين همهم في هذا كيف يفتتون الجيوش العربية قالوا : العراق انتهينا منه سوريا 70% منه مدمر بالنسبة لليمن سيعيدون صياغتها وهم اليوم يتدخلون حتى إن هنالك من أراد توكيلا من الشعب اليمني في إعادة تقسيم اليمن بالطريقة التي يريدها لكن هناك أناس وطنيون أحرار لا يخضعون لمثل هذه الإملاءات لأن المراد هو كيف يوصلون البلد إلى أنهم يفتتونها في ظل أوضاع حرجة في ظل قلق أمني في ظل انقسام الجيش وما شاكل ذلك وهذه فيها شيء من الخطورة نسأل الله تعالى – السلامة والعافية بالنسبة لمصر قالوا : لكي نفتت الجيش سنسلط الشعب على الجيش والجيش على الشعب حتى يتفتت هذا الجيش ويصير بعد ذلك جيشا لا قدرة عنده على المواجهة ومن ثم يمكن تفتيت مصر إلى دويلات صغيرة منها للأقباط وشرق ووسط وغرب وما شاكل ذلك وكذلك في ليبيا مخاض عسر تعاني منه بلاد المسلمين في وقت يريد هؤلاء الناس أن يضعوا أقدامهم من جديد على عالمنا الإسلامي بطريقة أو بأخرى لأنهم يتوقعون كما ذكرت لكم من قبل أن يطمر الجليد كثيرا من القارات الموجودة اليوم والبلدان الموجودة اليوم فليس لهم مكان يعيشون فيه إلا هذا العالم ما بين شمال خط الاستواء وجنوب خط الاستواء هذه المناطق التي ستصير صالحة للسكن سيعيدون تقسيم هذه البلدان من أجل ا، يعيشوا في مثل هذه البلدان
أيها الإخوة الكرام :
ليس لنا مخرج إلا الالتجاء إلى الله عز وجل – ليس لنا مخرج سوى الإخاء بين المسلمين تناسي الماضي ليس لنا إلا أن يكون همنا الحفاظ على ديننا وبلدنا الحفاظ على أصولنا على ثوابتنا ليس لنا إلا أن نقف صفاً واحداً من أجل أن يحافظ المسلمون على بلدانهم هذا البلد الكريم الذي ذكره الله تعالى في محكم كتابه وأنها بلدة طيبة ورب غفور بغير ذلك سيضربون هذا بهذا وسوف يحل بالبلد لا قدر الله ما حل في العراق من الاحتراب الطائفي والتمايز الفئوي وهذه مشكلة كبيرة نسأل الله تعالى – أن يجنب بلدنا منها اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولو يولد ولو يكن له كفواً أحد أن تجنبنا وأن تجنب بلدنا كل مكروه يا رب العالمين اللهم رد كيد الكائدين في نحورهم واجعل تدبيرهم تدميراً عليهم يا سميع الدعاء يا قوي يا عزيز اللهم آت نفوسنا تقواها زكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذا هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب اغفر اللهم لنا ذنوبنا واستر عيوبنا واشف مرضانا وعاف مبتلانا اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
اضافة تعليق