بسم الله الرحمن الرحيم
تتوارد إلينا أسئلة من الجمعيات الخيرية عن سن اليتيم الذي تستمر إليه كفالته، وحتى يحصل الأجر كاملا، وكما تعلمون أن خروج اليتيم بعد سن البلوغ لا ينفعه، لأن العمل لا يتيسر له ، حتى يبلغ السن المسموح له بالعمل فيها، ويتأكد هذا أكثر في البنات اليتيمات بعد بلوغهن سن البلوغ، وفي تلك الفترة الزمنية الحرجة، والتي قد يكون في تركهن للعمل من الضرر ما الله به عليم، فما السن التي ينتهي إليه كفالة اليتيم، مع مراعاة الأعراف التي تغيرت في تلك الأزمان؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد :
فاليتيم هو من فقد أباه ولم يبلغ مبلغ الرجال قال تعالى : (حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم )وفي الحديث الموقوف على علي بن أبي طالبٍ، وجابر بن عبد الله، وأنس، وحنظلة بن حذيم رضي الله عنهم:( لا يتم بعد حلم ) وبما أن سن البلوغ تختلف من شخص لآخر ذكرا كان أو أنثى واختلفت كذلك أقوال العلماء في تحديد سن البلوغ فإن ارتفاع اليتم لا يمكن تحديده بسن معينة بل يحدد بعلامات متى ظهرت عليه صار بالغا وهي في نظري أربعة أمور، اثنان مشتركان بين الذكر والأنثى، وواحد مختص بالذكور وواحد مختص بالأنثى. فالمشتركة، خروج المني من القبل، وإنبات شعر العانة. والمختصة بالذكور بحة الصوت ، والمختصة بالأنثى، الحيض .
حيث هذه العلامات تنبئ بوصول الذكر إلى مدارك الرجال. وحينئذٍ، فينتقل من مرحلة الطفولة، وهي مرحلة عدم المسؤولية إلى مرحلة العبء الاجتماعي، والمسؤولية الشرعية التي تفرض على الرجال البالغين لكن قد يبلغ اليتيم ولا يكون راشدا وهنا لا بد من إضافة صفة أخرى إلى البلوغ كي يخرج من اليتم وهو الرشد المذكور في قوله تعالى (فإن آنستم منهم رشدا ) وحقيقته اكتفاء اليتيم بنفسه في قضاء وتدبير شئونه وعدم احتياجه للآخرين ويعرف كذلك بحسن تصرفه فإذا بلغ اليتيم مبلغ الرجال وصار راشدا لم يعد يتيما لكنه يبقى تحت الرعاية والكفالة والإنفاق عليه (سواء تحت مسمى كفالة اليتيم أو فقير أو طالب علم ) وأرى أن توسع كفالة اليتيم حتى يكمل تعليمه ويحصل على عمل ويتحمل المسئولية كاملة، وذلك نظرا لتغير الظروف عما كانت عليه في الأزمان الأولى التي لم يكن الحصول على العمل فيها معقدا كما هو الحال في هذه الأزمان من جعل الأفضلية للحاصلين على الشهادات العلمية ، أما من بلغ مبلغ الرجال ولم يكن راشدا بل عنده قصور في عقله كالسفه أو الجنون فإنه يبقى تحت الرعاية وإن لم يطلق عليه مسمى اليتم .
وبناء على ذلك فإن الأنثى اليتيمة إذا وصلت إلى سن البلوغ بظهور شيء من العلامات التي ذكرناها سابقا وصارت راشدة فإنه يرتفع عنها اليتم لكنني أرى أن تبقى تحت الرعاية وتستمر كفالتها حتى تتزوج وذلك نظرا لأنها لا تستطيع أن تقوم بشئونها بنفسها بل تحتاج إلى الرعاية والعناية والقيام بشئونها ولا يجوز بحال ترك كفالتها بحجة خروجها عن اليتم لأن في ذلك مفسدة لها ويمكن أن يستمر بكفالتها تحت بند (كفالة فقير أو طالبة علم )والله أعلم .


اضافة تعليق