إن كثيرا من الشركات المنتجة في البلد تقوم بترويج سلعها بطرق مختلفة تشجع بها المستهلكين لشراء منتجاتها وكثيرة من هذه الحوافز مأخوذة ومستوحاة من الشركات الغربية ولا مانع من ذلك ما لم تكن هذه الطرق الترويجية محرمة غير أن أكثر ما تقوم به الشركات من الوسائل المحرمة وأذكر لكم بعضها على سبيل التمثيل :
1) فمن الترويج السلعي المحرم أن يكون الحصول على الجائزة مشروطا بجمع أجزاء مفرقة في أفراد سلعة معينة كصورة جهاز أو سيارة أو عبارة عن صورة مخفية داخل العبوة فيه صورة الجائزة التي يستحقها المتسابق أو القيمة المالية كمما هو حاصل على سبيل المثال في مسابقة بسكويت أبو ولد وسمن القمرية ومشروب الطاقة شارك .
التخريج الفقهي لهذا النوع من أنواع الترويج :
هذا النوع ظاهره أنه هبة .
والذي يترتب على هذا التخريج تحريم هذا النوع من الهدايا الترويجية لما يلي :
أولا: أن هذا النوع من الهدايا ( الجوائز ) الترويجية يفضي إلى حمل الناس على شراء ما لا حاجة لهم فيه من السلع طمعا في تكميل الأجزاء المفرقة أو الحصول على صورة الهدية أو القيمة المالية للجائزة وهذا من الإسراف والتبذير الذي نهى الله عنه في قوله ( ولا تسرفـــوا إن الله لا يحب المسرفين ) وقوله (ولا تبذر تبذيرا ) وهذا أيضا من حث الناس وإغرائهم والتغرير بهم لشراء مما لا يحتاجونه في الغالب لكن لغرض الحصول على الجائزة والله تعالى قد أمر المسلمين أن يتناصحوا فيما بينهم وأن يتعاونوا على البر والتقوى ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان قال تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) وقال عليه الصلاة والسلام ( وإذا استنصحك فانصح له ) وقال التابعي الجليل سعيد بن المسيب ( المسلمون نصحة ) إن هذا الأسلوب من أساليب الترويج فيه إضاعة للمال الذي نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن إضاعته كما جاء في حديث المغيرة بن شعبة في صحيح البخاري (.. وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال) وفيه أيضا حمل الناس على التخوض في مال الله بغير حق قال عليه الصلاة والسلام كما في البخاري ( إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة) .
ثانيا: إن في هذا النوع من الهدايا قمارا وميسرا وذلك أن مشتري هذه السلع يبذل ممالا في شرائها ليجمع الأجزاء المفرقة أو ليحصل على صورة الجائزة أو ليحصل على القيمة المالية داخل العبوة أو يرسل رسالة عبر الجوال فيها رقم العبوة ويكون ثمن الرسالة أكثر من ضعفها بدون مسابقة وربما عاد على الشركة المنتجة للسلعة جزء من قيمة الرسائل والذي قد يصل إلى عشرات الملايين فيحصل ابتزاز لأموال الناس ويدخل جزء من أموال المتسابق في قيمة الهدية وفي النهاية فقد يغنم البعض ويخسر الأكثرون وهذا نوع من المخاطرة التي أجمع أهل العلم على تحريمها ، كما يوجد ربا في مثل هذا الترويج خاصة فيما إذا كان التسابق عن طريق إرسال الرسائل عبر الجوال لأن المتسابق يشتري مالا كثيرا بمال قليل .
ومن الترويج السلعي المحرم أن تكون الجائزة أو الهدية عبارة عن مال يوضع داخل كل سلعة ويتفاوت هذا المبلغ من عبوة لأخرى ، وهذا النوع يخرج فقهيا على صورة ما يسميه العلماء
( مد تمر عجوة ودرهم بدرهمين) ويترتب على ذلك تحريم هذا النوع لأنه من شراء السلعة الربوية بجنسها ومعها من غير جنسه فالمشتري اشترى درهم بدرهم ومعه زيادة التمر هذا إذا كانت الجائزة المالية موضوعة في كل عبوة من السلعة المراد ترويجها ، وأما إذا كان موضوعا في بعضها فهذه الصورة تخرج على أنها هبة ، ويترتب على هذا التخريج تحريم هذا النوع أيضا لما يأتي :ـ
أولا : أنه من الميسر والغرر وذلك أن المشتري يبذل مالا ليشتري سلعة قد يحصل معها على هدية نقدية فيغنم وقد لا يحصل فيغرم .
ثانيا : أن هذا النوع من الترويج يحمل الناس على شراء ما لا يحتاجونه رجاء أن يحصلوا على هذه الجائزة أو الهدية النقدية ولا إشكال أن هذا لا يجوز لما فيه من التغرير بالناس ولما فيه من الإسراف والتبذير ولما فيه من إضاعة المال المنهي عن إضاعته .
ويمكن الاستعاضة عن هذا بالجوائز الفورية التي تعطى للمشترين فهذا يكون من باب الهبة الجائزة شرعا شريطة الحفاظ علو نفس السعر والمواصفات .
وأخيرا أسأل الله تعالى لكل تاجر التزم نهج الله ورسوله دوام التوفيق والسداد إنه سميع مجيب.
د . عقيل محمد المقطري
اضافة تعليق