تابعنا على

إنتاجات الشيخ خطب مفرغة

نعمة السكن

 مهما شكر فلن يؤدي الإنسان ما أسبغ الله عليه من النعم، فكم تستوجب نعمة السكن والطمأنينة فيه والراحة من شكر لا يعلمها إلا حينما يطلع على من يلتحف السماء ويفترش الأرض، فهو جنة له من الفتن، ومنطلق تربية الأجيال، وموطن من المواطن التي تحيا بذكر الله جل وعلا …

خطبة بعنوان : (نعمة السكن)

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

فإن نعم الله تعالى على خلقه كثيرة لا تحصى ولا تعد (( …وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)) سورة إبراهيم آية (34) وإن هذه النعم أوجب الله تعالى العبد شكرها  قال تعالى (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)) سورة إبراهيم آية (7) إن من الناس من يبدل نعم الله تعالى كفراً ((أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ))

 سورة إبراهيم الآيات ( 28- 30) إن نعم الله تعالى لا يمكن للعبد أن يحصيها وإن أصغر وأبسط نعمة ينعم الله تعالى بها على عبده لتساوي هذه الدنيا وما فيها بل لو ظل العبد يشكر ربه تعالى حتى يلقاه لا يمكنه أن يؤدي حقها ولا يمكن للعبد أن يؤدي شكر نعم الله تعالى عليه كنعمة السمع ونعمة البصر ونعمه الإيمان والإسلام وغير ذلك من النعم . إن من نعم الله تعالى التي يجب أن تراعى والتي ينبغي الاهتمام بها نعمة البيت نعمة السكن نعمة المكان الذي يحويك وأهلك والتي تقضي فيه أكثر ساعات نهارك الذي تأكل فيه طعامك وتشرب شرابك وتستأنس بلقاء أهلك وتنام فيه وغير ذلك من الأمور التي تقضيها في هذا المكان وإن الله تعالى قد امتن على عباده المؤمنين بأن جعل لهم هذه النعمة فقال سبحانه (( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ)) سورة النحل آية (80) هذه الكلمة السكن التي لو تدبرها الإنسان وأمعن فيها لو جد فيها طمأنينة النفس وسكن الروح لوجد فيها جميع ما تعنيه هذه الكلمة من السكنى سكنى سمعه وسكنى بصره وسكنى بطنه وسكنى فرجه وسكنى سعادته وراحته وخلوته وبعده عن الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن . إن هذه النعمة يجب على العبد أن يشكر ربه تعالى عليها ولا يمكن للعبد أن يعرف حقيقة هذه النعمة إلا إذا عرف ما يعانيه أولئك المشردون الذين شردتهم الحروب وأخرجتهم الكوارث من بيوتهم فهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء أولئك الذين ليس يهم مأوى إلا الأزقة والشوارع أولئك الذين ليس لهم إلا الكهوف وبطون الأودية وتحت الأشجار إذا علم الإنسان حقيقة هؤلاء علم حقيقة هذه النعمة التي أنعم الله تبارك وتعالى بها على هذا العبد وإنك يا أيها العبد المسلم تقضي معظم أوقاتك في هذا البيت تنام فيه تهدأ فيه تبتعد فيه عن الحر والبرد تبتعد فيه عن الثلوج والأمطار عن الفتن عن قرناء السوء تلتقي فيه بأهلك تنشئ فيه مجتمعاً صالحاً فإياك إياك أن تكفر نعمة الله عليك وأن تبدل هذه النعمة كفراً يلحقك عارها في هذه الدنيا وتجازى عنها بين يدي الله عز وجل – إن الله تعالى لما عاقب يهود بني النظير من جملة ما عاقبهم الله تعالى –به أن أخرجهم من ديارهم وبيوتهم فقال سبحانه وتعالى ((  هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنْ اللَّهِ فَأَتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ)) سورة الحشر آية (2) إن هذه النعمة التي امتن الله بها على عباده تدفع المسلم لإعادة النظر في هذه النعمة وكيف يشكر هذه النعمة وكيف يحولها إلى راحة نفسية وسكن للجسم والروح والعقل كيف يحول هذا البيت إلى ملجأ يخرج الولد الصالح ويخرج الولد العالم ويخرج الولد الداعية ويخرج الولد النافع لمجتمعه ولدينه . كيف يخرج المرأة الصالحة وكيف يخرج الأم الرءوف الحنون التي تعتني بأطفالها كيف يحافظ على هذا البيت ؟ ولا شك أن الشرع قد جعل لنا وسائل عدة للحفاظ على هذه النعمة ذلك كما صنع رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم – وإن الدوافع التي تدفع المسلم للعناية بهذا البيت كثيرة جداً منها : 1- أن الإنسان مأمور من الله تعالى بوقاية نفسه ووقاية أسرته من سخط الله تعالى وعقوبته (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)) سورة التحريم آية (6) فوقاية الإنسان نفسه وأهله تعطي للإنسان دفعة للعناية ببيته وللعناية بهذه الأسرة وبهذا المجتمع الصغير الذي هو اللبنة الأساس للمجتمع الكبير .

2- من الأسباب التي تدفع المسلم للعناية ببيته أنه مسئول بين يدي الله تعالى كما قال صلى الله عليه وآله وسلم – ((كلكم راع فمسؤول عن رعيته فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته))[1] كثير من أبناء هذه الأمة لا يعتنون بالدور لا يعتنون بالبيوت لا يعتنون ببناء الأجيال ولا يعتنون بالأسر مثل اعتناؤهم ببناء أجسام تلك الأسر لا يعتنون ببناء أرواحهم ولا ببناء عقولهم ولا ببناء سلوكياتهم وأخلاقهم إلا من رحم الله تعالى

 3-أن هذا المكان يقضي فيه المسلم غاية أوقاته فإذا كان هو ملجأه كيف لا يعنني بهذا البيت وكيف لا يعتني بهذا المكان من كان ينام فيه ويقيه من شرور الحروب والفتن ويقيه من الحر والبرد والأمطار كيف لا يعتني فيه ولا يعتني بمن فيه . يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم – (( طوبى لمن ملك لسانه ووسعه بيته وبكى على خطيئته))[2]

وقال صلى الله عليه وآله وسلم – ((خصال ست ما من مسلم يموت في واحدة منهن إلا كان ضامنا على الله أن يدخل الجنة فذكر منها ورجل في بيته لا يغتاب المسلمين ولا يجر إليهم سخطا ولا نقمة))[3]

 ويقول صلى الله عليه وآله وسلم – (( سلامة الرجل في الفتنة أن يلزم بيته))[4]

4- أن الناس يعتبرون أن هذا البيت هو الأساس للمجتمع الكبير فإذا صلح البيت صلحت الحارة وإذا صلحت الحارة صلحت المحافظة وإذا صلحت المحافظة صلح البلد كله فصار مجتمعاً صالحاً لذلك وجب الاهتمام بهذه البيوت وهنالك عدة وسائل إذا سلكتاها وصلنا في النهاية إلى الغاية المنشودة وهي إصلاح البيوت .

الأمر الأول : حسن اختيار الزوجة يقول الله تعالى ((  وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )) سورة النور آية(32) ولهذا ينبغي على الإنسان إذا أراد أن يتزوج أن ينظر فيمن يتزوج فعليه أن يعتني بذات الدين وذات الخلق والأمر كما قال صلى الله عليه وآله وسلم – ((تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك))[5] فأمر بالاعتناء بذات الدين التي كانت متدينة كان هذا الدين مكملاً لكل نقص في هذه المرأة فما عساك أن تصنع بامرأة جميلة لا دين لها وما عساك أن تصنع بامرأة ذات حسب لا دين لها وما عساك أن تصنع بامرأة ذات مال لا دين لها إن من لا دين له يمكن أن يصنع كل جريمة وكل كبيرة فاظفر بذات الدين تربت يداك ولذلك فإن العناية بالبيوت من الأهمية بمكان فإن الناس في هذا الباب يتفاوتون فمنهم من يكون له العناية بهذا الأمر من أول وهلة فيتريث ويسأل ويستشير قبل أن يتزوج حتى يصل إلى مبتغاة ومن الناس من يضغط عليه من قبل أهله من قبل أبيه أو أمه فيتزوج بامرأة ليس لها من الدين نصيب ولذلك فإن المسئولية تقع على عاتقة عظيمة للعناية بإصلاح هذه المرأة وربما كان الإنسان في مبدأ شبابه وعمره غير مهتم بهذه القضية فيبتلى بامرأة على هذا المنوال وربما تزوج هذا الدين بامرأة يبتغي من وراء ذلك أن يصلحها وأن يقومها عسى أن تكون في ميزان حسناته ولذلك يجب على رب البيت أن يهتم بهذه القضية لأنها هي الأساس . فالأم مدرسة إذا أعددتها                   أعددت شعباً طيب الأعراق .

الأم نصف هذا المجتمع المرأة بالنسبة لهذا الرجل هي نصف دينه يقول صلى الله عليه وآله وسلم (( إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الباقي))[6]

 يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين ذكر المواصفات التي ينبغي على المرء أن يعتني بها إذا أراد أن يتزوج بعد أن ذكر هذه الأربع الخصال ((تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك))[7] إذاً المواصفة الأولى هي الدين

 الشرط الثاني : قوله صلى الله عليه وآله وسلم ((ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا و لسانا ذاكرا و زوجة مؤمنة تعينه على أمر الآخرة))[8] ويقول صلى الله عليه وآله وسلم ((تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم))[9] وهذا المعيار يعرف من خلال النظر بأسرتها بأخواتها في خالاتها في بنات أسرتها فإن كن ولودات فهي كذلك ولوده فما عساك أن تصنع بامرأة لا تلد امرأة معقور ما عساك أن تفعل بها إلا أن تقضي منها وطرك فحسب .

يقول صلى الله عليه وآله وسلم ((عليكم بالأبكار . فإنهن أعذب أفواها وأنتق أرحاما وأرضى باليسير))[10]

وهذا أمر أرشد إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم – جابراً حين تزوج بامرأة ثيبة فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم – ((أتزوجت : يا جابر قال قلت نعم قال بكرا أم ثيبا قال قلت بل ثيبا قال فهلا بكرا تلاعبك قال قلت يا رسول الله كن لي أخوات فخشيت أن تدخل بيني وبينهن قال فذاك إذا إن المرأة تنكح على دينها ومالها وجمالها فعليك بذات الدين تربت يداك))[11] إن من السعادة أن يرزق المرء المرأة الصالحة إن رآها أعجبته وإن غاب عنها فإنه يأمنها على نفسها وعلى ماله وإن من الشقاء كما قال صلى الله عليه وآله وسلم من الشقاء المرأة تراها فتسوؤك وتحمل لسانها عليك وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ولا على مالك وفي المقابل فإنه لا بد أيضاً لولي المرأة بل للمرأة أيضاً ألا تتعجل في أمر الزواج فإن من الواجب عليها وهي تسعى لإنشاء ذلك المجتمع الصغير أن تعتني أيضاً باختيار الزوج فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم – قد قال ((   إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض))[12] فإن المجتمع في هذه الأزمان المتأخرة ما التفت إلى هاتين القضيتين والتفت إلى الأمور المادية المحضة التفت إلى الوظائف وإلى الأموال وإلى الأنساب والأحساب ما عسى هذه الأمور مجتمعة أن تفعل لرجل سيء الخلق إن أعطيته ابنتك أو أختك أهانها ولم يكرمها والمرأة كما جاء في الأثر لا يكرمها إلا كريم ولا يهينها إلا لئيم ما عساها أن تنتفع بحسبه وهو يهينها ليلاً ونهاراً ويحط من حسبها ويحط من خلقها ويحط من أهلها ويهين كرامتها ما عسى المال ينفع إذا كانت هذه المرأة تعيش في ذل وفي هوان ما عسى النصب أن ينفع هذه المرأة إذا كانت تعيش ولا كرامة لها فعلى الآباء وأولياء الأمور أن يعتنوا بهذه القضية غاية الاعتناء لأنهم إنما يكونون مجتمعاً صالحاً باختيار هذا الرجل الصالح واعلموا رحمكم الله تعالى – أن الدين وحده لا يكفي وأن الخلق وحده لا يكفي فإن الدين بلا خلق لا ينفع ما عساك تفعل برجل يصوم النهار ويقوم الليل ويقرا القرآن ويتعبد لله تعالى وخلقه مع هذه المرأة في غاية من السوء وما عساك أن تفعل برجل يظهر خلقاً فاضلاً وحسن سمت لكنه لا يخاف الله سبحانه وتعالى فالأمران متلازمان لا يكتفى بأحدهما عن الآخر فلابد إذاً من حسن السؤال عن الرجل ولابد من التفحص عن خلقه وعن خلق أسرته وعن نسبه ولا بد من الأخذ والرد ولا بد من الخروج والدخول ورحم الله عمر رضي الله تعالى عنه – حين سأل عن رجل قيل له ذاك رجل ثقة فقال له هل دخلت معه وخرجت ؟ هل آكلته وشربت معه ؟ هل سافرت معه ؟ قال : لا قال : لم تعرفه الأسفار تسفر عن الرجال المداخلة والمخارجة تسفر عن الرجال المآكلة والمشاربة تسفر عن الرجال لا يغتر الإنسان بالمظهر ولا يغتر بلقاء أو لقاءين ولا يغتر بقول فلان أو فلان فالعناية بالزوج والزوجة من مبدأ الأمر من أهم المهمات . ثانياً : السير في إصلاح الزوجة إن كانت هذه الزوجة عندها شيء من النقص صغيرة كانت أو كبيرة وقبل الممات يمكن أن يتدارك الإنسان ما فات عليه وإن إصلاح المرأة يكون بأمور عدة منها : الاعتناء بإصلاح عبادتها فكثير من النساء عندهن أخطاء جمة في العبادات فلعل بعضهن لا يحسن الصلاة ولعل بعضهن لا يحسن الوضوء ولعل بعضهن لا تعرف كيف تقرأ كلام الله تعالى – سبحانه وتعالى – إذاً فالعناية بالمرأة من العناية بمكان ومن ذلك أيضاً : حظ هذه المرأة بأن تأخذ قسطاً من صلاة الليل فإن ذلك يقوم خلقها ويقوي إيمانها ويعينها على أداء حق ربها وعلى أداء حق زوجها لأن ذلك يورث خشية في قلبها من الله عز وجل – ويورث أيضاً تربية صالحة للأولاد فإن المرأة إذا كانت قوامة صوامة أثرت في البيت أثرت في الأولاد فكم من الأولاد والبنات من يتأثر بخلق أبيه وبأفعاله التي يراها ظاهرة فإن الطفل في البداية ينشأ عن التقليد وعلى التأثر بالأب والأم فإذا كانت المرأة صالحة أثر صلاحها على الأسرة بل ربما كانت هذه المرأة صابرة محتسبة صالحة عابدة لله تعالى وزوجها في غاية من سوء الأخلاق والانحراف فلعلها تؤثر عليه ولو بعد زمن حتى بصمتها بسلوكها العملي لعلها تؤثر على هذا الرجل من خلال أن يراها تصلي وتصوم وتعبد الله تعالى – وتقرأ القرآن وتربي أولادها وتذكر الله سبحانه وتعالى – لعل هذا الخلق يؤثر في هذا الزوج ولو بعد حين فتكون سبباً في إصلاح هذا الرجل العناية بهذه المرأة يكون من خلال إصلاح لسانها في تلاوة القرآن فكم من النساء وخاصة في هذا البلد لو قلنا إن أربعين إلى خمسين في المائة من النساء لا تحسن القراءة ولا الكتابة لما أبعدنا وإن قلنا إن ثمانين إلى تسعين في المائة من النساء المتعلمات لا تحسن قراءة القرآن ما أبعدنا عن ذلك في شيء فالعناية بتصحيح تلاوة كلام الله تعالى – وتقريب فهمه لهذه المرأة مما يعينها على الصلاح وعلى الاستقامة فمن الناس من يقرأ القرآن لكنه لا يفهم معانيه وإن المعنى إذا وقر في قلب الإنسان أثر مراقبة لله تعالى – وأثر خشية لله تعالى – ومن الناس من ربما بلغ من العمر ستين وسبعين وهو لا يعرف كثيراً من معاني القرآن التي لو تفهمها وتبصرها وتدبرها لأثر ذلك فيه تأثيراً بليغاً لقد سمعت في يوم ما قبل حوالي خمس سنوات عالماً من علماء هذه الأمة الكبار حفظ القرآن وهو في السنة العاشرة من عمره قال لم أفهم معنى كلمة في كتاب الله تعالى إلا بعد أن بلغت خمس وثلاثين عاماً هي قول الله تعالى ((أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ)) سورة الصافات آية (125) وأن معناها بعلاً إي صنماً وثناً من دون الله تعالى –

من ذلك أيضاً صلاح المرأة يتم من خلال تحفيظها للأذكار مما يديم ذكرها لله تعالى ومراقبتها لله ومن هنا تنشأ المرأة الصالحة التي دائماً تلهج بذكر الله تعالى ودائماً تراقب الله تعالى – في كل صغيرة وكبيرة تذكر الله تعالى هذا كله يؤثر في الزوج ويؤثر في الأولاد صلاحاً واستقامة إن من الناس من ليس له ذكر في بيته إلا الأغاني والطرب إلا مزمار الشيطان يدخل عليه ويخرج عليه ينام عليه ويستيقظ عليه ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى على الرجل أن يهتم أيضاً بأن يأتي هذه المرأة بالكتب النافعة والأشرطة النافعة حتى يعينها على طاعة الله تعالى – أيضاً اختيار صاحباتها المتدينات الصالحات اللاتي يعينها على طاعة الله تعالى – ونهيها وزجرها عن قرناء السوء اللاتي يأطرنهاعلى المعصية أطراً . أيضاً : من ذلك أن نجعل هذا البيت مكاناً لذكر الله تعالى يقول صلى الله عليه وآله وسلم  ((مثل البيت الذي يذكر فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت))[13] فالذكر مهم جداً في البيت لأنه يعين على الإصلاح ويعين على الصلاح أما ذلك البيت الذي لا يذكر الله فيه أبداً بل هو مكان وعش وملجأ للشياطين عياذاً بالله تعالى لا يمكن أن يتخرج منه الصالحون أو الصالحات ولا يمكن أن يكون لبنة صالحة في المجتمع . رابعاً : اجعلوا البيوت قبلة خصوصاً في أيام الفتن والمحن قال تعالى ((وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ سورة يونس آية(87)

لقد كان نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم –إذا حزبه أمر صلى لم يهرع ولم يفزع أحد الصالحين عند نزول المصائب عليه إلى الأغاني ولا إلى الرقص ولا إلى اللهو والطرب ولا إلى الإجرام ولا إلى شيء من ذلك بل كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا نزل به أمر ملم هرع إلى الصلاة وكان يقول لبلال رضي الله عنه –” يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها))[14] وكان صلى الله عليه وآله وسلم – يقول ((حبب إلي من الدنيا النساء والطيب وجعل قرة عيني في الصلاة))[15] قرة العين وراحة البدن وراحة النفس والقلب في الصلاة لأنها صلة بين العبد وربه هذه مريم كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً المحراب هو المكان الذي تتخذه للصلاة هذه المرأة الصالحة التي أنزل الله تعالى عليها رزقها بكرة وعشية وهي تعبده . عتبان بن مالك رضي الله عنه – حين أصيب بالعمى وحين أنكر بصره ولم يستطع أن يأتي إلى المسجد طلب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم – أن يأتي إلى بيته ليصلي له في مكان من البيت قلما جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم –  قال أين تحب أن أصلي لك ؟ قال : هنا فصلى وصلى القوم خلفه فكان عتبان بن مالك رضي الله عنه – في ذلك المكان المبارك .

 خامساً : الاهتمام بالأذكار الشرعية والسنن المتعلقة بهذه البيوت من ذلك أذكار الدخول والخروج من البيت من الأهمية بمكان أن يتعلمها الرجل وأن تتعلمها المرأة وأن يتعلمها الأبناء لقوله صلى الله عليه وآله وسلم ((إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان أدركتم المبيت وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال أدركتم المبيت والعشاء))[16] كيف ببيت سكنته الشياطين ؟ كيف ببيت تختلط فيه أيدي الناس وأيدي الشياطين في حال تناولهم للطعام ؟ فالشيطان إذا دفع من البيت عاش الناس في هناء وفي صفاء . ما هذه المشاكل التي تحدث في كثير من البيوت إلا نتيجة بعد الناس عن ذكر الله عز وجل عن عدم طردهم لهؤلاء الشياطين يأتي الشيطان فيدخل إلى البيت فيفسد العلاقات ويفسد الود لذلك كان لزاماً على من أراد الهناء وأراد الراحة والسعادة والسكنى في بيته أن يتعلم وأن يعلم أهله أذكار الدخول والخروج من البيت . قال صلى الله عليه وآله وسلم ((

إذا خرج الرجل من بيته فقال بسم الله وتوكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله ” قال يقال حينئذ هديت وكفيت ووقيت فتتنحى له الشياطين فيقول له شيطان آخر كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي))[17] ومن الأمور النافعة أيضاً : قراءة سورة البقرة سواء كان قراءتها مباشرة أو عبر المسجل لأن ذلك مما يطرد الشيطان من البيوت يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه اقرؤوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما اقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة))[18] سادساً : العلم الشرعي في البيوت من أهم المهمات يقول الله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)) سورة  التحريم آية (6) قال قتادة وغيره من أهل العلم يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويعلمهم مما علمه الله قال الطبري رحمه الله تعالى – علينا تعليم أبنائنا وأهلينا الدين والخير وما لا يستغنى عنه من الأدب لكن قد يكون الإنسان في حال شغل وزحمة لا يستطيع فيه أن كثيراً مع أهله ومن هنا يتوجب على المرء أن يفسح لأهله حضور مجالس الذكر ومجالس الخير . إن كثيراً من الناس للأسف الشديد يمنعون ويتشددون على أسرهم أن يحضر إلى حلقات العلم والذكر في المجالس وبعض البيوت حيث يقيم بعض الدعاة أو الداعيات مجالس للعلم والذكر لكنه لا يستنكف ولا يستأنف أن تكون نساؤه وبناته ممن يحضر مجالس اللهو والطرب والغيبة والنميمة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فالواجب في خضم هذه الأشغال وهذه الحركة الدءوب في هذه الدنيا والانشغال عن البيوت أن يفسح الرجل المجال لأهله أن يحضروا مجالس الذكر والعلم .

أيضاً : على الرجل أن يضع نواة لمكتبة صغيرة في بيته وأن تكون في مكان ملفت للنظر وأن يكون منظرها فيه شيء من الجذب وفيه شيء من أسر الأنفس للاستفادة من هذه الكتب وكذلك الأشرطة المسموعة والمرئية إن كثيراً من الناس يمكن أن يدخل في بيته كل ما يفسد لكنه لا يريد أن يدخل كتاباً أو شريطاً ولا مطوية فكم هي البيوت التي فيها مكتبات مقروءة ؟ وكم هي البيوت التي فيها مكتبات سمعية ؟ فيها القرآن والأشرطة النافعة . وكم هي البيوت التي تحتوي على أشرطة الفيديو النافعة ؟ كثير من الناس يمكن أن يدخل مئات القنوات الفضائية إلى بيته ثم يطلق العنان لأهله ينظرون هنا وهناك نعن أربء بكثير من المسلمين الغيورين على أعراضهم أن يسمحوا لأهلهم أن ينظروا الخلاعة الواضحة الفاضحة لكن تأثير هذه الفضائيات على السلوكيات وعلى الأخلاق خطير جداً إلى غاية لا يمكن أن يتصورها الإنسان فهي تشكل الأفكار وتشكل العقول وتشكل السلوكيات والأخلاقيات بل وتعيد النظر في العقائد وفي العبادات وربما انحرف كثير من الأسر نتيجة إتباع تلك القنوات لأنه يندر أن تجد من الناس من عنده خبرة في النقد فيعرف الحق من الباطل لذلك أقترح على الإخوة أن يستفيدوا من هذا الأمر فيأتون بمكتبة مصغرة في زاوية البيت لتكن في المجلس في الديوان لتكن في صالة الجلوس لتكن كذلك مكتبة مصغرة أكثر في غرفة النوم مسموعات مرئيات في هذه الأماكن يستفيد منه الصغير والكبير ولتكن متنوعة تلبي حاجات الجميع تلبي حاجات الطلبة وتلبي حاجات النساء وتلبي حاجات حاجة من يريد أن يتعرف على كثير من الأحكام الشرعية في الصلوات وفي الصيام وفي عير ذلك من أمور العبادة . أما الأشرطة فيبتدئ بالقرآن ثم أيضاً بالأشرطة المؤثرة التي تربي وتنمي الإيمان والسلوكيات والأخلاق ويمكن لكل من أراد أن يستفيد من هذا يمكن أن يسأل وأما مستعد في هذا المجال أن أضع قائمة بالكتب النافعة وفي الأشرطة النافعة المسموعة والمرئية . أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية : الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه                  وبعد :

فإن من الأمور المهمة في بيوتات المسلمين إضافة إلى ما سمعنا عدم إظهار الشجار  والخلاف بين الأبناء يندر أن تجد بيتاً لا خلاف فيه ولا مشاكل فقد وجدت المشاكل والخلافات في بيوتات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – ولكن ليست المسألة في وجود الخلاف ولكن في قضية التعامل مع الخلاف فيجب أن يجنب الأبناء ذكوراًَ وإناثاً معرفة هذه الخلافات بين الرجل والزوجة لأن ذلك مما يؤدي إلى انفصام في سلوك الأبناء مما يؤدي إلى تقسيم البيت إلى فئتين بل أكثر فربما قام أناس في حزب الأم وأناس في حزب الأب وأناس آخرون كأن الأمر لا يعنيهم على مبدأ الحياد وهذا بالطبع يؤثر على السلوكيات فربما تربى بعض الأبناء على شيء من العقد النفسية نتيجة ما يرى من احتدام الخلاف فإن كان ثمة خلاف فليكن علاجه ونقاشه ما أمكن بعيداً عن سمع ونظر الأبناء إلا من كان منهم عاقلاً يمكن أن يشارك في الحلول فلا بأس بل لا مانع أن يكون في البيت يوم مثلاً يختار من أجل مناقشة بعض القضايا والأهداف في إطار الأسرة وذلك مما ينمي مبدأ التشاور والتناصح في إطار الأسرة الواحدة هناك أضرار نفسية تكلم عنها أطباء النفس نتيجة المشاكل التي تعرض للأبناء مما يحصل بين الرجل وزوجته في البيوت . من الأمور المهمة أيضاً : وجوب ملاحظة الأب لأبنائه ذكوراً وإناثاً بل يلاحظ وبدقة ولا أعني بدقة أن يكون الأب جاسوساً أو أمام الناس وأمام الأبناء والبنات بل يكون ذلك سراً فيعرف الأب مع من يمشي أبناءه ومن تصاحب بناته من البنات أين تدخل وأين تخرج ؟ ماذا يجلب الأبناء من الخارج إلى البيت من الصور من الأشياء من الهدايا من المبادلات التي يتبادل فيها مع زملائه يجب على الأب أن يتعرف ماذا يحفظ الولد في دولابه ؟ ماذا يحفظ في جيبه ؟ ماذا عنده في سريره وتحت وسادته بين كتبه في كل مكان لكن ليكن ذلك بعيداً عن نظره حتى لا يصاب الولد بالإرهاب النفسي وحتى لا يشعر أنه مراقب في كل صغيرة وكبيرة نعم المراقبة والدقة في ذلك مطلوبة لكن ليس إلى درجة الإرهاب ليس إلى درجة أن يصير الولد بليداً أبله وإنما الحرص على سلوكياته وأخلاقه في القضايا الهامة فعليك أن تعرف من يصاحب ؟ وأين يدخل وكيف يخرج ؟ وماذا يجلب وماذا يشتري ؟ إلى آخر ذلك وما هي الأشرطة التي يسمعها والكتب التي يقرؤها وماذا يتبادل مع زملائه ؟ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم – يقول ((إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته))[19] ويجب أيضاً : أن يغرس الثقة فيما بينه وبين أبنائه ويحرص على ألا يفقد هذه الثقة بل عليه أن يعزز هذه الثقة بكل المعززات . أيضاً : الاهتمام بالأطفال في البيوت ليس من خلال مأكلهم ومشربهم وإنما من خلال تأديبهم وتعليمهم فيحفظهم القرآن ويجعل لهم ورداً يومياً ويحفز الذي يحفظ منهم والذي يحافظ على السلوكيات والأخلاقيات والأوراد والأذكار يعلمهم أصول العقيدة الإسلامية يعلمهم الآداب الشرعية كيف يستقبل الضيف ؟ وكيف يودعه ؟ كيف يسلم عليه ؟ كيف يدخل على أبيه ومتى يدخل ؟ كيف يدخل على أمه ومتى يدخل ؟ ما هي الأماكن التي لا يجوز له أن يدخلها ؟ إلا في ساعات محدودة. كيف يتعامل مع إخوانه ؟ مع أبناء حارته مع أبناء عمه ؟ يعلمه الصدق ويحذره من الكذب وما شاكل ذلك . يعلمه أذكار الطعام وأذكار العطس وأذكار النوم وأذكار الدخول والخروج من المنزل ومن المسجد كذلك إلى آخر ذلك وعلينا أن نحذر أن يخرج الأبناء مع من هب ودب فإن الأمر كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم – ((الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل))[20] ويقول أيضاً : صلى الله عليه وآله وسلم – ((لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي))[21] أيضاً: يجب على الأب أن يهتم بما يسلي على الأبناء ويكفل أوقاتهم فيما ينفع فعليه أن يحفظ من كل شيء يدخل بين لعبهم مما يحرف سلوكياتهم أو يحرف أخلاقياتهم أو يحرف تصوراتهم فهنالك من الألعاب ما لا تصلح إلا لليهود أو النصارى مما فيها صلبان وعباده الصلبان وما شاكل ذلك وهذه كثيرة لمن تتبعها وتدبرها وقد رأينا كثيراً منها يباع في أسواق المسلمين

أخيراً أيها الإخوة الكرام على الرجل رب البيت أن يفرق بين الأبناء في المضاجع فيجعل للبنات مكان خاص بهن وللذكور مكان خاص بهم ثم أيضاً أن يشيع الرفق في البيت فيما بينه وبين زوجته فيما بينه وبين أبنائه فيما بين الأبناء أنفسهم فيما بين الأم والأولاد فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول ((إذا أراد الله عز وجل بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق))[22] ويقول صلى الله عليه وآله وسلم ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه))[23] فهنالك من الآباء والأمهات من إذا نظر في ولده خطأ يسيراً إذا به يضربه ضرباً مبرحاً ويعنفه تعنيفاً قوياً حينئذ ينشأ الولد على عدم التفريق بين الأمور الطفيفة وبين الأمور العظيمة بعض الناس لا يفرق في ما يرتكبه الأبناء من المخالفات فرب مخالفة يصلح الولد أن يتأدب فيها من خلال التوجيه ومنها من خلال النظرة الفاحصة إليه ومنها ما يصلح بالتوبيخ ومنها ما يصلح بالضرب ومنها ما يصلح بعدم الكلام معه وهلم جر وحذار في هذه الأزمان المتأخرة من طرد الأبناء إلى الشوارع فإن الشوارع هي منبت السوء وحذار أيضاً من تسليم الأبناء خصوصاً في هذه الإجازات إلى الشوارع فإن الشوارع لا يجني منها الإنسان لنفسه ولا لأسرته ولا لأبنائه إلا كل سوء ومكروه فكم من لفظ غريب بعيد عن الأخلاق ما كان يتلفظ به الولد تلفظ به من الشارع من خلال التقائه برفقاء السوء . اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً يا رب العالمين . اللهم وفقنا لإصلاح بيوتنا يا أرحم الراحمين.   والحمد لله رب العالمين .


[1] – البخاري 2-901

[2] – صحيح الترغيب والترهيب 3-27

[3] – صحيح الترغيب والترهيب 3-27

[4] – الجامع الصغير وزيادته 1-597

[5] – البخاري 5/1958

[6] –  مشكاة المصابيح 2/202

[7] –  البخاري 5/1958

[8] – الجانع الصغير وزيادته 1/949

[9] – سنن أبي داود 1/625

[10] – سنن ابن ماجه 1/ 598

[11] – سنن النسائي الكبرى 3/268

[12] – سنن الترمذي 3/394

[13] – مسلم 1/539

[14] – سنن أبي داود 2/715

[15] – سنن النسائي 1/67

[16] – مسلم 3/1598

[17] –  سنن أبي داود 2/746

[18] – مسلم 1/553

[19] – صحيح  الترغيب والترهيب 2/204

[20] – سنن أبي داود 2/675

[21] – سنن أبي داود 2/675

[22] – السلسلة الصحيحة 3/219

[23] – مسلم 4/2004

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق