تابعنا على

إنتاجات الشيخ خطب مفرغة

الأعمال المتعدية

آيات القرآن العظيم هي عبارة عن خطوط عامة في آوامرها ونواهيها فإذا جاء القرآن يأمر بالبر فيدخل تحته كل بر وإذا جاء القرآن يزجر عن شر فيدخل تحته كل شر إنها خطوط عامة إن من نفع الناس ومن أنفع الأعمال التي تقرب إلى الله عز وجل تلك الأعمال المتعدية…

خطبة بعنوان : (الأعمال المتعدية)

العناصر:

1-  الإنسان الرابح 2- بناء المساجد 3- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 4- التجاوز عن المعسرين 5- تفريح كرب الناس 6- تعليم العلم النافع.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.

 ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

يقول الله عز وجل في محكم كتابه : ((وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3))) سورة العصر الآيات (1-3).

حكم الله على جنس الإنسان أنه في خسارة وأقسم الله تعالى بالعصر وهو الزمان والعصر إن الإنسان لفي خسر أي أن كل إنسان في خسارة واستثنى الله عز وجل صنفا من هؤلاء الناس فقال : إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وتوصوا بالحق وتوصوا بالصبر إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات فيها نفع للإنسان ذاته وتواصوا بالحق  وتواصوا بالصبر فيها النفع  المتعدي للناس فهذان صنفان من الناس ناجيان من الخسارة والهلال الذين ينفعون أنفسهم بالإيمان والعمل الصالح والذين ينفعون الآخرين بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر.

آيات القرآن العظيم هي عبارة عن خطوط عامة في آوامرها ونواهيها فإذا جاء القرآن يأمر بالبر فيدخل تحته كل بر وإذا جاء القرآن يزجر عن شر فيدخل تحته كل شر إنها خطوط عامة إن من نفع الناس ومن أنفع الأعمال التي تقرب إلى الله عز وجل تلك الأعمال المتعدية بها عرف فلاحه و بها عرف فوزه حين جاء يرجف فؤاده إلى خديجة رضي الله تعالى وكان خائفا قالت له: ((كلا أبشر فو الله لا يخزيك الله أبدا فو الله إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ))[1]

كلها أمور متعدية للناس إنك لتقري الضيف شيء متعدي للخلق وتكسب المعدوم لمن لا مال له وتعين على نواب الحق تنصر المظلومين وهكذا فتعرفت على أنه لا يمكن أن يخزيه الله ولا يمكن أن يتخلى الله تعالى عنه  مادام نفعه متعديا للإنسان فالنفع المتعدي للناس كان من أبرز الصفات التي اتصف بها نبينا صلى الله عليه وسلم ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة خاصة في زمن انكفأ كل إنسان منا على ذاته وحجب نفسه على الآخرين فلم يعد شيئا من نفعه للناس بل صار كل إنسان يسعى وراء مصالحه فحسب وهذا ليس من صفات المؤمنين فإن من صفات المؤمنين السعي من أجل قضاء حوائج الناس وإيصال النفع للآخرين يقول ابن عباس رضي الله عنهما : ((ثلاثة لا أكافئهم رجل وسع لي في المجلس لا أقدر أن أكافأه و لو خرجت له من جميع ما أملك و الثاني من اغبرت قدماه بالاختلاف إلي فإني لا أقدر أن أكافأه و لو قطرت له من دمي و الثالث لا أقدر أكافأه حتى يكافأه رب العالمين عني من أنزل بي الحاجة لم يجد لها موضعا غيري))[2].

نحن الآن نفهم المسائل خطأ أننا إذا قدمنا خيرا للآخرين فإننا نمن عليهم لا بالعكس المن لهم  لأنهم كانوا هم السبب في أن الله تعالى أجرنا وفي أن الله تعالى وضع لنا القبول وفي أن الله تعالى أجرى الخير على أيدينا فلا فضل لنا عليهم ولهذا كره العلماء أن يطلب الإنسان الدعاء من أخيه إلا بنية أن يأجر الله سبحانه وتعالى  هذا الشخص الذي نطلب منه الدعاء أن يأجره الله سبحانه وتعالى وإلا فليس بيننا وبين الله حجاب ترفع يديك فتدعوا الله عز وجل مباشرة فكره العلماء هذه المسألة أن تقول له لا تنساني من دعائك أو ادعوا الله تعالى لي إلا بنية أن الله يأجر هذا الإنسان على أن يتعدى نفعه إليك هكذا نص العلماء رحمهم الله تعالى

أبو الدرداء رضي الله كان من أحرص الناس على السؤال في هذه المسألة  و لهذا وردت الأحاديث المتكاثرة عنه في السؤال عن هذه القضية قال :

((سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم ماذا ينجي العبد من النار ؟

 قال : الإيمان بالله

 قلت : يا نبي الله مع الإيمان عمل

 قال : أن ترضخ مما خولك الله أو ترضخ بما رزقك

 قلت : يا نبي الله فإن كان فقيرا لا يجد ما يرضخ قال :

 يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر

 قلت : إن كان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف و لا ينهى عن المنكر

 قال : فليعن الأخرق

 قلت : يا رسول الله أرأيت إن كان لا يحسن أن يصنع

 قال : فليعن مظلوما

 قلت : يا نبي الله أرأيت إن كان ضعيفا لا يستطيع أن يعين مظلوما

 قال : ما تريد أن تترك لصاحبك من خير ليمسك أذاه عن الناس

 قلت : يا رسول الله أرأيت إن فعل هذا يدخله الجنة

 قال : ما من مؤمن يصيب خصلة من هذه الخصال إلا أخذت بيده حتى تدخله الجنة ))[3].

هذا الحديث أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وصححه الألباني رحمه الله.

أيضا يقول صلى الله وآله وسلم ((أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد يعني مسجد المدينة شهرا ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام ))[4].

وهذا فيه دلالة على فضل قضاء وحوائج الناس وفيه دلالة على فضل تعدي النفع إلى الناس أنه صلى الله عليه وسلم جعل قضاء حاجة المسلم وقد تكون بسيطة لا تأخذ منه إلا وقتا يسيرا وربما أخذت منه قلما وورقة فشفع له فقضى حاجته فكان ذلك له أحب من أن يعتكف صلى الله عليه وسلم في مسجده شهرا .

وفي هذا الحديث دلالة على النفع المتعدي نفعه للناس أجراء الصلح بين المتخاصمين كما قال: ربنا جل وعلا ((لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)) سورة النساء آية (114).

فهذا فيه الخير إصلاح ذات البين حتى تلتئم اللحمة وحتى توصل الرحم وحتى تعود المياة إلى مجاريها إلا من أمر أفضل ما يتقرب به إلى الله عز وحل ومما ينفع الناس أيضا ويتعدى نفعه بناء المساجد فإن هذا من أفضل ما يتقرب به إلى الله عز وجل : ((من بنى مسجدا لله كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا في الجنة))[5]

 أي طائر كعش طائر إلا بنى الله تعالى له مثله في الجنة.

المسجد الذي يأوي إليه العباد يأوي إليه الذاكرون ينفعون منه يعتكف فيه الناس يؤمر فيه بالمعروف وينهى عن  المنكر يعلم الناس فيه الخير فذلك أفضل ما يتعرب به إلى الله عز وجل كذلك مما يتعدى نفعه إلى الناس بذل المال ولو كان يسيرا فكم من إنسان فرجت عنه كربته ونفست عنه بسبب هذا المال.

  بسبب احتياجه للمال ربما كان عاريا ربما كان مريضا ربما كان خائفا ففرج عنه بسبب والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ))[6]

والتفريج هو الإزالة بالكلية والتنفس هو التخفيف فإذا كان بحاجة إلى مائة فأعطى المائة فهذا تفريج وإن كان بحاجة إلى المائة وأعطي خمسين فهذا تنفيس من هذا الكربة ومن هذا عمل يكون مشترك بين الناس يكون أجره مشركا بين الناس كل بحسب تعاونه وكل بحسب ما يبذل وبحسب ما يعطي واِلأخر والأكبر وعلى من كان سبقا وعلى من بذل الأكثر من ماله مصداق ذلك في قول النبي عليه الصلاة والسلام بحق ذلك الرجل حينما استدعى النبي صلى الله عليه وسلم الصحاب من أجل أن يتطوعوا ويتبرعوا عن عبد الله البجلي عن أبيه : قال : ((كنت عند النبي صلى الله عليه و سلم فأتاه قوم مجتابي النمار متقلدي السيوف وليس عليهم أزر ولا شيء غيرها عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فلما رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم ما بهم من الجهد والعري والجوع تغير وجهه ودخل بيته ثم راح إلى المسجد فصلى الظهر ثم صعد منبرا صغيرا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فإن الله عز و جل أنزل في كتابه { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة }  إلى آخر الآية  { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد } ) إلى قوله ( { هم الفائزون } .

 تصدقوا قبل أن لا تصدقوا تصدق رجل من ديناره تصدق رجل من درهمه تصدق رجل من بره تصدق رجل من تمره من شعيره لا تحقرن شيئا من الصدقة ولو بشق تمرة .

 فقام رجل من الأنصار في كفه صرة فناولها رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو على المنبر فقبضها فعرف السرور في وجهه ثم قال : من سن سنة حسنة فعمل بها كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيء ومن سن سنة سيئة فعمل بها كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده لا ينقص من أوزارهم شيء  فقام الناس فتفرقوا فمن ذا دينار ومن ذا درهم فاجتمع فقسمه بينهم ))[7]

فالأعمال التي تتعدى إلى الناس من أفضل ما يتقرب إلى الله عز وجل ولا ينبغي المسلم أن يحصر نفسه بأعماله الخاصة وربما كان هذا العمل المتعدي أمر يسيرا لا يحتاج منك إلا إلى دقائق معدودة لتكتب شفاعة لتبذل جاها تمشي من أجل صلة رحم إلى آخر ذلك.

 أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم

الخطبة الثانية :

الحمد الله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى                                                    وبعد:

ما أكثر هذه الأعمال التي يتعدى نفعها إلى الأخرين من ذلك أيها الإخوة الحفاظ على حقوق الجار وعدم  إيذائه ومشاركته في أفراحه وأتراحه هذه من الأعمال المتعدية وما أكثر أولئك الناس الذين يشتكون من جيرانهم  من سوء معاملتهم ومن كثرة أولئك أذيتهم لهم .

وهذا في الحقيقة أيها الإخوة: أمر مزعج إننا لا نريد المسلمين أن تكون حياتهم مثل حياة الغرب لا يعرفون جيرانهم إلا في المناسبات أو في الأعياد أو ربما لا يعرف بعضهم بعضا .

ولكن نريد حياة يسودها الإخاء والمحبة والمودة والتناصح وحين الجوار إلى آخر ذلك ربما أحيانا في بعض الحارات يأتي جاء جديد ويمضي عليه أكثر من عام  فلا يتعرف عليه الناس ولا هو يتعرف على الناس يرونه يخرج من بيته ويدخلها صباحا ومساء ولا يتعرفون عليه ولا يعرفون من هو ولا يعرفون أين عمله إلى أخر ذلك  وهذا في الحقيقة أيها الإخوة من الجفاء والجفوة  .

إن حياة المسلمين فيها صلة وتواصل فيها بذل للمعروف وفيها إيصال النفع إلى الآخرين .

من الأعمال التي فيها نفع للآخرين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فما من مسلم يرى منكرا إلا وحاول أن يزيله أما بلسانه أو بيده أو يقلبه وأن رأى معروفا شجع عليه وهكذا أيضا من أنفع الأعمال التي تصل إلى عباد الله سبحانه وتعالى وتنفعهم مثل تلك الزيارات التي يصل فيها الإنسان رحمه فيها صديقه فكم من وجه يشرق نتيجة هذه الزيارة وكم من رحم يوصل بعد الانقطاع نتيجة هذه الزيارة وكم من عمر يطال ورزق يوسع نتيجة هذه الزيارة وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: ((من سره أن يبسط له في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه))[8]

 فو نفع متعدي للآخرين بل يتعدى أيضا على نفسك ففيه صدقة على نفسك.

إن الأعمال التي يصل نفعها للآخرين لو أردنا أن نتتبعها لوجدناها كثيرة جدا ولكن من طرق هذا الباب فمن سأل عن هذه المسائل فسيجد أجوبة كثيرة  وسوف تتشعب عليه هذه الأعمال ولا يستطيع أن يحصيها ولا أن يؤديها ولكن بحسب المسلم أن يضرب بحظ هذه الأعمال.

 تعلم الناس على سبيل المثال سواء  كان هذا التعليم في حلقات الذكر في المساجد المحاضرات خطب الجمعة في الإذاعة في التلفاز في القنوات الفضائية في المجلات في الجرائد في المدارس في الجامعات إلى أخر ذلك بنية إيصال النفع لهؤلاء الناس يكون مأجورا بإذن الله عز وجل.

ولهذا فإن العلم الذي يتعلمه الإنسان لا يؤجر عليه إلا بنية العمل وبنية رفع الجهل عن نفسه وعبادة الله عز وجل عبادة صحيحة ونفع الناس أيا كان هذا العلم والتعليم سواء  كان في جوانب العلوم الشرعية أو في مجال العلوم العربية وفي مجال العلوم التي يتعدى نفعها للملايين من الناس فلو كان على سبيل المثال مكتشف الدوائر التلفزيونية كان مسلما ولو كان مكتشف الهاتف مسلما ولو كان مكتشف الكهرباء مسلما على سبيل المثال فإن هذه الأجور المتتالية على مر العصور والأيام هذه كلها تنصب في ميزان حسناته ويكون هو قد مات منذ آلاف السنين والأجر يصل إليه لأنه عمل هذا العلم النافع وعلمه للناس وصار الناس بعده يطورونه حتى وصل نفعه إلى الكون  كله لهذا ينتفع الإنسان بهذه الأعمال الصالحة التي يحتسب أجرها عند الله تعالى ولا ينبغي للإنسان أن يفعل الفعل ثم بعد أن يتمه يقول هذا أنا احتسبه عند الله عز وجل والاحتساب يكون قبل بدأ العمل : ((إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ))[9].

فالنية تكون مقرونة بالعمل لا أن تكون بعده فمن أراد أن يكف شره عن الناس فلتكن نيته من حين أن يبتدأ كف الشر عن الناس إنسان مقعد في بيته من الصباح إلى الظهر ثم بعد أن يذكر قال احتسب هذا السكوت وعدم الخروج وعدم مشاغلة الناس وإزعاج الناس احتسب أجره عند الله عز وجل لا احتساب الأجر يكون من بدية العمل التاجر على سبيل المثال يدين الناس ويدين الجيران هذا مأجور وهذا مما يصل نفعه الآخرين أيضا فهو من باب تنفيس أو تفريج الكريات ولكن هذا بالبنية لا يؤجر المرء إلا إذا كان نيته هكذا أنا أدين الناس من أجل هذا .

كما قال: ((تَلَقَّتْ الْمَلَائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ قَالُوا أَعَمِلْتَ مِنْ الْخَيْرِ شَيْئًا قَالَ كُنْتُ آمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا وَيَتَجَاوَزُوا عَنْ الْمُوسِرِ قَالَ قَالَ فَتَجَاوَزُوا عَنْهُ))[10].

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : ((عن النبي صلى الله عليه و سلم ذكر رجلا فيمن كان سلف أو قبلكم آتاه الله مالا وولدا – يعني أعطاه – قال فلما حضر قال لبنيه أي أب كنت لكم ؟

 قالوا: خير أب قال :فإنه لم يبتئر عند الله خيرا – فسرها قتادة لم يدخر – وإن يقدم على الله يعذبه فانظروا فإذا مت فأحرقوني حتى إذا صرت فحما فاسحقوني أو قال فاسهكوني ثم إذا كان ريح عاصف فأذروني فيها فأخذ مواثيقهم على ذلك – وربي – ففعلوا فقال :الله كن فإذا رجل قائم ثم قال: أي عبدي ما حملك على ما فعلت ؟

 قال :مخافتك أو فرق منك فما تلافاه أن رحمه الله ) [11]

هذه الأعمال يتعدى نفعها للناس من أفضل ما يتقرب به الإنسان إلى ربه عز وجل .

والحمد الله رب العالمين.


[1] – البخاري 4/1894

[2] – شعب ا لإيمان  7/436

[3] – شعب الإيمان 3/204

[4] –  المعجم الكبير 12/453

[5] – سنن ابن ماجه 1/244

[6] – مسلم 4/2074

[7] –  المعجم الكبير 2/330

[8] – البخاري 2/728

[9] – البخاري 1/1

[10] – البخاري 5/249

[11] – البخاري 5/2378

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق