تابعنا على

إنتاجات الشيخ خطب مفرغة

رمضان والتغيير

إن أفضل ما تقرب به العبد إلى الله عز وجل ما افترض عليه كما جاء في الحديث القدسي ولا يزال العبد يتقرب إلى الله عز وجل في النوافل حتى يحبه …

خطبة بعنوان : ( رمضان والتغيير) 

العناصر:

1-   استقبال رمضان 2- هداية القرآن للناس 3- الحكمة من تكرار الصيام في كل عام 4- التوبة في رمضان 5- الإعلام و رمضان 6- حال الناس بعد رمضان.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

وبعد:

فإننا نحمد الله سبحانه وتعالى الذي من علينا بالإسلام وأكرمنا بنبينا سيد الأنام فهدى الله به من بعد الضلالة

وجمع بعد الفرقة والشتات فهدى الله به أعينا عميا وقلوبا غلفا وآذنا صما فنحمده سبحانه حق حمده ونشكره حق شكره إن كتب لنا وبلغنا شهر رمضان هذا الشهر الذي سيدخل على هذه الليلة المقبلة ويستقبله المسلمون بفرح وسرور مستبشرين بهذه النعمة وهذه المنة بأداء هذا الركن من أركان الإسلام فرحين مستبشرين بهذا الشهر الكريم المبارك هذا الشهر الذي جعله الله تبارك وتعالى منطلقا للتغير منطلقا لتغير العالم بأسره إذ أن الله تبارك وتعالى أنزل القرآن في هذا الشهر المبارك.

 ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) سورة البقرة آية (185).

هدى للناس أجمعين عربهم و عجمهم قبل أن ينزل القرآن كان الناس في غواية وفي عماية وفي ضلالة يعبدون الأصنام الأوثان يعبدون الشموس والأقمار والأشجار والأحجار ويعبدون كل مخلوق وإن عبدوا الله تعالى فِإنهم يعبدون مع الله آلهة آخرى وقليل هم أولئك الذين وحدوا الله عز وجل في عبادته ولهذا جاء في الأثر: ((وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلاَّ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ))[1]

والسبب في هذا المقت أنهم انحرفوا بعيدا عن دين الله عز وجل وعن آوامر الله عز و جل فشرعوا لأنفسهم وصنعوا لأنفسهم آلهة يعبدونها من دون الله عز وجل فجاء القرآن في هذا الشهر الكريم ليكون منطلقا ونقطة تحول العالم بأسره هدى للناس ولهذا فإن أولئك الذين آمنوا بهذا القرآن وبهذا النبي الكريم وصلى الله عليه وسلم الذي جاء القرآن تتابعوا واحدا بعد واحد وما جاء خمسون عاما إلا دولة الإسلام تضرب أطنابها في مشارق الأرض ومغاربها.

 لقد أمتدت دولة الإسلام إلى أقصى الأرض شمالا وجنوبا وشرقا وغربا خلال هذه المدة لأن القرآن غير الأرض غير الكون بأسره دخل الناس في دين الله تعالى أفواجا حينما سمعوا القرآن وحينما وعوا القرآن وحينما خالط القرآن بشاشة قلوبهم تغيروا .

ولهذا إلى يومنا هذا أعداؤنا موقنون بأنه لا يمكن استئصال هذا الأمة ولا يمكن تغير هذه الأمة وتغيبها لا يمكن ذلك وهذا القرآن موجودا ما دام القرآن حيا ما دام القرآن معمولا به ما دام الناس يتلون القرآن ويأخذون بأخلاق القرآن وبأحكام القرآن .

هكذا ينصون أنه لا يمكن تغير هذه الأمة ولا إلغاؤها ما دام القرآن موجودا .

 إن هذا القرآن يعمل في القلوب عمله تماما كما صنع بجبير بن مطعم حينما هاجر من مكة إلى المدينة و وافى صلاة المغرب فسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور وكان آتيا من أجل المجادلة ومن أجل المخاصمة وكان قد وضع على أذنيه القطن لا يريد أن يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من كلام الله عز وجل ثم راجع نفسه وقال : أنا من أفصح الناس ومن أبلغ الناس أنا قد سمعت الشعر أعرف الشعر أعرف جميع أبحره فأخذ القطن من أذنه وسمع كلام الله عز وجل يتلوه النبي صلى الله عليه وسلم فقذف الله تعالى الإيمان في قلبه .

قال كاد قلبي يطير وذلك حين وقر الإيمان في قلبي فجاء كافرا جاحدا يريد ما يريد فقذف الله تعالى الإيمان في قلبه عاد مؤمنا بالله تعالى القرآن الكريم الذي أنزله الله تعالى في هذا الشهر الكريم كان منطلقا لتغير الكون بأسره .

ولهذا أيها الإخوة :

إن كثيرا من الناس يتململ ويتعذر ويختلق الأعذار أنه لا يمكن أن يغير نفسه هذا كلام غير صحيح وهذا رسالة سلبية يعطيها هذا الإنسان لنفسه .

 وإن يبقى على هذا الأمر فسيبقى كذلك غير قادر لتغير نفسه إن شهر رمضان من أكبر الأدلة على أن هذا الكون يمكن أن يتغير وعلى أن المجتمعات والشعوب يمكن أن تتغير وعلى أن الفرد يمكن أن يتغير إلى الأصلح .

ولهذا كان من نعم الله تعالى على هذه الأمة أنه ما جعل الصيام مرة واحدة في العمر ولكنه كرره كل عام لتكرر هذا التغير وليفتح باب التغير خلافا للحج فإنه معروض مرة واحدة أما الصيام فإنه يتكرر عام .

وهذه نعمة يستحق ربنا أن يشكر عليها لأنه يتيح هذه الفرص للتغير كل عام ولذلك هيأ الله تعالى الأجواء في رمضان ما لم يهيئها في بقية الشهور فمن تهيئة الله تعالى لرمضان يصفد مردة الشياطين وأنه سبحانه يفتح أبواب الجنان فلا يغلق منها باب حتى ينتهي الشهر ويغلق أبواب النيران فلا يفتح منها باب حتى ينتهي الشهر.

وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر هذا النداء يستجيب له من استجاب يستجيب كثير من الناس لهذا النداء خاصة في أوساط المسلمين .

والله لقد رأينا من أعتى العتاة ومن أعصى العصاة يقلعون عن الشر في رمضان .

كم من مدن الخمر أقلع .

كم من مدن للمخدرات أقلع.

 وكم من مدمن على الزنا عياذ بالله أقلع .

وهلم جر فكثير من الناس يستجيب لهذا النداء ولهذا فإن الصيام من حيث هو خاصة في الثلاثة الأيام البيض حيثما يكتمل القمر له خاصيته إن النبي صلى الله عليه وسلم حين شرع صيام الثلاثة الأيام البيض شرعها لأن هذا الوقت يكون فيه المد والجزر في أوجه ولهذا فإن الجسم من الماء وما في الجسم من الدماء تنخفض لأقصى ضغط على الجسم ولأقصى حرارة للجسم ولهذا تخف شهوات الناس.

 ذكر بعض المؤرخين في أحد الأعوام وبالذات في الليالي القمرية الثلاث حدث في ولاية ميامي في أمريكا حينما حصل نوع من أنواع اليهجان عند الناس فرصد الراصدون أن كثير من الجرائم وقعت في هذه الأيام لأن أولئك الناس لا يصومون أساسا ولا يعرفون الصوم إنما عند المسلمين حينما يصومون إضافة إلى ما يجدونه من الصحة والعافية فإن المنكرات والجرائم تقل وتخف في أوساطهم ليعيش الناس في أمان وفي استقرار ليعيشوا في وئام ليعشوا في إخاء شهر رمضان.

 أيها الإخوة :

 فرصة للتغير وإمكان التغير ها أنت سترى من هذه الليلة سترى صلاة التراويح كيف يجتمع الناس إلى بيت الله عز وجل أين كان هؤلاء الناس ؟

هل هؤلاء الناس أتوا من كوكب آخر ؟

أليسوا هم الموظف والعامل والجندي والتاجر هم.

 هم ولكن قد يتعلل المتعلل بكثرة الانشغال وأنت في رمضان تشتغل وتعمل تكدح وتسعى في طلب الرزق ومع هذا وجدت وقتا من أجل أن تدخل المسجد ومن أجل أن تحافظ على هذه الصلاة النافلة وتحافظ على الفروض وجدت وقتا لكثير من الأعمال إذا شهر رمضان مدرسة متكاملة للتغير لكن يحتاج منا إلى المداومة لأنه في هذا الشهر حينما تكون هذه العبادات فيها نوع من الجماعية تسهل على الناس ينشط بعضهم بعضا ستفيد بعضهم من بعض من السلوكيات والأخلاقيات والمنظر والله إن مناظر الناس في رمضان تتغير أشكالهم يتغير لباسهم يتغير كلامهم كل شيء يتغير فهذا يعني أنه هناك إمكانية للتغير لكن لماذا ينتكس كثير من الناس بمجرد أن ينتهي رمضان ؟

 لأن كثيرا من منهم ما وجد الهمة العالية وما وجد المراقبة لله عز وجل وما تنمت هذه المواهب عنده طيلة رمضان ولذلك سرعان ما يتراجع كثير منهم ويعود كما كان الصلاة التي قال الله عز وجل فيها آمرا بالمحافظة عليها فقال تعالى : ((حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)) سورة البقرة آية (238).

 الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر قال تعالى: ((اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ )) سورة العنكبوت آية (45).

 الصلاة التي حين فرضها الله عز وجل عرج بنبيه صلى الله عليه وسلم إلى سابع سماء حتى بلغ إلى مكان أسمع فيه صريف الأقلام وفرض الله تعالى خمسين صلاة ولا يزال يراجع صلى الله عليه وسلم ربه حتى جعلها خمسا في العمل وخمسين صلاة في الآجر والثواب .

فهذه الصلاة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم : ((أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ ؟

 قَالُوا :لاَ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ.

قَالَ : فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا))[2]

 فرصة لمن كان قاطعا للصلاة أن يعود إليها في هذا الشهر الكريم فرصة لمن كان لا يحضر جماعة أن يحضر الجماعة فرصة لمن يخرج الصلاة عن وقتها أن يصلى الصلاة في وقتها في رمضان تتهيأ هذه الفرصة.

 أنظروا إلى رمضان والقرآن فقد كان من أخلاق السلف ومن سنة السلف أنه إذا دخل رمضان طووا الكتب وتفرغوا للقرآن الكريم لا يدرسون العلوم وإنما يقرؤون القرآن وكانت أحوالهم مع القرآن متنوعة مختلفة فهذا يختم كل يوم مصحف وهذا مصحفين وهذا كل ثلاثة أيام وهذا كل أسبوع وهلم جر.

 فهل يمكن أن تثبت على جزء على أقل تقدير كل يوم قد ذكرنا فيما مضى أن الإنسان لو قرأ قبل وبعد كل فرض أربع صفحات فقط لختم القرآن الكريم خلال شهر بإذن الله عز وجل أمر يسير ولكن العلاقة بيننا وبين القرآن تنفصم وتنقطع بمجرد أن نفارق رمضان لابد أن يكون الإنسان محترما لحياته محترما لوقته في رمضان وفي غير رمضان لا يهدر أوقاته إنك إذا سافرت تجد ذلك الملحد وذلك الذي يعبد الصليب وذلك العلماني تجده كتابا أو كتبا معه في أسفاره إن وجد فسحة فتح الكتاب وقرأ أو فتح جهاز لحاسب وتصفح يستفيد من الوقت هل يمكن أن نحترم أوقاتنا ؟

هل يمكن أن نحترم أثمن شيء في هذه الحياة هو الوقت الذي ما يندم إنسان مثلما يندم عل هذا الوقت يقول الله تعالى : ((حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) .لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)) سورة المؤمنون ألآيات (99- 100)

القرآن الذي قال النبي فيه صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول آلم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ))[3].

 وقال صلى الله عليه وسلم : ((اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه اقرؤوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما اقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة ))[4].

 القرآن والصيام يشفعان يوم القيامة يقول الصيام يشفعان يوم القيامة يقول الصيام ربي شفعني فيه فإني أضمته و أجوعته في النهار ويقول القرآن : ربي إنني أسهرته الليل فشفعني فيه فيشفعان.

فالصيام ورمضان محطة للتغير بكل أشكاله وألوانه نتعلم في رمضان أن نغير من سلوكياتنا وأخلاقياتنا فلا يعيش الإنسان أنانيا محبا لنفسه لا ينظر في أحوال الآخرين رمضان ينفق فيه كثير من الناس ويتفقدون أحوال الفقراء والأيتام تعبدا لله عز وجل يفرح الواحد منهم أن يضع النفود والطعام في يد المتصدق عليه لا يطلب منه منة ولا يطلب منه شكرا .

لأن هذا واجب عليه مثل ما أوجب الله عليه الصلاة ليس منة يقدمها هذا الغني لهذا الفقير بل هو واجب عليه ولهذا يبتعد الإنسان عن هذا الخلق الذميم خلق الشح والأنانية فالدوران حول النفس تتمثل هذه الصورة بأجلى صورها بأجلى معانيها في شهر رمضان فتجد الناس ينفقون ويطعمون ويتصدقون حتى أوليك البسطاء يشاركون في هذا المعاني .

المعاصي رمضان يقلع كثير من الناس عنها وهذا دليل على أن الإنسان يمكن أن يغير نفسه.

يمكن أن يقلع عن كثير من العادات السيئة من المعاصي من الذنوب يمكن أن يقلع عنها هاأنت ترى الكثير الكثير من الناس يعيشون في انفصام نكد ما بين الليل والنهار في النهار لا يسمعون اللغو ولا يسمعون غناء في النهار حتى القنوات الفضائية في رمضان تتغير هؤلاء الناس الذين يقولون غير ممكن أن تتغير هذه القنوات .

أتريدون هذه القنوات أن تبث كلها الأخلاق ؟

أتريدون هذه القنوات أن تبث كلها مطاوعة ؟ أين الأغاني ؟ أين الرقص أين العري؟

 أين العهر؟ أين أين أين …؟

 هذا القنوات في هذا الشهر تنافس في البرامج الإسلامية ويتقبلها المسلمون بقبول حسن منها ولا يغلقونها ويتشوقون للإطلاع على ما تبثه هذا القنوات وهذا يدل على أنه يمكن أن تتغير هذه القنوات يمكن أن تكون رافدا للسلوك والأخلاق والعقيدة والعبادة وتكون رافدا في تربية النشء وتكون رافدا في تربية الأجيال تكون رافدا في بث روح المحبة للأوطان تكون رافدا لتبث الأمان الاستقرار في الأوطان .

 لكنها ما إن ينقض رمضان حتى تعو إلى ما كانت عليه وحذار حذار من هذه القنوات التي يخطط أصحابها من أجل أن يفسدوا عليكم صومكم حذار من هذه القنوات التي تخطط كيف تأكل أوقاتكم حذار من هذه القنوات التي لا تريد أن تستفيدوا من رمضان بفوازيرها ومسابقاتها ومسلسلاتها وما شاكل ذلك للأسف الشديد كثير من الناس يعيش في انفصام وكأن رب النهار غير رب الليل كأن رب رمضان غير رب شوال وغيره من الشهور الذي منعك من هذه في نهار رمضان هو الذي منعك منها في الليل والذي منعك منها رمضان هو الذي يمنعك منها في سائر الشهور .

 ولهذا حينما يقول الإنسان لا يمكن أن يتغير هذا كلام سلبي وكلام خاطئ يمكن أن يتغير كما أنك تنتهي عن الطعام والشراب المباح و تنتهي عن المحرمات إلى الليل يمكنك أن تواصل ما بعد ذلك وإذا واصلت شهرا و اصل شهرين وإذا واصلت عام واصلت العمل كله بإذن الله عز وجل.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم .

الخطبة الثانية:

 الحمد لله رب العالمين وسلام على عباده الذين اصطفى                                                 وبعد:

 إن أفضل ما تقرب به العبد إلى الله عز وجل ما افترض عليه كما جاء في الحديث القدسي ولا يزال العبد يتقرب إلى الله عز وجل في النوافل حتى يحبه .

النوافل فرصة للتغير في رمضان وما أكثر هذه النوافل وما أعظم أجورها منها:

النوافل بعد الفجر وأربع قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المعرب وركعتان بعد العشاء كذلك ومنها:

الضحى التي ورد فيها أجر عظيم وحديثها حسنها بعض أهل العلم كما قال صلى الله عليه وسلم :((من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة ))[5] .

صلاة والوتر صلاة التراويح : كما في الحديث :((إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ))[6] .

أما أجر الفرائض فهذا شيء أخر .

هذه النوافل وإن السلف الصالح كان عندهم من الهمة ما يجعلهم يقرؤون أقل ما يكون في كل ليلة جزء ولكن فترت الهمم وإن فترت الهمم فلا يفتر الناس أن خفف الإمام أن ينصرفوا قبل أن ينصرف الأمام فنحرص كل الحرص على أن نصلى مع الإمام حتى ينصرف ليكتب لنا قيام ليلة في رمضان .

تتغير القلوب القاسية والمتصحرة عن الإيمان تتغير هذه القلوب ولهذا ذكرنا في شهر شعبان أن الإنسان ينبغي أن يروض نفسه وأن يدرب نفسه ويؤهلها منذ شهر شعبان كما كان صلى الله وسلم يعلم هذه ا لأمة وكان يصوم أكثر هذا الشهر يعني شعبان لأنه شهر يغفل عنه كثير من الناس فيستفيد الإنسان من صيام شيء من شعبان وإذا جاء رمضان استقبله بالصيام وقراءة القرآن والذكر وغير ذلك تتغير هذه القلوب المتصحرة التي لا تكاد تتأثر بأي منظر وأن كان فيه ما فيه من معاني التأثر .

لكن في رمضان نرى قارئ القرآن يقرأ وحده وتسيل عبرته ترى الناس في الصلوات يبكون ترى الناس ترق قلوبهم وإذا نظروا إلى حادثة ما مؤثرة تأثروا وإذا نظروا إلى فقير وإلى يتيم تأثروا لأن رمضان غير من حالهم لأن القرآن غير من حالهم رمضان.

 أيها الإخوة :

  محطة مهمة لكل مسلم يجب عليه ألا يفوتها مهما كان الأمر إن فاته عمل من عمل اليوم قضاه إن فاته عمل الصبح قضاه في لليل عليكم بالذكر أذكار الصباح و أذكار المساء وما شاكل ذلك من الأذكار التي تقوي الجسد تعطيه الصحة تعطيه الإعانة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حينما جاءته فاطمة رضي الله عنها وقد أثرت عليها الرحى على يدها تطلب منه خادما يخدمها وقد أُتِىَ بسبي فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ فَلَمْ تَرَهُ فَأَخْبَرَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةَ فَلَمَّا جَاءَ النبي -صلى الله عليه وسلم- أَخْبَرَتْهُ فَأَتَانَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ فَقَالَ :  عَلَى مَكَانِكُمَا. فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صدري فَقَالَ : ((أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ))[7].

 قال علي رضي الله عنه : ((فلا زلنا محافظين عليها . قال ما تركتها قالوا له : ولا يوم صفين ؟

قال ولا يوم صفين )) .

حتى في ليلة المعركة ما تركها لأنها تعين الإنسان على قضاء حاجته وتنشطه بفضل الله عز وجل .

رمضان أيها الإخوة:

ينبغي أن يغير من حياتنا إن لم يغير من حياتنا فمعنى هذا أن في أعمالنا خلل إن لم يتغير حالنا من أول يوم من رمضان من أول أسبوع من رمضان فهنالك خلل فينا خلل في تقوانا خلل في مراقبتنا لله عز وجل .

فشهر رمضان لماذا كان يفرح فيه السلف؟

كانوا يفرحون فيه لأن فيه إعانة لهم على تغير أحوالهم كلها ولذلك شرع الله عز وجل في أيام النوافل من أجل أن يكون الإنسان دائما يجد هذه اللذة وهذا الطعم الذي يجده في رمضان من خلال فعله لصيام النوافل .

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

 والحمد لله رب العالمين .


[1] – مسلم  4/2119

[2] – مسلم 2/131

[3] – سنن الترمذي 5/175

[4] – مسلم1/553

[5] – الترمذي 2/481

[6] – سنن أ بي داود 1/521

[7] – سنن أبي داود 4/474

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق