تابعنا على

إنتاجات الشيخ خطب مفرغة

صفات المربي الناجح

إن الله تبارك وتعالى خلق عباده من أجل أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وطلب منهم أن يسلكوا وفق الطريق التي رسمها سبحانه وتعالى لهم…

خطبة بعنوان : ( صفات المربي الناجح)

العناصر:

1-  شمولية هذا الدين 2- الانفصام في التربية 3-الاهتمام بالأبناء4- صفات المربي الناجح 5- التواصل الإيجابي.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

إن الله تبارك وتعالى خلق عباده من أجل أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وطلب منهم أن يسلكوا وفق الطريق التي رسمها سبحانه وتعالى لهم.

قال الله تعالى : ((وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) سورة الأنعام آية (153).

هذا الصراط له شعب توصل إلى مرضات الله عز وجل وإنه صراط عام يشمل أمري الدنيا والآخرة فما من طريق يوصلنا إلى السعادة ويوصلنا إلى الحق ويوصلنا إلى الصواب إلا ودلنا عليه إما بلفظه أو عمومه فإن الله تعالى يقول في محكم كتابه : ((وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ )) سورة الأنعام آية (38) .

 فلم يفرط الله تعالى شيئا ولم يترك شيئا مما يصلح الحياة إطلاقا ولقد قال ذلك الصحابي الجليل رضي الله عنه: ((تركنا رسول الله صلى الله عليه و سلم وما طائر يطير بجناحيه إلا عندنا منه علم))[1]

وما من شاردة ولا واردة إلا وأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم عنها .

بل حتى أن اليهود من شدة حقدهم وبعضهم وحنقهم قالوا: للصحابة رضي الله عنهم ما ترك لكم نبيكم شيئا إلا وعلمكم قال : ذلك الصحابي نعم علمنا كل شيء حتى كيف نقضي حاجتنا أمرنا ألا نستقبل القبلة ببول أو غائط))

فمنهاج النبوة ليس منهاجا منحصرا في جزئية من الجزئيات ولكنه منهاج عام يشمل جميع مناهج الحياة ولا يمكن للأمة أن تسعد إلا إذا عادت إلى هذا المنهاج ابتداء من الاعتناء بتربية الأجيال تربية سليمة ومتكافئة في البيت وفي المدرسة وفي الجامعة وفي كل مكان ليكن هنالك تكامل وتواءم لا يجوز بل يحرم أن يوجد في هذه الأماكن الثلاثة أي تصادم بل جميع ما يؤثر في سلوكيات الناس لا يحل لمسلم أن يوجد نوعا من أنواع التصادم في السلوكيات والأخلاقيات كما هو موجود الآن .

فالصحافة يجب أن تخدم الدين والإذاعة يجب أن تخدم الدين والتلفزيون يجب أن يخدم الدين والأخلاق والسلوك والعقيدة والمعاملات وهلم جر.

لا كما هو الموجود الآن تناقض صارخ بين ما يتعلمه الطفل في المدرسة أو الجامعة وبين ما تقرأه أو تسمعه أو تشاهده في القنوات الفضائية فلا يستطيع أن يميز لأبنائه بين الحق والباطل وكلامنا سينصب حول صفات المربي الناجح.

 كيف نكون مربين لأبنائنا ناجحين ؟

كيف نشكل عقول أبنائنا؟ وكيف نقوم تلقيهم؟

ما هو الذي يستطيع أن يخرج من البيت أبناء صالحين؟

 ليس كل أحد ينجح في هذه المهمة فإنها مهمة صعبة للغاية ولكن الناس يهربون ويبتعدون عن مثل هذه الصعاب إلى الأشياء الطفيفة يمكن للإنسان أن يقضي مع عملائه ومع زبائنه وأن يجلس إليهم الساعات الطوال من أجل أن يخدم مهنته ومن أجل أن يكسب مالا ولكنه غير مستعد أن يجلس مع ولده خمس دقائق ينصت إليه ويستمع إليه ولا يعلم هذا الأب أن هذه الخمس الدقائق تعمل عملها في تنشئة الولد وفي تربيته التربية الصحيحة ثم إن الهداية بعد ذلك بيد الله عز وجل .

أن من أهم صفات المربي المهمة أن يكون يحمل علما شرعيا هذا العلم الشرعي الذي أقله ما لا يسع المسلم جهله في معتقده وفي سلوكه وفي عيادته إلى آخر ذلك ما لا يسع المسلم جهله في أمور الدين يجب على الأب وعلى الأم أن يكونا متضلعين فيه حتى ينجحا في تربية الأبناء وفي تربية البنات وإما إذا كان الأب غير متعلم لأمور عبادته فإنهم سيتربون على العادات لا يعرف شيئا عن أمور دينه معرفة بعلم.

 وإن كثيرا من الأبناء تأثر بأبيه أو بأمه في هذه المجالات سلوكا و عقيدة أخلاقا عبادة إلى آخر ذلك.

أشد مؤثرات زرع هذه الأمور هي البيت فإن الولد يقضي في البيت عمرا طفلا ابتداء من صغره وهو وقت الزرع وقت الغرس هذه المبادئ كيف يحافظ الولد على صلاته؟ ومتى يؤمر بالصلاة ؟ وكيف يتعلم المعتقد السليم؟ وما هو الخلق السليم من الخلق الرذيل ؟

هذه يتعلمها أول ما يتعلمها الولد في بيته فإذا لم يكون الأب متعلما العلم الشرعي إضافة إلى العلوم التي هي من علوم الواقع ينبغي على المربي أيضا أن يكون متعلما لها و يكن مطلعا على المذاهب والأفكار الهدامة والعقائد المنحرفة وأهل البدع و الخرافات والضلالات من أجل أن يحذر أبناءه من سلوك هذه المسلك الرذيل.

 أما إذا كان جاهلا فإن أبناءه كما هو حالنا وواقعنا ينشأ الأبناء بطرق متشاكسة فهذا قومي وهذا اشتراكي وهذا مادي وهكذا لأن الأب أساسا فاقد للشيء وفاقد الشيء لا يعطيه فيجب عليه أن يكون ملما بواقعه عارفا بالمذاهب الهدامة والأفكار المنحرفة التي يخشى أن تؤثر على هؤلاء الأبناء.

إذا العلم الشرعي من أولى أوليات المربي الناجح الذي يريد أن يخرج جيلا نافعا بإذن الله عز وجل.

من صفات المربي أيضا أن يكون أمينا بمعني الكلمة والأمانة ليس كما يفهما بعض الناس هي حفظ أشياء الناس عنده.

 لا يخونها .

إن الأمانة أعم من هذا المفهوم قال الله تعالى : ((إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً)) سورة الأحزاب آية (72).

ما هي الأمانة ؟

هي التكاليف الأوامر والنواهي الشرعية الأوامر من تكليف ونهي هي الأمانة تحملها الإنسان ولكن كثيرا من الناس لم يتحملها بحقها فضيعها كثير من الناس ولهذا ضياع الأمانة من علامات الساعة وقربها كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة قال : (( بينما النبي صلى الله عليه و سلم في جلس يحدث القوم.

 جاءه أعرابي فقال : متى الساعة ؟ .

 فمضى رسول الله صلى الله عليه و سلم يحدث.

 فقال : بعض القوم سمع ما قال: فكره ما قال .

 وقال بعضهم بل لم يسمع .

 حتى إذ قضى حديثه قال: أين  أراه  السائل عن الساعة ؟ .

 قال: ها أنا يا رسول الله .

قال : فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة  .

 قال : كيف إضاعتها ؟

 قال : إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة  ))[2]

 لأن هذا الأب وسد إليه أمر عظيم أمر تخريج هؤلاء الأبناء هؤلاء الأجيال الذين تشكل منهم الأمم والشعوب.

فإذا كان الأب غير أمين الأب لا يصلى الأب يكذب الأب يغش الأب أكثر القيم الفاسدة عنده كيف يخرج الأبناء صالحين؟

إن الأبناء في الغلب يأخذون من أعمال الآباء والأمهات فيتخرج جيل مشوه متصادم مع نفسه ليس ثمة أمور مترتبة عنده ترتيبا أبجديا ولكنها أمور متصادمة فإذا كان الآباء يحمل هذه النفسية ويحمل هذه السلوكيات وغير أمين.

فقل كذلك في المدرس وقل كذلك في الموجه وقل كذلك في مدير المؤسسة والمنظمة وهلم جر.

 هكذا يعيش المجتمع في تناقض تام .

لا بد أن يكون المربي الناجح أمين المربي في البيت يجب أن يكون أمينا بحيث يكون صاحب أخلاق يقتدى بها وسلوك يحتذى به فالأبناء أكبر ما يتأثرون بالقدوة والمدرس أيضا يجب أن يتحمل الأمر بجدارة وأمانة فيجب عليه أن يكون أمينا في أبناء المسلمين فينشئوهم التنشئة الصالحة الذين يربون أجيالا يبنون أمما ويبنون حضارات ويبنون مؤسسات على وجهها الصحيح لا أن ينشأ جيلا هو أشبة بمن يعيش في الغابات يعيش على الاحتيال وعلى النصب وعلى أن القوي يأكل الضعيف.

من الصفات الهامة في المربي الناجح أن يكون قويا في جسده وفي عقيدته وقويا في عبادته وقويا في سلوكه ويجب أن تكون هذه القوة متواكبة مع تربية الأبناء فإذا ضعف الأب في فترة من الفترات يمكن أن يعود الأبناء للانتكاس مرة أخرى وإذا تجاوزت عقول الأبناء العقول الآباء صار تفكيرهم أعمق وأقوى وصار نظرهم أحد وصار نظراتهم واسعة وشمولية فإذا هم يتجاوزون الأب وبهذا يفقد الأب قوامته لأنه صار يتكلم على أمور الأمور فيها يتجدد ويظل بعض الآباء والأمهات على موروثات قديمة ربما تكون ليس من الثوابت بل هي من المتغيرات التي تتغير بحسب الزمان والمكان فينبغي للأب أن يكون قويا في هذا وأن يتعامل مع أبنائه وفق سنهم ومراحلهم فما يصلح لابن سبع سنين لا يصلح لا يصلح لابن العشر السنين وما يصلح لابن اثنتي عشر سنة لا يصلح لابن عشرين من عمره فإن هذه المراحل تتفاوت في توجيهاتها وتتفاوت في تعليماتها وتتفاوت في الخطوات التي تعطيها لهؤلاء الأبناء هنالك مشاكل قد تحدث أحيانا تعيق مسالة القوامة ومسألة التربية فتكون تربية هشة أو تربية متصادمة متناقضة من أهمها:

 أن تكون الأم الزوجة التي اخترتها لنفسك عاشت في بيئة القوامة فيها للمرأة وليست للرجل هذه من أعظم المعضلات والمشكلات التي يعانيها منها بعض الآباء بمعني أن يكون الرجل ضعيفا أمام الأم وتود القوامة للأم وليست للأب ومن هنا يحاول الأب ويتحرق كبده ويتقطع قلبه من أجل أبنائه وتربيتهم صاحبة القوامة ومن هنا توجد هذه المرأة التضجر وتوجد رفع الصوت والتذمر في وجه زوجها أمام أبنائها وهذا سلوك عملي يعود الأبناء إن كانت ثمة مشكلة فلتكن بعيدة عن الأبناء يتفاهم حولها الأب والأم حتى يخرجوا بالحل المرضي وإذا لم يتقنع المرأة فإنه يجب عليها شرعا أن تذعن للزوج لأنه  صاحب القوامة وهو الأب وهو الأرجح عقلا وهو صاحب الخبرة الطويلة التي مارس من خلالها كثيرا من التجارب وهو يريد لأبنائه الصلاح فتعود أبناءها على وجوب طاعة الأب .

أما أذا أرادت أن تكون القوامة لها فإن هذا سيذهب بعيدا جدا في مسألة تربية الأبناء وسينحرف خط تربية الأبناء إلى أن ينحدر إلى الأسفل كذلك أن تكون هذه المرأة الزوجة أو الأم فتدمر أمام الزوج في أغلب قضاياها .

هذه أيضا ممارسة عملية ألا يقبل من الأب أي توجيه فإذا كان الزوج يأمرها بشيء فهي ترفض وتنهره وترفع صوتها وما شاكل ذلك فهذا معناه تربية سلوكية علمية تؤثر في الأبناء أكثر من تأثير التوجيه القول فعلى المرأة أن تتقي الله عز وجل في هذا الجانب من ذلك فيرفض فتسكن الأم ولكنها تمارس مع أبنائها خلاف ما رفضه الأب وهذا أيضا تربية سلوكية تعلم أبناءها ألا قيمة لكلام أبيكم .

فلا بد من أن تسلم الأم قضية تسير الأبناء ولإصلاح أخلاقهم للأب نعم إن الأم قد تشارك ولكنها تشارك حوارا وتشارك عملا لا أنها تشارك فيما يجعل الأبناء ينحرفون من صفات المربي الناجح أيضا:

العدل الذي أمر به الله عز وجل فلم تقم السموات ولم تقم الأرض إلا بالعدل وجاء النبي الله عليه وسلم لإقامة العدل في جميع الأمور حتى في تربية الأبناء جاء النعمان بن بشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((أنى قد نحلت النعمان كذا وكذا شيئا سماه.

 قال: فقال: أكل ولدك نحلت مثل الذي نحلت النعمان؟

 قال: لا.

 قال :فاشهد غيري.

 ثم قال: أليس يسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟

 قال بلى.

 قال فلا إذا))[3]

أي أن هذا من الظلم ومن العدل أن يكون هنالك عدل في الكلام مع الأبناء في تقبيل الأبناء في الجلوس مع الأبناء في عطاء الأبناء في الهدايا للأبناء هذه مسائل كلها تحتاج إلى عدل.

لأنه إذا ظلم الأب مع هذا أن يوجد الحقد والبغضاء بني أبنائه انظروا إلى ما حصل بين أبناء يعقوب عليه السلام إنهم تآمروا على أخيهم يوسف عليه السلام لدرجة أنهم أرادوا قتلة وفي النهاية خففوا الحكم عل أن يجعلوه في البئر إلى أن جاءت القافلة فأخذته إلى مصر …إلخ .

لكن أحيانا قد يتوجب شرعا أن يكون ثمة تميز بني بعض الأبناء مثلا: المطيع يتعامل معه الأب غير ما يتعامل مع العاصي الذي ينفذ الأوامر الذي يجتهد الذي يسلك السلوك الصحيح لا بأس أن يحرم المخالف أحيانا وأن يعطي جائزة أو هبة ذلك الذي يثمر سلوكا صلحا وهكذا أيضا إذا كان الولد مسافرا أو يغب ما بين الحين والآخر فإنه قد يقضيه الأب أو الأم يطول الجلوس معه والتمازح معه والضحك معه إلى آخر ذلك فهذا لا يعد من الظلم في شيء.

والموفق من وفقه الله تبارك وتعالى.

وأيضا الحرص: أن يكون المربي حريصا على أبنائه ولا يعني الحرص أنك تصير جاسوسا على هذا الولد حيث تعرف متى يدخل ومتى يخرج وأين يمشي وماذا يأكل وما يشرب وربما وظفت موظفا عليه من أجل أن يتتبعه في كل زقاق وفي كل شارع هذا ليس من الحرص في شيء إنما الحرص أن تحرص على ما ينفعه في دينه ودنياه نعم أن يكون أكثر وقته في البيت ولكن المفسدات أن تتبعه في كل صغيرة و كبيرة أطلق له شيئا من الحرية ولكنها هذه الحرية تطلق شيئا فشيئا من خلال الممارسة والتجربة .

وأن الولد يستخدمها في الاستخدام الصحيح وأنه متى ما قلت له لا بأس أن تخرج ولا بأس أن تذهب ولكن شريطة أن تكون في البيت الساعة الفلانية هنا يظهر الامتثال ويظهر الالتزام من هؤلاء الأبناء ومعني هذا أنهم يسيرون في الطريق الصحيح.

ومن الحرص الدعاء لهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعوا على الأنفس والأموال أو الأولاد قال: ((لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ))[4] .

ثم بعد ذلك يحصل الندم أيضا من الحرص عليهم أن تكون المتابعة متابعة إيجابية ومن ضوابط الحزم أن يلتزم الولد بما يحفظه من توجيهات أبية في دينه وعقله وبدنه وماله.

 أيضا :من صفات المربي الناجح أن يكون صالحا في نفسه في عبادته وفي سلوكه وفي أخلاقه.

أيضا : الصدق أن يكون صادقا لا أن يكون كاذبا فإن الصفات السلبية تورث عملا عند هؤلاء الأبناء.

أيضا : الحكمة أن يكون الأب حكيما بحيث يضع الشيء في موضعه فالحزم في موضعه والرحمة الرخوة في موضعها.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية :

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى                                                         وبعد:

 إننا معاشر الإخوة نتعب أنفسنا ونرهق أنفسنا في كثير من القضايا لهؤلاء الأبناء وهذا بعض الواجب علينا ولكننا نقضي أوقاتا طويلة من أجل أن نداويهم ونعالجهم إلى أخر ذلك لكن ثمة أمر مهم ينبغي أن نعتني به وأن ننتبه له أن مصادر تثقيف وتوجيه الأبناء القراءة والكتابة والمشاهدة وثمة أمر مفقود وهو قضية الإنصات لهؤلاء الأبناء والإصغاء لهم قلت في بداية الخطبة إن الواحد منا يمكن أن يستمع للآخرين الساعات الطوال ولده إذا تحدث معه إذا به يتضجر ويتململ وهذه في الحقيقة نقطة مهمة وحلقة مفقودة في قضية تربية الأبناء كما ألمحت خمس دقائق فقط لو أعطي كل واحد منا لولده و ينصت إليه إنصاتا إيجابيا لأحدث نقلة عظيمة في تربيته .

جاء بعضهم فاشتكى إلى شخص قال : إنني لا أفهم ولدي لأنه لا يحب أن ينصت لي.

 قال له : سأعيد لك ما قلت إنك غير قادر على فهم ولدك.

 لأنه لا ينصت لك لا يستمع لك مرتين .

قال: هذا ما قلته وما عنيته .

فقال له: الصياغة الصحيحة ليس كما ذكرت وإنما الصياغة الصيحة لهذا الكلام أنك ما فهمت ولدك لأنك لم تنصت إليه لأنك أنت الذي تحتاجه وتحتاج أن تكتشفه و تحتاج أن تتعرف عليه فأنت الذي يجب عليك أن تنصت له لا أن ينصت لك هو .

وهذا أمر أكيد ربما الكثير منا واقع فيه ومخطأ فيه لأن أكثر التوجيه يكون من الأب و لا يسمح لولده أن يتكلم أو أن يعبر عما في نفسه .

ولذلك يا إخوة الأطفال الصغار كل من كان له طفل صغير وتجده يحب الكلام مع والده من الخطأ الشديد أنه يسكته وأن يقول له اسكت أو لا يجيب على تساؤلاته هذا مما يجعل ذكاءه يموت تقتل ذكاءه تماما .

 والولد الذي يجد إجابة صحيحة وإنصاتا إيجابيا من أبيه هو الذي ينمى ذكاءه و ينمى قدراته وهو الذي ينتقل ما بين فترة وأخرى نحو الأفضل لكن كثيرا من الآباء إذا أراد الولد أن يتكلم .

إذا أعطاه فرصة فهي لحظات ثم يقمعه ويقول له: لا وقت لي أن أتكلم معك وبالتالي تجد بعض الأبناء يجب أن يكون متفاعلا معه إذا أراد أن يتكلم معه فإذا أراد الأب أن يعرض عن وجه ولده فإن الولد هو الذي يجر وجه أبيه من أجل أن ينظر تفاعل هذا الأب معه فينبغي أن يكون هناك ثمة تفاعل للإنصات لهذا الولد يتفاعل بصرك مع بصره وجهك مع وجه بسمتك معه يدك أيضا تمسح عليه ألفاظ إيجابية تعطيه هذا كله مما يحفز عنده الذكاء وينميه ويجعل التواصل بينهما إيجابيا أما إذا أعرضت عنه فإنك تعطيه رسالة سلبية ولو كان صغيرا ابن أربع سنين أو خمس سنين معنى هذا حينما تعرض وجهك عنه معنى هذا أنك تقول له : أن لا أحب أن أتكلم معك وهو يفهم هذا والكلام.

بدليل أنه كما قلت حينما يتكلم معك إذا أعرضت ونظرت إلى منظر ما فإنه يجر وجهك من أجل أن يقابل وجهه .

فينبغي أن يكون التواصل إيجابيا وأن تنصت إليه إنصاتا إيجابيا وإن طال الكلام فدعه يطيل الكلام ثم في نهايته إذا تفهمته اختصر له الكلام وقل له: رسالتك وصلت أنت تريد أن تذهب إلى حديقة الحيوان هذا الكلام الطويل فلان راح و فلان دخل و فلان مع أبيه و فلان مع أصحابه راحوا رحلة إلى أخره كله مختصر أنت تريد أن تذهب إلى الحديقة ؟

يقول صحيح هذا هو الكلام ولذلك قلت: ينبغي أن يكون هنالك اهتمام كأن تشير إليه بوجهك تهزه بوجهك أو تهمهم له أو تقول له ما شاء الله إلى أخر ذلك .

هذا كله يفتح الحوار ويترقى الحوار بعد ذلك ويكون إيجابيا فيما بينك وبين هؤلاء الأبناء وبالتالي كلما كبروا كلما عرفتهم وعرفوك واستطعت أن توصل الرسائل الإيجابية إليهم .



[1] – صحيح ابن حبان 1/276

[2] البخاري 1/33

[3] – مسند الإمام أحمد 4/269

[4] – سنن أبي داود 1/563

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق