تابعنا على

إنتاجات الشيخ خطب مفرغة

السيرة النبوية منهاج حياة

 السيرة النبوية منهاج حياة تأخذ منها الدروس والعبر، وتستنبط منها الأحكام في الحلال والحرام، والسلوك والأخلاق، والسياسة والإعلام والاقتصاد، والمعاملة مع الحبيب والقريب والصديق والعدو؛ لأن كل ذلك حدث في حياته صلى الله عليه وسلم من يوم ابتعثه الله جل وعلا، كيف لا وهو المعصوم من كل نقيصة؟!

خطبة بعنوان : ( السيرة النبوية منهاج حياة)

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

لا شك أن سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم – هي الميزان الحقيقي لهذه الحياة كيف لا ؟ وحياته صلى الله عليه وآله وسلم كلها تشريع من أول ما قال له سبحانه وتعالى ((يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ))

سورة المدثر الآيات (ا- 2) إلى أن ختم الله تعالى حياته صلى الله عليه وآله وسلم – حين قال : صلى الله عليه وآله وسلم – بل في الرفيق الأعلى وحياته كلها تشريع لهذه الأمة نأخذ من ذلك الدروس والعبر وتستنبط منها الأحكام في الحلال والحرام في السلوك والأخلاق والسياسة والإعلام والاقتصاد والمعاملة مع القريب والبعيد ومع الحبيب والعدو كل ذلك حصل في حياته صلى الله عليه وآله وسلم – بل إن حياته قبل أن يبعثه الله تعالى فيها الزكاة وفيها الطهر وفيها العفاف وفيها الفوائد والدروس والعبر كيف لا ؟ وهو صلى الله عليه وآله وسلم – عصمه الله تعالى – من الشرك وعصمه الله تعالى من الوقوع في الرذيلة أو يقع في كبيرة كل ذلك قد عصمه الله تعالى منه وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على رعاية الله عز وجل – له منذ أول وهلة إلى أن توفاه الله عز وجل – لقد كان قبل بعثته صلى الله عليه وآله وسلم – رغب يوماً في أن يلهو كما يلهو الشباب فأناخ أغنامه عند بعض الشباب ليدخل في الليل ليسمع كما يسمع بقية شباب مكة إلى الغناء وغير ذلك فبينما هو يريد الذهاب إلى تلك المواطن إذ ألقى الله تعالى عليه سباتاً فلم يفق إلا بعد الفجر عصمة من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم – ألا يقع في ذلك وحين كانت قريش تبني الكعبة وطلب منه عمه أن يشارك في العمل فلما أثر حمل الأحجار على عاتقه صلى الله عليه وآله وسلم – فكان أهل مكة يحلون أزرهم فيجعلونها وقاية تقيهم من الأحجار ويعملون عراة ينظر بعضهم إلى عورة بعض فقال له عمه : افعل كما يفعل القوم فأراد أن يفك إزاره فسقط على الأرض لا بحوله ولا بقوته فنظر إلى السماء صلى الله عليه وآله وسلم – كأنه يقول إن هذا الأمر ليس بيدي سقطت حتى لا يرى أحد عورتي وهذا قبل أن يبعثه الله تعالى – فالله تعالى هو الذي حفظه ورعاه وهو الذي رباه على عينه سبحانه وتعالى – فنشأ النشأة الطيبة المباركة ولم يؤثر عليه صلى الله عليه وآله وسلم – زلل أبداً لم يسجد لصنم وإنما حبب إليه الخلاء في غار حراء يتعبد حتى أتاه الحق من ربه سبحانه وتعالى – إن دراسة حياته صلى الله عليه وآله وسلم – تجديد شريان الحياة إن دراسة حياته صلى الله عليه وآله وسلم – بتمعن وتبصر وتطبيقها على أرض الواقع معناه بعث الأمة من جديد إحياء هذه الأمة إن قلنا ميتة فهي كذلك وإن قلنا مريضة فهي كذلك حيث جاء صلى الله عليه وآله وسلم – جاء لقضية جاء لأمر لم يأت ليعيش كما يعيش الناس ولم يأت ليوجد مجموعة من الناس لا تتميز على من هو موجود على ظهر الأرض فلم يكن الناس في قلة كانوا موجودين الرومان والفرس وعباد الأوثان في جزيرة العرب واليهود والنصارى كانوا موجودين على ظهر هذه البسيطة فبعثه الله تعالى لقضية وأمر اختلطت الأوراق وتبدلت المفاهيم وانقلب الحق إلى باطل والباطل إلى حق إلا قضايا علقت في أذهان الناس فصاروا يمشون عليها لا على أنها خلق ولا على أنها دين ولكنهم كانوا يسيرون عليها على أنها هذه هي عادات الناس . كان العرب يربأ الواحد عن نفسه أن يكذب أو أن يؤثر عنه الكذب لماذا ؟ هل هذا خلق لهم ؟ لم يكن خلقاً لهم وإنما كان هذا هو السائد بين الناس هكذا يسير الناس كانوا يرتكبون الفواحش جهاراً نهاراً يتباهون ويتفاخرون لا يستحيون لماذا ؟ هذا هو منهج حياتهم كانوا يراؤون ويظلمون يسفكون الدماء لماذا ؟ هذا هو منهاج حياتهم يفخر الواحد منهم أن يشرب الخمر حتى يطيح أرضاً وأن يرابي حتى يمتص دماء الناس وأن يزني بأكبر عدد ممكن من النساء تفاخراً وتباهياً ويبطش ويظلم ويقطع الطريق ويغير على القبائل ويسفك الدماء لا لشيء إلا ليقال إن هذه القبيلة غيورة وأنها جريئة إلا ليقال إن هذه القبيلة متماسكة .

 لا يسألون أخاهم حين يندبهم              في النائبات على ما قال برهاناً.

ينجد بعضهم بعضاً لا نصرة للحق ولكن نصرة للعصبية والقبلية فجاء صلى الله عليه وآله وسلم – من أجل غاية من أجل هدف هذا الهدف تحقق شيئاً فشيئاً واكتمل خلال ثلاث وعشرين عاماً من عمر رسالته صلى الله عليه وآله وسلم – أقام هذه الأمة المتميزة في سلوكياتها وآدابها وأخلاقها وعقيدتها وعبادتها واقتصادها وإعلامها وجميع حياتها حتى صارت تعيش في نمط من الحياة لا تتفق مع يهود ولا نصارى ولا مع عباد الشمس والقمر ولا مع عباد النار ولا مع عباد الأحجار والأشجار هذا الهدف الذي جاء صلى الله عليه وآله وسلم – من أجله ما توانى صلى الله عليه وآله وسلم – ساعة من نهار أو ليل إلا وهو يدعو من أجل تحقيق هذا النمط الخاص من الحياة . إن اليهود عليهم لعنات الله المتتالية إلى يوم الدين ما سخطوا وما غضبوا على نبينا صلى الله عليه وآله وسلم وما كادوا له وما حاولوا قتله بجميع الطرق بالسم بأن يرموه بحجر من فوق السور بتحريض الأحزاب من حوله بنقضهم للعهود بإثارتهم للمنافقين ما فعلوا ذلك إلا لأنه صلى الله عليه وآله وسلم – جاء ليخالفهم حتى قالوا : من حقدهم وحنقهم إن هذا الرجل ما من أمر إلا وخالفنا فيه وقال رجل لسلمان رضي الله عنه – إن نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم – قد علمكم كل شيء قال : نعم علمنا كل شيء حتى الخراءة أمرنا ألا نستقبل القبلة ببول أو غائط حتى قال بعض المعاصرين إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم – علم هذه الأمة من كرسي الحكام إلى كرسي الحمام هناك (( … إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)) سورة يوسف آية (40) وهنا أمرنا صلى الله عليه وآله وسلم قال ((لا تستقبلوا القبلة بغائط أو بول ولكن شرقوا أو غربوا))[1] فما من قضية إلا وعلمنا صلى الله عليه وآله وسلم – غاض اليهود لأنه صلى الله عليه وآله وسلم – خالف منهاجهم في جميع القضايا حتى في أمور العادة هذه القضية يا إخوان قضية مهمة جداً اليوم أمريكا بعداوتها وحنقها على الإسلام والمسلمين اليهود بحقدهم وحنقهم الشيوعيون والبوذيون والهندوس لماذا يكرهون الإسلام ؟ يكرهون المسلمين ويبغضونهم لأن المسلم يحمل في قلبه هم هذا الهم هو إرادة تغيير نمط الحياة على هذه الأرض ولذلك أمريكا ساخطة لأن الإسلام يريد أن يغير نمط حياة الأمريكيين وهذا حق وقد صرح بهذا رئيسهم إننا سنضرب بقوة كل من يريد أن يغير نمط حياة الأمريكان . ما هو نمط حياة الأمريكان ؟ حياة الأمريكان اقتصادهم قائم على الربا إعلامهم قائم على الدجل والكذب أخلاقهم في غاية من السوء زنا شذوذ لواط قتل اغتصاب لأموال الناس وأراضيهم ابتزاز لأموال المسلمين لخيرات الضعفاء اعتزاز بالشخصية الأمريكية وبنمط الحياة الأمريكية تعليمهم قائم على تربية النشء على الحقد على كل من خالف النصرانية والصهيونية العالمية الحاقدة على بقية الشعوب وهذا قل في بقية الأمم إنها لا يسخطها أن يعيش المسلمون في بلدانهم ولكن خوفهم من تغيير نمط حياتهم هنا وهناك ولذلك نبينا صلى الله عليه وآله وسلم – حين جاء في مكة مثلاً ابتدأ صلى الله عليه وآله وسلم – يربي اللبنات الأولى للمسلمين هذه اللبنات التي صارت مثل هذه الدعائم التي في المسجد برسوخها وقوتها استطاع النبي صلى الله عليه ,آله وسلم – أن يشكل النواة الأولى لدولة الإسلام ولذلك اعتنى بهذه القواعد الصلبة اعتناءً خاصاً ثلاثة عشر عاماً في مكة من عمر الرسالة وهو يبني هذه اللبنات ويربيها وينشاها التنشئة الصالحة التي تجلدت بعد ذلك وتحملت  المتاعب وصبرت على اللأواء ولم تضرها هذه الحياة فكانت حقاً مثل القواعد الراسخة للبنيان الذي نريد منه أن يتطاول وأن يشمخ في السماء عالياً يعني عمر الرسالة كم هو ثلاث وعشرون عاماً يعني ثلاثة عشر سنة وهو في مكة يربي في تلك القواعد الصلبة بعد هجرة هذه الطائفة من مكة إلى المدينة بنحو سنتين تقريباً قامت غزوة بدر كم كان المسلمون فيها ؟ ثلاث مائة وبضعة عشر هذه الثلة المؤمنة هي في الحقيقة الدعائم القوية الراسخة لهذه الدولة ولهذه الأمة كان يا أيها الإخوة من أبلغ القضايا التي اهتم بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم – قضية الإخاء بين المؤمنين في مكة أولاً ثم في المدينة ثانياً لقد كان من أوائل الأعمال التي قام بها صلى الله عليه وآله وسلم – في مكة أن آخى بين المهاجرين والأنصار ثم آخى أيضاً بينهم في المدينة هذه الأخوة إذا أردنا أن نضع لها تعريفاً ما معنى هذه الأخوة ؟ وأنا أتكلم عن هذه القضية لأنها أصبحت في هذه الآونة المتأخرة  في الحقيقة من القضايا الملحة أن يتآخى المسلمون فيما بينهم الأخوة هذه لا تشترى بالمال ليس هناك محلات نشتري منها أخوة حتى نوزعها بين الناس وليست تعطى عبر عقاقير طبية ولا عبر شعوذات بل هي منحة من الله تعالى – يقذفها في قلوب المؤمنين قال الله تعالى (( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) سورة الأنفال آية (63) وقال سبحانه ((وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)) سورة  آل عمران آية (103) كنتم أعداءً مع أن القبيلة واحدة كنتم أعداءً مع أن الدين واحد كنتم أعداءً مع أن الهدف واحد كنتم أعداءً مع أن السلوك واحد لم تجمع بينكم قبائلكم ولا لغتكم ولا دماؤكم وإنما وحد بينكم هذا الدين فأصبحتم بنعمته إخواناً تآخت تلك القبائل وتآخى العربي مع الأعجمي وجمع الله الرومي مع الفارسي مع الحبشي مع العربي جمعهم في بوتقة واحدة إخوة متحابين في الله عز وجل – هذه الأخوة هي قوة إيمانية نفسية نورث الشعور العميق بالعاطفة والمحبة والاحترام والثقة المتبادلة مع كل من تربطه وإياه أواصر العقيدة الإسلامية ووشائج الإيمان والتقوى هذا الشعور الأخوي يولد في نفس المؤمن العواطف النبيلة والأحاسيس الصادقة باتخاذ المواقف الإيجابية من التعاون والإيثار والرحمة والعفو والتنفيس وقت الشدة والتكافل عند العجز وباتخاذ مواقف سلبية من الابتعاد عن كل ما يضر الناس في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم وكرامتهم الإنسانية ولذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم – (( … فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه))[2] نحن في عصر نلوك نصطبح ونتغذى ونتعشى بأعراض إخواننا سلم منا الأعداء ولم يسلم منا إخواننا قاطعنا الإخوان ولم نقاطع الأعداء نهش ونبش في وجوه أعدائنا ونكشر عن أنيابنا إذا وجدنا إخواننا المصلين الذين يشهدون ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – تجد أخاً لك لا يحب أن تقر عينه في عينك ولا أن يتجه وجهه في وجهتك بل إن بعضهم قال : إنه إذا نظر إلى فلان من الناس غسل عينيه بالماء ثلاثاً لماذا ؟ لأنه نظر إلى إنسان يبغضه حسب زعمه في الله تعالى – إنا لله وإنا إليه راجعون إخوة الإسلام : إن هذه الأخوة التي هي نعمة ومنة من الله تعالى أهتم بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم – اهتماماً بليغاً من أول وهلة دعا فيها إلى الله تعالى – لأنه لا يمكن تشكيل جماعة أو حزب الله أو دولة هي دولة الإسلام لا يمكن أن تألف هذه الجماعة ولا يقوم هذا الحزب ولا تقوم هذه الدولة ومن دخل في هذه البوتقة متقاطعون متهاجرون متدابرون متهارشون لا يمكن إطلاقاً لذلك لما نزلت هذه الآية { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم } . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أعوذ بوجهك ) . قال { أو من تحت أرجلكم } . قال ( أعوذ بوجهك ) . { أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض } . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( هذا أهون أو هذا أيسر))[3] إن هذه القضية قضية يجب على كل مسلم أن يعيد النظر فيها لأن هذه القضية قضية ملحة في هذا الزمان إن الأخوة مرافقة للإيمان والأخوة مرافقة لتقوى الله تعالى ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ..)) سورة الحجرات آية ( 10) ولهذا فإن الله تعالى قال (( … وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) سورة المائدة آية (2) وقال صلى الله عليه وآله وسلم – ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))[4] قل أوجدنا نحن بسلوكياتنا وأخلاقنا وتعاملنا أوجدنا أمامها عوائق هذه العوائق في الحقيقة تحتاج منا إلى عدة وقفات وذلك لأهمية معرفة الداء ولزوم الدواء لأننا إذا لم نعرف الداء لا يمكن أن نصف الدواء من هذه المعوقات التي اصطنعناها نحن بأنفسنا الحزبية الضيقة التي تجعل الولاء والنصرة والمحبة لمن دخل في هذه البوتقة فقط وتجعل المدح والثناء والرفعة والمكانة لمن كان في هذه البوتقة إن الله تعالى حين ذكر التحزب في كتابه الكريم ذكر حزبين اثنين ى ثالث لهما حزب الله وحزب الشيطان المسلمون في حزب والكفار والمنافقون في حزب آخر ولذلك على مر تاريخ الإسلام منذ أن ظهرت هذه الفئات والطوائف كالمعتزلة والأشاعرة والشيعة والخوارج وظهرت وظهرت إلى آخر ذلك لم يعرف في التاريخ أن أهل السنة بالمفهوم العام كفروا هذه الطوائف هنالك نقاش هنالك محاورات هنالك مناظرات نعم موجود لكن ستظل قضية النصرة بين المسلمين والمحبة والمودة موجودة ولذلك الأمة كلها بدون نكير التفت وراء قضية البوسنة والهرسك مع أن أهل البوسنة والهرسك ما كانوا يعرفون من الإسلام إلا أشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – يقول أنا مسلم وهو من أكبر الزناة أنا مسلم وهو من أكبر الخمارين أنا مسلم وهو من أكبر المرابين ولذلك تحركت الأمة وتجيشت في مقدمتها علماؤها ومفكروها لنجدة ونصرة هؤلاء القوم ما قالوا إن هؤلاء ليسوا بمسلمين فأقول يا إخوة : إن هذه الحزبيات الضيقة التي حصلت في الآونة المتأخرة كانت في الحقيقة سبباً رئيساً في إعاقة الأخوة بين المسلمين يمر أمامك لا يسلم عليك لا يحضر جمعك ولا عيادة ولا يهنك ولا يفرح لفرحك ولا يألم لألمك لماذا ؟ هذه الحزبية الضيقة البغيضة اسمحوا لي أن أقول : إن أخاكم لم يسلم من هذه التهمة فأنا حزبي بغيض جلد إلى آخر ذلك وأنا أظن هذا الكلام والتحذير من هذه الحزبيات الضيقة ليست وليدة اليوم إنني من سنين عدة وأنا أحذر من الحزبية الضيقة وكثيراً ممن يتكلم في العلماء والدعاة ويصفهم بأنهم حزبيون أقول : ما عرفوا ما معنى الحزبية وأنا أضع سؤالاً أريد له جواباً ما هي الحزبية المذمومة ؟ وما مظاهر التحزب ؟ حتى نضع النقاط على الحروف لأنه كما قيل : وكل يدعي وصلاً لليلى                وليلى لا تقر لهم بذاك .

من يستطيع مثلاً أن يخرج جماعة التبليغ من الإسلام فيقول هؤلاء كفار من حزب الشيطان إلا إنسان متألي على الله تعالى – أو من يستطيع أن يخرج الإخوان المسلمين أو الإصلاح أو حزب التحرير أو الجماعة الإسلامية في مصر أو شباب محمد في مصر أو غير ذلك من الجماعات العاملة في الساحة الدعوية يستطيع أن يخرجها من دائرة الإسلام إلا إنسان جرئ على الله تعالى – فأقول يا إخوة إن التحزب الضيق أفرز إفرازات جعلت كثيراً من المسلمين يقطعون أواصر الأخوة فيما بينهم البين فتجد مثلاً هذه الفئة دون أن نسميها لا تناصر الفئة الأخرى لا تفرح لفرحها ولا تألم لألمها بل بعضهم يفرح ويطرب إذا أصيبوا والله يا إخوة أخبرني أحد الدعاة إلى الله تعالى أنه حينما سجن الشيخ سلمان العودة والشيخ سفر الحوالي قال : إن بعض الشباب من شده فرحه سجدت شكراً لله لا أعرف جهة القبلة ليش ؟ قال : عاقبهم الله تعالى – الخبثاء المجرمون هذا داعية إلى الله عز وجل – عالم من علماء الأمة والله لا يفعل مثل هذا الفعل إلا إنسان في قلبه الدغل في قلبه مرض يفرح لانتكاسة جماعة من الجماعات إلى آخر ذلك الخلاصة أن الحزبية الضيقة عائق كبير من عوائق الأخوة في الله تعالى – ولذلك أفرزت هذه القضية أن الشباب يربى لا تذهب لفلان لا تمش مع فلان احذر من الجماعة الفلانية بل ربما عياذاً بالله – توصل بعض المربين إلى الكذب بسبب الولاء الضيق حتى يقولون هذه الفئة كل شيء عندهم حرام احذر لا تمش معهم وبعض الشباب انتكس ترك التدين وترك الصلاة وترك المساجد ليش ؟ من كثرة الطرق على سمعه احذر احذر احذر هؤلاء كذا هؤلاء متشددون هؤلاء و هؤلاء حتى ترك كثير من الشباب التدين والالتزام ورجعوا إلى الشوارع لذلك أنا أقول يا إخوة حذار من هذا العائق الكبير من عوائق الأخوة في الله تعالى – من هذه العوائق للأخوة في الله عز وجل – الأفهام الخاطئة والمنحرفة بمعنى أن بعض الناس يفهم نصوص القرآن أو نصوص السنة لا يفهما على أساس من العلم ولا على أساس من الأسلاف كالأئمة الأربعة مثلاً وغيرهم من السابقين وإنما يفهما مثلاً على فهم واحد من المتأخرين أو يفهما برأسه بعضهم يقول : نحن رجال وهم رجال أيش الفرق بيني وبين الشافعي وهل تستوي الرجولة يا جماعة الخير أبداً ما تستوي ولذلك بعضهم يعني أتى بالعظائم أوجدوا بين الأمة الشقاق والعداوات لا لشيء إلا نتيجة لأفهامهم  الخاطئة المنتكسة أضرب لكم مثالاً لعلكم تعانونه في هذا المسجد أو في غيره كنت مرة في مسجد البيحاني رحمه الله وهو مسجد صغير وكله أعمدة وبعض الشباب يحرم الصلاة بين السواري تدرون كم سيصلي الناس إذا لم يصلوا بين السواري صف هنا وصف في المؤخرة أحاديث الصلاة بين السواري هذه القضية أثارها بعض علمائنا المتأخرين على أنه يحرم الصلاة بين السواري وهذه في الحقيقة إذا راجعناها بإمعان العجب العجاب أن بعض الشباب يحرم تقليد الشافعي وأحمد ومالك وأبي حنيفة لكن هو يقلد من يقلد يقلد الصنعاني والشوكاني وابن باز والألباني أنا لا أعيب عليه أن يعترف أنه مقلد بل أحترمه إذا قال : أنا في رتبة العوام وأنا مقلد أقول هذا رأيه خذ به واعمل به في نفسك لكن إياك أن توجد شقاقاً ومشاكل في بيوت الله تعالى . إذا نظرنا إلى أحاديث النهي عن الصلاة بين السواري منها ما صح وأكثرها لم يصح وأنا مستعد للجلوس والنقاش الهادئ المثمر إذا وجد أناس يريدون طلب الحق في هذه القضية بالذات . أمور أخرى قضية الصلاة بين السواري مثلاً خلاص هن اقتنعوا بهذا الفهم لكن إذا كان هذا فهمه خلاص أنت مقلد اعمل به في نفسك لكن إياك أن توجد لنفسك حزب داخل المسجد وتوجد شقاق في داخل المسجد وتوجد عداوات داخل المسجد من أجل هذه القضية قضية الصلاة بين السواري باتفاق أهل العلم من المتقدمين أنها مكروهه وليست محرمة وعند ازدحام المسجد أو صغره تجوز اليوم واحد يكلمني يا إخوة قال : حصل كسوف في شهر رمضان قال : دخل واحد في مسجد كأن إمام المسجد ما حضر فتح المؤذن قالوا لواحد من الشباب صل بنا فدخل يصلي صلى الركعة الأولى وبعدين هرب ليش ؟ قال : أنا ما أعرف صلاة الكسوف الله أكبر ما تعرف صلاة الكسوف وتعرف كيف تشقق الأمة وكيف تبث العداوة وكيف تتكلم في العلماء فلان ضال وفلان مضل وفلان مبتدع وفلان محترق هذه كلها تحسنها ولا تتقن صلاة الكسوف عجائب فالقضية الأفهام الخاطئة والمنتكسة عائق كبير من عوائق الأخوة في الله تعالى . أيضاً : من عوائق الأخوة الخوف من المربين والشيوخ بعض الشباب والله يا إخوة يحترق من الداخل هذه القطيعة بين المسلمين لا مبرر لهل طيب ما لك ؟ قال : الشيخ والمربي يضربني يعاديني يفصلني يشوه في هذه موجود الخوف من العالم والشيخ عائق كبير من عوائق الأخوة ولذلك يتحمل المربون والشيوخ وزر هذه القضية لأن العالم يحرم في حقه أن يتحزب وأن ينحاز لطائفة معينة بل يجب عليه أن ينظر من منظار الدين ومنظار الإسلام ومنظار للأمة فكلامه كلام للأمة كلها ليس كلاماً للجماعة الفلانية وليس كلاماً لأهل تعز فقط ولا للحارة الفلانية فيجب أن يربى الشباب على إشاعة الأخوة في الله والنصرة من أجل الله تعالى – ومن أجل دين الله تعالى وإلا كانوا حجر عثرة أمام الأخوة في الله . أيضاً من العوائق حب الزعامة من بعض الشباب والمربين سمهم مسئولي الحارة أمراء الجماعات سمهم ما شئت هؤلاء أيضاً حجر عثرة أمام الأخوة في الله ليش ؟ لأنه ربى الشباب تربية عوجاء والله ثم والله ما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يربي الأمة على هذه الطريقة إن الصحابة حينما تكلموا في عياض بن جمار رضي الله عنه – الذي كان مسرفاً قي شرب الخمر قالوا : لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به قال : لا تلعنوه إنه يحب الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم – أنظروا إلى الرءوف الرحيم كيف يربي الناس وكيف يستعطف قلوبهم ؟ المرأة التي زنت وجاءت معترفة طار من دمها إلى ثوب خالد رضي الله عنه – فيلعنها فيقول له النبي صلى الله عليه وآله وسلم – لا تلعنها والله لقد تابت توبة لو قسمت على أهل المدينة لو سعتهم فالقضية حين يربي المربون ومسئولو الحارات والمجموعات لما يربوا الشباب على هذه التربية الخاطئة ثم يمشي في الشارع ويرى وراءه مجموعة وعن يمينه مجموعة وعن شماله مجموعة وهذا يسلم عليه وهذا يربت على كتفه حينما تذكره بالأخوة والزعامة هذه وأين نوديها ؟ هؤلاء الشباب لما أقول لهم والوا فلان وحبوا فلان وروحوا إلى فلان يمكن يجدوا غيري أحسن مني لا ربيهم على هذا لا تذهب هنا لا تمشي مع فلان يتربى على هذه الطريقة العوجاء العرجاء هؤلاء في الحقيقة عائق كبير من عوائق الأخوة في الله تعالى – فليتقي الله هؤلاء الصنف من الناس وليربوا الشباب للأمة لا يربوهم لفئة معينة ولا لجماعة معينة يعني عندما تنشأ فينا حب الزعامة وحب الرئاسة بعد ذلك يستلذها يا إخوان تكفينا هذه الزعامات الموجودة اليوم التي ليست عندها رغبة في أن تتنحي عن الحكم ننشأ أيضاً زعامات وزعامات كبيرة وصغيرة ومتوسطة . إن الغرب كله اليوم ممتعض لما حصل لإخواننا في العراق ولما حصل لهم في السجون من الإهانات ومن الأمريكي القذر يبول في وجه هذا المسلم أو يعمل معه الفاحشة أو يعذبه العذاب بمختلف أشكاله وألوانه لم يتكلم واحد من زعامات المسلمين بعربهم وعجمهم تكفينا هذه الزعامات التي لطخت كرامة هذه الأمة وليسوا مستعدين أن يتنازلوا عن عروشهم وعن كراسيهم من أجل أن تتوحد هذه الأمة تكفينا الفرقة الموجودة في الأمة فلا نزرع العداوة والأحقاد بين المسلمين أنفسهم على هذه المستويات الصغيرة . من العوائق أيضاً : أن تسلم القيادات والتربيات لأرباع وأنصاف المثقفين إذا لم يكن العلماء هم القادة وهم الموجهون والله إن الأمة ستنحرف لأن العالم ينظر بنور الله لأن العالم وقاف عند حدود الله تعالى حتى إذا زل وذكرته يتذكر لكن أولئك الذين يلهثون وراء الإنجازات لا يردعهم رادع الحلال والحرام عندهم مشي الحال ولذلك هم عزلوا العلماء ليش ؟ قالوا : العلماء عائق من عوائق التقدم كيف ؟ كله عندهم حرام والله لن تفلحوا إذا لم تقفوا عند حدود الله تعالى إن الله تعالى سيملي لكم وربما تأخذون شيئاً من المكاسب لكن في النهاية ستجدون هذه المكاسب صفراً على الشمال ها هي الحكومات العربية قد كشرت أنيابها وهي أول من يحارب الدين ويحارب الفضيلة ويحارب العلم الشرعي ويحارب التدين بطريقة أو بأخرى لا لشيء إلا من أجل أن يرضى بوش فقط أنا أعتقد أن في بعض قلوب هذه الزعامات غيرة وحب على الدين وعلى خيرات المسلمين وعلى بلاد المسلمين لكنها لا تستطيع أن تقدم ولا أن تأخر . أقول أيها الإخوة إذا لم يكن العلماء هم الذين يوجهون الشباب ويوجهون هذه الأمة فإن الانتكاسات سنمنى بها ولو بعد حين العلماء صمام أمان لهذه الأمة هم الذين يقولون هذا حلال وهذا حرام وهذا يجوز وهذا لا يجوز فأرباع المثقفين وأنصافهم في الحقيقة تسليم زمام الأمور لهم يعتبر عائقاً من عوائق الأخوة في الله تعالى .



[1] – البخاري 1/153

[2] – البخاري 1/37

[3] – البخاري 4/1694

[4] – البخاري 1/14

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق