إن مدلول مفهوم لا إله إلا الله أنه مشروع حياة لهذه الأمة لهذا يغضب ويحنق ويعادينا اليهود والنصارى من ينحو نحوهم لأن ديننا دين متألق بجوانب الحياة كلها سلوكياتنا أخلاقياتنا معاملاتنا اقتصادنا إعلامنا تعليمنا كلها مرتبطة بهذه الكلمة وهذا الذي يحنق أعداء الله عز وجل علينا أنهم يريدون أن يكون ديننا دينا كما يطلقون عليه كهنوتيا لا علاقة له بالحياة دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر…
خطبة بعنوان : ( فضل كلمة التوحيد)
العناصر:
1- الغاية من خلق الناس 2- الدعوة في مكة 3- دعوة الأنبياء 4- مدلول كلمة لا إله إلا الله 5- الولاء و البراء .
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) سورة آل عمران آية (102).
(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71) )) سورة الأحزاب الآيات (70-71).
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
أيها الإخوة الفضلاء :
ما أكرمه من مبدأ وما أعظمه من منهج ما أكرمه عند الله عز وجل من أجله خلق الله عز وجل الإنس والجن ومن أجله خلق الله سبحانه وتعالى الجنة والنار من أجله وجدت هذه الدنيا .
ما أعظمه من مبدأ من أجله أرسل الله الرسل و أنزل الله تعالى الكتب من أجل تقوم القيامة وتنزل الصاخة وتوضع الموازين ويحشر الناس إلى الله تبارك وتعالى ما أعظمه من مبدأ من أجل يسأل الإنسان: ((يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )) سورة المطففين (6).
من أجله يسأل الناس هل عملوا وفقه أم خالفوه هل علمتم ما هو هذا المبدأ وما هو المنهج الذي له هذه المكانة والتي من أجلة كانت هذه القضايا إنه توحيد الله عز وجل الذي قال عز وجل عنه :((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57))) سورة الذاريات الآيات (56-57).
من أجله أرسل الله تعالى الرسل وأفنت الرسل والأنبياء أعمارهم من أجل تحقيقه وتثبيته على ظهر الأرض وفي قلوب المكلفين من الأنس الجن :((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ)) سورة الأنبياء آية (25).
وما من رسول أتى إلى قومه إلا أول ما يطرق على مسامعهم أن يقول لهم قولوا : لا إله إلا الله تفلحوا .
هذه الكلمة التي جهل معناها كثير من المسلمين اليوم وجهلوا واجباتها ومقتضياتها وجهلوا نواقضها ما ينقضها ويخرجها من قلب الإنسان ولو كان يتلفظ بها هذه الكلمة التي كان عباد الأصنام والأوثان حينما تقول لهم قولوا : لا إله إلا الله تفلحوا كانوا يعقلون معناها ويعرفون معناها الحق ولهذا أنكروا على الأنبياء والرسل ووقفوا في وجوههم قتلا وتشريدا وسجنا وتكذيبا إلى آخر لأنهم علموا يقينا ماذا تعني هذه لكلمة .
إن الرسل والأنبياء ولم يريدوا من أقولهم أن يتلفظوا بهذه الكلمة مجرد لفظ ولو كان المقصود مجرد لفظ باللسان لا يستجاب لذلك كل من على ظهر الأرض فهي لا تغني عندهم شيئا إذا كانت القضية مجرد لفظا يتلفظ بها الناس وبعد ذلك يفعلون ما يشاؤن ويعتقدون ما يشاؤن ويعبدون ما يشاؤن ويتركون ما يشاؤن لكنهم حينما قال نبينا صلى الله عليه وسلم : ((مَا هِيَ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَامُوا فَقَالُوا :أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَزَلَ (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ))[1]
أجعل ثلاثمائة وستين صنما كان منصوبا حول الكعبة نسفها ونترك عبادتها والتضرع لها ونلجأ إلى إله واحد إنهم كانوا يعلمون من هو هذا إلا له الواحد وكانوا يعرفون أين هذا هو الإله والواحد فكانوا في الشدائد لا يلتجئون إلى أصنامهم التي يصنعونها كان يعرفون إلى من يلتجئون في قضاياهم إلى ما تسطره عقولهم ولكنهم كانوا يعرفون إلى من يلتجئون وكانوا يعرفون من هو خلق ومن هو الذي رزق من هو الذي رزق: ((فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)) سورة العنكبوت آية (65).
هذه القضية التي أيقن الكفار بأنها حق ولكنهم عاندوا: (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ))سورة الزخرف آية (9).
إذا ما السبب أنكم وفقتم في وجوه الأنبياء والرسل قاطبة لماذا وقفتم في وجوههم ؟ لماذا لم يتبعهم إلا القليل ؟.
لأنهم علموا معنى هذه الكلمة إن معناها أنه لا معبود بحق إلا الله سبحانه تعالى وغير الله عز وجل إن عبد بركوع أو سجود أو خوف أو خضوع أو التجاء إلى … إلخ )).
إنما يعبد بباطل و لا تظن أن الأصنام على ظهر الأرض قد أنقضى زمنها والقرض فلا تزال تعبد وهنالك أصنام حسية وهنالك أيضا أصنام عصرية هي أصنام معنوية تعيد من دون الله عز وجل تماما كما قال عدي بن حاتم رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما نزل قول الله عز وجل :((اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)) سورة التوبة آية (31).
عن عدي بن حاتم قال : (( أتيت النبي صلى الله عليه و سلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال يا عدي اطرح عنك هذا الوثن وسمعته يقرأ في سورة براءة :{ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله }.
قال: أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه ))[2].
قال : ما عبدنهم كان يظن أو فهم معنى الآية أنهم كانوا يسجد لهم ويركع لهم ويخضع لهم فقال صلى الله عليه وسلم ألم يكونوا يحلون لكم الحرام فتتبعونهم ويحرمون الحلال فتتبعونهم.
قال : أم هذه فنعم قال : فتلك عبادتهم إذا مفهوم العبادة ليس مفهوما قاصرا على الصلاة والصوم والحج والزكاة وما شاكل ذلك ولكن هذا المعنى أعم من هذه الأمر فالدعاء عبادة قال الله تعالى:((وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)) سورة غافر آية (60).
فسمى الدعاء عبادة وقال سبحانه وتعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ )) سورة الأعراف آية (194).
وفي آية أخرى قال سبحانه وتعالى : ((إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)) سورة فاطر آية (14).
فسمى الدعاء عبادة و سمى دعاء غير الله شركا بالله عز وجل إذا هذه القضية بقي النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث عشرة سنة وهو يدعو إلى تحقيق توحيد الله عز وجل و تجذيره في قلوب الناس من أجل هذا قيل أنه ساحر قيل فيه أنه يعلمه بشر قيل فيه مجنون ومن أجل هذا عذب حبيب وبلال وعذب جمع من الصحابة وطرد منهم من طرد وقتل منهم من قتل بلك كان من انتهى به المطاف أن حاولوا قتل محمد صلى الله عليه وسلم وحيث لم يتمكنوا من طردوه من مكة وأخرج صلى الله عليه وسلم هو في غاية من الحزن على مكة يقول : ((لمكة ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك ))[3].
وهل التقى صلى الله عليه وسلم بثلاثة عشر عاما دعاها إلى توحيد الله عز وجل في مكة لك يكتف بهذا بل استمر في بقية دعوته المدنية داعيا إلى توحيد الله عز وجل .
وما الصلاة إلا توحيد لله عز وجل وما الصوم إلا توحيد الله عز وجل وما الحج إلا فيه معالم توحيد الله عز وجل وما التكبير والذبح له سبحانه وتعالى والطواف له عز وجل ورمي الجمار مكبرا لله تعالى والوقوف بعرفة تعظيما ودعاء الله عز وجل وهذا كله في بقية الشرائع كانت كلها معالجة لتوحيد الله عز وجل بل إنه حيث كان يرسل الرسل إلى الأقطار كان أول ما يحثهم أن يدعو الناس إلى توحيد الله عز وجل في حديث ابن عباس رضي الله عنه بعث معاذا إلى اليمن قال: (( إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة من أموالهم وترد على فقرائهم فإذا أطاعوا بها فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس )[4] .
وحيث كان يراسل الأمراء والرؤساء وكان يدعوهم إلى هذه الكلمة: ((قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ))سورة آل عمران آية (64).
هكذا كانت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم : ((من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل))[5].
وقال صلى الله عليه وسلم : ((إن الجنة لا يدخلها مشرك إن الله قد حرم الجنة على كل مشرك))[6].
هذا الحديث وأمثاله من الأحاديث كلها دعوة إلى تحقيق توحيد الله عز وجل ليس توحيد الله هو أن نعلم أو أن نقر أن الله عز وجل خلقنا وأن الله رزقنا وأن الله يحينا ويمتنا فهذا أمر يعلمه حتى المشركون الأوائل كانوا يعرفون هذا المبدأ .
وهذا المغزى وهذا المقصد ولكن كلمة التوحيد تعني أشمل من هذا إن من معانيها أن تكون حركاتنا وسكناتنا وتصرفاتنا لمدلول ومعنى لا إله الله.
اليوم أيها الإخوة الفضلاء :
كم من الناس من إذا ضاعت عليه ضائعة أو ضلت عليه ضالة أول ما يذهب إلى المشعوذين لماذا يذهب إلى هؤلاء الدجالين؟
الذين يعتقد أنهم يستطيعون أن يكشفوا له من السارق؟
ويعرفون أين هذه الضالة؟ وأين موطنها وأين موضعها؟
إن لم يكن من الرجال ففي النساء قطاع عريض من هذا الجانب إذا خافت على نفسها من جن أو شياطين أو عين أو ما شاكل ذلك أول ما تهرع لا تهرع إلى الله عز وجل ولا تلتجئ إلى الله عز وجل ولكنهم يلتجئون إلى المشعوذين والسحرة والدجالين لكتابة الحروز والتمائم والعزائم وما شاكل ولقد رأي صلى الله عليه وسلم رجلا في يده حلقة من صفر . فقال : ((ماهذه الحلقة ؟ قال :هذه من الواهنة .
قال : انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا ))[7]
هذا مثل كثير من الناس إذا شعر يألم في رجله أو حقوه ربط رباطا أسود من شعر أو صوف على رجله لماذا؟ قال : لأنه يمنع عني الألم في رجلي أو حقي أو ما شاكل ذلك هذا كله من التعلق يغير الله عز وجل للأسف الشديد أن مثل هذه القضايا قد توجد في كثير من المثقفين أنه إذا أنه إذا فقد شيئا يلتجأ إلى المشعوذين والسحرة والدجالين أصحاب تماما مع توحيد الله عز وجل رجل أو امرأة يريد أن يجلب الآخر إليه يلتجأ إلى السحرة وإلى الكهنة وما علم أن هؤلاء الناس لا ينفعون ولا يضرون إلا بأمر من الله تعالى قال تعالى : (( وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ …)) سورة البقرة آية (104).
هؤلاء الناس أشر المخلوقات كلها أدوات لتنفيذ قضاء الله عز وجل وقدره فما أصابتك منهم فبقضاء الله وقدره وما أخطأك منهم فبقضاء الله وما جاءك منهم فبقضاء الله تعالى وقدره سبحانه لا يستطيع أحد دفعه ولا يستطيع أحد رده إطلاقا فهذه قضايا لكها من تقدير الله عز وجل الناس هذه المخلوقات أسباب لتسير قضاء الله عز وجل وقدره ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في حق المولود وهو في بطن أمه ثم يؤمر بكتابة أجله وشقي أو سعيد وهو لا يزال في بطن أمه فهذه القضايا مكتوبة له في اللوح المحفوظ فقضية النفع والضر هذه كلها بيد الله عز وجل لا يمكنها أحد من الناس أطلاقا ولكن خواء القلوب من تعظيم الله من توحيد الله عز وجل تؤدي بالناس إلى هكذا أمور تؤدي بالناس إلى مثل هذه الاعتقادات الزائفة الباطلة التي تعيد لنا مظاهر الجاهلية من جديد .
وكان الواجب مع تقدم العلم ومع تقدم الآلات والأدوات أن ينأ الناس وإطباقا على الحقائق بحيث لا يظهر للناس إلا مثل هذه الترهات التي ليست من الحقيقة في شيء لا من قريب ولا من بعيد يقول صلى الله عليه وآله وسلم : ((إن الرقي والتمائم والتولة شرك))[8].
أما التمائم فهي من هذه الحروز وأما التولة فيه شيء يصنعه السحرة يحببون به طرفا إلى طرف أخر جعلها رسول الله من الشرك بالله عز وجل كم من الناس من يخاف من البشر أعظم من خوفه من الله عز وجل .
يا ترى هل تجد أناسا يصنعون معاصي يصنعون مخالفات أمام الناس علنا يخافون منهم ويخافون من نظراتهم ويخافون من كلامهم لكنهم إذا اختلوا بمحارم الله تعالى انتهكوها جعل الله أهون الناظرين إليهم هل هذا من تعظيم الله عز وجل وهل هذا هو الخوف من الله تعالى وإنما خوفا من الناس من ينأ بنفسه عن كثير من القضايا لا خوفا من الله عز وجل كم من الناس ولهذا لا نؤخر هؤلاء الناس على تركهم لكثير من المخالفات والمعاصي الظاهرة لا يؤخرون إنما يؤخر من تركها خوفا من الله عز وجل كما قال في الحديث القدس:(( … إن الله عز و جل كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة فإن عملها كتبت له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة وان هو هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة فإن عملها كتبت له سيئة واحدة ))[9]
هذه الأمور كلها لها تعلق بتوحيد الله عز وجل لكننا ابتعدنا عن كثير من هذه المفاهيم إذا بني شخص بيتا فأول ما يصنعه هو أن يذبح على عتبة هذا البيت قبل أن يدخله أن يريق الدم عليه لماذا؟
حتى لا يصاب بالعين حتى لا تسكنه الجن سبحان الله متى كانت الجن تخاف من مثل هذا الفعل أو يضع قرنا أ ويضع حديدة أو يضع سحرا أو ما شاكل ذلك كل هذا تعلق بغير الله عز وجل ثم نحن مسلمون نحن موحدون .
أقول أيها الإخوة:
لا تفهموا من خطأ لا تفهمون أنني أقول لكم أيها الناس إنكم تشركون بالله إنما هذا من باب الوعظ من باب التذكير من باب أننا ندعوا لمثل هذا المبدأ العظيم إنما هو ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين .
كم من الناس تراهم يضيعون مثل هذه القضايا ومع هذا يدعون أنهم يوحدون الله عز وجل كم من الناس إذا قلت له حكم الله كذا قال لكن حكم لي شيخ القبيلة بكذا وكذا .
كم من الناس من لا يلتجأ إلى الحاكم الشرعي ليحكم في القضايا وفق شريعة الله عز وجل لكنه يلتجئون فيها إلى قوانين وأعراف القبائل يتركون شريعة الله عز وجل أليس الاحتكام لله عز وجل هو من توحيد الله تعالى :((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً )) سورة الأحزاب آية(36).
وقال : ((فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً )) سورة النساء آية (65).
أين التحاكم إلى شريعة الله عز وجل إذا كانت شريعة الله عز وجل إذا كانت شريعة الله عز وجل لنا تأتي إليها وإذا كانت ضدنا نهرب منها .
وهذا ليس عمل المؤمنين إنما هو عياذا بالله عمل المنافقين: ((وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمْ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمْ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (50)))سورة النور الآيات (48-50).
فالتحاكم إلى شرع الله عز وجل والرضا بشريعة الله عز وجل لا يجد الإنسان في نفسه حرج ولا يجد في نفسه حنق ولا يجد في نفسه غضب إذا كان القضاء ليس له أما اليوم قضايا أحيانا كالشمس في رابعة النهار واضحة في المحاكم أن فيها قتل ومنها ظلم يذهب كثير من الناس إلى النقض والاستئناف لماذا النقض ولماذا الاستئناف لماذا هذا اللف والدوران على شريعة الله عز وجل دماء تراق أرض تسرق أموال تسلب ومع هذا لف ودوران و رشاوى أين الإيمان أين توحيد الله عز وجل قضايا ربما تكون واضحة أوضح من الشمس في رابعة النهار ومع هذا لا تجد تسليما لا تجد تحكما ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
فيا أيها الإخوة:
تعلمون إن مدلول مفهوم لا إله إلا الله أنه مشروع حياة لهذه الأمة لهذا يغضب ويحنق ويعادينا اليهود والنصارى من ينحو نحوهم لأن ديننا دين متألق بجوانب الحياة كلها سلوكياتنا أخلاقياتنا معاملاتنا اقتصادنا إعلامنا تعليمنا كلها مرتبطة بهذه الكلمة وهذا الذي يحنق أعداء الله عز وجل علينا أنهم يريدون أن يكون ديننا دينا كما يطلقون عليه كهنوتيا لا علاقة له بالحياة دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر .
وللأسف الشديد لا تركوا حق الله ولا تركوا حق قيصر هم يقولون :أفضلوا هذا الكلام قضايا العبادات ما بينك وبين الله عز وجل هذا شيء آخر لكن قضايا الحياة ما للحاكم هذا اتركوه للحاكم يتصرف فيه كيف يشاء ومع هذا لا تركونا في حق قيصر ولا حق الله حتى تدخلوا في حق الله عز وجل في خطبة الجمعة وفي تعبد الإنسان ومعتقد الإنسان ولبس الإنسان وكل قضايا المسلم تدخلوا فيها فما تركوا لنا حتى هذا الجانب حريتنا الشخصية ما تركوها لنا حتى خطبة الجمعة لا يريدونها لهذا الشكل الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم يريدونها مثل البرلمانات فوضى ويريدون من الإنسان لا يلبس زي بلده ولا الزي الإسلامي ويريدون من المرأة لا تحتجب ولا تغطي على رأسها ولا تفعل ولا تفعل وهذا في بلدهم فضلا عن بلداننا في بلداننا الآن يسعون من أجل إيجاد قوانين نسن مثل القضايا في تركيا من زمان ممنوع على المرأة تغطي على رأسها الخمار ممنوع تدخل الجامعات بمثل هذا في فرنسا أثاروا ضجة في أمريكا فعلوا ضجة امرأة استأجروها فصعدت تخطب في المسلمين قبل سنوات وربما سمعتم و رأيتم لكن قصدي أنا يعني لا يريدون حتى يعني ديننا لا يريدوننا نأخذه غضا طريا كما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم كلمة لا إله إلا الله أيها الإخوة تتدخل في هذه القضايا كلها ولذلك اجتمعوا علينا من كل حدب وصوب حانقين وغاضبين علينا وعلى ديننا لأنه دين دخل من كل هذه القضايا اليوم في القضايا المالية على سبيل المثال والله لا مخرج لهم من هذه النكبة العظيمة إلا أن يسيروا وفق شريعة الله عز وجل بغض النظر كونهم ساروا عليها اعتقادا أو بدون اعتقاد لا يمكن أن ينقذ الاقتصاد العالمي إلا بهذه الطريقة من أول ما ظهرت بوادر النكسة والنكبة وهم ينادون إلى أنه يجب تقليص الفائدة إلى أقل من اثنين ونصف بالمائة أو اثنين ونصف بالمائة يعني هذه هي الفوائد المشروعة من دون الله عز وجل.
الحاصل أنه ما تزال هذه النكبة تداعياتها ترى يوما بعد يوم وأكبر شركة للتأمين IEG الأمريكية التي تؤمن عندها الشركات و البنوك تعلن إفلاسها وتصل خسائرها إلى 99% من رأس مالها وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن القضية لا يمكن أن تتداركها عقول هؤلاء الناس مهما فكروا ومهما حاولوا لأن شريعتهم قائمة على السلب والنهب وامتصاص دماء الفقراء و المساكين ولهذا أقل البلدان في العالم تضررا من هذه النكبة هي البلدان الإسلامية على اختلاف فيها من بلد إلى بلد آخر بحسب تعاملاتها وأقل البنوك تضررا هي البنوك التي هي أقرب إلى شريعة الله عز وجل.
إن من المفاهيم التي كادت أن تغيب عنا أيها الإخوة ولها ارتباطا وثيق في عقيدتنا وفي لا إله إلا الله مفهوم الولاء و البراء كاد أن ينمحي ولذلك انقلبت الأمور صارت العداوة بين المؤمنين وصارت المحبة عياذا بالله للمشركين وكلما ظهرت فتنة من الفتن عرفنا حقيقة هذا المبدأ ومن آخرها قضية غزة انظروا كيف انفضح العالم الإسلامي إلا ما ندر وكيف وقفوا مع أعداء الله عز وجل ضد إخوانهم المسلمين وكيف أن هذا المبدأ ملا كان قويا متجذرا في قلوب الناس كانت لهم هيبة ومكانة وكانت لهم سيادة ولما غاب هذا المبدأ تداعت عليهم الأمم من كل حدب وصوب.
والحمد الله رب العالمين.
[1] – مسند الإمام أحمد 3/458
[2] – سنن الترمذي 5/278
[3] – سنن الترمذي5/7
[4] – صحيح البخاري 2/529
[5] البخاري 3/1226
[6] – صحيح ابن حبان 1/486
[7] – سنن ابن ماجه 2/1167
[8] – سنن ابن ماجة 2/166
[9] – مسند الإمام أحمد 1/360



اضافة تعليق