تابعنا على

إنتاجات الشيخ خطب مفرغة

الإجازة الصيفية وكيفية استغلالها

المادة مسموعة : [audio:egaza.mp3]

إن ما يدور اليوم إنما هو من باب التنافس على الدنيا القتل والتدمير والتخريب إنما هو تنافس على هذه الدنيا بغير حقها…

خطبة بعنوان : الإجازة الصيفية وكيفية استغلالها

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار  ا

أيها الإخوة :

إن ما يدور اليوم إنما هو من باب التنافس على الدنيا القتل والتدمير والتخريب إنما هو تنافس على هذه الدنيا بغير حقها فإن كان التنافس على الدنيا بحقها أمر مشروع لمن علم أن في ماله حق للسائل والمحروم فليس بحق أن يتنافسها الناس بالباطل فيخبطون فيها خبط عشواء ويأكلون ما حرم الله – تعالى – ويمنعون ما أوجب الله – تعالى – عليهم ليس هذا من باب التنافس الممدوح على الدنيا وإن كان – صلى الله عليه وآله وسلم – قد قال كما في حديث عمرو بن العاص قال : أرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أن اجمع عليك سلاحك وثيابك ثم ائتني ” قال : فأتيته وهو يتوضأ فقال : ” يا عمرو إني أرسلت إليك لأبعثك في وجه يسلمك الله ويغنمك وأزعب لك زعبة من المال ” . فقلت : يا رسول الله ما كانت هجرتي للمال وما كانت إلا لله ولرسوله قال : ” نعما بالمال الصالح للرجل الصالح ” . رواه في ” شرح السنة ” وروى أحمد نحوه وفي روايته : قال : ” نعم المال الصالح للرجل الصالح))[1]

 المقصود به من أخذه بحقه وليس من أخذه بالحق والباطل

أيها المؤمنون :

إن علينا أن نتقي الله – تعالى – حق التقوى وأن نعلم أن الأعمار إنما هي أنفاس منفوسة وإنما هي دقائق وثوان ما مضى منها لا يمكن أن يعود ما مضى منها مقرب للآجال وآكل للأعمار إن السعيد من عمر هذه الحياة بطاعة الله – تعالى – ولا يندم الإنسان على شيء بعد مماته كندمه على وقت فرط فيه لم يقضه في طاعة الله – تعالى – لا يندم إنسان على مال لم يجمعه ولا يندم إنسان على مبنى لم يكمله ولا يندم إنسان على امرأة لم يتزوجها ولم يندم إنسان على شخص فارقه إنما يكون ندمه على  وقت ولو لحطة فرط فيها في جنب الله – تعالى – قال – ربنا جل وعلا – ((حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ  )) سورة المؤمنون آية (100)

ماذا تريد من هذه الرجعة ؟ أتريد مالاً ؟ أتريد جاهاً ؟ ماذا تريد ؟ قال : لعلي أعمل صالحاً فيما تركت لكن هذا أمر محال مستحيل أن يعود الإنسان مرة أخرى إلى هذه الدنيا بل لو عاد هذا المتندم لعاد إلى مل كان عليه كما قال الله تعالى – (( … وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ )) سورة الأنعام آية (28)

لو رد هذا الإنسان لعاد لما نهي عنه من اللهو واللعب فإذا كان قد منحه الله – تعالى – فرصة من العمر وفرصه من الوقت ولم يستغلها في ذكر الله – تعالى – وفي طاعة الله – تعالى – فإنه يستحيل إذا عاد أن يرجع لما تمناه .

يوم القيامة  – أيها الكرام – يفصل الله – تعالى – بين العباد فيأتي قوم يقال لهم الفترة هؤلاء أهل الفترة بين فترة نبي ونبي بمعنى أنهم ماتوا على فترة من الرسل فيختبرون وهذا هو الصحيح من أقوال أهل  العلم أن الله – تعالى – يختبرهم فينشأ لهم عنقاً من النار باباً إلى النار فيقول لهم : اقتحموا هذه النار وهم يعرفون أن المخاطب لهم هو ربهم – جل وعلا – فمن اقتحمها طاعة لله – تعالى – وامتثالاً لأمره صيرها الله – تعالى – عليه برداً وسلاماً ومن تلكأ وتراجع قذفه الله – تعالى – في نار جهنم فأحرقته لماذا ؟ يقول الله – تعالى – لهم : أنتم عصيتموني الآن وأنتم تروني وتسمعون كلامي ولأنتم لرسلي أشد عصياناً فإذا كنتم عصوني جهاراً فلأنتم أشد عصياناً لرسلي فيما لو جاؤوكم هذا هو مقتضي عدل الله – تعالى – مع كل إنسان يعصيه وإن كان عفوه – سبحانه – أعظم ورحمته وسعت كل شيء ونحن متعلقون برحمته لكننا نعمل وإن قصرنا فإننا نسأل الله – تعالى أن يعفو عنا وأن يتجاوز عن سيئاتنا

فمن ذا الذي ما ساء قط                 ومن له الحسنى فقط .

ما منا إلا وهو مذنب ومخطأ كما قال – صلى الله عليه وآله وسلم – ((كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون))[2]

تمضي بنا الأيام – أيها الناس – وتفتتح السنة ثم تنتصف ثن تنتهي وكأنها لمحة بالبصر وكأن بي وقفت قبل أسبوع في جمعة مضت كانت من رمضان أو من رجب وها نحن في شهر رجب وما تبقي لرمضان سوى خمسين أو زيادة قليلاً من الأيام وستمضي السنة كلمح البصر هذه الإجازة الصيفية على الأبواب سيدخل على أبنائنا فراغ كبير هذا الفراغ الكبير يقترب من ربع العام قريباً من أربعة أشهر هذه الإجازة ستكون نعمة على بعض الناس أو على بعض الشباب إذا استغلوها في طاعة الله – تعالى – وفيما ينفعهم ووجهوا فيها إلى الخير إلى ما ينفعهم في ينهم ودنياهم وينفع وطنهم وستكون حسرة وندامة على آخرين إذا استغلوها في الفساد وفي سوء الأخلاق وفي إيذاء الآخرين والتفنن في ذلك إذا استغلوها في الطيش والجهل .

أيها الإخوة :

يقول – صلى الله عليه وآله وسلم – نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ))[3]

وإن أوج الصحة في سن الشباب إن المؤمن لا يعرف الفراغ بل إنه يحسن التصرف في كل دقيقة بل في كل ثانية حتى في حال نومه يستغلها في طاعة الله – تعالى – نومك تستطيع أن تستغله في طاعة الله – تعالى – قال – سبحانه : ((قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )) سورة الأنعام آية (163)

 المحيا الدقائق الثواني حياة لله رب العالمين الممات المقصود به الموت النوم وليس الموت الحقيقي فإن من مات قامت قيامته فكيف يستغل الموت الحقيقي في طاعة الله – تعالى – إلا إذا كان على معنى أن يقتل الإنسان في سبيل الله – تعالى – لكن أغلب المفسرين وجمهورهم يفسرون المحيا والممات بالحياة وبالنوم فالمؤمن يستغل هذا الوقت كله في طاعة الله – تعالى – ويقلب حياته كلها في طاعة الله – تعالى – ما أعظم هذا الدين الذي يقلب الحياة كلها طاعة لله – تعالى –  كلها حسنات في سبيل حتى نظراتك وحركاتك وسكناتك وتفكيرك كل هذا تقلبه طاعة لله – تعالى – يسجل لك في ميزان حسناتك يقول – صلى الله عليه وآله وسلم – ((تبسمك في وجه أخيك صدقة …))[4]

لأنك تدخل السرور عليه وليس كل مبتسم يؤجر بل من ابتسم في وجه أخيه رأى فيه عبوساً أو رأى في صدره ضيقاً فأراد أن يسلي عليه بل أراد أن يغير الجو له هذا مأجور في هذه الحال أمرك بالمعروف صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة في بضع أحدكم صدقة – أي في مجامعة أهله – لكن هذا لمن احتسب الأجر أن يعف نفسه وأن يعف أهله وأن يرزق بالذرية الصالحة التي تنفع الدين والبلاد والعباد لك في ذلك صدقة حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك لك فيها صدقة أنظر في جدول أعمالك هل أنت ممن يفعل هذا ؟ بل هل أنت ممن يفعل أدنى من هذا ؟ ويحتسب الأجر عند الله – تعالى – لقد كان النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – إذا أراد أن يشرب من كأس الماء كان يشرب من نفس الموضع الذي تشرب منه زوجته من باب حسن العشرة وإدخال السرور إلى قلبها كل هذا يبتغي فيه الأجر من الله – تعالى – وهذا معاذ بن جبل – رضي الله عنه – يزور عبد الله بن قيس فقال يا عبد الله كيف تقرأ القرآن ؟ قال أتفوقه تفوقا قال فكيف تقرأ أنت يا معاذ ؟ قال أنام أول الليل فأقوم وقد قضيت جزئي من النوم فأقرأ ما كتب الله لي فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي))[5]

سبحان الله – يا أيها الكرام – أنت موظف أنت مدرس أنت عامل تبتغي الأجر على هذا العمل وتأخذ أجرتك على هذا اليوم أو الأسبوع أو الشهر ومع هذا تؤجر في الدنيا وفي الأخرى إذا كان مقصودك أن تسهل على الناس وأن تقضي حوائج الناس لا أن ينقلب عليك الأمر وزراً من خلال عرقلة الناس في معاملاتهم ومن خلال إرهاق الناس واللف والدوران عليهم والاحتيال كيف تأكل أموالهم أتنتظر الأجر من الله – تعالى – بل أتنتظر الأجر في هذه الدنيا قبل الأخرى محال هذا إذا كان مقصودك أن تسهل على الناس وأن تستقبلهم ببشاشة وأن تخدمهم ابتغاء وجه الله – تعالى – فأنت ها هنا أجير تأخذ أجرتك وأنت ها هنا مكلف لا مشرف لما تنقلب الموازين ويتخذ الناس المناصب العامة الكبرى والصغرى تشريفاً لا تكليفاً تنقلب الأمور رأساً على عقب .

إن تولي المناصب تكليف – أيها الإخوة – حمل ثقيل سيسأل الإنسان عليه بين يدي الله – تعالى – حتى لو كنت تعمل في أدنى مراتب العمل فهذا تكليف لا تشريف لك لا تظن أن رئاسة الدولة أو رئاسة الوزراء أو منصب محافظ اللواء أو مدير أمن أو ما شاكل ذلك أن هذا تشريف ورفعة لك بل هو تكليف عليه سيسأل عنه بين يدي الله عز وجل – قال – صلى الله عليه وآله وسلم – ((من استرعاه الله رعية فمات وهو غاش لها الا حرم الله عليه الجنة))[6]

وأن ما يكسبه من المال ينقلب وبالاً وخسراناً وعذاباً ونكالاً في الدنيا والآخرة ذلك لأنه لم يولي ذلك التكليف حقه ولم يرفع له رأساً .

أيها الكرام :

 المؤمن في شغل دائم يحسب الأجر من الله – تعالى – سواء كان في شغل الآخرة أو في شغل الدنيا وإن أفضل أوقات العمل والجد والاجتهاد هي أوقات القوة والشباب والعنفوان هذه الفترة التي سيسأل عنها كل إنسان كما أخبر بذلك النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسئل عن عمره فيم أفناه وعن علمه فيم فعل وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه))[7]

لقد وجه الله – تعالى – نبيه – صلى الله عليه وآله وسلم – باستغلال الوقت فقال – سبحانه – ((فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ )) سورة الشرح الآيات (7- 8)

أي إذا فرغت مما يشغل قلبك فأنصب لطاعة الله – تعالى – وارغب في الأجر عند الله – تعالى – بمعنى كلما فرغت من عمل انتقلت إلى عمل آخر ما في فراغ عند المسلم حتى حينما يتجول الإنسان ويمشي على وجه هذه الأرض ويتفكر في مخلوقات الله – تعالى – ليزداد إيمانه ليعظم الرب جل وعلا – هذا النظر والمشي والتفكير طاعة وعبادة لله – عز وجل – يقول الله – تعالى – لنبيه –صلى الله عليه وآله وسلم – لا تكن ممن إذا فرغ اشتغل باللهو واللعب وأعرض عن ربه لكن إذا أتممت عملاً فانتقل إلى عمل آخر

 قال رجل لعمر بن عبد العزيز – رحمه الله – لو تفرغت لنا ؟ قال : وأين الفراغ ذهب الفراغ فلا فراغ إلا عند الله – تعالى – لقد كان أسلافنا الصالحون يوصي بعضهم بعضاً باستغلال الأوقات هذا أبو بكر – رضي الله عنه – يوصي عمر – رضي الله عنه – إن لله حقاً في النهار لا يقبله في الليل وله عمل في الليل  لا يقبله في النهار وإنه لا يقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة وصدق – رضي الله عنه – لما رتب أوقاته أنجز الكثير من الأعمال كم تولى الخلافة أبو بكر – رضي الله عنه ؟ سنتان ليس أكثر ومع هذا لما رتب وقته وأخرج من رأسه شيء اسمه الفراغ أنجز الشيء الكثير فلقد استطاع أن يجمع القرآن وكسر شوكة المرتدين وناوش الفرس والرومان قضى على النفاق وثبت أركان الدولة هذا كله في خلال عامين إن كل من حذف الفراغ من أجندته الفكرية يستطيع أن ينجز الكثير من الأعمال وهذه سنة مطردة حتى في حق الكفار فلقد كان لبعضهم إنتاج كبير جداً لا يقدر عليه الجماعة ولو قرأنا سيرهم لكان القاسم المشترك بينهم ألا فراغ عندهم ولا يضيعون أوقاتهم هذه الانجازات العملاقة اليوم في كثير من المجالات والتقنيات يقوم بها ربما شخص واحد في الغالب شركات كبرى وتقنيات عظيمة قام بها وأنجزها شخص واحد ذلك لأنه وجد من يشجعه ومن يدفعه ومن يعينه وقد أخرج شيئاً اسمه الفراغ من رأسه فلا فراغ بل وقته وجهده كله في عمل وبكى العالم بأسره على أمثال هؤلاء لماذا ؟

لأنه بموتهم ربما تتوقف تقنية معينة وإن كان ربما يأتي من هو أبدع منه لكن نرى أن هذه الإبداعات والانطلاقات تحدث في غير بلاد المسلمين إلا ما ندر ذلك لأن البحث العلمي في بلاد الغرب له قيمته وله ثمنه ما يدفع بتلك الأمم للأخذ بزمام الحضارة والتقدم ولأنها تدفع المليارات في بلاد المسلمين فيقتل النوابغ ويسجن العلماء وتكمم أفواههم فلا يمكن للمبدع أن يظهر ولا يمكن للعالم أن ينجز .

أيها الكرام :

 إن الجد والاجتهاد يكون غالباً في فترة الشباب لأن هذه الفترة نجد فيها من الحيوية حتى النساء من المسلمات عرفن هذا الأمر تقول حفصة بن سيرين أخت محمد بن سيرين وهي توصي الشباب فتقول : يا معشر الشباب خذوا من أنفسكم وأنتم في فترة الشباب فإني والله ما رأيت العمل إلا في الشباب .

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية :

 الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى

وبعد :

 أيها الإخوة :

إن أعظم ما يؤرق الآباء والأمهات في أيام الإجازات هي مشكلة الفراغ ولو كانت الدولة تقوم بمسئوليتها في هذا الجانب وتجعل المحاضن التربوية والمراكز العلمية النظرية والتطبيقية وتهيأ مواضع الترفيه للشباب لاحتلت هذه المشكلة ولكن وبالرغم من هذا وعدم التفات الدولة لمثل هذه القضايا فإننا نجد بعض الغيورين على أبناء هذه الأمة من يقوم بجهد المقل ولكنه جهد مشكور فنرى مراكز صيفية تقوم في المساجد ولقد كنا نتمنى أنتفتح المدارس لمن أراد أن يتطوع ويتبرع لتعليم الأبناء وتقويتهم في كثير من العلوم واستغلال هذه المراكز العامة فيما ينفع الشباب لكن لعل هذا الكلام تسمعه آذان صاغية فتقوم بمثل هذا الأمر فالمدارس لا يجوز أن تغلق هذه الفترة كلها ولو حتى بعضاً من أوقات الإجازة تستغل هذه المدارس لتنمية مواهب أبنائنا وتحفظ عليهم وقتهم وتوجههم التوجيه الصحيح إننا نجد مراكز صيفية في كثير من المساجد في أغلب المحافظات والقرى تقام في الفترة الصيفية ويستفيد الأبناء من هذه المراكز إننا نأمل أن يدفع بالأبناء وأن يتابعوا خلال هذه الفترة لدوامهم وحضورهم واستفادتهم ونفعهم بأذن الله – عز وجل .

الأمر الآخر إن علينا أن نوجه أبناءنا إلى المعاهد والمراكز العلمية وإن دفعنا في ذلك شيئاً من المال فإن هذا يعود بالنفع على الأبناء بأذن الله – تعالى – ويقضي على الفراغ عندهم ويعينهم أيضاً على الاستفادة من هذه الإجازة

أيها الإخوة :

 إن للشباب مواهب وطاقات وإقدام فإن وجهت الوجه الصحيحة كان مردودها إيجابياً عليهم وعلى أمتهم وما يقومون به اليوم من الظواهر السلبية هي تعبير عن تلك المواهب والإقدام لكن بطريقة خاطئة .

إن الفراغ قاتل وإن تهميش الشباب عن أدوارهم في الحياة أفرز جيلاً كثير الضجر والملل دائم الشكوى والتأفف لا ينفك عن طلب الترفيه والإسراف لطرد الملل والسآمة ولم يستطع ذلك برغم ما يمتلكه من الوسائل فتراه إذا خرج من البيت أصابه الملل وإذا عاد أصابه الضجر فلا يدري ماذا يصنع

إن علينا جميعاً أن نوجه الأبناء في هذه الفترة لاستغلال الأوقات قدر الإمكان بأذن الله تعالى – وأن نتابعهم فإن رفقاء السوء ربما دمروا كثيراً من حياة الأبناء وإن المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل والنبي – صلى الله عليه وآله وسلم – قد وجه في مثل هذا الأمر فقال :((لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي))[8]

اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه             والحمد لله رب العالمين .


[1] – مشكاة المصابيح 2/355

[2] – سنن الترمذي 4/ 654

[3] – البخاري 5 / 2357

[4] – مشكاة المصابيح 1/ 430

[5] – البخاري 4/ 1578

[6] – المعجم الكبير 20/ 206

[7] – الترمذي 4/ 612

[8] – سنن أبي داود 2/ 675

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق