تابعنا على

إنتاجات الشيخ خطب مفرغة

شعبان بين المشروع والممنوع

الخطبة مسموعة : [audio:47700.mp3]

شهر يتدرب فيه المسلم لكثير من الطاعات والعبادات كي يلج في شهر رمضان وقد صارت نفسه متأهبة ومستعدة لطاعة الله – تعالى – فلنهيأ أنفسنا ولنضرب بنصيب وحظ وافر من الطاعات والعبادات في هذا الشهر الكريم شعبان بين المشروع والممنوع

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار 

في زحمة الحياة يتشاغل الناس عن الطاعات ويتلهون بهذه الحياة بل ربما ينسون الموت والمعاد فتصبح العادات عند الناس هي الشغل  الشاغل وتصبح العبادات روتيناً لا روح فيه وتصبح العبادات على هامش الجدول اليومي لحياة المسلم فمع كثرة الهموم وكثرة الشواغل يقل خشوع القلب ويقل انتفاع الروح بالعبادات فلا يستفيد المسلم من كثير من العبادات لا يتلذذ بقراءة القرآن ولا يستشعر بمناجاة الله تعالى –  ولا يجول في خاطره عظمة وقوفه في صلاته بين يدي الله – تعالى – ومع هذا فإن الله – تعالى – من فضله وكرمه جعل مواسم للطاعات والعبادات التي تجبر الكسر وتسد الخلل نتيجة ازدحام الحياة بأعمال اليوم والليلة التي تصب في مصب الأعمال العادية الحياتية والتي ربما نسي الإنسان في أثناء قيامه بهذه الأعمال نسي أن تكون نيته لله – تعالى – في مثل هذه الأعمال العادية وأعني بالأعمال العادية ما سوي الطاعات والعبادات التي يصرفها العبد لله – تعالى – لكن الفطن والعاقل من جعل حياته كلها لله – تعالى – فتصبح العادات عبادات يؤجر عليها الإنسان وقد نبهنا على هذا مراراً وتكراراً من هذه المواسم التي جعلها الله – عز وجل – لعباده المؤمنين حيث يبارك الله – تعالى – بالطاعات ويكثر الحسنات . الأشهر الحرم ويوم عاشوراء والست الأيام بعد رمضان وما شاكل ذلك يقول النبي – صلى الله عليه وآله وسلم : ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل))[1]

 هذا الشهر المحرم وغيره من الشهور المحرمة يبارك الله – تعالى – فيها بالطاعات ويعظم فيها الحرمات وتتضاعف كذلك السيئات ولهذا حذر الله – تعالى – من مغبة اقتراف الذنوب في الأشهر الحرم فقال – تعالى : ((إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ )) سورة التوبة آية ( 36)

 إن ظلم النفس في الأشهر الحرم غير ظلمها في غيرها من الشهور إن اقتراف المعاصي في شهر رمضان غير اقترافها في غير شهر رمضان الحسنات في رمضان تتضاعف على غيرها من سائر الأيام ولهذا كان العمل في ليلة القدر خير من العمل في ثلاثة وثمانين سنة هذه الأشهر الحرم حصرها الله – تعالى – في رجب وذو القعدة  وذو الحجة وشهر الله المحرم ثلاث متتابعات وشهر منفرد وهو رجب هذا الشهر مضى وانقضى بما فيه من الأعمال لكن ثمة شهر يغفل عنه كثير من الناس كما أخبر النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – وهو شهر شعبان هذا الشهر العظيم وهذا الشهر الفضيل إذ كان النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – يكثر فيه من الصيام ويكثر فيه من أعمال البر والطاعات ما لا يفعله في غيره من الشهور ولما سئل – صلى الله عليه وآله وسلم – عن السر في ذلك ؟ قال – صلى الله عليه وآله وسلم : هذا شهر يتغافل الناس عنه بين رجب ورمضان وكأن الناس كانوا معتادين على شيء من الطاعات في الشهر الحرام وينتظرون شهر رمضان فيغفلون عن هذا الشهر لذلك كان دأبه – صلى الله عليه وآله وسلم – الاهتمام بهذا الشهر المبارك وفي حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان ))[2]

شهر شعبان – أيها الإخوة – شهر فضيل هذا الشهر نأخذ فضيلته من كونه – صلى الله عليه وآله وسلم – كان كثير الصيام فيه نعم لم يرد في فضله بعد هذه الأحاديث التي ذكرناها سوى حديث آخر صححه بعض أهل العلم وضعفه آخرون وهو قول النبي – صلى الله عليه وآله وسلم : ((إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان . فيغفر لجميع خلقه . إلا لمشرك أو مشاحن))[3]

هذا الحديث يحث ل إنسان أن يراجع نفسه من أجل أن ينظر في سلامه طاعته وسلامه عبادته وسلامه قصده واتجاهه أليس ثمة خلل في طاعته وعبادته ؟ أليس هنالك تعلق ولو كان من طرف خفي بالعبادات والبدع والضلالات والشركيات ؟ كم من الناس اليوم – أيها المسلمون – من لا يزال متعلقاً بالجن والعفاريت بعد مرور هذه المدة من مبعث النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – لا يزال أناس يتعلقون بالجن ويعبدونهم ويخافون منهم ويقدمون لهم النذر والقرابين .

 كم من المسلمين ممن يدعي الإسلام وممن يصلي مع المسلمين ويصوم مع المسلمين من لا يزال قلبه معلقاً بالكهنة والمشعوذين والمخرفين ؟ كم من الناس من لا يزال قلبه معلقاً بالقبور يعبدها يدعوها ويستغيث بها ويطلب حاجته منها يذبح لها وينذر لها أما يخاف هؤلاء على أنفسهم ألا تقبل منهم طاعة ؟ ألا يخاف هؤلاء على أنفسهم لأنهم وقعوا في جرم عظيم وهو الإشراك بالله – تعالى ؟ من الذي يعطي الولد غير الله ؟ ومن يجلب  النفع غير الله ؟ ومن الذي يدفع الضر غير الله ؟ ومن الذي يعلم الغيب غير الله ؟

لكن قطاعاً من الناس لا يزال متعلقاً بهذه القبور بعد مرور هذه المدة من مبعث النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – كم من الناس من شوه جمال الإسلام ؟ من صار سداً منيعاً وحاجزاً في سبيل تقبل كثير من الناس للإسلام حينما يرون تلك الضلالات والبدع والأمور اللامعقولة يفعلها كثير من الناس باسم الإسلام ينظر الغرب إلى من يدعي الإسلام وهو يقطع رأسه وصدره بالسكاكين أو يضربها بالسلاسل أو يلطم وجهه أو صدره بكاءً وحزناً هل هذا من الدين ؟ هل هذا من الطاعات ؟ هل هذا أنزل الله – تعالى – به سلطاناً أم أنه تشويه بجمال الدين وسماحته ؟ هنالك من الناس يتعبد لله – عز وجل – بالرقص والطرب والتمايل يميناً وشمالاً يخترع عبادات ما أنزل الله بها من سلطان . كيف نتعبد لله – تعالى – بما لا يرضى وبما لم ينزل كما يفعل بعض أولئك الذين ابتدعوا مثل هذه البدع والضلالات وخاصة في الأشهر المفضلة ابتدعوا صلوات في ليلة النصف من شعبان يسمونها صلاة الرغائب ركعتين بنية طول العمر وركعتين بنية سعة الرزق هذه ما أنزل الله – تعالى – بها من سلطان بمثل هذه الأعمال يشوه الدين في أوساط أبنائه من أبنائه ويصير هذا الأمر سداً منيعاً أمام تقبل كثير من الناس لدين الله – جل وعلا – حتى من أبناء المسلمين من إذا رأى إلى مثل هذه الأعمال يرفض التدين ويرفض أن يتعبد لله – تعالى – بحجة أتريدون مني أن أصير درويشاً ؟

هذا الشهر -أيها الإخوة –  شهر يتدرب فيه المسلم لكثير من الطاعات والعبادات كي يلج في شهر رمضان وقد صارت نفسه متأهبة ومستعدة لطاعة الله – تعالى – فلنهيأ أنفسنا ولنضرب بنصيب وحظ وافر من الطاعات والعبادات في هذا الشهر الكريم ولا نخص هذه العبادات بنوع خاص فعندك قراءة القرآن وعندك صيام ما تيسر من هذا الشهر الكريم وعندك الذكر وعندك الصدقة وما شاكل ذلك من الأعمال والقرب التي تقربك إلى الله – تعالى – هنالك من أدعى – أيها الإخوة – أن ليلة النصف من شعبان هي ليلة القدر وهذا مخالف لإجماع الأمة ولذلك فضلوها وأحدثوا فيها البدع والضلالات ولذلك صاموها وقاموا ليلها بحجة أنها هي ليلة القدر والمجمع عليه بين أهل العلم أن ليلة القدر في رمضان وأنها في العشر الأواخر منه لا أنها في ليلة النصف من شعبان واقرءوا إن شئتم ما كتبه المفسرون عند قول الله – تعالى – ((فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ  )) سورة الدخان آية (4) وعند قول الله – تعالى – ((إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ )) سورة القدر آية (1)

فهذا الشهر المبارك يجب أن نتنبه له وأن نعرف فضله ومن أراد أن يصومه فليصم ما تيسر له منه وما ورد من النهي عن الصيام بعد انتصاف شعبان جاء حديث وهو ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا ..))[4]

وهذا الحديث من أهل العلم من رده وضعفه ومنهم من أوله فقال : المقصود به من يصوم من أجل الاحتياط لرمضان وعلى هذا فيكون معناه ما جاء في الحديث الآخر ((لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه))[5]

ومعنى هذا أنه لا بأس من أن يصوم الإنسان بعد منتصف الشهر خاصة لمن كان معتاداً للصيام لكن لا تصومن قبل رمضان بيوم أو يومين من أجل الاحتياط لدخول رمضان هذا أمر لا يصح لأن رمضان لا يثبت إلا بدخول الهلال ودخول الشهر إما بالرؤية وإما بإكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً .

أيها الكرام :

 لا شك أن زحمة الحياة وكثرة الأعمال تلهينا عن الطاعات وكثرة الهموم وانشغال القلب تفقده التلذذ بالطاعة والعبادة عدم التفرغ ولو جزءاً يسيراً لأن ترمي جميع مشاغلك خلفك هذا الأمر هو الذي يجعلك تستشعر ويجعلك تتلذذ بالعبادات ولذلك كان هذا الشهر المبارك عن توطئة لتدخل رمضان بقلب صار فيه شيء من الصقل وصار فيه شيء من تلذذ العبادة ومناجاة الله – تعالى- فيستفاد بعد ذلك من شهر رمضان ويدخل رمضان والناس قد سموا بأرواحهم وارتقوا في طاعاتهم وقربهم من الله – تعالى . أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

 

الخطبة الثانية :

 الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى

وبعد :

أيها الإخوة :

إن أخلاق الكبار تترفع عن الأحقاد ومن سفاسف الأخلاق وأخلاقيات الصغار دوام الحقد والغضب من أتفه الأمور انظروا إلى أخلاق النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – وهي مثل أعلى لأخلاق العظماء الكبار لم يكن – صلى الله عليه وآله وسلم  – ليحقد على أحد ولم يكن يغضب إلا إذا انتهكت محارم الله – تعالى – ولم يكن يعرف في صدره إلا السلامة حتى على مبغضيه كان يكن لهم الرحمة فهو الرحمة المهداة – صلى الله عليه وآله وسلم ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )) سورة الأنبياء آية  (107)

إنه – صلى الله عليه وآله وسلم – مثلنا الأعلى في السلوكيات والأخلاقيات ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً )) سورة الأحزاب آية (21)

لنتخلق بأخلاق هؤلاء الكبار ولا نبقي في صدورنا غلاً ولا حقداً للذين ء امنوا ولهذا كان من دعاء الأولين (( … وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )) سورة الحشر آية (10)

في كثير من الأحاديث أن الأعمال ترفع إلى الله تعالى – فيقبلها إلا مشرح أو مشاحن فيقول دعوهما حتى يصطلحا ومنها على فرض صحة هذا الحديث الذي صححه بعض أهل العلم في ليلة النصف من شعبان نركز قليلاً على قضية الشحناء كم من الناس – أيها الإخوة – مخاصم بينه وبين ربه وهذا أعظم أن يكون بينك وبين ربك خصومة هو غاضب عليك وأنت لا تتعبد له ولا تتقرب إليه ولا تتذلل إليه مخاصم لدينه نخاصم لشرعه مخاصم لنبيه – صلى الله عليه وآله وسلم – مخاصم لأوليائه أما تخشى على نفسك أن ينتقم الله – تعالى – منك هنالك من الناس من بينه وبين أبويه خصومة وما أكثر الناس الذين هم مخاصمون لآبائهم وأمهاتهم وخاصة من الشباب حيث تمر السنون والمناسبات والأعياد فلا يرفع سماعة هاتفه ولا يطرق باباً ولا يصافح يداً ولا يقبل رأساً أما يخشى هؤلاء على أنفسهم من غضب الله وانتقام الله – تعالى – الذي قال : ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً … )) سورة الإسراء آية (23)

فمهما صنع الوالد ومهما عمل فيبقى والد من هذا الذي يستطيع أن يمحي اسم أبيه أو أمه من الانتساب لا أحد يقدر على هذا إطلاقاً ولكن القلوب القاسية تبقى منتسبة لكنها لا تقوم بالحقوق أبداً هذه الخصومة مع الأبوين من الأسباب التي تؤدي إلى رد الأعمال وعدم قبول الطاعات فكم من الناس من بينه وبين أبويه خصومة إنه جرم عظيم – أيها الإخوة – حتى لو فعل الأب ما فعل فلا تقل هو فعل وهو ظلم فيبقى والداً ولو أخذ مالك سيبقى والداً ضرب ظهرك سيبقى والداً له الحق حتى لو كفر وارتد وصار يهودياً أو نصرانياً سيبقى والداً وستبقى له حقوقه كم من الناس من بينه وبين  إخوانه من أبيه وأمه خصومة وشحناء وبغضاء فهو يقاطعهم وهو هاجرهم من سنين لا يتكلم معهم يمرضون يفرحون يحزنون فلا يشاركهم في شيء السبب ربما يكون من أتفه الأمور أختي تخاصمت مع زوجتي ابنها ضرب ولدي ابن أخي خاصم أهلي وبالتالي أنا أخاصمه لأن ابنه خاصم ولدي وهلم جر هذه القضية – أيها الإخوة – ليست من أخلاقيات الكبار هذه قضية هامشية وجانبية يمكن أن تحل ودياً بين الناس لكن تتقطع أواصر الصلات وتتقطع الأرحام بين الناس لمثل هذه الأمور إنها من أعظم الجرم الذي يرتكب في هذه الحياة كم من الناس من هو مخاصم لجاره ؟ الباب بالباب فلا يشاركه في أفراحه ولا في أتراحه ولا يسلم عليه ولا يدخل عليه وإذا مر بجواره مر معرضاً عنه إنها من أعظم الذنوب .

كم من الناس من له أصدقاء بجواره في العمل مخاصم لهم ؟ علينا أن نراجع أنفسنا وأن نحاسبها في مثل هذه القضية ولنعطي لكل قضية حقها ومستحقها فلقد كان آباؤنا وأسلافنا كانوا مترفعين عن مثل هذه السلوكيات والأخلاقيات لأنها من السفساف وأخلاق العظماء والكبار لا تعرف الشحناء ولا البغضاء فضلاً عن كون هذه الأمور من الأسباب التي تؤدي إلى رد الأعمال وإلى حرمانك جهد طاعتك كيف بك لو أنك مت وأنت مخاصماً لربك ولنبيك ولوالديك ولإخوانك وإخوتك ولأرحامك ولجيرانك ماذا ستجيب ربك ؟

أسأل الله – تعالى – أن يجعل هذه الكلمات مفتاح خير وأن يجعلنا من الكبار الذين يعني يذلون أنفسهم والذين يضغطون عليها من أجل أن تستحق قول النبي – صلى الله عليه وآله وسلم –  ((وخيرهم الذي يبدأ بالسلام والذي يبدأ بالسلام))[6]

اللهم أعزنا بطاعتك ولا تذلنا بمعصيتك يا رب العالمين .



[1] – مسلم 2/ 821

[2] – البخاري 2/695

[3] – ابن ماجه 1/ 445

[4] – سنن أبي داود 1/ 713

[5] – مسلم 2/ 762

[6] – صحيح الترغيب والترهيب 3/ 31

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق