تابعنا على

إنتاجات الشيخ خطب مفرغة

الأخوة الإيمانية

إن المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك والكافر تجب معاداته وإن اعطاك وأحسن إليك فإن الله تعالى بعث الرسل وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله فيكون الحب لأوليائه والبغض لأعدائه…

خطبة بعنوان : الأخوة الإيمانية

 العناصر:

1-  حلاوة الإيمان 2- آيات في الأخوة  3- أحاديث في الأخوة 4- ثمرات المحبة في الله 5- عقيد الولاء والبراء.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار . 

 فقد جاء في الحديث المتفق عليه  عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار ))[1]

 هذا الحديث العظيم اشتمل على أركان السعادة وذكر منها الأخوة الإيمانية الخالصة لله عز وجل هذه الأخوة التي افتقدناها في زماننا إلا ما رحم الله هذه الأخوة  التي حث القرآن عليها والسنة قال الله تعالى  : ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) سورة التوبة آية (71).

وقال سبحانه وتعالى: ((وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ )) سورة الحجرات آية (9).

وقال تعالى :((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )) سورة الحجرات آية (10).

وقال سبحانه وتعالى: ((مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً )) سورة الفتح آية (29).

وقال تعالى: ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)) سورة المائدة آية (55).

 

إن فضل المحبة في الله تعالى عظيم :

فعن أبي هريرة رضي الله  عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجل ذكر الله في خلاء ففاضت عيناه ورجل قلبه معلق في المسجد ورجلان تحابا في الله ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها فقال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه ))[2].

وعن عبد ابن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((خير الأصحاب عند الله خيره لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره ))[3].

عن أبي رافع عن أبي هريرة : عن النبي صلى الله عليه و سلم: ((أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله له على مدرجته ملكا فلما أتى عليه قال :أين تريد ؟

قال: أريد أخا لي في هذه القرية.

 قال: هل لك عليه من نعمة تربها ؟

قال :لا غير أني أحببته في الله عز و جل.

 قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه))[4]

وعن أبي إدريس الخولانى قال: قال رسول الله صلى الله  عليه وسلم : ((قال الله :وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتباذلين في والمتزاورين في ))[5].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه والصلاة والسلام : ((إن من عباد الله عبادا ليسوا بأنبياء يغبطهم الأنبياء والشهداء.

 قيل : من هم لعلنا نحبهم ؟

 قال : هم قوم تحابوا بنور الله من غير أرحام ولا انتساب وجوههم نور على منابر من نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس ثم قرأ : ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون))[6].

 وعن أنس رضي الله عنه : ((أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ السَّاعَةِ؟

 فَقَالَ :مَتَى السَّاعَةُ ؟

قَالَ :وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟

 قَالَ :لَا شَيْءَ إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

فَقَالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ.

 قَالَ :أَنَسٌ فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ .

قَالَ: أَنَسٌ فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ))[7] .

أيها الإخوة الكرام إن للمحبة في الله تعالى ثمرات منها:

1-  تذوق حلاوة الإيمان.

2-  إحاطة الله تعالى للعبد برحمته.

3-   يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

4-   تدل على زيادة محبة الله ورسوله.

5-   كسب الخيرية عند الله تعالى.

6-  ازدياد والدرجات في الجنة.

7-  كسب الاطمئنان يوم الفزع.

8-  أن نحشر مع من أحب.

9-   أن يكسب الأخلاق الحسنة والرفقة الصالحة.

10-                     نقاء القلب وطهارته.

 ولذلك حث النبي عليه والصلاة والسلام المسلم أن يبلغ المرء أخاه إذا كان يحبه فقال : ((إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره ))[8]

إن الولاء والبراء منيان على قاعدة الحب والبغض في الله فالناس عند أهل السنة والجماعة على ثلاثة أصناف :

1-  صنف يحب مطلقا.

2-  صنف يحب من وجه ويبغض من وجه أخر وهو المسلم الذي خلط عملا صالحا وأخر سيئا ومن لم يتسع قلبه  لهذا كان ما يفسد أكثر مما يصلح.

3-  وصنف يبغض جملة هو الكفرة.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية :(( على المؤمن أن يعادي في الله ويوالي في الله فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه وإن ظلمه فإن الظلم لا يقطع الموالاة الإيمانية  قال الله تعالى :(( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10))) سورة الحجرات الآيات (9-10).

 فجعلهم إخوة مع وجود القتال والبغي وأمر بالإصلاح بينهم فليتدبر المؤمن .

إن المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك والكافر تجب معاداته وإن اعطاك وأحسن إليك فإن الله تعالى بعث الرسل و أنزل الكتب ليكون الدين كله لله فيكون الحب لأوليائه والبغض لأعدائه والإكرام والثواب لأوليائه والإهانة والعقاب لأعدائه وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وطاعة ومعصية وسنة وبدعة استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير واستحق من المعاداة والعقاب بقدر ما فيه من الشر فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة كاللص تقطع يده لسرقته ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن والهم )).

 نسأل الله عز وجل أن يؤلف بين قلوبنا وأن يصلح ذات بيننا.

والحمد لله رب العالمين



[1] – البخاري 1/14

[2] – البخاري 6/2496

[3] – سنن الترمذي 4/333

[4] – مسلم 4/1988

[5] – المعجم الكبير 20/80

[6] – صحيح ابن حبان 2/332

[7] – البخاري 9/224

[8] – مسند أحمد 5/145

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق