إن الإسلام اعتنى بالإنسان اعتنى به عناية فائقة اعتنى بمعتقده واعتنى بسلوكياته وأخلاقه واعتنى بصحته وصحة بيئته وما حوله…
خطبة بعنوان : عناية الإسلام بالصحة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
إن الإسلام اعتنى بالإنسان اعتنى به عناية فائقة اعتنى بمعتقده واعتنى بسلوكياته وأخلاقه واعتنى بصحته وصحة بيئته وما حوله فأوجد الضوابط التي تقي هذا الإنسان من الشرور التي تحيط به من جميع الجهات وخاصة تلك الشرور المعنوية التي تفتك به وتضر به من أجل هذا جاء الإسلام لتصحيح معتقد الناس الذين كانوا يعتقدون بالإله معتقدات شتى وجاء ليصحح السلوكيات الخاطئة وحصر – صلى الله عليه وآله وسلم – مبعثه بمكارم الأخلاق كما قال – صلى الله عليه وآله وسلم ((إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق))[1]
وإن من الضروريات الخمس التي جاء الإسلام من أجلها الحفاظ على البدن وأوجد العقوبات التي تستهدف هذا البدن والأضرار التي قد تحل به من الآخرين فأوجد العقوبات الشريعة في حد القتل والقطع وفقع لعين وما شاكل ذلك من الأعضاء وجعل لذلك أورشا وهكذا أيضاً كان من جملة ما حافظ عليه الإسلام عقل هذا الإنسان من أجل هذا حرم الخمر وحرم كل ما يغتال هذا العقل ويخرجه عن طوره بل وأوجد الحدود زجراً لهذا الإنسان الذي يتعدى على عقله فأوجد حد الخمر وحد السكر بجميع أنواعه لأن هذا الإنسان يصير عضواً مخلاً بنفسه ومخلاً بأسرته وبمجتمعه وتراه يهذي فيقذف الناس بالجرائم ويتهمهم ويضربهم ويأخذ حقهم ويقلق الأمن والسكينة وما شاكل ذلك إن هذه الكليات التي جاء الإسلام للحفاظ عليها كان منها ما سمعتم الحفاظ على البدن وعلى العقل من أجل هذا أوجد الله تعالى- السبل التي تحافظ على جسم هذا الإنسان بالطرق المشروعة ولا أعرف ديناً كدين الإسلام اعتنى بابن آدم ورفعه وشرفه وكرمه وأوجد السبل التي تحافظ عليه حافظ على نظافته وطهارته النظافة الحسية والمعنوية فالنظافة المعنوية نظافة قلبه ونظافة نفسه وطهارتها من الشرك والنفاق وكل خلق رديء فجاء الإسلام وكان أول ما طرق على مسامع الناس : قولوا لا إله إلا الله تفلحوا
((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ )) سورة الأنبياء آية (25)
وكان أول ما طرق معاذ – رضي الله عنه – مسامع أهل اليمن حين جاء يدعوهم للإسلام قال له – صلى الله عليه وآله وسلم – فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – الطهارة النفسية التي هي لب وجوهر هذا الإنسان طهارته من الشرك ومن الشك ومن مرض الشهوة والشبهة هذا هو جوهر دعوة دين الإسلام وكل أمر في الإسلام أو نهي إنما يخدم هذا .
وأما الطهارة لحسية فإن أوائل الأبواب والكتب التي سطرها علماؤنا تدعو إلى الطهارة لأنها مدخل إلى جميع العبادات والطهارة حين يعرفونها الطهارة الحسية والمعنوية فأوجد الوضوء أكثر من خمس مرات في اليوم والليلة أليست هذه طهارة ما بعدها طهارة ؟ كم قال – صلى الله عليه وآله وسلم – ((أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسا ما تقول ذلك يبقي من درنه ) . قالوا لا يبقى من درنه شيئا قال ( فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا))[2]
وهكذا شرع الإسلام الأغسال الواجبة والمستحبة فمن الأغسال الواجبة الغسل للجمعة والغسل من الجنابة ومن الحيض والنفاس ومن الأغسال المستحبة غسل العيدين والغسل للكسوف والخسوف ولدخول مكة وما شاكل ذلك من الأغسال وكل اجتماع للناس يستحب أن يغتسل من يأتي إليه ليكون على طهارة تامة وعلى رائحة زكية هكذا أرشد الإسلام إلى طهارة البدن ما هنالك دين أرشد إلى طهارة البدن هذه الطهارة هي التي تحافظ على صحة البدن نهى – صلى الله عليه وآله وسلم – أن يدخل الإنسان يده في الإناء بعد قيامه من الليل أن يدخلها مباشرة في الماء قبل أن يغسلها خارجه فقال – صلى الله عليه وآله وسلم – (( … وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده))[3]
وهكذا أيضاً الغسل قبل أن يأكل الإنسان فغسله ليديه قبل أن يأكل أولى من غسله بعدهما لأن انعدام غسلها قبل هو السبب في إيراد الأمراض إلى داخل هذا البدن من أجل هذا أمر – صلى الله عليه وآله وسلم – بقص الأظفار ونهى عن تطويلها لأنها مجال لتجمع الأوساخ والأقذار والجراثيم ونهى عن تطويل الشارب أيضاً وأمر بإحفائه وقصه لأن كذلك من المواطن التي ربما أثناء أكلك للطعام أو شربك للماء يدخل إلى بدنك ما يعتدي علي هذا البدن من الأسقام والأمراض . نهى – صلى الله عليه وآله وسلم – عن شرب المسكر ونهى – صلى الله عليه وآله وسلم – عن تحسي السم وجعله من كبائر الذنوب فقال: ((من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا))[4]
أمر بأن يكون المطعم حلالاً وأن أن يكون نظيفاً فقال – صلى الله عليه وآله وسلم – ((إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان…))[5]
وأما الطهارة المعنوية في المأكول والمشروب يستفاد من قوله – صلى الله عليه وآله وسلم – للحسن حينما التقط تمرة من الصدقة فقال – صلى الله عليه وآله وسلم (( … كخ كخ ) . ليطرحها ثم قال ( أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة))[6]
معنى هذا أن الأمر المحرم ممنوع إدخاله إلى جوف ابن آدم لأنه سبب من أسباب النكبات وسبب من أسباب الأسقام والأمراض وأولئك الذين يأكلون الرشاوى ويأكلون ما يبطشون من الأموال الخاصة والعامة إنهم أكثر عرضة للأمراض والأسقام وهكذا أيضاً يقول – صلى الله عليه وآله وسلم – ((من نبت لحمه من السحت فالنار أولى به))[7] فلماذا نهى – صلى الله عليه وآله وسلم – عن أكل السحت ونهى الغلام الصغير غير المكلف عن أكل تلك التمرة التي خشي النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – مجرد خشية أو شبهه أن يكون من تمر الصدقة المحرم على آل البيت هكذا أيضاً – كان لأبي بكر الصديق- رضي الله تعالى عنه– مملوك يغل عليه فأتاه ليلة بطعام فتناول منه لقمة فقال له المملوك مالك كنت تسألني كل ليلة ولم تسألني الليلة قال حملنى على ذلك الجوع من أين جئت بهذا قال مررت بقوم في الجاهلية فرقيت لهم فوعدوني فلما أن كان اليوم مررت بهم فإذا عرس لهم فأعطوني قال إن كدت أن تهلكني فأدخل يده في حلقه فجعل يتقيأ وجعلت لا تخرج فقيل له إن هذه لا تخرج إلا بالماء فدعا بطست من ماء فجعل يشرب ويتقيأ حتى رمى بها فقيل له يرحمك الله كل هذا من أجل هذه اللقمة قال لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول : كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به فخشيت أن ينبت شيء من جسدي من هذه اللقمة ))[8]
لأنه يعلم أن هذا الطعام سم يتحساه الإنسان لذا نهى – صلى الله عليه وآله وسلم – عن حلوان الكاهن أي أجرته ومهر البغي أي ما تتقاضاه على زناها لأن هذا أمر محرم شرعاً وأكل مثل هذا المال الحرام يورد على هذا الإنسان الموارد – عياذاً بالله تعالى – من ذلك إذا علم هذا – أيها المؤمنون – أيها المسلمون – ينبغي أن نعلم أن الله تعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين طهارة حسية ومعنوية طهارة من الشرك والنفاق والشقاق وأمراض الشبهات والشهوات أن يكون الإنسان مستقيماً على أمر الله – تعالى – سواء كان صغيراً أم كبيراً ذكراً أو أنثى غنياً أم فقيراً رئيساً أو مرؤوسا (( … إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ )) سورة البقرة آية (222)
والمؤمن هو الذي يجمع الطهارة الحسية والمعنوية فهنيئاً لمن رزق هذا المحبة أن الله تعالى هو الذي يحبه لأنه طاهر النفس وطاهر البدن الإسلام جعل الطهارة نصف الدين نصف الصلاة فقال – صلى الله عليه وآله وسلم – ((الطهور شطر الإيمان…))[9] أي الوضوء نصف الصلاة هكذا فسره العلماء . الإٍسلام شرع إزالة أسباب الأمراض وإذا اتقى الإنسان السبل والوسائل التي تكون سبباً في إيصال المرض إليه يكون أبعد من المرض لأن هذا من عمل الأسباب وعمل السبب مشروع بل هو من قضاء الله تعالى – وقدره الذي قال عنه – صلى الله عليه وآله وسلم ((لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد العمر إلا البر))[10]
من هنا قال – صلى الله عليه وآله وسلم- (( … وفر من المجذوم كما تفر من الأسد))[11]
وقال – صلى الله عليه وآله وسلم – (( لايورد ممرض على مصح)).
لأن الخلطة تكون سبباً من الأسباب الناقلة للأمراض وهكذا أيضاً نهى – صلى الله عليه وآله وسلم – إذا علم الإنسان بمرض خطر في بلد ما فلا يقدم عليه وتعلمون قصة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – مع الطاعون أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حدثه : أنه كان مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين خرج إلى الشام فرجع بالناس من سرغ فلقيه امراؤه على الأجناد فلقيه أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه رضي الله عنهم وقد وقع الوجع بالشام فقال عمر اجمع لي المهاجرين الأولين فجمعتهم له فاستشارهم فاختلفوا عليه فقال بعضهم ارجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء وقال بعضهم إنما هو قدر الله وقد خرجت لأمر فلا ترجع عنه فأمرهم فخرجوا عنه ثم قال ادع لي الأنصار فدعوتهم فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين فاختلفوا كاختلافهم فأمرهم فخرجوا عنه ثم قال ادع لي من كان ههنا من مشيخة مهاجرة فاختلفوا كاختلافهم فأمرهم فخرجوا عنه ثم قال ادع لي من كان ههنا من مشيخة مهاجرة الفتح فدعوتهم فاستشارهم فاجتمع رأيهم على أن يرجع بالناس فأذن عمر رضي الله عنه في الناس إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه فإني ماض لما أرى فانظروا ما آمركم به فامضوا له فأصبح قال فركب عمر رضي الله عنه ثم قال للناس إني أرجع فقال أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه وكان يكره أن يخالفه أفرارا من قدر الله فغضب عمر رضي الله عنه وقال لو غيرك قال هذا يا أبا عبيدة نعم أفر من قدر الله إلى قدر الله أرأيت لو أن رجلا هبط واديا له عدوتان واحدة جدبة والأخرى خصبة أليس إن رعى الجدبة رعاها بقدر الله وإن رعى الخصبة رعاها بقدر الله قال ثم خلا بأبي عبيدة فتراجعا ساعة فجاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وكان متغيبا في بعض حاجته فجاء والقوم يختلفون فقال إن عندي في هذا علما فقال عمر ما هو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم به في أرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا يخرجنكم الفرار منه فحمد الله عمر رضي الله عنه فرجع وأمر الناس أن يرجعوا ))[12]
يعني ما قدره الله تعالى – فهو كائن فربما حمل هذا الإنسان المرض والفيروس فلا ينقله أيضاً إلى المسلمين لأن ظواهر المرض قد لا تظهر في الحال فيكون قد حمل هذا الفيروس فينقله إلى مساحات أطول وفي هذا حجر للمرض سبق الإسلام فيها غيره من الأديان .
أيها المسلمون : إننا اليوم في صدد الكلام على مرض خطر فتاك انتشر في العالم بأسره صار مقلقاً للناس لا يدري الشخص متى يفتك به هذا المرض ولكن إذا علمت أسبابه وعولجت العلاج الصحيح فإن المجتمع يكون بأذن الله تعالى – في مأمن إنه مرض السرطان الداء الخطر الفتاك الذي ربما يصعب دواؤه ويصعب شفاء كثير من الناس وهذا طبعاً بقضاء الله تعالى – وقدره ما هو هذا المرض ؟ هذا المرض هو عبارة عن نمو خلايا بالجسم غير طبيعية فبدلاً من أن تعوض الخلايا التالفة في الجسم تصير تنمو بطريقة عجيبة ومتكاثرة فتكبر وتترك تلك الخلية المريضة لحالها فينشأ عنها هذا الورم الخبيث الذي سرعان ما ينتشر في الجسم فيفتك به والأورام التي تحدث بالجسم على قسمين : قسم حميد وهو ما يكون مغلفاً بكيس لا ينتشر وهذا أمره سهل يمكن أن يعالج بالجراحة أو بالعقاقير أو بالأشعة لكن الورم غير الحميد هو الخطر حينما تنمو تلك الخطايا بطريقة غير طبيعية وبدلاً من أن تعوض الخلايا التالفة تتركها وحدها فينشأ هذا الورم السرطاني الذي ليس محصوراً بكيس معين كثيراً ما ينتشر في البدن بطريقة عجيبة خاصة إذا حاول الأطباء محاصرته أو استئصاله فإنه ما سرعان ما ينتشر مما يؤدي إلى القضاء على هذا الإنسان وهذا المرض ينتشر إلى البدن إما مباشرة إلى العضو التالف وإما عن طريق الغدد اللمفاوية وإما عن طريق الدم وأخطر هذا أن يكون في الرئة أو في الكبد أو في الأماكن الحساسة اللمفاوية فإنه يكون أكثر خطراً بجسم هذا الإنسان . أما مسبباته فهي أمور : منها جسيمات مسر طنة مثل النظائر المشعة وكذلك الأشعة فوق البنفسجية وبعض المعادن ذات الألياف هذه الجسيمات تسبب خللاً بالحمض النووي في جسم الإنسان وهكذا في البروتينات مما يؤدي إلى خلل في الحمض أو يؤدي إلى تضخم عظم الخلايا الموجودة في الجسم الأمر الثاني الذي يسبب هذا المرض مواد كيماوية مسر طنة كتلك المواد الموجودة في الدخان أو المواد المستخدمة في بعض الصناعات كالصناعات البلاستيكية على سبيل المثال .
ومنها أيضاً : مسرطنات بيولوجية مثل تلك الفيروسات التي تدخل على الجسم كمرض الكبد أو فيروس الكبد (ب) وهكذا أيضاً بعض البكتريا التي تدخل إلى المعدة وهي من أكثر المسببات لأمراض السرطان في المعدة وهكذا أيضاً الكحول وبعض المواد الأخرى . ذكرت إحصائيات عن منظمة الصحة العالمية أن اليمن من أكثر البلدان انتشاراً لهذا المرض ففي كل عام 20 ألفاً يا عباد الله من أبناء اليمن يحصدهم هذا المرض أو يحصد 60% منهم يموتون والبقية ما بين أن يحيوا بأذن الله وما بين أن يعيشوا سنتين أو ثلاث هذا عدد ليس بالقليل 20 ألفاً كل عام يفتك بهم هذا المرض هذه الحالات الظاهرة التي اكتشفت أما التي لم تكتشف فربما تكون حالات أعظم وربما كانت هذه الحالات عند الطبقات المتدنية ليس عندها الأموال والقدرة على أن تذهب إلى الأطباء والمراكز الصحية المتقدمة التي تكتشف مثل هذا المرض والأسباب في هذا كثيرة منها :
1- القات وما ينتشر فيه ويوضع فيه من السموم والمواد الكيماوية المحرمة دولياً .
2- التبغ وما يضاف إليه من المواد إضافة إلى المواد فيه .
3- الشمة وتوجد في بعض البلدان المتقدمة كالمكسيك وفي أمريكا فتوضع تحت اللسان أو الشفة وانتم تعلمون أن وضع الدواء تحت اللسان من أسرع الأشياء التي تصل إلى القلب ولهذا كان أمراض الذبحة الصدرية والنوبات القلبية كانت عن عقاقير توضع تحت اللسان بثوان يفيق بأذن الله تعالى – المريض من هذا الألم الذي ألم به .
أيها المسلمون :
إن القضية خطرة جداً على الجميع أن يحرص على صحته وأن يكون متعاوناً كذلك في محاصرة هذا المرض بطرق شتى على ما سنتكلم عليه إن شاء الله تعالى في ما تبقى من الوقت . أقول قولي هذا وأستغفر الله .
الخطبة الثانية :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
وبعد :
أما المعالجة لهذه القضية المؤرقة سنتحدث عنها بمحاور شتى منها أولاً ما يخص الدولة فالدولة واجب عليها أن تحافظ على مواطنيها وأن تحرص كل الحرص على صحتهم وعلى نظافة بيئتهم وهذا من واجباتها فإن قضية الصحة والبيئة قضية مؤرقة للعالم بأسره فواجب على الدولة أن تقوم من خلال أجهزتها في مكافحة ومحاصرة هذا المرض ومكافحته لا يكون بفتح المراكز العلاجية فالمراكز العلاجية إنما هي عبء آخر على الدولة وإنما المكافحة الصحيحة تكون بمكافحة أسبابه وعلاجها من هذا الموطن أن يعالج المرض من أسبابه الحقيقية وأول ذلك أن تمنع تلك المواد الكيمائية التي ترش على القات وعلى المواد الغذائية والمبيد الذي يرش على الطماطم أو على الخضروات الأخرى أو تلك المحسنات التي تحسن بعض البذور والتي يكون من أسبابها ذلك النمو غير الطبيعي لتلك المواد التي يأكلها الناس فمنع هذه المواد المحرمة دولياً من أوائل أولويات الدولة ووزارة التجارة والاقتصاد ووزارة التموين كذلك ووزارة الصحة ووزارة الزراعة أن تتكاتف هذه الجهات لمنع ومحاصرة دخول هذه المواد المحرمة التي صارت بلادنا مكان لقبرها ومكاناً لترويجها وتسويقها فالقضية جد خطرة فالإسلام حرص كل الحرص على ألا يصاب حيوان كلب أو قط أو بقرة أو حمار بأذى فحافظ على حقوقه فكيف بحقوق هذا الإنسان إن الإسلام حرص حتى في حال استخدام هذا الحيوان أن يستخدم بطريقة صحيحة حتى في حال ذبحه أن يذبح بطريقة صحيحة فقال – صلى الله عليه وآله وسلم ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفوته وليرح ذبيحته))[13]
لكن هؤلاء يذبحون ابن آدم بطريقة غير شرعية وفي غاية من الوحشية إن الإنسان دمه حرام قال – صلى الله عليه وآله وسلم : ((لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والمفارق لدينه التارك للجماعة))[14] هذه الأنفس هذه الآلاف المؤلفة التي تزهق سنوياً بأي ذنب قتلت في مرآ ومسمع من الناس كلهم أين هذه الأجهزة التي من واجباتها أن تحاصر وتراقب مثل هذه المواد التي تحصد هؤلاء الناس وربما كانوا هم من أوائل من يصاب بهذا المرض أين رقابة الجمارك ؟ أين خفر السواحل الذين من أهم اختصاصاتهم منع التهريب للأدوية التي تدخل بطريقة غير شرعية والتي هي أيضاً من أسباب الأمراض السرطانية وغيرها أين معالجتهم ومحاصرتهم لمثل هذا ؟ إن واجب الدولة أن تقوم بمثل هذا العمل ومعاقبة كل من يثبت تورطه بالسماح لدخول مثل هذه المواد وأن تكون هذه المحاكمة علانية للناس ليرتدع هؤلاء وغيرهم إذا كان وجد – أيها المسلمون – ما يسمى بجمعيات أو مؤسسات مراقبة المواصفات والجودة هذا إذا كان في الأشياء التي تفد إلى البلد أو تصنع داخل البلد إن من أهم في أعمال هذه المؤسسات أن يكون لها دور في مراقبة الجودة في المواد التي تباع بالسوق البطاط – الطماطم – البصل – الخيار وما شاكل ذلك أن تحجرها وأن تحصرها في مخازن لتجري عليها قبل أن ترسل إلى السوق الاختبار وما ثبت أن فيه ضرر فالإسلام يقول : ((لا ضرر ولا ضرار))[15]
ومصلحة العامة مقدمة على الخاصة تتلفها أمام الناس وتنشر هذا في كافة الوسائل ليرتدع الناس أيم مكان وزارة الزراعة والمرشدون الزراعيون الذين من واجبهم أن يرشدوا المزارعين وأن يوعوهم في كيفية رش المواد المسموح بها والمرخص بها دولياً بل أقول : إذا كان هؤلاء غالبيتهم من العوام فلماذا لا تقوم وزارة الزراعة بالرش هي بنفسها لمثل هذه المواد ويضاف هذا على تكلفة المنتج نفسه .
إن المواطن يمكن أن يأكل على سبيل المثال هو وأسرته كيلو واحد من البطاط في الأسبوع على سبيل المثال أفضل من أن يأكل أربع كيلو ويصاب بالمرض هذا كله يهون أمام الألم وأمام المرض وأمام المخاطر هذه الأسرة التي ربما أن يموت عائلها فتصير مرشدة وربما تعرضت للخطر للانحلال لأن يكون أفرادها أعضاء غير صالحين في المجتمع تتعرض هذه الأسرة للابتزاز الجنسي والأخلاقي لأن عائلها توفي بسبب هذا المرض .
أيها الإخوة المسلمون :
إذا كان من أعمال التموين أو البلديات أو الصحة أنها تنزل إلى المحلات فيجب أن يكون هؤلاء الناس من ذوي الأخلاق العالية الرفيعة من ذوي المسئولية أن يعطى هؤلاء حقهم ومستحقهم من المرتب حتى لا يمد يده للسحت وحتى لا يغش بلده بأن يسمح للتاجر بأن يبيع مواد منهية وإننا ما بين حين وآخر بأنفسنا نكتشف أشياء ربما قد أكلت نصفها فإذا بك تكتشف بأنك غير واع بأنه يجب عليك أن تفتش عن تاريخ انتهاء هذه المادة فتكتشف بعد أكل نصفها أو كلها أنها منتهية وغير صالحة من أربعة أشهر .
أيها الإخوة المسلمون :
عمل البلديات كذلك من خلال عمل النظافة وأنا أستغل هذه الفرصة وبهذه المناسبة مناسبة احتفاء مدينة تعز بعيد الوحدة وهي تشهد نهضة في النظافة والبنى التحتية آمل من مشروع النظافة بل آمل من كل مواطن أ، يحافظ على نظافة هذه المدينة وعلى صحة البيئة فيها وأن نكون في مكان المسئولية فنرم بالنفايات في مكانها وعلى المؤسسات الرسمية أن تأخذ هذه النفايات أولاً بأول وأن تحرقها بالطريقة الصحيحة لا أن تزيد الأمر سوءاً فلا أظن أحداً يقول : إن الأدخنة التي تتصاعد من إحراق القمامة أن هذا يولد صحة إذا كنا نشتكي من المصانع أنها بأبخرتها وأدخنتها تؤذي الناس فكذلك مثل هذا الأمر أيضاً على أدارة المرور أن تضطلع بمسئوليتها من خلال منع حركة السيارات التي تنبعث منها الأدخنة الضارة وهكذا أيضاً الموتورات التي تعمل أيضاً بهذه الطريقة إن هذا سبب من أسباب انتشار السرطان أيضاً هذه مصالح خاصة وأنا أقدرها قد يقول قائل هذه أرزاق للناس من هذه السبل لكن المصلحة العامة عند أهل العلم وكذلك حتى عند أهل الطب مقدمة على المصلحة الخاصة هذه مصالح خاصة على الدولة أن تعالجها وأن تمنع هذه السيارات التي تعمل بهذه الطريقة والموترات كذلك وأن تمسح باستيراد السيارات والموترات التي تعمل بطريقة صحيحة وأي سيارات تصل إلى درجة أنها تصرف الزيت وتصدر عنها هذه الأدخنة يجب على رجال الشرطة إيقافها ويجب أن توصل إلى الأماكن الخاصة فيها ومعالجتها بالطريقة الصحيحة وعلى الدولة كذلك أن تقوم بمساعدة هؤلاء في تغيير هذا الأمر بحيث تساعدهم بشراء سيارات أخرى تعينهم تضمن عليهم أي أمر من الأمور المهم أن تعالج مثل هذه القضية هذا إذا أردنا حقاً أن نعالج المرض ونكافحه ونحصره من خلال أسبابه العالم اليوم كله يحاصر ما ينبعث من الأدخنة الصادرة من عوادم السيارات أو المصانع أو من غيرها لأن هذا يسبب أمراضاً للمجتمعات ويسبب انهياراً لطبقة الأوزون التي من أسباب انبعاث الأشعة فوق البنفسجية هو هذا يسبب مثل هذه الأمراض هذه قضايا مهمة جداً أيضاً عمل المحاضرات والندوات من خلال العلماء والمثقفين والمتخصصين بجميع شرائح المجتمع أن يقوم الإعلام بدوره بجميع أصنافه المقروء والمسموع والمرئي أن يقوم بتوعية الناس ما بين الحين والآخر على المواطن أيضاً أن يضطلع بدوره وأن يكون أيضاً متعاوناً في هذا الجانب وعلى أرباب الأموال أيضاً أن يساعدوا في هذا الجانب أي مشروع فيه الحفاظ على الصحة والبيئة فهذا من أولى ما تنفق فيه الأموال هناك من ينفق الأموال على الكرة لكن هذه المشاريع في الحقيقة مشاريع تخدم المجتمع وأنني أرفع تحية شكر وإجلال وتقدير لتلك المؤسسات والمنظمات التي تعنى بخدمة المجتمع ومنها المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان وأشكر وأتمنى وأدعو الله تعالى – أن يخلف بكل خير على كل من يدعم مثل هذه المؤسسات وبمناسبة عيد الوحدة سيكون إن شاء الله تعالى – افتتاح أو مركز لمعالجة السرطان في هذه البلدة وإننا من خلال هذا المسجد نتقدم غليكم بضرورة دعم هذه المؤسسة والمؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان بمد يد العون إليها العون المادي وأن نبذل في هذا اليوم بسخاء فهنالك إخوان لنا يتألمون من هذا المرض لا ينامون لا يهدأ لهم بال فكونك تسهم في هذا الجانب إنك تسهم في إنقاص حياة نفس ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً .
اللهم إنا نسألك المعافاة في الدنيا والآخرة اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
والحمد لله رب العالمين
[1] – الجامع الصغير وزيادته 1/412
[2] – البخاري 1/197
[3] – البخاري 1/72
[4] – البخاري 5/2179
[5] – مسلم 3/1607
[6] – البخاري 2/542
[7] – مشكاة المصابيح 2/138
[8] – حلية الأولياء 1/31
[9] – مسلم 1/203
[10] – سنن الترمذي 4/448
[11] – البخاري 5/2158
[12] – سنن البيهقي الكبرى 7/217
[13] – سنن الترمذي 4/23
[14] – البخاري 6/2521
[15] – مختصر إرواء الغليل 1/172



اضافة تعليق