تابعنا على

إنتاجات الشيخ خطب مفرغة

بناء الأمة في رمضان

الخطبة مسموعة : [audio:00744556.mp3]

إن الله- جل وعلا – من رحمته بهذه الأمة أنه نوع لهم العبادات والطاعات وأنه – سبحانه وتعالى – جعل مواسم فاضلة لمن أراد أن يستغل تلك الفرص وتلك المنح ويتعرض لتلك النفحات…

خطبة بعنوان : بناء الأمة في رمضان

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

إن الله- جل وعلا – من رحمته بهذه الأمة أنه نوع لهم العبادات والطاعات وأنه – سبحانه وتعالى – جعل مواسم فاضلة لمن أراد أن يستغل تلك الفرص وتلك المنح ويتعرض لتلك النفحات علم الله تعالى أن أعمار هذه الأمة قصيرة فبارك لها في أعمارها بارك لها في بعض الأوقات لتجبر الكسر الذي يحصل وتتم وتكمل النقص الذي يطرأ من هذه المواسم شهر رمضان هذا الشهر المبارك الذي تتهيأ الهمم وتستعد لاستقباله ذلك الضيف العزيز على أنفس كثير من الناس إنه شهر اختصه الله تعالى- بتنزيل القرآن الكريم دون سائر الشهور اختصه الله تعالى بأن فرض فيه الصيام ولم يفرضه في غيره من الشهور اختصه الله تعالى بصلاة التراويح ولو شاء لجعلها في وقت آخر اختصه الله تعالى بليلة هي خير من ألف شهر كناية عن بركة الأعمال في هذا الشهر عامة وفي ليلة القدر على وجه الخصوص .

سلام على شهرنا المنظر                     حبيب القلوب سمير السهر

سلام على ليله مذ بدا                      محياه يزهو كضوء القمر

فكم مخلص راكع ساجد                    دعا الله حين ارعوا وادكر

وكم خاشع في الليالي الملاح                بدمع غزير يضاهي المطر

فشهر الصيام وشهر القيام                  وشهر الدعاء يفي بالوفر

أرى شمسه أشرقت في القلوب              وضاءت كما ضاء نور البصر

هذا الشهر من الواجب علينا أن نستعد له استعداداً تاماً استعداداً بتهيؤ النفوس وتهيأ القلوب إلى الاستعداد للتعرض لنفحاته بتعلم أحكامه للدخول في هذه المدرسة المتكاملة التي من لم يتخرج فيها ومن لم يستفد منها فلا يمكن أن يستفيد في وقت آخر والسبب هو أن الله – تعالى – يهيأ الأجواء لهذه الطاعة ولهذه القربة فهي عبادة جماعية للمسلمين أجمعين في مشارق الأرض ومغاربها يستعد لها الناس جميعاً يمسكون ويفطرون في وقت واحد ويؤدون عبادات متحدة هذا الشهر يهيئه الله – تعالى – منذ أول ليلة كما قال – صلى الله عليه وآله وسلم – : ((إذا كانت أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب . وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب . ونادى مناد يا باغي الخير أقبل . ويا باغي الشر أقصر . ولله عتقاء من النار . وذلك في كل ليلة))[1]

إذا الجو مهيأ لهذه الطاعة من لم يستفد منها ومن لم يقبل عليها فإنه خسران خسارة ما بعدها خسارة لا يمكن أن يستفيد طيلة العام فسيبقى مستروحاً ويبقى يدور في حلقة مفرغة لكن من هيأ نفسه واستفاد من رمضان فإنه سيكون له دفعة إلى الأمام بأذن الله – تعالى .

أيها الكرام :

إنه مما يحسن بنا معاشر المسلمين أن نستعد لاستقبال هذا الشهر شهر الصوم كما يستعد أحدنا لاستقبال ضيف عزيز ما لنا نستعد بحزم حقائبنا وبجمع ما نحتاج إليه في أسفارنا حين التهيؤ للسفر ولا نستعد لاستقبال هذا الشهر المبارك الكريم .

يا أيها الكرماء :

إن شياطين الإنس والجن قد استعدوا وقد أخذت أهبتها أما شياطين الجن بالوسوسة من الآن والتثبيط وبث روح التضجر والتأفف عند كثير من الناس أو بعض من الناس من هذه الطاعة ومن هذه القربة أما شياطين الإنس فإنهم قد حزموا أمتعتهم وجهزوا برامجهم من أجل أن يخرجوا المسلمين عن دائرة الاستفادة من هذا الشهر الكريم وانظروا إلى شاشاتهم كيف يعرضون برامجهم الملهية التي يدعون أن فيها تسلية إن تسلية المؤمن بالذكر (( …أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)) سورة الرعد آية (28)

تسلية القلوب والترويح عن النفوس بقراءة القرآن لكنهم جهزوا أنفسهم ببرامج لسرقة ونهب أفضل ما عندك وهو الوقت الذي هو العمر الذي إن مضت منه ثانية واحدة لا يمكن أبداً إطلاقاً مثله مثل قرص الشمس كلما مرت ثانية تحركت جهة الغروب ولا يمكن لأي قدرة سوى قدرة الله – تعالى – أن تحجز الشمس ثانية من أجل أن تستقر في مكانها بل هي ماضية إلى مستقر لها حتى يشاء الله- عز وجل – بأن يتوقف دورانها وتعود بدوران عكسي حينها لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً شياطين الإنس ببرامجهم في النهار بالفوازير والأسئلة التي لا طائل تحتها ينهبون وقتك وينهبون مالك ويدخلونك في معركة مع الله – تعالى – معركة خاسرة معركة القمار الذي لا يشعر به كثير من الناس ويقول بعضهم هي ريالات معدودة إن لم أستفد من ورائها فإنه مال قليل يضيع لكنه لا يعرف هذا المسكين أن جهده مضى وأنه دخل في معركة خاسرة مع الله – تعالى – من خلال اللعب بالقمار شعر أو لم يشعر فاز أو لم يفز فهو في معركة خاسرة مع الله – جل وعلا – وفي الليل انظروا إلى بعض القنوات بعد المغرب قبل المغرب قبيل العشاء يأتون بالبرامج التي تشد أذهان الناس المؤذن يؤذن وقلبه يحترق يريد أن يتابع ويريد أن يكمل ويتجاذبه طرفان طرف المنادي إلى الله تعالى – وطرف المنادي إلى الشيطان وإلى ضياع الوقت والجهد في غير ما فائدة ليت هذا الإعلام يستغل ويستفاد منه في توجيه الناس للاستفادة من أعمارهم وأوقاتهم وتبصيرهم بأمور دينهم إنه إعلام إلا ما شاء الله تعالى – إعلام هابط إلى أدنى المستويات إعلام يفسد أكثر مما يصلح هذا إن قدرنا أن فيه شيء من الصلاح رمضان – أيها الإخوة – برنامجه غير ما يقدم في الفضائيات إنه برنامج المؤمن في طاعة الله – تعالى – وذكره  – قراءة القرآن والتضرع بين يدي الله – عز وجل – تحصيل تقوى الله – تعالى – رمضان يجب أن نستفيد منه جميعاً النهوض بأنفسنا لننهض بأمتنا فها نحن نرى رمضان يربي فينا الاستجابة الكاملة لطاعة الله – تعالى – دون أن نسأل عن حكمة دون أن نسأل عن السبب لماذا اختار الله – تعالى – رمضان ولم يختر شعبان ؟ لماذا الصيام من طلوع الفجر إلى غروب الشمس لماذا لم يكن من شروق الشمس إلى غروبها ؟ لماذا لم يكن من الفجر إلى الظهر ؟

 أو من الفجر إلى العصر ؟ لماذا كانت عقوبة من يجامع في نهار رمضان أن يصوم شهرين متتابعين ؟ لماذا ولماذا ؟

أسئلة كثيرة ربما تطرأ على ذهن الإنسان وربما تكون خواطر شيطانية أحياناً ليربي ربنا- جل وعلا – في أنفسنا الامتثال والطاعة إن قادة الجيوش يربون في أنفس الأفراد الطاعة العمياء أن تنفذ ولا تعترض .

 إن أوامر الله – عز وجل – ويجب أن تنفذ كما هي (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً )) سورة الأحزاب آية (36)

عرفت الحكمة أو لم تعرفها واجب عليك الطاعة لماذا نمتنع عن الطعام والشراب وسائر المفطرات في النهار دون الليل ؟ حكمة الله – تعالى – اقتضت كذا لتتربى النفس على الامتثال للأمر في الوقت المناسب والزمان المناسب فتأتي بما أمر الله وتنتهي عما نهى الله – تعالى – إن على المؤمن أن يربي نسه على أن يكون منضبطاً على أن يكون عائشاً بعيداً عن انفصام الشخصية بعض الناس في النهار شيء وفي الليل شيء آخر في النهار يقرأ القرآن يذكر الله يبتعد عن كثير من العادات السيئة القبيحة لكن بمجرد أن تغرب الشمس يعود إلى ما كان عليه إنه  انفصام نكد في شخصية المسلم فالمسلم لا يعرف التناقض لا يعرف أن يعيش في لحظة ما بروحانية وفي وقت آخر يعيش في سوء أخلاق صحيح أن الترويح عن النفس أمر مطلوب لكن ليس بالترويح المحرم الذي يخرج المسلم عن طوره ويخرجه عن رفيه الأخلاق رمضان يربي المسلم على أن يكبح شهواته ها أنت في رمضان تمتنع عن المباح عما تشتهيه نفسك عما فيه قوام لحياتك وإذا كنت كذلك بحق وجدارة تمتنع عما أباح الله لك وعما لا قوام لك إلا به كالطعام والشراب إذا كان كذلك قربة وطاعة لله – عز وجل – فأنت عن المعاصي أبعد وإذا كنت لا تستطيع أن تبتعد عما أباح الله لك فأنت عما حرم أكثر إتياناً وأكثر وقوعاً ولنا أن نتفهم قول النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – في حق من يختبرهم الله – عز وجل – يوم القيامة من أصحاب الفترة يؤتى بهم إلى الله – عز وجل- فينشأ الله لهم عنقاً من النار لأنهم يقولون ما جاءنا من بشير ولا نذير فيقول الله لهم : ادخلوا هذا العنق من النار اقتحموه ارموا بأنفسكم فيه فمن دخله وامتثل أمر الله صار برداً وسلاماً عليه ومن تلكأ زعماً منه أنه يخاف من النار وأنه إنما فر من النار يقول الله – تعالى – له : عصيتني وأنت تراني وتسمعني فلأنت أشد عصياناً لي ولرسلي فيما لو لم تراني فيأمر الله ملائكته فيقذفونه في النار هكذا الحال في رمضان من امتثل لأمر الله – تعالى – وامتنع عما أباح الله له فهو لترك المعاصي أشد وأبعد إذاً رمضان يعودنا ويربي فينا كبح الشهوات أو توجيهها التوجيه الصحيح فالشهوة المباحة تضعها في المكان المحدد له وفي الزمان المحدد له فإذا كان الجماع في نهار رمضان محرم فبالليل مباح إذا كان الطعام في النهار محرم ففي الليل مباح ومن رحمة الله – تعالى – أن رفع عنا الأصار مقارنة بالأمم التي قبلنا لقد كان فيمن كان قبلنا حين أمرهم الله – تعالى – وكلفهم بالصيام إذا نام الواحد منهم بعد غروب الشمس فإنه يحرم عليه الطعام والشراب مادام صاحياً بعد غروب الشمس يجوز له أن يأكل ويشرب لكنه إذا نام حرم عليه الطعام إلى غروب الشمس في اليوم الثاني وكان هذا معروفاً ومعلوماً في بداية الإسلام ثم رفع الله – تعالى – عنا ذلك فقال – سبحانه – : (( … فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ… )) سورة البقرة آية ( 187)

رمضان يعلمنا كيف نتحكم بأعصابنا وأمزجتنا وهذا واضح من خلال قول النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – بل من خلال الحديث القدسي قال الله – تعالى – : ((قال الله كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم . والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك . للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه))[2]

ما هذا ؟ إن لم يكن هذا هو قمة التحكم بالأعصاب أن تستفز من هذا أو ذاك في السلوكيات الخاطئة فتقابله بصدر رحب تقابله ربما بأعصاب قد يكون فيها نوع من الاحتراق ولكنك تكبتها وتمسكها وهذه قمة الرجولة قمة القوة أن تتحكم بنفسك ليس من القوة أن تكون طائشاً إنما القوة أن تكون قادراً على كبت غضبك يقول – صلى الله عليه وآله وسلم – : (( ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب))[3]

لو كان الأمر كذلك الحصان أقوى منك ولكان الجمل أقوى منك إذاً الشديد الذي يمسك نفسه عند الغضب الغضب الذي قد يؤدي إلى الكفر وقد يؤدي إلى تدمير البيوت من خلال الطلاق وما شاكل ذلك الغضب يؤدي إلى القتل الغضب رأس كل بلية فرمضان يعلمنا كيف نتحكم بأعصابنا وأهوائنا رمضان كيف نشعر بآلام الآخرين يعلمنا كيف نحيا كأمة من خلال شعورك بلذعة الجوع ولفح العطش من خلال الشعور بألم المعاناة والجوع والافتقار فتشعر بغيرك ممن لا مال له ممن لا يجد كسرة الخبز ممن لا يجد ما يقوم به حياته هنا تبذل وهنا تعطي وهنا تعيش بنفسك وتعيش مع غيرك فيصل خيرك إلى غيرك من الناس من الفقراء والمعدمين والمتعففين والأيتام والأرامل  شهر رمضان يعلمنا هذا الخلق الجليل الذي ربما ضاع في هذه الأزمنة المتأخرة حين عاش الناس لأنفسهم وتركوا غيرهم وأوصدوا الأبواب على المساكين والمعدمين ليت من يشعر بنعم الله – تعالى – عليه إن كثيراً ممن أفاء الله – تعالى – عليه من فضله وخيراته لا يعرف إلا الواجب لا يعرف كثير من الناس الأمور المندوبة لا يعرف إلا الزكاة الواجبة عليه في رمضان  لا يعرف كيف يتصدق وكيف يربي نفسه على البذل والعطاء ولو شيئاً يسيراً إلا من رحم الله – تعالى – بالطبع فهنالك من ينفق ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً ولسنا في صدد التفتيش على الناس ولا أن نزعم أن فلاناً من الناس يعطي أو لا يعطي لكن كيف نربي أنفسنا البذل والعطاء إذا كانت الأمور التافهة تصنع شيئاً عظيماً كما قال – صلى الله عليه وآله وسلم – : (( يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك))[4]

لا يعطيه لحماً وإنما يعطيه شيء من المرق لأنه ربما وصل إليه رائحته فكيف توصل شيئاً من هذا الخير إلى غيرك ولا شك أن المسلمين يعانون من الفقر والفاقة والحاجة .

 أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

وبعد :

إن هذا الشهر يطل علينا في كل عام يربي فينا روح الألفة والأخوة وروح الوحدة ذلك من خلال أن هذه الأمة في هذا الشهر الكريم كلها متهيئة لهذه الطاعة وهذه القربة في شهر واحد وزمن واحد وإن تفاوت الوقت لكنه بنفس التحديد من طلوع الفجر إلى غروب الشمس فما هنالك أحد من المسلمين يفطر في نصف النهار أو بعد العصر شهر عند المسلمين أجمعين عند من يكونوا في استراليا أو في أمريكا الشمالية في أي مكان شهر يمر على المسلمين لأن الزمان وإن كان في الجاهلية قد لخبطته وقدمت به وأخرت إلا أنه في زمنه – صلى الله عليه وآله وسلم – استدار وعاد كيوم خلقه الله – عز و جل – قال – صلى الله عليه وآله وسلم – : ((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان))[5]

رمضان – أيها الإخوة – يجب على كل مسلم أن يتهيأ له ولا يدخل في هذه الطاعة إلا وقد تعلم بعد 1433 عاماً نجد من المسلمين من لا يزال يجهل كثيراً من أحكام الصلاة والصوم أو الحج أو غير ذلك حري بالمسلم ألا يدخل في أي طاعة أو قربة إلا ويتعلم أحكامها والله – يا إخوة – إن بعضاً من الشباب ربما يتزوج في شعبان ويبقى يجامع زوجته في نهار رمضان ولقد تعرضت لأسئلة كثيرة لفتيات ولشباب يسألونني هذا بعد أن يخرج رمضان لماذا جهل بالأحكام إن طلبة العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ألا يدخل في أي عبادة أو قربة حتى يتعلم أحكامها – رحم الله الرعيل الأول – لقد كان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يسأل التجار في الأسواق عن بعض الأحكام فمن وجده يجهل ضربة بدرته وأخرجه من السوق لماذا ؟

حتى لا يتعامل بالمعاملة المحرمة هكذا المسلم لا يدخل في الصيام ولا في الحج ولا في غيرها حتى يتعلم الأحكام

إذا أردت أن تدخل في التجارة يجب عليك أن تتعلم أحكام التجارة الشباب قبل البلوغ يجب عليه أن يتعلم أحكام ما بعد البلوغ وهكذا بالنسبة للبنات إذا أراد أن يتزوج عليه أن يتعلم أحكام النكاح ما يحل له وما يحرم ولكن هكذا حياة المسلمين إلا من رحم – يمشون قدماً فإذا وقع بعد في عدة معاصي يأتي بعد ذلك يسأل ويستحي كثير منهم أن يقول : وقع في كذا وفعلت كذا هذا أمر مؤسف – أيها الإخوة – أن يطلق الرجل زوجته والتي تسأل هي زوجة الجيران هو لا يحتاج إلى السؤال ولا يريد أن يسأل أو ربما تأتي زوجته لتسأل زوجي فعل وزوجي قال … الخ لماذا لا يسأل هذا الإنسان ويتعلم ويعرف مثل هذه الأحكام ؟ صحيح أننا لا نطلب من الناس أن يكونوا علماء ولكن على المسلم أن يتعلم ما يطلق عليه أهل العلم ما لا يسع المسلم جهله هنالك علوم لا تسع المسلم أن يجهلها في الصوم في الصلاة في الوضوء في العقيدة …الخ هنالك مقدار معين يجب على كل مسلم أن يعلمه هنالك أشياء جانبية علوم كفائية هذه لها أهلها ولها المتخصصون فيها فعلينا أن نهيأ أنفسنا لهذا الشهر المبارك ونحن – إن شاء الله تعالى – نتطرق إلى شيء من الأحكام التي نحتاجها في الخطبة القادمة هذا إذا بقي جمعة وإذا بقي جمعتان فالأمر فيه متسع إن شاء الله تعالى .

اللهم أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك اللهم أعنا على صيام رمضان وقيامه إيماناً واحتساباً واجعلنا من عتقاء هذا الشهر الكريم من النار .

والحمد لله رب العالمين


[1] – ابن ماجه 1/ 526

[2] – البخاري 2 / 673

[3] – البخاري 5 / 2267

[4] – مسلم 4 /2025

[5] – البخاري 4 /1712

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق