المجتمع المسلم مجتمع نظيف والنظافة ليست ذوقا شخصا بل هي في المجتمع كله وهي عبادة يتقرب بها إلى الله عز وجل فقد جعلها النبي عليه الصلاة والسلام نصف الإيمان…
خطبة بعنوان : الإسلام وعنايته بالنظافة
العناصر:
1- اهتمام الإسلام بالنظافة 2- أنواع النظافة 3- نتائج عدم الاهتمام بالنظافة 4- أسباب انتشار بعض الأمراض.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
عباد الله :
المجتمع المسلم مجتمع نظيف والنظافة ليست ذوقا شخصا بل هي في المجتمع كله وهي عبادة يتقرب بها إلى الله عز وجل فقد جعلها النبي عليه الصلاة والسلام نصف الإيمان قال عليه الصلاة والسلام : ((الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ. وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلآنِ – أَوْ تَمْلأُ – مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالصَّلاَةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا))[1].
لقد اهتم الإسلام بالنظافة أيما اهتمام ومن ذلك نظافة الثوب والبدن والمكان.
قال عليه الصلاة والسلام : ((إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ثم لينثر ومن استجمر فليوتر وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ))[2].
وقال عليه الصلاة والسلام : ((مَنْ نَامَ وَفِى يَدِهِ غَمَرٌ وَلَمْ يَغْسِلْهُ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ ))[3].
وجاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قال : عليه الصلاة والسلام : ((السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ))[4]
ومن وسائل نظافة البدن أنواع من الغسل منها على سبيل المثال ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام : ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل)) [5].
وكذلك يجب عند الاحتلام فعن أم سلمة قالت : جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت: (( يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت ؟
فقال :رسول الله صلى الله عليه و سلم : نعم إذا رأت الماء ))[6]
ومنها غسل الجمعة : قال عليه الصلاة والسلام : ((الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ))[7].
ومنها : الغسل من الحيض:
ومنها : كذلك الحث على سنن الفطرة وهي لون من النظافة العامة فقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام : ((الفطرة خمس أو خمس من الفطرة الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار وقص الشارب)) [8].
واعتنى الإسلام كذلك بنظافة الثياب:
عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ : ((إِحْدَانَا يُصِيبُ ثَوْبَهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ كَيْفَ تَصْنَعُ بِهِ؟
قَالَ : تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ ثُمَّ تَنْضَحُهُ ثُمَّ تُصَلِّى فِيهِ))[9].
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : ((أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَرَأَى رَجُلاً شَعِثًا قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ.
فَقَالَ : أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ . وَرَأَى رَجُلاً آخَرَ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ فَقَالَ : أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ ))[10].
بل إن الإسلام اعتنى بنظافة الباطن فقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام : ((لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ.
قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً؟
قَالَ : إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ ))[11]
وهكذا اهتم الإسلام بنظافة المكان فقد جاء عن سعيد بن المسيب يقول (( إن الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة كريم يحب الكرم جواد يحب الجود فنظفوا أراه قال أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود))[12]
وهكذا في كل مرافق الحياة اهتم الإسلام بالنظافة ومن ذلك اهتمامه بنظافة البيئة فقد أرشد النبي عليه الصلاة والسلام إلى نظافة البيئة فعن أبي ذر رضي الله عنه مرفوعا : ((عُرِضَتْ عَلَىَّ أَعْمَالُ أُمَّتِى حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا فَوَجَدْتُ في مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ وَوَجَدْتُ في مَسَاوِى أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ في الْمَسْجِدِ لاَ تُدْفَنُ))[13].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : ((الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْعَظْمِ عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ ))[14].
أخوة الإسلام:
لقد اهتم الإسلام وبالغ في أمر النظافة أكثر من غيره من الديانات فالنصارى لا يعدون النظافة من الدين بل يعدونها من أعمال الوثنيين.
واعتنى الإسلام بنظافة الغذاء فعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه مرفوعا : ((إذا رميت بسهمك فغاب ثلاث ليال فأدركته فكل ما لم ينتن ))[15].
وعن أبي قتادة : ((إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء وإذا أتى الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه ولا يتمسح بيمينه ))[16].
عن جابر رضي الله عنه قال جاء أبو حميد بقدح من لبن من النقيع فقال له: ((ألا خمرته ولو أن تعرض عليه عودا ))[17]
وارشد إلى غسل اليدين قبل الأكل ففي النسائي عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا : ((كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وإذا أراد أن يأكل غسل يديه ))[18].
أيها الإخوة:
هناك أسبابا لانتشار بعض الأمراض الوبائية مثل : حمى الضنك والتي تنتشر بسبب المياه المخزونة لأغراض الشرب أو السباحة أو مياه الأمطار المحجوزة للزراعة أن المتجمع في الشوارع والطرقات أو الراكدة في البراميل والإطارات وتكون الوقاية منها : بإزالة بؤرة تراكم المياة ووضع شبك ضيق المسام على الأبواب والنوافذ للحماية من لذغات البعوض نهارا واستخدام الناموسيات في حال النوم خارج المنزل وغير ذلك ومن الأمراض الوبائية ما يعرف بأنفلونزا الخنازير وهو مرض معدي ينتشر عبر التنفس ومن أعراضه الحمى والسعال وسيلان مخاطي وآلام مفصلية وعضلية .
أما العلاج فيكون بعزل المصابين و ارتداء اقنعة للتنفس وغسل الأيدي بصفة مستمرة .
أيها الإخوة :
لا يخفاكم أن هذه الأمراض التي انتشرت في أيامنا هذه قد أخبر بها رسولنا عليه الصلاة والسلام بسبب ابتعاد الناس عن الدين معصيتهم لرب العالمين فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خمس خصال يا معشر المهاجرين أن تنزل بكم أعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا إلا فشا فيهم الطاعون و الأوجاع التي لم تكن فشت في أسلافهم و لم ينقصوا المكيال و الميزان إلا أخذوا بالسنين و شدة المؤونة و جور السلطان عليهم و ما منعوا زكاة أموالهم إلا منعوا المطر و لولا البهائم لم يمطروا و لم ينقضوا عهد الله و عهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم فأخذوا بعض ما في أيديهم و ما لم يحكم أئمتهم بكتاب الله و يتخذوا فيما أنزل الله إلا جعل بأسهم بينهم ))[19].
فاتقوا الله عباد الله قال الله تعالى : ((وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ )) سورة البقرة آية (281).
[1] – مسلم 1/140
[2] – البخاري1/72
[3] – سنن أبي داود 3/432
[4] – البخاري 5/25
[5] – البخاري 1/110
[6] – البخاري 1/108
[7] – البخاري1/293
[8] البخاري 5/2209
[9] – البخاري 1/344
[10] – سنن أبي داود 4/90
[11] -مسلم 1/65
[12] – سنن الترمذي 5/111
[13] – مسلم 2/72
[14] – سنن أبي داود 4353
[15] – مسند الإمام أحمد 4/194
[16] – البخاري 1/69
[17] – البخاري 5/2127
[18] – النسائي 1/139
[19] – شعب الإيمان 7/351




اضافة تعليق