فإن سنة التدافع بين الحق والباطل بين الإيمان والكفر بين الخير والشر من سنن الله في هذا الكون وستستمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها والعاقبة للمتقين…
خطبة بعنوان : الإعداد والتدافع
العناصر:
1- الإعداد والتدافع من سنن الله في الكون 2- أسباب قوة الأمة سابقا 3- مظاهر الانهزام في الأمة 4- أهمية الإعداد 5- العلاج.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
فإن سنة التدافع بين الحق والباطل بين الإيمان والكفر بين الخير والشر من سنن الله في هذا الكون وستستمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها والعاقبة للمتقين.
ولقد كانت أمة الإسلام قديما قوية يهابها الأعداء وذلك لأمور:
1- اعتزازها بدينها.
2- لابتاعها منهجها الخاص بها .
3- لصفاء عقيدتها.
4- أخذها بالدين كله.
5- عملها بالسنة بعد التأكد من ثبوتها.
6- بعدها عن البدع.
7- تركها لمداهنة الأعداء.
8- رفض أنصاف الحلول .
9- رفضها لمسك العصا من الوسط.
10- وضوح الولاء والبراء.
ولكن لما تركت الأمة بعض ما ذكرت أصيبت بالانهزام والهوان على أعداء الله.
ولاشك أن مظاهر الانهزام كثيرة:
1- استيلاء الأعداء على أرضي المسلمين.
2- انهاكهم لمقدساتها وحرماتها.
3- أخذها لثرواتها.
4- محاربتهم للدين باسم الارهاب والتطرف وتخفيف منابعهم .
5- وضعهم لمن ينقد مخططاتهم في بلاد المسلمين من أبناء المسلمين.
6- تشجيعهم للتيارات المنحرفة التي تقف ضد السنة وتميع قضايا المسلمين كالتيارات الصوفية والشيعية والعقلانية.
إذا أخوة الإسلام أمام هذا التدافع والتكالب من أعداء الإسلام على الأمة الإسلامية ما هو الحل؟
إن الحل يكمن في الرجوع إلى الدين.
والمقصود بالرجوع هنا (إحياؤه كله لا العمل ببعضه وترك بعضه).
يقول صلى الله عليه وسلم :((إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ))[1].
وقال صلى الله عليه وسلم : ((بعثت بالسيف حتى يعبد الله لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم ))[2].
إن الإعداد هو ثمرة الفهم الصحيح والقصد السليم والصبر الطويل وهو مهمة ورثة الأنبياء.
يقول الله تعالى عز وجل : ((وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ )) سورة الانفال آية (60).
ويجب أن يشمل هذا الإعداد الجوانب التالية:
1- الإعداد العلمي و التفقه في الدين والبصيرة فيه ليكون العمل كله على بصيرة ومنه الجهاد فيفقه المراء لماذا يجاهد وما هي غايته وكيف يجاهد ومن يجاهد ومتى يجاهد؟
2- الإعداد التربوية والسلوكي:
فيتخلق المجاهدون بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم فغاية جهادهم:
ا- لتكون كلمة الله هي العليا.
ب- لا يتطلعون إلى زعامة أوجاه أو منصب.
ج- توثيق الصلة بالله.
د- إخلاص النية والتقرب إلى الله بالطاعات.
ه- التربية الجادة للنفوس بإحياء السلوك الإسلامي وأخلاق السلف الفاضلة والقضاء على رواسب الأخلاق السيئة مما يحتاج إلى جهد كبير وصبر متين ونفس طويل حتى يتم صقل النفوس وتمحيصها.
و- التربية على الانطلاق من خلال الشريعة وقواعدها لا من ردود الأفعال العاجلة والعواطف الملتهبة كما هو الحال في العهد المكي الذي ظهر فيه هذه المعاني بوضوح.
3-الإعداد المالي:
المال عصب الحياة والضعيف في المال على مر العصور مسروق لا يحسب له أي حساب إلا في ظل شرع الله حين يحكم ولا يعني هذا أن نجعل الدعوة شركة تجارية ولكنه ينبغي الاعتماد على الله أولا ثم على الذات في أيجاد موارد ثابتة للدعوة حتى لا بتحكم بها متحكم مما يضمن للدعوة حرية التحرك و اتخاذ القرار دون ضغط من أي جهة كانت.
هذا يقوم بتربية النفس وترويضا على الانفاق وبذل الغالي والنفيس سبيل الله وتخليص النفوس من الشح والحظوظ العاجلة أسوة بالسلف فهذا أبو بكر رضي الله عنه يعتق المستضعفين من الرقيق بماله فنزلت: ((وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18))) سورة الليل الآيات (17-18).
4-الإعداد الإعلامي:
وذلك بالتعريف بالدعوة وأهدافها ومقاصدها ومميزاتها وانتقادها لمن سبقها خصوصا وقد ظهرت دعوات كثيرة في الساحة لقد كان للدعوة في مكة وسائل متعددة منها الخطابة والدعوة الفردية والشعر.
أما في عصر في فقدت تعددت الوسائل من مقروءة ومسموعة ومرئية وخطابة وشعر وكتب وشريط ودعوة فردية …إلخ.
5- الإعداد البدني:
إن الإعداد البدني مهم حدا للجهاد في سبيل الله فإذا كان الأوائل لا يحتاجون لذلك لأنهم كانوا على أهبة وحذر فنحن اليوم قد أخلدنا الأرض لهذا واجب علينا الإعداد فالمؤمن القوى خير وأجب إلى من المؤمن الضعيف.
أخوة الإسلام :
إن من سنن الله الصراع بين الحق والباطل وهذه السنة باقية إلى أن يشاء : ((وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119))) سورة هود الآيات (118-119).
ويحتدم الصراع نتيجة هذا الاختلاف لإقرار الحق أو إقرار البطل قال الله تعالى : ((الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً )) سورة النساء آية (76).
هذا التدافع هو الذي عناه الله يقوله :((لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ))[3].
إن هذه الطائفة تجتمع فيها أسباب النصر المعنوي والمادي التي خلقها الله من علم صحيح وسلوك مستقيم وأخذ بالمقدمات التي جعلها الله وسيلة موصلة إلى النتائج المرجوة و إلا فإن مجرد الالتزام فعقيده أهل السنة دون الأخذ بأسباب التمكين ومقدماته المادية ودون الالتزام بسنن الله الكونية الصارمة لا يضمن النصر ولا يكفل الظهور والتمكن.
قال تعالى : ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ )) سورة النور آية (55).
إن التدافع الذي عناه القرآن ليحقن السلام العالمي بتحقيق العبودية لله قال الله تعالى: ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ )) سورة البقرة آية (193).
إن البشرية دون العبودية لله لا تستطيع أن تسلك قاعدة عليا من الحق لأن لكل معبود من الشركاء قاعدته الخاصة وسبيله المختلف ولا سبيل لتوحيد هذه القاعدة إلا بالتخلص من الشركاء جميعا والاتجاه المنقاد المستسلم لله.
إن الله عز وجل يحذر من هذه الأسباب ومن عبادتها فيقول : ((قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونَنِي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ)) سورة الزمر آية (64).
إن عاقبة الصراع للمؤمنين : ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ)) سورة القصص آية (5).
والله أسأل أن ينصر دينه ويعلي كلمته إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والحمد لله رب العالمين




اضافة تعليق