تابعنا على

إنتاجات الشيخ خطب مفرغة

التوازن في الحياة

الخطبة مسموعة : [audio:00201.mp3]

اقتضت حكمة الله – تعالى – أن تتنوع التخصصات عند الناس حتى تقوم هذه الحياة وحتى تعمر هذه الحياة على الوجه الذي أراده الله – تعالى –…

خطبة بعنوان : التوازن في الحياة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار

التوازن في الحياة

فإن حكمة الله – تعالى – اقتضت أن يقسم – سبحانه – معايش الناس ((أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )) سورة الزخرف آية (32)

واقتضت حكمة الله – تعالى – أن تتنوع التخصصات عند الناس حتى تقوم هذه الحياة وحتى تعمر هذه الحياة على الوجه الذي أراده الله – تعالى – واقتضت حكمة الله – تعالى – تنوع المهن بين الناس فلا يصلح لهذه الحياة أن يكون مثلاً جميع الناس يشتغلون في الزراعة ولا يصلح لهذه الحياة أن يكون جميع الناس يشتغلون في البناء ولا تصلح هذه الحياة أن يكون جميع الناس مهندسون ولا تصلح هذه الحياة إذا كان جميع الناس تجاراً ولا تصلح حياة الناس إذا كان جميع الناس أطباء وصيادلة اقتضت حكمة الله – تعالى – أن تتنوع هذه المهن وأن يأخذ بكل مهنة منها مجموعة من الناس تقوم بها الكفاية فإذا لم تقم الكفاية بمهنة من هذه المهن فإن الأمة قد يصل بها الحال إلى درجة أنها تأثم هكذا اقتضت حكمة الله – تعالى – وإرادته وقضاؤه وقدره أن يكون الناس متنوعين بأخذهم للمهن والصناعات بتنوع ميولاتهم وأفكارهم وتنوع تخصصاتهم وما شاكل ذلك ولا يمكن أن تقوم الحياة إلا بهكذا لا يمكن أن تقوم الحياة ولا يمكن أن يعمرها الإنسان كما أراد الله – تعالى – ما لم يكونوا قد أخذوا بمجامع هذه الوظائف وهذه الأعمال من أجل أن تقوم حضارة إنسانية تعتني بهذا الإنسان وتعتني بهذه الحياة وتعتني كذلك بإقامة الدين وإقامة عبادة الله – تعالى – على الوجه الذي يرتضيه – سبحانه وتعالى – صحيح أن الله خلقنا من أجل عبادته ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ )) سورة الذاريات آية (58) ولكن العبادة أوسع وأشمل مما نفهمه فليست العبادة بإقامة أركان الإسلام فحسب وإنما العبادة تتفرع فتصل إلى جميع هذه المهن بمختلفها وإن كانت هذه العبادة تتفاضل من مهنة إلى أخرى فهنالك من المهن النبيلة والرفيعة والشريفة مهنة الطب على سبيل المثال ومهنة الصيدلة هذه من أرفع أنواع المهن التي يتقرب بها إلى الله – تعالى – وهي من أنواع العبادات ليعلم الغرب وليعلم المتأثرون بالغرب أن الإسلام غير محصور وغير مقصور على أداء العبادات التي تظهر لأفهام الناس وليعلم هؤلاء أن الإسلام حرص على أن تكون كل أفعال الإنسان عبادة وقربة يتقرب بها إلى الله – تعالى – حتى أكله وشربه ومشيه ونومه وكل حركاته وسكناته هي عبادة لله تعالى – ((قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )) سورة الأنعام آية (163)

هذه المهن وإن كان يوجد منها ما هو وضيع في نظر الناس إلا إنهم يفتقرون إليها ويتسبب تعطل هذه المهنة الدنية عند كثير من الناس يتسبب في إنزال الضرر والحرج وفي إنزال الأمراض والأسقام وعلى سبيل المثال كنس الشوارع ورفع القمائم وفتح سدد مجاري المياه وما شاكل ذلك كثير من الناس يرى أن هذه الأعمال ممتهنة لكن تصور نفسك بغير هذه المهنة التي ارتضاها أصحابها وهم مسرورون بها تصور نفسك في بيئة أو مدينة تطفح بمجاري المياه وتطفح بالقمائم المرمية في الشوارع كيف تكون حياتك وكيف تسير وكيف تمشي ؟

هذه مهن وزعها الله – تعالى – على الناس مهنة الطب – أيها الإخوة – من أرفع وأنبل المهن لأنها تتعامل مع هذا الإنسان وتتعامل مع جسده وتتعامل مع أعضائه لذلك فهذه المهنة من أرفع أنواع المهن وأنبلها وأشرفها وأفضلها ولذلك فالإسلام حرص على أن يكون في المسلمين من يتخصص في هذه المهن وحرص كذلك على أن يكون المتخصصون تخصصات غاية في الدقة وألا يجوز لإنسان متطبب ولا لإنسان جاهل ولا لإنسان لا يزال في طور التعلم أن يتعامل مع أعضاء الناس ومع أجسامهم لأن أجسام الناس محترمة ولأن أجسام الناس حرم الله – تعالى – العبث بها وإنزال الضرر بها

الطب يعرفه أهل اللغة بأنه العلم بالشيء

وفي الاصطلاح : هي هذه المهنة الشريفة النبيلة التي تتعامل مع أجسام الناس فتشخص الداء وتضع الدواء

إن هذه المهنة كانت من معجزات سيدنا عيسى – عليه السلام – (( … وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ … )) سورة آل عمران آية ( 49)

وهذا نوع من أنواع الأمراض فكانت من معجزات سيدنا عيسى – عليه السلام – وإنها من نعم الله – تعالى – الظاهرة والباهرة إبراهيم – عليه السلام – لما عدد نعم الله – تعالى – كما في سورة الشعراء قال منها ((وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ )) سورة الشعراء آية (80)

فالحياة والشفاء بيد الله- عز وجل – وإنما الطبيب سبب فإذا وافق السبب إرادة الله – تعالى – شفي المريض بأذن الله – تعالى – وإذا تأخرت إرادة الله فمهما حاول الطبيب أن يطبب هذا الجسم فلن يستطيع أو أنه تخلف التشخيص وكان الدواء ليس لهذا الداء فإنه ينزل الضرر بالتالي على جسم الإنسان هذه القضية – أيها الإخوة – أصبحت مؤرقة خصوصاً في بلدنا لدرجة تنبؤ بالخطر بل قد وصلت إلى درجة الخطر وهذه سمة عامة في بلاد المسلمين إلا ما شاء الله – تعالى – سمة عامة في بلاد المسلمين أن هذه المهنة صارت غير محترمة وغير مراقبة بالتالي من هو هذا الطبيب الذي نحن نأمل في أن يكون وأن يوجد مواصفات الطبيب الذي نريده :

هو أن يكون مؤمناً بالله – تعالى – ونحن نتحدث عن أطباء مسلمون أن يكون خائفاً وجلاً من الله – تعالى – أن يكون كذلك هذا الطبيب قائماً بحقه عارفاً بقدر الله – تعالى – عالماً أوامره ونواهيه مراقباً له في السر والعلن ينبغي أيضاً أن يكون من أهل الحكمة والموعظة الحسنة مبشراً لا منفراً باسماً لا عابساً حليماً لا غضوبا محباً لا كارهاً لا تغلبه ضغينة ولا تفارقه سماحه الطبيب الذي نريده هو وسيلة من الوسائل المؤدية إلى رحمة الله – تعالى – لا إلى عقوبته وانتقامه إلى مغفرته لا إلى عقوبته إلى ستره ى إلى فضحه إلى حبه لا إلى مقته ينبغي أن يكون الطبيب وقوراً ألا يطيش ولو لحق عذب الحديث ولو في فكاهة غضيض الصوت غير منكره سوي الهندام غير شائفه يوحي بالثقة ويبعث على الاحترام مهذباً مع الغني ومع الفقير المهنة الطبية ينبغي أن تكون مترفعة عن كل المعاني فلا تؤثر فيها قرابة ولا يؤثر فيها بغض ولا يؤثر فيها مادة ولا تؤثر فيها حزبية وهكذا يجب أن تكون مهنة الطب سائرة على هذا المنوال بل أؤكد على أنه يجب أن تكون التشريعات والقوانين التي تسن من أجل هذه المهنة أن تبعد هذه المهنة عن كل هذه المعاني التي ذكرناها مما ينبغي على الطبيب أن يعلم أموراً مهمة وأنا إذ أتكلم في هذا الموضوع قد يقال أو يتساءل إنسان فيقول : وما دخلنا نحن في هذا أنت لا تحدث أطباء بل ربما تحدث الغالبية من عامة الناس ذكوراً وإناثاً ولكنني أقول يوجد فيكم أطباء أولاً الشيء الثاني : يوجد فيكم من سيكون طبيباً الشيء الثالث :هذه معلومات مهمة ينبغي أن تكون ملماً بها وعارفاً بها حين إرادتك أن تذهب إلى الطبيب إلى من تذهب وإلى من تسلم جسدك وإلى من تسلم أعضاءك ؟

 هل تسلمها لمن هب ودب هل تسلمها لإنسان لك ارتباطات معه سواء كانت أسرية أو حزبية أو ما شاكل ذلك أم أنك تذهب إلى الطبيب الماهر الحاذق المتخصص مما ينبغي على الطبيب أن الحياة بيد الله – تعالى – ليست بيده لا من قريب ولا من بعيد فهو الذي يمنحها وهو الذي يسلبها مما ينبغي على الطبيب أن يكون قدوة في رعاية صحة نفسه من أجل أن ينفع الدواء وتنفع النصائح فلا يصلح أن يكون الطبيب مخالف لما يؤمر فينهى الناس عن أشياء ويتعاطاها ويؤمر الناس بأشياء وهو لا يؤديها ولذلك جاء في الإسلام أنه لا ضرر ولا ضرار وجاء في الإسلام إن لجسدك عليك حقاً وجاء في الإسلام ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة فالطبيب ينبغي أن يكون قدوة في هذا الجانب ينبغي على الطبيب أيضاً أن يكون صادقاً فيما يكتب ويشهد لأن هذه القضايا تتعلق بها أرواح وتتعلق بها أعراض وتتعلق بها أموال وتتعلق بها عبادات فلا يكتب تقريراً غلطاً يعلم أنه خطأ لأن هذا يترتب عليه أشياء كثيرة امرأة أتت إليه على سبيل المثال حاملاً  من زنا فيكتب تقريراً أنها ليست بحامل جاءته أنها مفوض بكارتها فيكتب أنه غير مفوض بكارتها يأتيه إنسان قد أصيب بمرض نتيجة ضربة ما فقد بصره فيكتب على سبيل المثال بصره صحيح وليس فيه شيء ويكتب هذا التقرير على سبيل المثال سواء كان بتاريخ متقد أو حتى يكتبه في نفس اليوم ولكن يسري العمل به بعد يوم أو يومين أو ثلاث أو يقدم فيما بعد لا يكون قد نطق أو كتب تقريراً بالحق كذلك يتعلق بهذا أشياء كثيرة يعني على سبيل المثال اليوم إنسان فيه مرض معدي والدولة تمنع على سبيل المثال سفر أو دخول إنسان بهذا المرض فيشهد له بأنه خال من هذا المرض سواء كان مسافراً من هذا البلد أو كان وافداً فإن هذا ضرره عام ومن هنا يحرم كتابة مثل هذه التقارير لأن الطبيب هذا يتسبب بانتشار الأمراض في البلد وبالتالي يجب على الطبيب أن يكون صادقاً وأن يكون دقيقاً في تقريراته وفيما يكتبه إنسان على سبيل المثال طبيب يجهل أحكام الشرع فيأتيه إنسان عنده على سبيل المثال مرض طفيف فيقول له : لا تصم شهر رمضان مع العلم أن هذا المرض لا يؤثر فيه الصوم أو يكون فيه قليلاً من الأملاح فينصحه أن يشرب على سبيل المثال من المسكر فيقول : هذه فيها دواء وتنظف المجاري البولية وما شاكل ذلك هذه نصائح ليست من طبيب مؤمن يراقب الله- جل وعلا – يأتيه إنسان لا مانع أن يتوضأ فيقول له : لا تتوضأ يصلح له أن يركع وأن يسجد فيقول له : لا تركع ولا تسجد لمدة عشرين يوم يصلح له أن يغتسل فيقول له : لا تغتسل ينبغي أيضاً على الطبيب أن يكون عنده مقدار من العلوم الشرعية التي تتصل بمهنته وألا يتجاوز هذا القدر فإن كان لا يعلم فليرفع سماعة هاتفه وليتصل بعالم وليسأله عن هذا الحكم أو أن يكل هذا الإنسان إلى العالم هل يفعل كذا أو لا يفعل كذا إن من أكبر الكبائر في شريعتنا قول الزور كما قال – صلى الله عليه وآله وسلم – : (( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا الإشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور ألا وشهادة الزور وقول الزور وكان متكئا فجلس فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت))[1]

أيضاً مما ينبغي على الطبيب أنه إذا علم أن الضرورات تبيح المحظورات فإنه لا يجوز له أن يعالج إنساناً بشيء محرم إلا بقدر ضيق إذا لم يوجد علاج غير خال من هذا وعلى سبيل المثال تلك العلاجات المنبهة والمنومة التي صار ضررها واضحاً صار الإدمان عليها واضحاً وصارت تباع في الصيدليات لمن هب ودب دون رقيب يوجد في المجتمع أناس عالة على أهليهم وعار على أهليهم وإقلاق للمجتمع نتيجة هذه التصرفات اللامسئولة عليه كذلك أن يصل نفسه بالعلم وأن يكون مواكباً دائماً للعلم فيتطور علمه مع تقدم العلم لكن يوجد اليوم في مجتمعاتنا من تخرج في الستينات والسبعينات ولا يزال بنفس العقلية والطب قد تقدم تقدماً كثيراً مبهراً للعقول ولا يزال هذا الإنسان يتعاطى مع علاجات صارت في نظر الطب محرمة ولا تزال أدوية تدخل إلى البلاد في نظر الطب محرمة وتكتشف علاجات ما بين حين وآخر أنها تدخل لا تصلح للاستعمال البشري بل هي سموم وأمراض وأوبئة تدخل إلى المجتمع يتاجر فيها بحياة الناس إذا علم هذا فإن من مقاصد الشريعة رفع الضرر ورفع الضرر لا يتم إلا بمعرفة الطبيب وبمعرفة من يريد أن يتعالج مثل هذه الأمور فلا يسلم روحه ولا يسلم نفسه لمن كان يجهل مثل هذه المعاني – أيها الإخوة – تعلمون أنه لا يوجد اليوم في بلاد العالم المتحضر والمتقدم لا يوجد شيء اسمه طب عام الطب العام هذا مضى زمنه وعفا عليه الزمن اليوم الأطباء في بلاد الغرب يتخصصون التخصصات الدقيقة الطب اليوم في الغرب يحضر ويمنع على الصيدلاني أن يصرف أي نوع من أنواع الأدوية إلا بورقة من الطبيب اليوم الصيدليات في بلاد المسلمين سوبر ماركت تشتري منها ما يشاء وما تريد أين مسئولية هؤلاء الناس الذين تعلموا الطب أي تعلموا الصيدلة ألا يعلم هؤلاء أنهم يتاجرون بأرواح الناس وبأعضاء الناس الطب في الغرب يمنع صرف أي نوع من أنواع الأدوية إلا بورقة من الطبيب وتحفظ هذه الورقة وعلى مسئولية هذا الطبيب لأن هذا الإنسان ربما يساءل في وقت من الأوقات نتيجة تصرفه الخاطئ أما البشر في بلاد المسلمين فإنهم يموتون نتيجة مثل هذه التصرفات الهوجاء اللامسئولة نتيجة للهث وراء المال ووراء الدنيا فيموت أناس كثر ويصاب بأمراض خطيرة أناس كثر من أواخر ما سمعت أن شخصاً من الدعاة إلى الله – تعالى – من علماء هذه الأمة يصرف له علاج خاطئ فيستعمله لمدة فإذا به يصل إلى غرفة الإنعاش فيه مرض في قلبه وهو لا يزال في الأربعينيات من عمره هذا كله نتيجة مثل هذه التصرفات في بلاد المسلمين اليوم العلاجات تصرف بالكيس والطبيب الماهر عند عامة الناس هو الذي يصرف كيساً من الدواء أقول : هذا ليس طبيباً وإنما هذا متطبب لأنه لم يعرف الداء الذي في هذا الإنسان فهو يصرف له هذا من خلال نظره في الأعراض يقول : إن لم ينفع هذا دقوا في هذا وانتهت القضية إلى هنا أبداً الطبيب الحاذق المسئول كما هو الحال في بلاد الغرب لا يمكن أن يصرف حبة دواء حتى يشخص التشخيص الكامل حتى يأخذ جميع الفحوصات إذا علمتم أنه في كثير من المستشفيات وعند كثير من الأطباء أنا أضرب على سبيل المثال لا يضع عينة واحدة للفحص بل يضع ثلاث عينات للفحص ثلاث عينات للبول وثلاث عينات للبراز وثلاث وربما أحياناً أكثر من عينة للدم من أجل أن يتأكد ويتيقن من أنه فعلاً هذا هو التشخيص الصحيح اليوم تصرف علاجات في بلاد المسلمين إلا ما شاء الله – تعالى – فيوجد من الأطباء من هو مسئول صحيح أن الناس في فقر لكن حياتهم أهم من هذا كله وكان الواجب على الدولة أن توفر مثل هذه المعاني خصوصاً في المستشفيات العامة أن تكون المختبرات مفتوحة بالمجان لمن لا يستطيع أن يتعالج في مثل هذه المستشفيات المهم أن تكون هذه المهنة مراقبة ومتابعة ويصرف الدواء حتى يعلم ما المرض وما هو الداء ؟ ولا يصرف من العلاج إلا ما يناسب هذا الداء وما يناسب وضع هذا المريض وما يناسب تحمل هذا المريض ؟ ربما كان هذا الإنسان يحتاج إلى حبتين فقط من الدواء لا يحتاج إلى أكثر من هذا لكن حمله ملأن الكيس وبدلاً من أن يكون مرضاً واحداً صار عنده الآن ثلاثة أمراض راح وعنده قليل حمة ورجع عندنا وفيه القلب وفيه ضغط الدم ارتفع وفيه قرحة في المعدة وما شاكل ذلك لأن هذا انطلق من اللامسئولية لذلك أنا أقول لنفسي ولإخواني أنك لا تبخل على صحتك ولا على نفسك فتذهب إلى الطبيب الماهر لا تذهب إلى النقل العام اذهب إلى صاحب التخصص الذي عنده التخصص الدقيق الذي سيشخص لك الداء وسيصرف لك الدواء بقدر هذا أنت الآن تسترخص هذا الدواء وتأخذ ملآن الكيس فرحان  لكن انظر إلى التبعات وإلى المعاناة بعد ذلك يمكنك أنك كنت تجهد نفسك في العمل وتوفر قليلاً من المال أو تبيع أو تستلف وتأخذ الدواء المناسب وتنتهي لكنك حملت نفسك الآن ما لا تطيق أضيف إلى هذا أمر هام وهو أنه وجد في المجتمع متطببون باسم الطب الشعبي والطب العربي أناس لا دراية لهم إطلاقاً بالطب أناس عاطلون عن العمل عالة على المجتمع فذهبوا ليشتروا كتباً من المكاتب ويقرءونها ويذهبون إلى الأسواق يبحثون عن هذه الأسماء فإما تكون هي وإما تكون غيرها وبالتالي يصرفون علاجات للناس تنزل بهم الضرر الآن الطب – أيها الإخوة – الطب البديل أنا أقول : إنه مقبول ولكنه مقبول من مَن ؟

مقبول من مَن درس هذا الطب بجامعاته وأخذ شهادة حقيقية لا مزورة بأنه فعلاً طبيب تخرج من الأكاديمية الفلانية من الجامعة الفلانية يحق له أن يعالج بالطب البديل بطب الأعشاب الذي يعرف ما هو المقدار الذي يعطيك من هذه المادة ومن تلك المادة أما أنه يغرف له غرفاً فهذا في الحقيقة مسئولية عظيمة على وزارة الصحة وهؤلاء الناس معروفون بعناوينهم ومعروفون بلافتاتهم التي هي موزعة في الشوارع أن توقف هؤلاء الناس عند حدهم لأن الطب الآن صار متقدماً ومتطوراً هذه العلاجات التي يصرفونها باسم الطب البديل أو الطب العربي فيها أيضاً من الأضرار التي تنزل الضرر بالجسم الطب الحديث قد امتص وأخذ مثل هذه الأضرار وأنزلها إلى درجة أدنى من الضرر لا أقول أنه لا يوجد في أي علاج ضرر حتى في الأسبرين ربما يكون فيه نوع من أنواع الضرر ولكنه أخف ما يكون فهؤلاء في الحقيقة يتاجرون بأرواح الناس بل – سبحان الله – هؤلاء الناس على مرأى ومسمع من المسئولين ومن وزارة الصحة وهذه مسئوليتها أصبحوا يعلنون عن أنفسهم أنهم يعالجون كثيراً من الأمراض وهم غير مؤهلين يعالجون ضغط الدم ويعالجون السكر ويعالجون الأمراض المستعصية التي لم يستطع لها الطب – سبحان الله – الطب بتقدمه وحداثته لم يصل إلى ما وصل إليه هؤلاء الناس الذين ربما الواحد منهم لا يحسن كتابه اسمه لكنها الانتهاز وأخذ أموال الناس بالباطل ربما يصرف له قليلاً من الدواء والله لا ندري ما هي هذه المادة ما ندري من أي شجرة أخذها وهلم جر يعني هذه الشوارع اخرج إليها وانظر إلى الإعلانات توصلك مباشرة إلى هؤلاء الناس الذين يتاجرون بأرواح الناس .

أيها الإخوة :

مسئولية الدولة في متابعة هؤلاء مسئولية وزارة الصحة في متابعة هؤلاء مسئولية عظيمة مسئوليتنا نحن أيضاً على أرواحنا وأجسامنا وأجسام أبنائنا وذوينا كذلك مسئولية عظيمة علينا ألا نسلمها إلا لمن هو حاذق وطبيب ماهر تشهد له أرقى الجامعات بأنه فعلاً متخصص وهنالك تخصصات على كل حال صارت اليوم موجودة في بلادنا ولله الحمد – تخصصات دقيقة سواء كان في العيون وفي الأنف والأذن والحنجرة في الباطنية في القلب في الكلى في المسالك البولية على مستوى دكتوراه أو أستاذ دكتور موجود كذلك هؤلاء الناس هم الذين يمكن أن يعتمد عليهم بعد الله – تعالى – أما قلنا النقل العام هذا ينبغي أن يقفل ملفه لأن هؤلاء في الحقيقة إلا ما شاء الله – تعالى – قد وقفوا عند مرحلة معينة غير مواكبين للطب وتقدمه فتجده في العيون يصرف علاج في الأذن يصرف علاج في العظام يصرف علاج في الكلى يصرف علاج يجب عليه أن يكون أميناً فإذا جاءه إنسان في غير تخصصه يقول له : لا اذهب إلى الطبيب الفلاني لا أن يقول : تعال المهم هات الفلوس المال – أيها الإخوة – يجب أن يصرف في موضعه الصحيح . أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية :

 الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى

وبعد :

فإن الطب كما قلنا من أفضل وأرفع وأنبل المهن وبالتالي فإن الإسلام سبق في وضع التشريعات العادلة في هذا الجانب

فالطب قبل الإسلام كان مرتبطاً بالشعوذة والدجل فكان عند اليونانيين مثلاً المرض مرتبط بالجن يزعمون أن الجني هذا سيطر على هذا البدن فأفسده فإذا شفي طرد الجني وإذا مات قالوا : قتله وتغلب عليه الجني أيضاً عند الفراعنة الطب كان عندهم مرتبطاً بالكتاب المقدس فالطبيب لا يخرج عن هذا الكتاب المقدس فإذا خالف تنزل فيه العقوبة الطب أيضاً ربما عند الهند وما شاكل ذلك كان مربوطاً كذلك بالشعوذة والطب عند اليونان وعند الهند قبل الإسلام يسمى طب قياسي وهذا لا ينفع هذا نفع من وجع الرأس إذا ينفع من وجع الرجل ما ينفع هذا الكلام الطب عند العرب كان طباً تجريبياً أمر مجرب يجرب على هذا ويجرب على هذا وهذا هو المعمول به الآن في دول الغرب أنه لابد من تجريب الدواء قبل إنزاله للناس فإذا ثبتت جدارته أنزل ورخص وإلا فلا جاء الإسلام ليضع الأسس قبل غيره فقال – صلى الله عليه وآله وسلم – ((من تطبب ولم يعرف منه طب فهو ضامن))[2] وقال – صلى الله عليه وآله وسلم – : ((لا ضرر ولا ضرار))[3]

وتكلم علماء الإسلام على حرمة الامتهان للطب ما لم يكن هذا الإنسان متعلماً حرم فقهاء الإسلام هذا وقالوا : إنه يحرم عليه أن يشتغل بهذه المهنة وألزموه بالغرامة إذا أنزل أي نوع من أنواع الضرر على هذا الإنسان هذا الضرر ألخصه – أيها الإخوة – بعده أنواع منها على سبيل المثال أن يؤدي إلى الوفاة هذا الإنسان إذا كان غير متخصص في هذا العمل وأدى إلى وفاة الإنسان فإنه يلزم بدية الخطأ ودية الخطأ بعد هذا هل هي على أهله هل من ماله أو من بيت المال ؟ هذه مسألة لا تناقش في هذا الوقت المهم أنه ملزم إذا أدى كذلك إلى إنزال الضرر بعضو من أعضائه فإنه كذلك إذا كان غير متخصص وفرط فإنه في هذه الحال لكن هنالك حالة لا يغرم فيها الطبيب وهذا قول راجح عن كثير من علماء الإسلام وهو في حال ما إذا كان هذا الطبيب حاذقاً متخصصاً عمل كل الاحتياطات وهنالك أحياناً الطب يقولون : في حالات نادرة لا تظهر لا بالتشخيص ولا تظهر أيضاً من خلال الفحوصات ولا شيء من هذا يعني على سبيل المثال يذكرون أن هنالك حالات أندر من النادر أنه بعد عمل العملية للمريض تحدث عند قليل من الناس ربما بعشرات الملايين تحدث حالات محددة تحدث لهم ما يطلقون عليه بالجلطة الدهنية هذه لا يمكن أن تعرف لا بفحوصات مقدمة ولا شيء فعمل له عملية فأدى إلى موته هنا بأي شيء يلزم الطبيب هذا يمكن أن تكون هناك نقابات للأطباء أو تلتزم أيضاً بيت المال أو المالية في البلد المسلم لتسديد مثل هذا العمل وإلا لو قلنا كل شيء على الطبيب لترك الناس الطب طالما وهو لم يفرط أحياناً تأتي للطبيب حالات صدام وإنسان ما بين الحياة والموت فيقول لهم : أنا ما يلزمني هذا ولا أعمل أي عمل لابد أهله يأتون يبصمون لابد هو يبصم أم لابد أن يدخله ويجهد نفسه من أجل إنقاذه فأنقذ حياته فأدى إلى وفاته قالوا : أنت المتسبب كيف يكون متسبباً من أجهد نفسه من أجل إنقاذ هذه الروح وعمل كل ما بوسعه من إنقاذ حياة هذا الإنسان فهنالك حالات على كل حال تحتاج إلى ما يسمى بكتابه شيء من الأحكام هذه الأحكام ينبغي أن يعمل بها في المحاكم وأن تتبناها وزارة الصحة والمحاكم الشرعية من أجل أن يكون الطبيب مؤدياً لعمله وهو مرتاح هنالك أحياناً بعض العلاجات التي تصرف كما قلنا من دون مسئولية هذا يجب على الطبيب أن يغرم أين الفحوصات أنا حينما يأتيني إنسان مريض يشكو في المحكمة أو في وزارة الصحة على إنسان يجب على الطبيب أن يأخذ احتياطاته والتقنيات الآن من فضل الله – تعالى – ويسيرة لماذا لا يكون عند الطبيب ملف في جهاز الكمبيوتر لكل مريض ؟

 ولماذا لا يكون عند المريض ملف هذا فحص كذا وهذا فحص كذا ؟ وبناء على هذا كتبت له العلاج يشهد الأطباء بأن هذه الإجراءات صحيحة يعني أنه ليس عليه شيء أما إنه جاء وهو عنده مرض في قلبه وهو يشتكي من معدته صرف له خطط له قلبه وأفسد عليه حياته نقول هذا طبيب ونحن أيش نفعل يجب أن يتحرى لأن هنالك علاجات يمنع استخدامها لمرضى القلب ومرضى السكر ومن عنده قصور كلوي وما شاكل ذلك هذه المعاني يجب أن تكون معلومة عند كل إنسان بل الطبيب يجب أن يكون عنده مثل هذه المعلومات ويجب عليه أن يمشي مع المريض خطوة خطوة حتى لا يتحمل المسئولية ليس مسئولية الدنيا فحسب بل المسئولية العظيمة بين يدي الله – تعالى – وهذا إذا وجد هذا المعنى في نفس الطبيب فإن ما بعد ذلك يهون بأذن الله – تعالى .

اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة وأن يشفينا وجميع مرضى المسلمين .

والحمد لله رب العالمين .


[1] – صحيح الترغيب والترهيب 2/ 282

[2] – المستدرك 4/236

[3] – مختصر إرواء الغليل 1/172

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق