تابعنا على

إنتاجات الشيخ خطب مفرغة

الإيجابية والسلبية في حياة المسلم

الإيجابيات والسلبياتالناس في هذه الحياة يعيشون بين السلب والإيجاب وهما كلمتان شاع استعمالهما عند الناس في مجالات شتى…

خطبة بعنوان : الإيجابية والسلبية في حياة المسلم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار

يا فاطر الخلق البديع وكافلاً                    رزق الجميع سحاب جودك هاطل .

يا مسبغ البر الجزيل ومسبل ال                 ستر الجميل عميم طولك طائل .

يا عالم السر الخفي ومنجز ال                  وعد الوفي قضاء حكمك عادل .

عظمت صفاتك يا عظيم فجل أن            يحصي الثناء عليك فيها قائل .

الذنب أنت له بمنك غافر                     ولتوبة العاصي بحلمك قابل .

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى زرع الصفات في عباده فمنهم الفطن الذكي والمحسن الزكي ومنهم الجاهل الذي يكون كلاً على غيره لا يستطيع حيلة ولا يهتدي سبيلاً ربنا جل وعلا – الذي أنعم على عباده نعماً كثيرة لا يستطيع أحد حصرها ولا حد لها فهي متجددة بتجدد الزمان والمكان ((وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا..)) سورة إبراهيم آية ( 34)

قل للصحيح يموت لا من علة                      من بالمنايا يا صحيح دهاك .

قل للجنين يعيش معزولاً بلا                        راع ومرعى ما الذي يرعاك .

قل للوليد بكى وأجهش بالبكاء                    عند الولادة ما الذي أبكاك .

وإذا ترى الثعبان ينفث سمه                        فأسأله من ذا بالسموم حشاك .

واسأله كيف تعيش يا ثعبان أو                     تحيا وهذا السم يملأ فاك .

واسأل بطون النحل كيف تقاطرت                  شهداً وقل للشهد من حلاك .

بل سائل اللبن المصفى كان بين                       دم وفرث من الذي صفاك .

وإذا رأيت الحي يخرج من ثنايا                       ميت فاسأله من أحياك .

قل للهواء تحسه الأيدي ويخفى                       عن عيون الناس من أخفاك .

وإذا رأيت البدر يسري ناشراً                        أنواره فاسأله من أسراك .

وإذا رأيت النخل مشقوق النوى                      فاسأله من يا نخل شق نواك .

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفوته من خلقه وخليله أشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين من ربه .

إمام المرسلين فداك روحي                           ورواح الأئمة والدعاة .

رسول العالمين فداك عرضي                         وأعراض الأحبة والتقاة .

ويا علم الهدى يفديك عمري                         ومالي يا نبي المكرمات .

ويا تاج التقى تفديك نفسي                           ونفس أولي الرئاسة والولاة .

فداك الكون يا عطر السجايا                          فما للناس دونك من زكاة .

فأنت قداسة إما استحلت                            فذاك الموت من قبل الممات .

ولو جحد البرية منك قولاً                              لكبوا في الجحيم مع العصاة .

وعرضك عرضنا ورؤاك فينا                          بمنزلة الشهادة والصلاة .

رفعت منازلاً وشرحت صدراً                        ودينك ظاهر رغم العداة

وذكرك يا رسول الله زاد                               تضاء به أسارير الحياة .

وغرسك مثمر في كل صقع                            وهديك مشرق في كل ذات .

وما لجنان عدن من طريق                              بغير هداك يا علم الهداة .

اللهم صل وسلم وبارك عليك وعلى آلك الطيبين وعلى صحابتك الغر الميامين .

هذا النبي الكريم الذي علمنا الصفات والسجايا والأخلاق الحميدة هذا النبي الكريم الذي ما من خير إلا ودلنا عليه وما من شر إلا وحذرنا منه .

ولد الهدى فالكائنات ضياء                     وفم الزمان تبسم وسناء .

الروح والملأ الملائك حوله                         للدين والدنيا به بشراء .

العرش يزهو والحضيرة تزدهي                    والمنتهى والسدرة العصماء .

والوحي يقطر سلسلا من سلسل                 واللوح والقلم البديع رواء .

يا خير من جاء الوجود تحية                     من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا .

بك بشر الله السماء فزينت                      وتضوعت مسكاً بك الغبراء .

أيها الكرماء :

الناس في هذه الحياة يعيشون بين السلب والإيجاب وهما كلمتان شاع استعمالهما عند الناس في مجالات شتى الإيجابية في الناس هي حالة تجعل صاحبها مهموماً بأمر ما ويرى أنه مسئول عنه تجاه الآخرين ولا يألوا جهداً في العمل له والسعي من أجله والإيجابية تحمل معاني التجاوب والتفاعل والعطاء فالشخص الإيجابي هو الفرد الحي المتحرك المتفاعل في الوسط الذي يعيش فيه والسلبية تحمل معاني التقوقع والانزواء والانغلاق والانطواء والكسل والأنانية وحب الذات الشخص السلبي هو الذي يدور حول نفسه لا تتجاوز اهتماماته نفسه ولا يمد يده للآخرين ولا يخطو إلى الأمام هنالك بالمقابل مجتمعات سلبية وهذه المجتمعات هي التي يعيش كل فرد منها لنفسه ولذاته لا يتحرك من أجل الآخرين ولا يألم لألم الآخرين ولا يسعى لإسعاد الآخرين لكنه منطوي حول نفسه ويدور حول نفسه الله تعالى ضرب مثلاً لمن عقله في القرآن الكريم لهاتين الخلقين خلق عظيم تشرأب له الأعناق يود كل صاحب عقل وصاحب فكر أن يكون حاملاً لهذا الخلق وخلق آخر سيء أصحاب العقول والحجا والفهم والدراية يربئون بأنفسهم أن يوصموا به كما أن الإنسان من حيث هو يأنف أن يطلق عليه جاهل وإن كان يجهل كذلك هذا الخلق السيئ وهو السلبية في الحياة يقول ربنا جل وعلا – : ((وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهُّ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )) سورة النحل آية (76)

سمى الله تعالى السلبية بالكل والكلل الإنسان الكل الذي هو يحمله غيره ويسعى لشئونه غيره وهو لا يستطيع حيلة ولا يهتدي سبيلاً يرى كل شيء حوله سلبي كل شيء أسود مظلم يرى أنه لا حل لأي مشكلة من المشكلات بعكس الآخر الذي يمشي ويتعامل مع الحياة بعدل وهو على صراط مستقيم الإنسان الكل عبء على المجتمع لأن النضرة عنده تشاؤمية وهي الغالبة في حياته لا يتفاءل إلا نادراً هذه الشخصية شخصية ضعيفة في كل مجالات الحياة لا يرى للنجاح معنى ولا يؤمن بأن مسيرة الألف كيلو تبدأ من خطوة واحدة ليس عنده حتى الهم أن يخطو حتى هذه الخطوة الواحدة ولهذا لا يتقدم ولا يتحرك ولا يحرك ساكناً ولا يتفاعل مع حوله هذه الشخصية مملوءة بالحجج الواهية التي يتحجج بها لكله ولكسله وعدم تفاعله مع القضايا التي حوله من أجل أن يعمل ومن أجل أن يخطو ومن أجل أن يتقدم هذا الصنف من الناس دائم الشكوى والاعتراض والعتاب والنقد نقده دائماً هادم وجارح ولهذا جعل الله تعالى – من يقابله ومن يشاكله أنه يأمر بالعدل فهو دائماً يتعامل مع كل قضية بعدل وهو على هدى وهو على صراط مستقيم تلك الشخصية شخصية متفائلة شخصية منتجة وعاملة شخصية عندها قدرة على مد الجسور للآخرين عندها القدرة على التعامل مع كل مستجد مع كل معضلة يرى أن كل قضية لها حل لكن هذا الحل لا يحسنه و لا يتقنه إلا من أعمل فكره إلا من تحرك إلا من كان إيجابياً في هذه الحياة هنالك بعض الناس حتى في حياته هو كل غير قادر على أن يعمل وعلى أن يثمر وينتج ولهذا وجدت في كثير من المجتمعات وللأسف أقول في المجتمعات المسلمة ربما تكون أكثر لذلك وجدت هذه الطبقة تنتشر وتكثر حتى صارت ظاهرة سلبية مؤرقة في المجتمع المسلم لا تعمل ولا تثمر ولا تؤثر هذه الفئة من الناس دائماً تعول في مصالحها على غيرها والإسلام لم يأت من أجل أن ينشأ أو يبارك أو يكثر هذه الفئة التي لا تعمل أو حتى التي تعمل على حساب الآخرين على حساب إتقان الآخرين على حساب خيرات الآخرين هذه فئة لا يمكن أن تكون منتجة في يوم ما ولا يمكن أن يكون لها بصمة في الحياة في يوم ما ولذلك في الأمثلة الصينية يقولون : علمه كيف يصطاد لا تعلمه كيف يأكل كيف يستثمر كيف يكون فاعلاً كيف يكون عاملاً لا يمد يده إلى الآخرين ولا يتكل على الآخرين حتى من صار عاجزاً فهنالك مؤسسات ومنظمات في كثير من بلدان العالم تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة الذين لا يجوز أن يكونوا كلاً على المجتمع ولا يجوز أن يعيشوا عيشة مهينة كان كثير من ذوي الاحتياجات الخاصة أهلهم يرمون بهم في الشوارع ليتسولوا عالة على غيرهم أبداً

هذا عبد الله بن أم مكتوم كان فاعلاً في زمن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – وكان عاملاً وكان له تواجد في الحياة

ذلك الأعرج الذي قال : إني أرجو الله أن أطأ بعرجتي هذه الجنة أريد أن أعمل وأن أمون عاملاً لا يزاحمني الأصحاء في الأعمال التي تخدم المجتمع وتخدم الدين .

السلبية آفة خطرة في المجتمع – أيها الكرام _ يجب على كل فرد منا أن يخرج نفسه من هذا الطوق وأن يخرج من حوله أيضاً وأن يعلم الناس كيف يكونوا إيجابيين .

السلبية آفة خطرة تنخر في جسم المجتمع بينما الإيجابية أقوى وسيلة لنهضة أي مجتمع من المجتمعات ولا تنهض أي أمة إلا بالإيجابية إلا بالخطوات الأولى نحو الإيجابية المسلم الإيجابي حينما تعرض له مشكلة يفكر في الحل فهو يرى أن كل مشكلة لها حل المسلم يفكر دائماً بالحلول لا يرتجي من الآخرين وإن كان يجوز له أن يستشير الآخرين السلبي يفكر أن المشكلة لا حل لها بل يرى أن التفكير في الحل مشكلة في حد ذاته

المسلم الإيجابي يرى في العمل والجد أملاً والسلبي يرى في العمل ألماً المسلم الإيجابي يصنع الأحداث والسلبي تصنعه الأحداث المسلم الإيجابي ينظر للمستقبل والسلبي يخاف من المستقبل المسلم الإيجابي يزيد في هذه الدنيا والسلبي زائد عليها

يروى أن أحد القادة كان معه جند وكانت المدينة التي يريد أن يقتحمها محاصرة ومحصنة ولم يرى إلا مدخلاً واحداً ذلك المدخل تتسرب منه القاذورات والنجاسات فوقف هذا الرجل ينادي في الجند من يدخل في هذه الفتحة ويزيح تلك الصخرة التي تحبس هذا المدخل وليكن هذا العمل مبكراً حينما يكون الناس في هجعة النوم فغطى رجل وجهه وقال : أنا يا أمير الجند وفعلاً فتح ذلك الباب ودخل المسلمون من تلك الفتحة ودخلوا تلك المدينة

القرآن أنموذج واضح للإيجابية قصة مؤمن القرية قال الله – تعالى : ((وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ)) سورة ياسين الآيات ( 20- 21)

هذا الرجل لم يمنعه بعد المكان أن يأتي ليبلغ الداعية وأن يكون إيجابياً وسبباً فمن شاء الله أن يدخل في دين الإسلام لم يكتف بوجود ثلاثة من الرسل ويقول : أنا لا دخل لي ولا شأن لي فلست مرسلاً ولست نبياً بل إنه شارك وعرف أنه بعد أن آمن وجب عليه أن يكون فاعلاً وأن يتحرك لدعوة الناس هذا مثال للإيجابية عند هذا الرجل الذي تحرك بإيجابية وأراد من الناس أن يسلكوا نفس السبيل هذا الرجل يعرف أن هذا الطريق شاق وأنه محفوف بالمكارة لذلك قتل هذا الرجل وبشرته الملائكة بالجنة هذا الرجل صار قدوة للمتفائلين قدوة لكل إيجابي في هذه الحياة هكذا أيضاً تلك النملة التي حينما علمت الخطر على قومها لم تقل أنا ما لي دخل في غيري أنقذ نفسي وانتهى الأمر لكنها قامت منادية لما قرب سليمان وجنوده قال تعالى : ((حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ )) سورة النمل الآيات ( 18- 19)

هذه نملة قامت لتنذر قومها ليحتموا بالهروب حتى لا يحكنهم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون فهل الآدميون اقل قدراً من هذه النملة في أن يسعوا للخير والإيجابية لا شك أن الإنسان مكرم على سائر المخلوقات لذلك يجب على المسلمين أن يعيشوا بإيجابية لو رجعتم قليلاً إلى الوراء في زمن الآباء والأجداد كانت القرية تعيش وكأنها بيت واحد يأمرون جميعاً بالمعروف ويتناهون عن المنكر يؤدبون الأبناء كأنهم أبناءهم يرفعون الضرر لأنه ينزل الضرر بهم وكانوا لحمة واحدة وبناءً واحداً وجداراً واحداً لا يسمحون لمن يريد أن يهدد ذلك النسيج وذلك البناء ذلك لأنهم كانوا في غاية من الإيجابية ولأنهم كانوا يعملون وكانوا يستثمرون ما عندهم من القدرات ومن الطاقات فكانوا يأكلون مما يزرعون ويربون من الحيوان أما اليوم فقد أصبح كثير من الناس كل لو أن دولة مصدرة للحبوب على سبيل المثال أو الحيوان امتنعت عن تصدير ما يحتاجه هذا البلد أو ذاك لأصبح الناس في مجاعة والناس اليوم يشعرون بهذا لأنهم في الحقيقة خرجوا عن طور الإيجابية إلى السلبية وإلي الكل وإن كان كثير منهم يعمل لكن العمل ليس عمل الفرد وليس عمل المجموعة ما ولكن العمل عمل متكامل بحيث يتكامل حاجة الناس من خلال هذه الأعمال المتنوعة فلو أنه على سبيل المثال أهل مهنة ما لم يعودوا يعملوا ذلك العمل لعاد الضرر بالتالي على المجتمع بأسره فنسأل الله – تعالى – أن يجعلنا جميعاً إيجابيين في هذه الحياة أقول قولي وأستغفر الله .

الخطبة الثانية :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه :

وبعد :

أيها الإخوة :

ضرب الله تعالى لنا أيضاً مثلاً للإيجابية في هدد سليمان هذا الطير الذي كانت عنده غيرة على دين الله تعالى – حينما قام سليمان – عليه السلام – وهو قمة في الإيجابية يتفقد الجند واحداً واحداً وحينما تفقد الطير وجد أن الهدد غير موجود ثم توعده بالعذاب لأنه تمرد في ظنه ولأنه لم يحضر ذلك الاجتماع الذي يفترض أن يكون من أول الحاضرين لماذا لا يكون إيجابياً قال : لأعذبنه عذاباً شديداً أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين يا ترى أين ذهب هذا الهدد ؟ هذا الهدد طار مكاناً بعيداً طار إلى سبأ وهو يتفكر فيما يصنع هؤلاء الناس وللأسف وجدهم يعبدون من دون الله الشمس المخلوقة ولما عاد أبلغ سليمان بالخبر فكتب معه كتاباً إلى بلقيس وأمرها أن تدخل في دين الله تعالى – وخاطبها بالحجج وأمر بأن يؤتى بعرشها حيث جاءه به ذلك الرجل المؤمن الذي عنده علم من الله – تعالى – جاءه بعرشها قبل أن تصل إليه وحينما وصلت إليه ورأت ما رأت آمنت ومعها قومها ودخلوا في دين الله – تعالى – فأي إيجابية بعد هذه الإيجابية أن يتسبب طير في إيمان شعب بأكمله

الإيجابية – أيها الإخوة – كانت هي الطبع السائد في حياة النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – فلقد كان المجتمع كله متفاعلاً خاصة مع القضايا العامة ذلك لأن الإعلام النبوي إن صح التعبير وإن لم يكن له نفس القنوات التي بين أيدينا اليوم لكن الإعلام بحدوده الضيقة كان له دور في صناعة الإيجابية في حياة الناس فما كنت تجد فقيراً ولا مريضاً دون أن يلتف الناس من حوله وما وجدت إنساناً يحتاج إلى أمر ما فيشيح الناس وجوههم عنه كان صلى الله عليه وآله وسلم – والقصة كما تعرفون في الصحيحين حينما جاءه أناس من البحرين مجتابي النمار عليهم الفاقة والفقر فتغير وجه النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – وقال : من يتصدق على هؤلاء تصدق رجل ببره بديناره بثوبه فتلكأ الناس حتى قام رجل فدخل إلى بيته فأتى بصرة كادت يداه أن تعجز عن حمله بل قد عجزت فتهلل وجه – صلى الله عليه وآله وسلم  – كأنه قطعة قمر وتوالى الناس يأتون بالطعام والخبز ويأتون بالمال والتمر ويأتون بالملابس حتى تجمع خيراً كثيراً أليست هذه إيجابية في ذلك المجتمع ألم يكن الصغير والكبير متفاعل مع النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – حينما يداهم العدو بلاد المسلمين ألم يعرض عبد الله بن عمر نفسه في غزوة بدر وكان دون سن البلوغ فرده النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – ألم يشارك الطفلان الصغيران في غزوة بدر وجاءا إلى النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – يرفعان سيفيهما ويقولان : أنا قتل أبا جهل فيقول : كلاكما قتله أليست هذه إيجابية – أيها الكرام ؟ بلى والله إنها غاية في الإيجابية كان النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – يشفع في زواج الشباب والفتيات وكان يضرب الأمثلة في كل مجال من مجالات الحياة كل هذا يعلمهم كيف يكونوا إيجابيين في حياتهم .

فاسأل الله تعالى – أن يرزقنا الإيجابية في هذه الحياة ابتداءً بأنفسنا وتثنية بمن حولنا من أبنائنا وبناتنا ثم بمن نعول ثم بالمجتمع كله إنه ولي ذلك والقادر عليه .

والحمد لله رب العالمين .

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق