الخطبة مسموعة : [audio:00211.mp3]
فإن من علامات قرب القيامة كثرة الفتن والزلازل والمحن والقتل بين الناس وها نحن نسمع ما يبن حين وآخر حدوث البراكين والزلازل والفيضانات.
خسوف الشمس
العناصر:
1- الحكم الشرعية من الخسوف و الكسوف2- آثار الذنوب على الفرد 3- آثار الذنوب على المجتمع 4- انتشار المنكرات اليوم 5- قصة حادثة الشمس في عهد النبي عليه الصلاة والسلام 6-آثار ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 7- أحكام صلاة الكسوف.
((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنْ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2))) سورة سبأ الآيات (1-2).
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير .
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل الجد والتشمير وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
عباد الله:
فإن من علامات قرب القيامة كثرة الفتن والزلازل والمحن والقتل بين الناس وها نحن نسمع ما يبن حين وآخر حدوث البراكين والزلازل والفيضانات.
في عام 2004م حدث تسونامي في شرق آسيا وخلف 155 ألف قتيلا وقبل يومين زلزال هايتي الذي خلف (100 ) ألف قتيل وحوالي 4 مليون مشرد.
ويحدث اليوم خسوف الشمس إنها آية من آيات الله عز وجل قال الله تعالى: ((وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)) سورة فصلت آية (37).
في هذا اليوم صلى عدد غير قليل من المسلمين في عدد غير قليل من المساجد ومن فاته ذلك فقد حرم الأجر العظيم وربما عدد غير قليل لم يعلموا بأن الشمس خسفت إن هذا الحدث الكوني خسوف القمر أو كسوف الشمس له أسباب طبيعية يقر بها المؤمنون والكافرون وأسباب شرعية يؤمن بها المؤمنون وينكرها الكافرون ويتهاون بها ضعفاء الإيمان من المسلمين ولا يقيمون لها وزنا .
وفي مثل هذه الحوادث يتميز المسلم عن الكافر فالمسلم يفزع إلى الصلاة والذكر والدعاء والاستغفار والصدقة والعتق.
أيها المسلمون نحن نؤمن ونقر بأسباب هذه الحوادث أن لها أسبابا طبيعية يعرفها العلماء ويرصدونها بالساعة والدقيقة.
كما نقر بأن لها أسبابا شرعية وهي المهمة وأنها ابتلاءات يخوف الله بها عباده من عاقبة ما يفعلون وعن جرم ما يرتكبون جعلها الله أسبابا لنستيقظ من غفلتنا ولنحاسب أنفسنا ونلتفت إلى واقعنا فنحدث توبة إلى الله.
إن ذهاب نور الشمس والقمر ما هو إلا إنذار وتذكير للعباد ليقوموا بما يجب عليهم ونحن نرى ونسمع الكثير عن الجرائم والآثام التي ترتكب في الآونة المتأخرة ولذلك كان الكسوف والخسوف أكثر، أما في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تخسف الشمس إلا مرة واحدة.
لقد أنغمس الناس في الشهوات الدنيوية ونسوا أهوال الآخرة وأقبلوا على الأمور المادية وأعرضوا عن أمور الآخرة .
أيها الإخوة الكرام :
إن لهذه الحوادث ارتباطا مباشرا بأعمال بني آدم وذنوبهم ومن شؤمها على العبد أنه يهون على ربه قال تعالى :((… وَمَنْ يُهِنْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ)) سورة الحج آية (18).
قال الحسن البصري رحمه الله تعالى : (( هانوا على الله فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم )) بسبب الذنوب والمعاصي يكون الهم والحزن ويكون العجز والكسل وبالمعصية تزول النعم وتحل النقم .
أما شؤم الذنوب والمخالفات على الدول والمجتمعات فأمر عظيم فكم أهلكت من أمة وكم دمرت من شعوب قال الله تعالى : ((وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ)) سورة الأنبياء (11).
وقال سبحانه : ((كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمْ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ (29))) سورة الدخان الآيات (25-29).
وقال الله عز وجل: ((وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59))) سورة القصص الآيات (58-59).
وعن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال : ((لما فتحت مدائن قبرص وقع الناس يقتسمون السبي ويفرقون بينهم ويبكي بعضهم على بعض فتنحى أبو الدرداء ثم احتبى بحمائل سيفه فجعل يبكي فأتاه جبير بن نفير فقال : ما يبكيك يا أبا الدرداء ؟ أتبكي في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله ؟ وأذل فيه الكفر وأهله فضرب على منكبيه ثم قال : ثكلتك أمك يا جبير بن نفير ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره بينا هي أمة قاهرة ظاهرة على الناس لهم الملك حتى تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى وإنه إذا سلط السباء على قوم فقد خرجوا من عين الله ليس لله بهم حاجة))[1].
اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله ألا أنت الحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد أن تعزنا بطاعتك ولا تذلنا بمعصيتك ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد ألا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحابته وإخوانه أما بعد:
أيها المسلمون ، لقد فشا الزنا وظهر الربا وشربت الخمور والمسكرات وأدمنت المخدرات وارتفعت أصوات المعازف والمزامير والمحرمة في كل مكان ثم إنك لتسمع شهادات باطلة وإيمانا فاجرة وخصومات ظالمة وبعد هذا كله نستغرب إذا خسف القمر أو انكسفت الشمس
قال الله تعالى : ((فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )) سورة العنكبوت آية (40).
إنها الحقيقة الصارخة : فكلا أخذنا بذنبه تلكم الذنوب وتلكم عواقبها وما هي من الظالمين من أمثالنا ببعيد.
عباد الله، إنها لا تفسد الأحوال ولا تضطرب الأوضاع ولا تضيع الأمة إلا حين يهد جدار الحصن الحصين والدرع الواقي ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإذا تعطلت هذه الشعيرة فعلى معالم الإسلام السلام وويل يومئذ للفضيلة من الرذيلة وويل لأهل الحق من المبطلين وويل للصالحين من سفه الجاهلين وتطاول الفاسقين.
جاء عند الترمذي من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم ))[2].
فعلينا أيها المسلمون في مثل هذه الأحوال أن نفزع كما فزع نبينا عليه الصلاة والسلام وأن نلجأ إلى مساجد الله للصلاة والدعاء والاستغفار وأن نتصدق لندفع عن أنفسنا البلاء.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا أصرنا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به وأعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين .
والحمد لله رب العالمين.
اضافة تعليق