بسم الله الرحمن الرحيم
|
عنوان الخطبة : |
عبادة الشكر |
رقم لخطبة : |
|
|
العنوان الرئيس : |
رقائق |
العنوان الفرعي : |
عبادة الشكر |
|
تاريخ الخطبة : |
19/10/2013 |
اسم المسجد : |
عمر بن عبد العزيز |
عبادة الشكر
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
الحمد لله العزيز الغفور الحكيم الشكور غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول يقيل العثرات ويجيب الدعوات يكفر الخطيئات يعلي منازل الشاكرين ويرفع لهم الدرجات نحمده تعالى على نعمه وآلائه ونشكره على عطائه وإحسانه اللهم لك الحمد أنت أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
لك الحمد حمداً نستلذ به ذكراً وإن كنت لا أحصى ثناءً ولا شكراً
لك الحمد حمداً طيباً يملأ السماء وأقطارها والأرض والبر والبحر
لك الحمد حمداً سرمدياً مباركاً يقل مداد البحر عن كنهه حصراً
لك الحمد تعظيماً لوجهك قائماً يخصك في السراء مني وفي الضراء
لك الحمد مقروناً بشكرك دائماً لك الحمد في الأولى لك الحمد في الأخرى
لك الحمد موصولاً بغير نهاية وأنت إلهي ما أحق وما أحرى
لك الحمد يا ذا الكبرياء ومن يكن بحمدك ذا شكر فقد أحرز الشكر
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له فرض العبادات لمصلحة العباد قال تعالى : ((وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ )) سورة الحج الآيات 27- 28 ) وقال تعالى : ((لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ )) سورة الحج آية (198)
وقال تعالى : (( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرْ الْمُحْسِنِينَ)) سورة الحج الآيات ( 36- 37)
وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله وصفوته من خلقه وخليله أكمل به الدين وأتم عليه النعمة رفع الله ذكره وأعلى شأنه فهو الرحمة المهداة والنعمة المسداة فتح الله به آذاناً صماً وقلوباً غلفاً صلوات الله ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحابته أجمعين .
بمحمد خطر المحامد يعظم وعقود تيجان القبول تنظم
وله الشفاعة والمقام الأعظم يوم القلوب لدى الحناجر كظم
قمر تفرد بالكمال كماله وحوى المحاسن حسنه وجماله
وتناول الكرم العظيم نواله وحوى المفاخر فخره المتقدم
فعليه صلى الله ما قلم جرا وجلى الدياجي نوره المتبسم
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).
أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
وبعد:
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن شكر الله تعالى حق واجب له وفرض متعين علينا جميعاً إذا أردنا استبقاء النعمة واستدامة الفضل واتصال التكريم لأن صاحب الشكر موعود بالمزيد قال تعالى : (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )) سورة إبراهيم آية (7)
لقد وجه ربنا جل في علاه حجاج بيته إلى ذكره وشكره وسؤاله من خيري الدنيا والأخرى فقال – سبحانه : ((فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ )) سورة البقرة الآيات ( 200- 202) لقد تضمنت هذه الآية :
أولاً : التأكيد على ذكر الله تعالى عقب الفراغ من العبادات والطاعات
الأمر الثاني : اعترافاً بنعم الله تعالى التي لا تحصى كما تضمنت هذه الآيات تحذيراً وهو أن يكون سؤال الإنسان حظوظ الدنيا الفانية فحسب ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق وهذا تحذير من الله تعالى أن يكون أكبر الهم وأعظم السؤال أو جل السؤال أو حصر السؤال بحظوظ الدنيا الفانية ونسيان ما عند الله تعالى من الخير والأجر.
الأمر الثالث: كما تضمنت هذه الآيات أيضاً التوجيه إلى سؤال الله تعالى – خيري الدنيا والآخرة وهذا هو التوازن في حياة المسلم ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار إن الحسنة في الدنيا تتضمن كل مطلوب دنيوي وكل مرغوب شرعي مباح للإنسان من زوجة صالحة وأبناء صالحين ومال حلال كثير ودار وبيت واسعة ومركوب هنئ كسيارة أو غيرها وما شاكل ذلك من خير الدنيا وأما الحسنة في الأخرى فأعظمها لذة النظر إلى وجه الله الكريم تثقيل الموازين ورفع الدرجات تيسير الحساب وغير ذلك وأما سؤال الله تعالى من الوقاية من النار فبدايتها يتم بتجنيب العبد أسباب دخول النار في هذه الدنيا من ارتكاب السيئات والمظالم وغير ذلك فإن الله تعالى إذا جنب العبد أسباب دخول النار فإنه يكون قد اصطفاه – سبحانه وتعالى – أيها الكرام إن الله تعالى – يأمر بشكره وذكره عقب جميع العبادات فنحن في صلاتنا بعد أن نسلم ونخرج من الصلاة نستغفر الله تعالى ثلاثاً ثم نسبحه ثلاثاً وثلاثين ونحمده ثلاثاً وثلاثين ونكبره ثلاثاً وثلاثين هذا ونحن بعد إتياننا للطاعة والقربى بعد الصيام علل الله جل وعلا – هذه الطاعة وهذه العبادة بتحصيل تقوى الله تعالى وأمرنا بعد إتمامها بشكره تعالى – فقال تعالى : (( .. وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )) سورة البقرة آية (185) إذاً العبادات نهايتها وختامها شكر الله تعالى والعبادة تتبع بالعبادة فالحج يتبع بالذكر من أجل أن يبقى العبد على صلة دائمة بالله جل وعلا – لقد انقضت أيام هذه الأيام سواء كانت أيام الحج أو أيام العشر بالنسبة لغير الحجاج انقضت بما فيها من طاعات وبما فيها من قربات فبالنسبة للحجيج فما بين طائف وساع وصائم وملب وبين من هو ذاكر لله عز وجل – في منى ومن هو سائر إلى عرفات وداع ومبتهل ومتذلل بين يدي الله عز وجل – وعائد إلى المشعر الحرام مع ذكر الله عز وجل – كما قال الله تعالى : (( … فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) سورة البقرة آية (199) هذه العبادة بما حوت من دفع للنفقات ومن العبادة البدنية ومن نحر للبدن ونحر للهدايا والأضاحي كل ذلك يعقب بذكر الله تعالى – ويعقب بشكره فإنه – سبحانه وتعالى يسر لعباده هذه الطاعات وشرع هذه الأحكام لمصلحتهم ولمنفعتهم فهم المستفيدون وهم المنتفعون من هذه الطاعات ومن هذه القربات يقول الله تعالى في الحديث القدسي : (( .. يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه”))[1].
فنسأل الله تعالى أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته هكذا علمنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم – عقب الصلاة أن نأتي بهذا الذكر على سبيل الدوام وأفضل سؤال يطرحه العبد بين يدي الله عز وجل – أن يعينه على طاعته وعلى مرضاته أفضل سؤال وأفضل طاعة وأفضل قربة أن يتقرب الإنسان بمثل هذا الدعاء اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك فإذا وفق الله العبد إلى مرضاته حاز الفضل ونال الخير كله ودخل إلى بحبوحة من العيش بأذن الله تعالى – بسعادة ورضا نفس لأنه يدور حول مرضاة الله تعالى – وحول طاعته أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحابته أجمعين
وبعد :
أيها الكرام :
بالأمس غادر جمع كبير من حجاج بيت الله الحرام وهم المتعجلون غادروا منى ً بعد أن رموا الجمرات ذاكرين لله تعالى – ومنهم من ودع بيت الله الحرام وعاد إلى أهله واليوم ينفض بقية الحجيج من منىً وهم المتأخرون رامين الجمرات جميعا في مثل هذا الوقت ومنهم من سيودع البيت الحرام ويعود إلى أهله ومنهم من يبقى منتظراً إلى أن يأتي موعد رحيله هذه الجموع العظيمة هنالك أقوام شركوهم في الأجر وشركوهم في الثواب فنالوا أجراً عظيماً وهم في بيوتهم ألم يقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم – في العشر من ذي الحجة : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ – يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ – ” قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: ” وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلا رَجُلًا (1) خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ” (2)))[2] وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصومها وصام يوم عرفة وحث على صيامها فهنيئاً لمن استغل هذا الموسم في الذكر وفي الطاعة بالصيام وقراءة القرآن والذكر وصلة الأرحام وإصلاح ذات البين وما شاكل ذلك هنيئاً لمن ضرب في كل طاعة منها بحظ وأخذ بنصيب وافر لأن هذه مواسم لا تتكرر إلا في الناذر لكن مع هذا فنحن مطالبون على سبيل الدوام أن نكون ذاكرين لله تعالى – شاكرين له وأن نتذكر نعم الله تعالى علينا جميعاً
إن الإنسان في هذه الحياة سائر بين أمرين بين الشكر وبين الكفر ولا ثالث لهذين القسيمين قال تعالى (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )) سورة إبراهيم آية (7)
إن القرآن العظيم يعلمنا الشكر فهذا يوسف عليه السلام يبتلى بالسجن فيرمى في غياهب السجن ولكنه ينسى هذا البلاء أمام أكبر نعمة أنعمها الله تعالى عليه وهي نعمة الهداية فقال : ((وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ )) سورة يوسف آية (38) مع هذا البلاء العظيم يذكر نعمة الله تعالى عليه ولنتذكر نحن نعم الله تعالى التي لا تحصى قال تعالى ((وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ )) سورة إبراهيم آية (34) انظروا إلى النعم التي نتنعم نحن بها نعمة السمع والبصر والهداية نعمة الصحة نعمة المال نعمة الولد وقارنوا مع من فقد مثل هذه النعم وإنه لا يعرف مقدار النعمة إلا من فقدها أو من عايش من فقدوها حينئذ يتذكر العبد نعمة الله تعالى عليه وهذا نبي الله تعالى سليمان عليه السلام – يرى أن ما هدي إليه من دين الإسلام هو بسبب هداية الله تعالى لوالديه فسأل الله تعالى أن يلهمه شكر هذه النعمة: ((وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)) سورة النمل آية (19)ليست نعمة الجاه ولا نعمة الملك ولا أي نعمة ولكنها نعمة الإسلام نعمة الهداية إلى دين الله تعالى – فهي أعظم نعمة وأعظم منة من الله تعالى أن هدانا للإسلام إن العبادات بأنواعها من نعم الله تعالى – علينا لأنها تقربنا منه تعالى – ولأننا نجزى عليها بحسنات في الدنيا وفي الأخرى ولما منح الله تعالى لقمان الحكمة طالبه بالشكر لأنه هدي بسبب هذه الحكمة للتي هي أقوم فصلحت أموره الدنيوية والأخروية قال تعالى ((وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنْ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)) سورة لقمان آية (12) إن القرآن الكريم يختم دائماً آيات التشريع والأحكام بذكره وشكره وقد تعرضنا لقضية الحج والصيام وهناك قضايا أخرى فمنها على سبيل المثال أنه بعد آيات كفارات اليمين قال تعالى (( .. ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )) سورة المائدة آية(89) وعللت نعمة التقرب إلى الله بذبح الأنعام ونحر الأضاحي بالشكر فقال – سبحانه ((وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) سورة الحج آية (36) انظر كيف سخر الله تعالى – لنا هذه البهائم ولولا تسخير الله تعالى – لكانت وحوشاً كاسرة وكيف أن الله تعالى أباح لنا الانتفاع منها بلحمها وعصبها ودهنها وجلودها هذه كلها من نعم الله تعالى علينا
أيها المسلمون :
إنه لحري بنا ونحن نتقلب في نعم الله – تعالى – أن نشكره دائماً ولذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم – الذي يلازم عليه اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قبل الأكل كان يسمي الله تعالى وبعد الأكل كان يحمد الله تعالى ويشكره وكذلك الشرب أنه سبحانه وتعالى ساق هذا الرزق إليه وسوغه وجعل له مخرجاً تخرج الفضلات من هذا الإنسان ولو انحبست في بطنه لر بما كانت سبباً في قتله فنسأل الله تعالى _ أيها الكرام – أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وأن يوفقنا على سبيل الدوام لترطيب ألسنتنا بذكره اللهم وفقنا وأعنا لمرضاتك يا رب العالمين ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا واشف مرضانا وعافي مبتلانا وارحم موتانا إنك على كل شيء قدير اللهم إننا نسألك بأنك أنت الله وحدك لا شريك لك الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولكم يكن له كفواً أحد أن تجعلنا يا مولانا عندك من المقبولين ومن المرحومين ومن الفائزين إنك ولي ذلك والقادر عليه اللهم أعد حجاج بيت الله الحرام إلى أهليهم وذويهم بذنب مغفور وسعي مشكور وتجارة رابحة لن تبور اللهم أعدهم سالمين غانمين يا رب العالمين اللهم لا تحرمنا الأجر إنك على كل شيء قدير ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير اللهم اجعل بلدنا هذا آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين اللهم من أراد بنا وببلدنا سوءاً فأشغله في نفسه واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء اللهم من أراد لهذا البلد خيراً فوفقه اللهم من حاك مؤامرات ضد هذا البلد فاجعلها سبباً في فضيحته وتدميره يا قوي يا متين ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير سبحان بك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .




اضافة تعليق