تابعنا على

إنتاجات الشيخ خطب مفرغة

مهلكات الأمة

ما أكثر الأمراض التي أحدقت بهذه الأمة خاصة في هذه الأزمان المتأخرة وعادة ما تصاب الأجسام الحسية بل والمعنوية بالأمراض والأسقام في سن الشيخوخة فما بعد ذلك ولا يمكن أن يعالج الجسم المريض إلا باستخدام الدواء النافع الناجع وقبل هذا لابد من تشخيص الداء ولابد من استسلام المريض للطبيب المعالج وتجرع غصص الدواء ولو كان مراً.

مهلكات الأمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

 أما بعد:

 فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار . 

أيها المسلمون ما أكثر الأمراض التي أحدقت بهذه الأمة خاصة في هذه الأزمان المتأخرة وعادة ما تصاب الأجسام الحسية بل والمعنوية بالأمراض والأسقام  في سن الشيخوخة فما بعد ذلك ولا يمكن أن يعالج الجسم المريض إلا باستخدام الدواء النافع الناجع وقبل هذا لابد من تشخيص الداء ولابد من استسلام المريض للطبيب المعالج وتجرع غصص الدواء ولو كان مراً هذا إذا أراد المريض أن يتعافى بأذن الله جل وعلا – وأن يخرج من دائرة المرض الذي أصيب به وإن من أفتك الأمراض التي أصابت أمتنا بمقتل خمسة أمراض ذكرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ” يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ “[1]هذه خمسة أمراض تفتك في هذه الأمة وكل هذه الأمراض موجودة مصداقاً لهذا التنبؤ من النبي صلى الله عليه وآله وسلم- وإن هذا الحديث يعد علماً من أعلام نبوته صلى الله عليه وآله وسلم- إن هذه الأمراض مدمرة ومهلكة للأمم والحديث كما قلنا متحقق في هذه الأمة .

المرض الأول : ظهور الفاحشة وانتشارها فقال صلى الله عليه وآله وسلم- لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ومن أواخر هذه الأمراض الفتاكة مرض الإيدز وهو إصابة المريض بفيروس يطلقون عليه hiv الذي يضعف استجابة الجهاز المناعي بشكل غير مباشر فلا يستجيب للعلاجات ولا يستطيع مكافحة الأمراض والفيروسات التي تدخل إلى الجسم لقد أصيب عشرات الملايين من سكان العالم بهذا المرض القاتل بسبب الزنا والشذوذ الجنسي حتى بلغ عدد المصابين في أمريكا وحدها نحو عشرين مليونا أي ما يقارب سكان اليمن ولقد ظهرت هذه الفاحشة من قبل وظهرت أمراض متنوعة متعددة بسبب هذه الفاحشة حصدت مئات الآلاف من البشر كمرض الزهري والهربس والسيلان وإن كانت هذه الأمراض قد توارت أو أوشكت على التواري إلا أنه في هذه الأزمان المتأخرة لم تستطع الدول المتقدمة مجتمعة على إيجاد علاج لهذا الداء العضال داء الإيدز وما يعلم جنود ربك إلا هو فيروس صغير لا يرى بالعين المجردة أقلق الله عز وجل به العالم بأسره بل أقلق المكذبين بشرعه المستبيحين لحرماته حتى قالت باحثة غربية غير مسلمة إنه عقوبة إلهية للمجتمعات التي لم تحترم شرائع السماء واليوم يهدد هذا المرض الفتاك عالمنا الإسلامي بسبب تلك الوسائل الممهدة للزنا كالأفلام الهابطة والسهرات الليلية المختلطة في بعض البلدان بين الجنسين والمجلات التي تعرض مفاتن المرأة وغير ذلك من الوسائل بسبب ما ذكرنا وغيره ظهرت وبرزت وفشت الفواحش في بلاد المسلمين بل رأينا وسمعنا من ينادي بالزواج المثلي أي زواج الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة ولقد صارت البغايا تستورد بموجب تصاريح من بعض الدول ليمارسن الزنا في فنادق تلك الدول وصار الإعلان عن هذه الفاحشة علناً وعلى مرأى ومسمع من الناس لذلك أحصت الدولة الإسلامية عشرات الآلاف من المصابين بمرض الإيدز منها بلادنا.

 والأمر المؤسف والمحزن حينما يتكلم الإعلام عن هذا المرض لا يتكلم عليه من الناحية الشرعية وإنما يوعي المواطن بطرق الوقاية منه وكأنه يقول لا مانع من الزنا ولكن احذروا من الوقوع في هذا المرض فاستخدموا الوسائل التي تقيكم من هذا المرض ولكن لا يمكن أن يوقى المجتمع من هذا المرض الفتاك إلا بإيجاد الرقابة الذاتية والخوف من الله عز وجل وتحريم ما حرم الله تعالى – في نفوس المسلمين وتعظيم النصوص الشرعية من قرآن وسنة في نفوس المسلمين حتى إذا ذكر ذلك النص ارتعدت الفرائص خشية من الله تعالى أيها المسلمون إن من أسباب عذاب الله وانتقامه فشو الفواحش قال الله تعالى ((وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )) سورة الأنفال آية (25) هذا المرض وغيره لا يصيب من ارتكب الفاحشة فحسب بل ينقل المرض إلى زوجته وإلى أبنائه وإلى من يستخدم بعض أدواته أو ينقل الدم منه إلى غيره يصاب المجتمع بمقتل من جراء فاحشة ربما لأول مرة يرتكبها هذا الإنسان وهي شهوة دقائق تدمر أسرة بكاملها بل تدمر مجتمعاً بأكمله قال تعالى ((  ((وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )) سورة الأنفال آية (25) وقال صلى الله عليه وآله وسلم- ((«مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ بَيْنَهُمْ بِالْمَعَاصِي هُمْ أَعَزُّ وَأَكْثَرُ مِمَّنْ يَعْمَلُهُ ثُمَّ لَا يُغَيِّرُونَهُ إِلَّا عَمَّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعِقَابٍ»[2]

المرض الثاني : التطفيف في المكيال والميزان فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ( ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم ) نقصان الميزان لا يعني أولئك البسطاء من الباعة فحسب فهذا نقصان في الميزان نعم هنالك من يطفف في الموازين والمكاييل والمعايير ويتلاعب بالأوزان كيفما يشاء إن نقصان الميزان والتطفيف فيه هو المقصود بقوله تعالى ((وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )) سورة المطففين الآيات ( 1-6) إذا أخذ حقه أخذه بالوفاء والتمام بل طالب بالزيادة وإذا أعطى غيره أنقصه تعال معي أيها السامع الكريم لندخل إلى الأسواق لترى العجب انظر كيفيه التحايل والتلاعب بالمكاييل والمعايير والأوزان في ظل غياب الرقابة الذاتية وغياب رقابة أجهزة الدولة عن هذه المكاييل والمعايير والموازين والمقاييس والمواصفات الدولة غائبة ها هنا ولا يمكن أن تستقيم حال أي بلد إلا إذا أقيمت مثل هذه الفروض الكفائية ومنها مراقبة الموازيين والمكاييل والمعايير في كل أجهزة ومؤسسات الدولة حينما نتكلم عن المقاييس والموازين والمكاييل لا نعني الكيلو أو الجرام ولكننا نعنيه بكل ما تحتويه هذه الكلمة من معنى معايير التعليم معايير القضاء معايير المؤسسات الخدمية معايير المواصفات والجودة في المصانع والمعامل معايير المواصفات والجودة في المناقصات وغير ذلك من المعاملات التي تجري في هذا البلد أو غيره أقول تعال معي لتنظر كيفية التلاعب بالموازين والمقاييس داخل الأسواق إذا ذهبت إلى أبسط الأسواق واشتريت طماطم أو بطاطس أو أرز أو غير ذلك خذه إلى مكان آخر ستجد أن الوزن تغير من هنا إلى هناك وهذا دليل على وجود التلاعب إما عند الأول أو الثاني والموازين لا تكذب ولا تتلاعب بالناس إنما يتلاعب بتلك الأجهزة وبتلك المقاييس والمكاييل الباعة أنفسهم أولئك الذين يبيعون المواد التي صارت غير صالحة للاستعمال أشياء فاسدة وملوثة هذا كله داخل في التطفيف في المكيال والميزان وفي غش هذه الأمة تعالوا وانظروا معي إلى المقاييس والمواصفات التي يقوم بها بعض المقاولين في المشاريع الحكومية وغير الحكومية وانظروا إلى التلاعب بالمواصفات الأوراق التي استلمها والمعايير والمقاييس شئ والتنفيذ شيء آخر مشروع بمليارات الريالات يفنى ويتهدم ويتعرض لانشقاقات ويخرب خلال أشهر لا خلال سنوات كان يفترض أن تعمر هذه المدرسة أقل شيء خمسين عاماً فإذا بها بعد عامين تتشقق وتتصدع وتتساقط السقوف على الطلاب والمستوصف الفلاني والمشروع الفلاني إلى غير ذلك هذه كلها نتيجة للتلاعب بالمقاييس والموازين والمواصفات ومعايير الجودة من خلال أولئك المقاولين ومن خلال التواطؤ معهم من قبل أناس لا ضمير لهم يبيعون هذه الأمة وهذا البلد بعرض من الدنيا قليل أنظروا إلى مخالفات المستوردين الذين يستوردون الأجهزة التي تطلبها الدول من خلال أولئك المقاولين والمستوردين ستجدون العجب ستجدون مئات الملايين بل أقول غير مبالغ مليارات من الدولارات تذهب إلى جيوبهم وإلى جيوب أولئك المتلاعبين المتواطئين معهم ويستوردون مولدات كهرباء وأجهزة طبية وتقنية وغير ذلك من متطلبات الدولة غير صالحة للاستعمال بل صارت في تلك الدول دول المنشأ في أماكن القمامة لا يستخدمونها لأنه مر عليها الإهلاك التام فأخرجوها عن دائرة العمل فيأتي مثل هؤلاء ليستوردونها إلى البلدان التي ليس فيها رقابة وليس فيها متابعة للمعايير والمقاييس والمواصفات ولا تحتاجون إلى أن أقول لكم المشروع الفلاني أو المشروع العلاني وقد نشرت صحف كثيرة تواطأ بمليارات من الدولارات بمحطات كهربائية كان يفترض أن يؤتى بها إلى هذا البلد ثم أوقفت لهذه الأسباب وتعال معي أيها الكريم لتنظر إلى المعايير والمقاييس والمواصفات والجودة في أغلب المصانع العاملة في البلد لا أقول كلها بل هنالك مصانع جانبية وصغيرة لا تعرفها الدولة ولا يعرف أماكنها ولا يعرف كيف تصنع لأبنائنا الصغار بالذات السرطانات والأوبئة بأبخس الأثمان فبدلاً من أن نوعي أبناءنا بألا يشتروا مثل هذه المنتجات الفاسدة التي ليس عليها رقابة لأننا نعطيهم ربما خمس ريالات وعشرة ريالات يجدون فيها ما يلبي شيئاً من حاجتهم لكننا نجلب إليهم أمراضاً وأسقاماً هنالك مصانع عملاقة لا نشك في هذا  وعند أصحابها وأربابها أمانة لا نشك في ذلك ومنتجاتها فيها جودة عالية  إلى حد كبير أو مقبولة لكن كثير من هذه المعامل والمصانع ليس لها رقابة وليس لها أي متابعات من مؤسسات متابعة الجودة والمقاييس وتعالوا معي وانظروا إلى البضائع المستوردة من أدوية وأغذية وكماليات وملابس وغير ذلك كيف يتلاعب المستوردون ببلد المنشأ وكيف يغش الناس ويغرون بتلك البضائع فبضائع مستوردة من تايون مثلاً أو من الصين أو من غيرها رديئة الصنع يكتبون عليها أنها مصنعة في فرنسا أو في إيطاليا أو في ألمانيا أو في غيرها من البلدان بل حتى يوجد الآن في بلادنا من يصنع أشياء ويكتب أنها من صنع سوريا ومصر وتركيا وهذا أيضاً من التطفيف في المكاييل والموازين ومن الغش الحاصل في هذه الأمة ولا شك أيها الإخوة أن هذه المعاملات المحرمة من الأسباب التي توجب عقوبة الله تعالى وتنزع البركة من بين الناس وتضيق في الأرزاق وتنشر الفقر والمجاعات والأمراض والأسقام التي لا يجدون لها دواء.

المرض الثالث : منع الزكاة قال ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا وهو أمر مشاهد في بلاد المسلمين إلا ما رحم الله فزكاة الأموال في بلاد المسلمين لو أحصيناها إحصاءا دقيقاً لبلغت المليارات ولكفت ووفت وزادت على حاجة الفقراء والمعدمين ولصار الناس أغنياء بأذن الله تعالى – لكن مما يؤسف له أن البعض يخرج شيئاً وجزءا من ماله لغير أهله بل لمن يجب عليهم أن يدفعوا الزكاة وربما دفعت إلى مسئولين لقضاء شيء من المصالح الدنيوية ولا يعد هذا من الزكاة لا من قريب ولا من بعيد وإنما هو من السحت والرشوة التي تدفع إلى هذا أو ذاك .

أيها الكرام :

 لقد وردت الآيات والأحاديث التي فيها زجر شديد لمن يمنع الزكاة قال تعالى ((وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ )) سورة آل عمران الآيات ( 34- 35) وفي الحديث «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ، لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ [ص:681] سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ، إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ»

قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَالْإِبِلُ؟ قَالَ: «وَلَا صَاحِبُ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، وَمِنْ حَقِّهَا حَلَبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، أَوْفَرَ مَا كَانَتْ، لَا يَفْقِدُ مِنْهَا فَصِيلًا وَاحِدًا، تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا وَتَعَضُّهُ بِأَفْوَاهِهَا، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ»

قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ؟ قَالَ: «وَلَا صَاحِبُ بَقَرٍ، وَلَا غَنَمٍ، لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، لَا يَفْقِدُ مِنْهَا شَيْئًا، لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ، وَلَا جَلْحَاءُ، وَلَا عَضْبَاءُ تَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ»

قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَالْخَيْلُ؟ قَالَ: ” الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ: هِيَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ، وَهِيَ لِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَهِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، فَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ وِزْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا رِيَاءً وَفَخْرًا وَنِوَاءً عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَهِيَ لَهُ وِزْرٌ، وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ سِتْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ فِي ظُهُورِهَا وَلَا رِقَابِهَا، فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، فِي مَرْجٍ وَرَوْضَةٍ، فَمَا أَكَلَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرْجِ، أَوِ الرَّوْضَةِ مِنْ شَيْءٍ، إِلَّا كُتِبَ لَهُ، عَدَدَ مَا أَكَلَتْ حَسَنَاتٌ، وَكُتِبَ لَهُ، عَدَدَ أَرْوَاثِهَا وَأَبْوَالِهَا، حَسَنَاتٌ، وَلَا تَقْطَعُ طِوَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا، أَوْ شَرَفَيْنِ، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ عَدَدَ آثَارِهَا وَأَرْوَاثِهَا حَسَنَاتٍ، وَلَا مَرَّ بِهَا صَاحِبُهَا عَلَى نَهْرٍ، فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَسْقِيَهَا، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ، عَدَدَ مَا شَرِبَتْ، حَسَنَاتٍ “

قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَالْحُمُرُ؟ قَالَ: «مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِي الْحُمُرِ شَيْءٌ، إِلَّا هَذِهِ الْآيَةَ الْفَاذَّةُ الْجَامِعَةُ»: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 8]))[3]

وإن من عقوبة الله على المجتمع الذي يمنع الزكاة منع المطر فهاهو الجفاف يهدد كثيرا ًمن بلاد المسلمين وإذا حدث مطر في بلد فيكون مطراً مدمراً جارفاً للبيوت والأراضي الزراعية والمحاصيل وإن لم يحدث ذلك لا تستفيد منه البلد بل يذهب إلى البحار أيها الكرام نعوذ بالله تعالى من سخط الله ونسأل الله تعالى لنا ولكم السداد والتوفيق وأن يرفع عنا البلاء والوباء إنه على كل شيء قدير أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

 

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحابته أجمعين وبعد :

أيها الإخوة :

 المرض الرابع: الذي أصاب هذه الأمة بمقتل نقض العهد قال صلى الله عليه وآله وسلم: ( ولم ينقضوا عهد الله ولا عهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذ بعض ما في أيديهم ) لو سألنا أنفسنا لم سلط الله على هذه الأمة اليهود والنصارى وغيرهم لم تتكالب علينا الأمم من كل حدب وصوب كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: ( يوشك أن تتداعى عليكم الأمم  يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا ”  قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: ” أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ تَكُونُونَ  غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ، تُنْتَزَعُ الْمَهَابَةُ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ، وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ “. قَالَ: قُلْنَا: وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: ” حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ “))[4]لقد نقض المسلمون عهودهم مع الله ومع رسوله صلى الله عليه وآله وسلم- فتركوا ما أمرهم الله به وارتكبوا ما نهاهم الله ورسوله عنه ثم كانت النتيجة أن سلط الله علينا عدواً من غيرنا فأخذ بعض ما في أيدينا ولك أن تتساءل أو تنظر أين فلسطين أين الجولان وقبلها أين الأندلس أين جنوب السودان وربما في الأيام القادمة نقول أين وأين ؟

المرض الخامس : عدم تحكيم شرع الله تعالى قال : (وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم )ولك أن ترى ما هو حاصل بين الدول المسلمة من عداوات وبغضاء وتنافر قد يصل أحياناً إلى حد الاحتراب والقتل كل هذا بسبب عدم تحكيم شرع الله عز وجل إنها نتيجة حتمية وعقوبة عاجلة أن جعل الله تعالى بأس هذه الأمة فيما بينها وقد كان سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ربه كما في الحديث الذي قَالَ فيه رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا – أَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا – حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا “))[5]لأنه سبحانه وتعالى يعلم الأسباب التي تجعل هده الأمة تصل إلى هذا الحال أو ترتفع إلى الحال الآخر فانظر إلى حال الدول بل انظر إلى حال الشعوب كقبائل وأحزاب وغير ذلك كيف التناحر فيما بينها والعداوات والبغضاء فيما بينها كل ذلك بسبب عدم تحكيم شرع الله تعالى لقد أصبح أيها الكرام من المستحيل اليوم في ظل مثل هذه الظروف أن يجتمع المسلمون تحت راية بخلاف عدوهم فإنهم قد أجمعوا أمرهم وتوحدوا تحت رايات مختلفة مواجهة للإسلام والمسلمين ولن يصلح  هذه الأمة إلا ما أصلح أولها كما قال الإمام مالك رحمه الله تعالى كتاب الله تعالى سنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم – فنسأل الله تعالى أن يرفع باسه ومقته وغضبه عنا إنه ولي ذلك والقادر عليه اللهم ردنا إلى دينك رداً جميلاً اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشداً يعز فيه أهل طاعتك ويهدى فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر إنك سميع الدعاء اللهم اغفر لنا ذنوبنا واستر عيوبنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا ولمن حضر هذه الجمعة ولوالديه وافتح لسماع الموعظة قلبه قبل أذنيه ولمن بنى هذا المسجد وتردد عليه وصلى فيه وأعان على مصالحه في كل وقت وحين يا رب العالمين اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها يا رب العالمين ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .

[1]- ابن ماجه 2/ 1332

[2]- أبو داود 2/ 51

[3]- مسلم 2/ 680

[4]- أحمد 37/ 82

[5]- مسلم 4/ 2215

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق