لا شيء أضر على وحدة الأمة واجتماعها من النفاق والمنافقين فهم من يصدعون الصف ويفرقون الجمع ويغيرون على الدين والأخلاق لتبديلهما بشتى الطرق والوسائل ولا يتورعون عن أي وسيلة مهما كانت قذرة لتحقيق مآربهم فهم أهل غدر وخيانة وكذب وافتراء وبغي وفجور
بسم الله الرحمن الرحيم
موقف المنافقين من القرآن7/8/2014م
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
أيها المسلمون :
لا شيء أضر على وحدة الأمة واجتماعها من النفاق والمنافقين فهم من يصدعون الصف ويفرقون الجمع ويغيرون على الدين والأخلاق لتبديلهما بشتى الطرق والوسائل ولا يتورعون عن أي وسيلة مهما كانت قذرة لتحقيق مآربهم فهم أهل غدر وخيانة وكذب وافتراء وبغي وفجور وما يتخلقون به من الصفات القذرة يعدونه فطنة وكياسة ودهاء وذكاءً وخداعاً للخصم والقرآن الكريم قد أبدأ في صفات المنافقين وأعاد وكرر ذلك وأكد عليه وحذر منهم أشد تحذير حتى خصت سورة بهم وتناولت صفاتهم عدد من السور الطوال كآل عمران والتوبة والأحزاب ومن أفعال المنافقين الذين يستندون إلى تحقيقها والوصول إليها ما أخبر الله تعالى عنهم بقوله يريدون أن يبدلوا كلام الله هذه الآية نزلت في سياق الإخبار عن صلح الحديبية وما وعد الله تعالى به المؤمنين من الغنائم التي تحققت بعد الصلح بشهرين في خيبر فالمنافقون حرموا المشاركة في غزوة الحديبية وتخلفوا عنها بأعذار واهية راجين أن يستأصل أهل الإيمان كانوا ينتظرون متى يستأصل أهل الدين وأهل الإيمان على أيدي المشركين في مكة ولكن تمت بيعة الرضوان التي شرف بها المؤمنون ورضي الله عنهم بها في قرآن يتلى إلى يوم الدين فلما علم المنافقون ما سيغنمه المؤمنون في غزوة قادمة أرادوا أن يشاركوا في الغزو القادم من أجل الغنيمة وليس نصرة للدين إذ كيف ينصرونه وهم يحاربونه فكانت كلمة الله القدرية أنهم لن يأخذوا شيئاً وكانت كلمته الشرعية منع من لم يشارك في الحديبية من الخروج إلى خيبر لتكون غنائمها لأهل الحديبية فقط قال تعالى ((سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا )) سورة الفتح آية (15)
فالمنافقون يريدون أن يبدلوا كلام الله القدري بمحاولة الخروج إلى خيبر ولن يكون إلا ما يريد الله سبحانه وتعالى فلم يخرجوا وأرادوا تبديل كلام الله تعالى الشرعي للمحاولة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليسمح لهم بالخروج وما كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليخالف أمر الله تعالى طرفة عين من أجل المنافقين فمنعوا من الخروج ومن الغنيمة وكانت غنائم خيبر خالصة للمؤمنين هذه الحادثة تكشف صفة من صفات وهي إرادتهم تبديل كلام الله تعالى ولم تتخلف هذه الصفة عن المنافقين لا بالقديم ولا بالحديث بل إن أصل وجود النفاق والمنافقين هو لأجل هذه المهمة وهي المهمة الأساس في أقوالهم وأفعالهم ويكرسون لها كل حياتهم إرادتهم تبديل كلام الله تعالى القدري والشرعي وكل حديث عن أوصاف المنافقين وأفعالهم يندرج تحت هذا الأصل الكبير وهو أنهم يريدون أن يبدلوا كلام الله وكلام الله تعالى الذي يريد المنافقين تبديله هو الإسلام الصحيح الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم – بكل شرائعه وتفصيلاته إن المنافقين سعوا ويسعون لتبديل كلام الله تعالى بطريقين :
الطريق الأول : سحق الإسلام الحق وإخراجه من قلوب الناس وتنفير الناس منه والقضاء على المتمسكين به بكل الوسائل والطرق وبناء التحالفات مع الآخرين لتحقق ذلك وقد حالف رأس النفاق قديماً عبد الله بن أبي بن سلول جميع الملل لتحقيق هذه الغاية فحالف يهود المدينة بجميع قبائلهم وحالف المشركين وحالف منافقي المدينة وما حولهم من الأعراب ولم يفلح على القضاء على الإسلام لأن كلام الله تعالى القدري أن الإسلام سيبقى إلى آخر الزمان مهما كاد به الكائدون ومكر به الماكرون وتربص به المنافقون ولا يكون إلا ما يريد الله تعالى
والطريق الثاني : تبديل كلام الله تعالى الشرعي باختراع إسلام بديل للإسلام الحق وإحلاله محله كلياً أو جزئياً وهذه المهمة هي التي اطلع عليها رأس النفاق عبد الله بن سبأ اليهودي فإنه أحدث في الأمة الكثير من الفرق الباطنية التي تبطن العداء للإسلام الحق وتظهر الولاء لأهل البيت ودين أهل هذا النفاق خليط من اليهودية والنصرانية والوثنية والمجوسية عجنت مع الإسلام لتشكل ديناً جديداً يريدون تبديله بالإسلام الحق تآلف النفاق السلولي مع النفاق السبئي لتبديل كلام الله تعالى القدري والشرعي وشاركهم في هذه المهمة القذرة مرضى القلوب ومن في قلوبهم غل وضغينة على بعض أهل الإسلام كما شاركهم فيه أهل الحظوظ الدنيوية والمصالح الآنية فإن مبنى النفاق على المصالح الشخصية ورأس النفاق ابن سلول إنما عادى الإسلام لتحقيق مصلحته لأنه كان ينتظر أن يكون حاكماً في زمنه فما بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا وعقد ملكه تنتظم خرزه ويوشك أن يتسلم الزمام فأبطل الله تعالى ذلك .
إن من إرادة تبديل كلام الله تعالى ظن المنافقين أنه بتحالفهم مع الكافرين يقضون على الإسلام الحق ويستبدلون به إسلاماً مزوراً يوافق أهواءهم مع أن الله تعالى قد أخبر أن دينه باق مهما فعل الكفار والمنافقون لإزالته ((يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ )) سورة التوبة آية (33)
ومن إرادة تبديل كلام الله تعالى ظن المنافقين أنهم بركونهم للظالمين يضمنون النجاة من تبدل الأحوال وتغيرها وتغير النعم والمحافظة على المكتسبات الدنيوية والله تعالى قد بين أن الركون للظالمين لا يأتي على أصحابه إلا بالخذلان والخسران في الدنيا والأخرى قال تعالى ((وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ)) سورة هود آية (113)
ومن تبديل كلام الله تعالى استحلال دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم وإيقاع الظلم العظيم عليهم بغير حق إن الله تعالى قد حفظ حقوق المؤمنين قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أعظم منسك في الحج وأطهر بقعة على الأرض ((«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، بَيْنَكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ»))[1] فلا يقتل مؤمناً ولا يعين على قتله إلا منتهك لحرمات الله تعالى ولا يؤذي مؤمناً ولا يعين على أذيته إلا مجرم ظالم ((وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا )) سورة الأحزاب آية (58)
ومن تبديل كلام الله تعالى مخالفة مراده الشرعي بصرف العداء للمؤمنين والولاء والمحبة للكافرين ومظاهرة أهل الباطل على أهل الحق لأعذار واهية وتعليلات ساذجة لن تغني عن أصحابها من الله تعالى شيئاً حالهم كحال من قبلهم حين قالوا : ((فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ)) سورة المائدة آية (52)
ومن تبديل كلام الله تعالى الشرعي تبديل الولاء والبراء والمحبة والبغض بنقلها من مراد الله تعالى الشرعي إلى مجالات أخرى ما أنزل الله تعالى بها من سلطان لإرضاء البشر من دون الله تعالى وتحقيق منافع شخصية وكل عامل سيجد ما عمل ((كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ )) سورة المدثر آية (38)
ومن تبديل كلام الله تعالى الشرعي إباحة شيء من المحرمات أو إسقاط شيء من الواجبات والاحتيال على الشرع بإفراغ النصوص من محتواها أو صرفها عن ظواهرها أو ضرب محكمها بمتشابهها لإرضاء النفوس الشهوانية وتلبية مطالب ذوي الرغبات الحيوانية ((انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا )) سورة النساء آية (50)((قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ )) سورة يونس آية (70)
ومحاولة تبديل كلام الله تعالى لا تتوقف عند حد وليست خاصة بزمن دون زمن ففي كل زمن ينبري من يريدون تبديل كلام الله تعالى القدري والشرعي ولكنهم مع إيباقهم أنفسهم وإضلالهم من أتبعهم لن يحققوا مرادهم ((وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )) سورة الأنعام آية (115)فلنكن عباد الله تعالى مع كلامه الشرعي وإن نكص عنه من نكص نطبقه بأنفسنا ومن حولنا وندعوا له غيرنا ونصبر على ما ينالنا من أذى فيه حتى نلقى الله تعالى ونحن على كلمته لم ولن نبدلها ولن نغيرها ولنوقن بكلام الله تعالى القدري ووعده بالنصر للمؤمنين فإن كلمة الله تعالى القدرية لا مبدل لها ولا مغير لها فإنه سبحانه هو مالك الملك ومدبر الأمر ((أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )) سورة الأعراف آية (54) بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين وصل الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد :
أيها الكرام :
اتقوا الله تعالى حق التقوى واستمسكوا بحبل الله تعالى والعروة الوثقى – أيها الكرام قفوا عند حدود الله تعالى فاحلوا ما أحله وحرموا ما حرمه ولنحذر جميعاً على أنفسنا من الركون إلى الظلمة أو الوقوع في هذه الصفة القذرة صفة النفاق والتقلب كل يوم على لون إن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يخافون على أنفسهم خوفاً شديداً من الوقوع في النفاق وكان كل واحد منهم يسأل حذيفة رضي الله تعالى عنه أمين سر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – أسماني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – من المنافقين فكان يقول له : لا لم يعدك من المنافقين وربما سكت رضي الله تعالى عنه وأرضاه
أيها الكرام :
إن النفاق ليس له دين ولا طريقة بل ليس له حدود فإنه يتقلب مع مصالحه الذاتية والشخصية ولو كان ذلك على حساب الدين أو هدم الأخلاق أو تسليم البلد ومصالحه لأعداء الله تعالى – وإن من صفات المنافقين فرحهم بما يحدث للمؤمنين هنا أو هناك فإن هذا من أبرز صفات المنافقين فالمؤمن يألم لأخيه المؤمن ويحس بما يحس فيفرح لفرحه ويحزن لحزنه ويألم لألمه المهم أن تكون هذه الفئة داخلة في إطار الإسلام والإيمان فكيف إذا كانت هذه الفئة مواجهه لألد أعداء الله ورسله ولألد أعداء الإسلام والمسلمين إنه من باب أولى أن تناصر هذه الفئة أياً كانت وحيثما كانت ولكن كثيراً من العوام يغترون بالشعارات الظاهرة التي ليس لها معنى أو التي لا تغن من الحق شيئاً إننا نجد من المؤمنين من يتعرض للأذى هنا أو هناك ونجد طوائف كثيرة عياذاً بالله تعالى – يفرحون ويطربون ويرقصون على جماجم وعلى جثث القتلى الذين يسقطون هنا أو هناك ومن أبرز ذلك ما حدث لإخواننا في غزة هذه الفئة التي لا تقاتل عن نفسها وإنما تقاتل عن الأمة بأسرها هذه الفئة القليلة المؤمنة التي خذلت من أقرب الناس إليها سطرت في الآونة الأخيرة أروع الملاحم وكسرت شوكة أعداء الله تعالى فإن الانتصار لا يكون بهدم البيوت ولا بتكثير القتلى والجرحى إنما أن تكون هذه الفئة المؤمنة ثابتة على دينها وعلى مبادئها فقد اندحر الأعداء اندحارا ما بعده اندحار وهو الجيش الذي يوصف بأنه لا يهزم وهو الجيش الذي يعد من أقوى الجيوش فيما يطلق عليه بالشرق الأوسط لقد اندحر هذا الجيش ولم يحقق أي مأرب ولا أي هدف وكانت دوافعه دوافع واهية لقد كان ظالماً ولقد كان غشوماً ولقد كان دفعه من أبناء جلدتنا من دفعه وتكفل له بكل الخسائر ولكنه تكبد خسائر مادية وبشرية ونفسية عظيمة لا أظن أنه سيحاول الكرة مرة أخرى والمقاومة لا يزال عندها من القوة ومن المكانة بالدفاع عن نفسها وعن أراضيها الشيء الكثير
أيها الكرام :
إن الإسلام الحق اليوم يحارب بمسميات مختلفة وبميادين مختلفة لكن لا يظن أهل الباطل أنهم إن نجحوا في وقت أو في مكان أنهم يستطيعون ذلك في كل مكان إطلاقاً فإن هذا الدين لا يمكن أن يطفأ نوره كيف والله تعالى قد وعد أن يظهر هذا الدين على الدين كله ولو كره المشركون
أيها الكرام :
لن يجني أهل النفاق من محاولة تبديل كلام الله تعالى إلا ما جنى السابقون منهم خزياً وذلاً وعاراً وشناراً وعذاباً في الدنيا والآخرة ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ )) سورة الحشر الآيات ( 11- 12) ومهما أجلب المنافقون بخيلهم ورجلهم وسخروا إعلامهم لتسويق الباطل وتزيينه وتسويغ المنكرات الظاهرة والباطنة فإن كلمة الله تعالى الغالبة وهي الكلمة العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد نسألك يا مولانا أن تنصر الحق وأهله وأن تخذل الباطل وحزبه اللهم إنا نسألك يا ربنا يا مولانا أن تحكم في المسلمين كتابك وسنة نبيك يا رب العالمين اللهم طهر قلوبنا من النفاق وأعمالنا من الرياء وألسنتنا من الكذب وأعيننا من الخيانة إنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور اللهم عليك بالمنافقين فإنهم لا يعجزونك اللهم أخزهم وافضحهم يا رب العالمين اللهم أفسد مخططاتهم ورد كيدهم في نحورهم اللهم اكفنا هم بما شئت وكيف شئت يا رب العالمين ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً يا رب العالمين اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمن حضر هذه الجمعة ولوالديه وافتح لسماع الموعظة قلبه وأذنيه واغفر اللهم لمن بنى هذا المسجد ولوالديه ولمن تردد إليه وصلى فيه وأعان على مصالحه في كل وقت وحين يا رب العالمين ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
[1]- البخاري 1/ 24
اضافة تعليق