تابعنا على

خطب مفرغة

رمضان بين الواقع والمأمول

 لا يخفى على أحد ما لرمضان من فضائل شتى تؤثر في كافة الفئات العمرية، وتنعكس على مجريات الحياة، ورغم ذلك ربما كان هناك بعض مظاهر القصور خاصة في أواخر رمضان وأيام العيد، على عكس حال السلف في الاستقبال والوداع الذي يقسم السنة نصفين، ناهيك عن حال الدول التي تشجع على ما لا يرتضى …

خطبة بعنوان : ( رمضان بين الواقع والمأمول)

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار

لا شك أن الله تعالى من رحمته بعباده أن نوع لهم العبادات وها نحن عما قريب سيهل علينا هذا الشهر الكريم شهر رمضان والذي ينبغي على كل مسلم ومسلمة قبل أن بدخل في هذه العبادة أن يتعلم ما يجب عليه وما يحرم عليه ذلك لان الله تعالى قد فرض على عباده المؤمنين طلب العلم وتعلم أحكام الصيام من الأمور المهمة بل هي من الواجبات العينية التي تجب على الذكر والأنثى ولا شك أن دروساً قد أقيمت في هذا المسجد إن شاء الله تعالى ولا تزال تقام في مساجد أخرى غير أننا سوف نتكلم في هذه الدقائق المعدودة حول رمضان من منظور آخر هو في نظري مهم جداً حتى يصوم المسلمون صياماً يرضي الله عز وجل – عنهم محاضرتنا في هذه الليلة بعنوان رمضان بين الواجب والواقع وسوف نتحدث حول محاور عدة أولاً : فضائل الصيام من فضائل الصوم أن الله تعالى يفتح أبواب الجنان ويغلق أبواب النيران قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين))[1] هذه الثلاث الفضائل لا تكون إلا في شهر رمضان ولذلك جاء في الحديث أنه يتادي مناد (( ٍ… يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر…))[2] وهذه مسالة ملموسة في شهر رمضان تفتح أبواب الجنة فلا يغلق منها باب فنجد أن المسلمين بعصاةتهم يرجعون إلى الله تعالى في هذا الشهر الكريم يقلعون عن المعاصي والذنوب والآثام يترفعون عن فعل سفاسف الأمور يكثرون من الطاعات ولذلك تجد أن الشر في رمضان ينحصر حتى أولئك الأشرار الذين عهدهم الناس بشرهم نجد أنهم في رمضان يقصرون عن شرهم كما جاء في الحديث ويا باغي الشر أقصر أولئك الذين كنا نعتاد منهم الأذية ونعتاد منهم أن يفعلوا آثاماً وجرائم واضحة على العيان في الشارع نجد أنهم في رمضان تتبدل أحوالهم وتتغير إذاً فهذه من فضائل شهر رمضان وفي هذا الشهر المبارك تصفد مردة الشياطين لأن هذه المردة تكون سبباً في إغواء الناس وفي دفعهم لمعصية الله تعالى لكن يبقى القرين ويبقى من ليس بمارد يبقى يعبث ببعض الناس ولهذا نجد شيئاً من الشكس ومن المعاصي والمخالفات لكنها ليست بتلك العظائم وإن كان يوجد من الناس من يفعل عظائم في رمضان لكن ليس كغيره من الشهور . من فضائل الصوم أنه جنة ووقاية يتقي بالصوم من سخط الله تعالى يتقي بالصوم من الوقوع في الآثام في الجرائم في المعاصي كما قال صلى الله عليه وآله وسلم ((الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم – مرتين – والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها))[3] من فضائل الصوم أيضاً أنه يحد من الشهوة وهذا في رمضان وفي غير رمضان كما جاء في الحديث أنه صلى الله عليه وآله وسلم ((يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء))[4] ومن فضائله أيضاً أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك . ومن فضائله أيضاً : أنه موسم لغفران الذنوب كما جاء في الحديث ((ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة ))[5] وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال آمين

آمين

آمين

قيل يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين فقال إن جبريل عليه السلام أتاني فقال من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين ))[6] فالشقي من شقي في هذا الشهر والتعيس من تعس في هذا الشهر والخاسر من خسر هذا الشهر من خرج من هذا الشهر دون أن يستفيد .

المحور الثاني : تعلم الأحكام الشرعية كما مضى معنا أنه لابد من التعلم فهذه الأمة أمة العلم أمة الإسلام أمة العلم بشقيه الشرعي والدنيوي وديننا وشرعنا لم يمنع من التعلم المادي وإنما حظ عليه لكن لا يكن حظ أحدنا من العلوم الدنيوية ما لم يأخذ حظه من العلوم الشرعية فلابد أن يكون آخذاً حظه من العلوم الشرعية ولو على أقل تقدير ما يجب عيناً عليه من أحكام الصوم والصلاة ومن أحكام التوحيد ومن أحكام الزكاة ومن أحكام الحج وكل مسألة يقدم عليها يجب عليه أيضاً عيناً أن يتعلمها كما ذكرنا مراراً في عدة محاضرات أن التاجر إذا هم في التجارة لا يجوز له أن يدخل في العمل التجاري حتى يتعلم أحكام التجارة حتى لا يقع في الحرام وهذا ليس لذلك الذي يريد أن يفتح محلاً أو استيراد وتصدير لا بل حتى صاحب العربية بحاجة إلى هذا العلم حتى لا يقع في المحظور حتى لا يغش الناس لا يبع للناس مادة غير صالحة للأكل أو للشرب بقصد الكسب المادي وهكذا في بقية القضايا إذا وصل الشاب إلى أن يتزوج تعين عليه أن يتعلم أحكام النكاح البنت كذلك إذا شارفت على البلوغ وجب عليها أن تتعلم أحكام الحيض والنفاس وأحكام النكاح ما هي واجباتها وحقوقها الزوجية أما أن تذهب إلى بيت زوجها وهي لا تفقه من دين الله تعالى شيئاً فهذا هو الباب الواسع الذي يحدث من خلالها المشاكل الزوجية لجهل الزوج أولاً ثم لجهل الزوجة ثانياً فليس أحد منهم يعرف ما الذي له وما الذي عليه ولذلك كل واحد منهم يريد أن يمضي فكره ورأيه سواء كان صواباً أو خطأ ولهذا لو نحن عدنا إلى  سيرة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم – وسيرة الصحابة رضي الله عنهم  لما وجدنا المشاكل الأسرية التي تقع في الأسر لأن الزوج متعلم والمرأة متعلمة لكن الزوج الآن معه دكتوراه في العلوم الدنيوية والزوجة تكون جامعية أو عندها ماجستير أو حتى عندها دكتوراه لكن ما عندها شيئاً من العلوم الشرعية لذلك تتل خبط الأمور وتنهز الأسر نتيجة الجهل بدين الله تعالى في هذا الشهر الكريم نحن ملزوم مأمورون بأن نتعلم عدة أحكام من هذه الأحكام أحكام الصيام وما هو الواجب علينا وما الذي يحرم علينا ما هي المستحبات وما هي المكروهات وهذا الآن ليس وقتها لكن نقول بقي أيام يمكن أن يتدارك الإنسان الأحكام وإلا ففي بداية الشهر الكريم . أيضاً : أحكام القيام صلاة التراويح أحكامها آدابها كم تؤدى ؟ ماذا يقرأ فيها؟ آداب المسجد أيضاً هل تنقلب المساجد للتحدث والناس يصلون وينقسم الناس إلى قسمين قسم يتعبد لله تعالى ويقسم يتحدث في مؤخرة المسجد وهؤلاء يشوشون على أولئك أما ماذا؟ هذه أحكام يجب تعلمها. أيضاً : أحكام الزكاة إذ أن الناس اعتادوا أن يزكوا أموالهم في شهر رمضان إضافة إلى زكاة الفطر لابد من تعلم أحكامها خلال هذه الأيام أو خلال شهر رمضان لأنها تجب في نهاية الشهر الكريم هل تجزئ إخراجها مالاً ؟ هل تخرج مثلاً من مادة معينة من الطعام أم يمكن للإنسان مثلاً أن يخرجها من السكر ومن الفواكه والخضروات طماطم بطاطس وما شاكل ذلك  يجوز أو لا يجوز هذه القضايا لابد من تعلمها وخاصة ونحن مأمورون بطلب العلم  في هذه القضايا أيضاً : أحكام الاعتكاف لأن هنالك من المسلمين من سيعتكف فعليه أن يتعلم أحكام الاعتكاف ما يجب عليه وما يحرم عليه آداب الاعتكاف وما شاكل ذلك لأننا نجد بعض الناس يدخلون المعتكفات يريدون الاعتكاف ويدخل معهم أناس لا يعرفون أحكام الاعتكاف فيفسدون عليهم اعتكافهم وتنقلب المعتكفات إلى ملتقيات ونوادي للحديث فالاعتكاف السر منه أن يختلي العبد بربه سبحانه وتعالى – لا أن ينقلب المسجد إلى جلسات وحلقات مسامرة وما شاكل ذلك لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم – يتحدث إلا بقدر محدود فقط وإلا فالأصل في الاعتكاف التخلي بالله تعالى والتقرب إليه والإكثار من ذكره وقراءة القرآن الكريم . كذلك أحكام القرآن خاصة في هذا الشهر الكريم الناس يقبلون على قراءة القرآن في هذا الشهر المبارك لكن هل جميعهم يحسن قراءته ما كلهم يحسن قراءة القرآن ولو أخذت شريحة من المسجد لو جدت أصنافاًَ واحد منهم يقرا قرآناً ما أنزل الله به من سلطان على محمد صلى الله عليه وآله وسلم – هذا نوع . نوع آخر يقرأ القرآن لكن يقرأه هذاً صنف آخر وهو قليل هم الذين يحسنون قراءة القرآن ويتدبرونه ولعلك تجد أيضاً من هو معرض إعراضاً كلياً عن قراءة القرآن بحجة أو بأخرى فهذه مسائل يجب تعلمها خاصة خلال وأن شهر رمضان هو شهر القرآن .

 المحور الثالث : استقبال الشهر كيف يستقبل المسلمون هذا الشهر الكريم ؟ أما بالنسبة للدول وكان الواجب عليها أن تكون مستقبلة لهذا الشهر الكريم استقبالاً يليق به استقبالاً يظهر للناس حسن تحمل المسئولية لكن وكل الأمر إلى غير أهله فتجد مثلاً بعض الدول ما تدري شعبان من رمضان على مستوى الدول ولا رجب من شوال حتى قال قائلهم قبل سنين قيل له هل أنتم تتبعون هلال رمضان قال : نحن ما جئنا من أجل أن ننظر الهلال دخل وإلا ما دخل إحنا جئنا ننفذ القوانين ذا وزير في دولة أهلها مسلمون يقول هذا القول والواجب عليه حين وسد إليه هذا الأمر أن يتحمل المسئولية بين يدي الله عز وجل – وأن يقوم بالواجب لأنه أساساً ما عين إلا لتحمل المسئولية لإقامة الدين في هذا المرفق يعني أي وزير رئيس الدولة ملكها سلطانها ما عين هاهنا وما رشح إلا من أجل أن يقيم الدين ويسوس الناس بموجبه ثم بعد ذلك توزعت هذه المهام وزير الإعلام الواجب عليه أن يقيم الدين بوزارته ويتقي الله تعالى في هذه الوزارة ويسوس الناس ويوجه الناس وفق الدين والذي في وزارة العدل كذلك يحكم بين الناس بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم – ويتقي الظلم ووزير التربية والتعليم عليه أن يقيم الدين في هذه الوزارة بحيث يعلم أبناء المسلمين العلوم الشرعية والعلوم الدنيوية التي تنفعهم في دينهم ودنياهم ولا تتصادم مع شريعة الله عز وجل – فأي نظرية إلحادية مثل نظرية دارون وغير ذلك من النظريات يقول : لا هذه يجب أن يشطب عليها لأنها تصادم الدين لا يجوز أن تدخل هذه بلاد المسلمين ولا يجوز أن تعلم في مدارس المسلمين هذا كان الواجب لكن هل الدول على هذه المسئولية أبداً الدول تستقبل شهر رمضان ربما مثلاً بالمدافع وبالأضواء وما شاكل ذلك هذه الديكورات يمكن أن يكون كذلك وإلا فقد وسد الأمر في غير ذلك إلى غير أهله إذا جئنا مثلاً إلى وزارة الإعلام على مستوى العالم الإسلامي والعربي كله نجد أنها منذ شهور وهي تعمل ليلاً ونهاراً من أجل إضلال المسلمين من أجل حرمانهم ثواب هذا الشهر الكريم من أجل استنزاف أموالهم وجهدهم ووقتهم استنزاف عام سواء كان من أجل الصحة فهي تستنزف صحتك فيقضي الناس أمام التلفزيون ربما نصف النهار أو نصف اليوم اثنا عشر ساعة يقضيها هذا فيه من إتعاب النفس صحياً فكرياً ما يحدث للنظر من الضرر أيضاً : مالك مستنزف وقتك مستنزف إيقاعك في المخالفات لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه ,آله وسلم –  حدث عن هذا ولا حرج فهي من أشهر تعد وكل قناة من القنوات تود أن يكون مشاهدوها أكثر وأكثر لذلك تقدم عروضاً تقدم أفلاماً تقدم مسابقات تقدم أموالاً هذا كله على حساب دين المسلم فنجد أن هذه الوزارات لم تقم بالواجب الذي أوجبه الله عز وجل عليها كان الواجب عليها أن تكون رافداً مسانداً مساعداً مع بقية القنوات الأخرى التي توجه المسلم إلى الاتجاه الصحيح وتصب الجهد والوقت والمال في المصب الصحيح فشهر رمضان في الحقيقة هو كغيره من الشهور لكن كما جاء في الحديث ويا باغي الشر أقصر حصل شيء من الإقصار عن المعاصي وإن كان الشيطان يزين لهم فيها بطرقة أخرى مثلاً قد لا نجدهم يغنون الأغاني الماجنة لكن هذا يوجد في بعض القنوات الفضائية والمحلية لكن يأتون بالشيطان من باب آخر يقول لهم هذا توشيح ديني إن كان مثلاً ما عندهم الأفلام الفاضحة وأفلام الغزل وكذا وما شاكل ذلك فهو يأتي إليهم من باب آخر يقول : المسلسلات الدينية والأفلام الدينية والله أنهم شوهوا تأريخ الإسلام وشوهوا عظماء الإسلام وشوهوا تاريخ المجاهدين في سبيل الله تعالى بسفاسف الأمور التي تعود عليها الممثلين والممثلات من هم هؤلاء الممثلين والممثلات ؟ هؤلاء في الحقيقة كما حكت عنهم الصحف والمجلات أنهم أهبط شريحة في المجتمع وأفشل شريحة في المجتمع أنت تراه يتكلم الكلام المنمق وتراه يفعل ويصنع لكن في حياته الشخصية من أفشل الناس لكن أن يحيا هذه الحياة التي يمثلها مع أهله مع أسرته في مجتمعه في عمله لا تكاد تجد إثبات فالإعلام على كل حال كان الواجب أن يكون رافداً وسانداً لإقامة الدين والأخلاق والعقيدة وشحذ الهمم للتعبد لله عز وجل – لكن صارت معول هدم ولعله يأتي طرف من هذا بعد قليل إن شاء الله تعالى – الناس كيف يستقبلون هذا الشهر المبارك ؟ كان الواجب على المسلمين أن يستقبلوه بحفاوة وفرح وسرور كان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم – يصومون رمضان ثم ستة أشهر يدعون الله تعالى أن يتقبل منهم وستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان حالنا اليوم شريحة من المجتمع وهي شريحة عظيمة متضجرة من هذا الشأن لا تحبه إطلاقاً لأنها تعودت على العصيان والتمرد على الله عز وجل –وإن كان ثمة قبول لهذا الشهر الكريم فهو فقط مجاراة للوقت ومجاراة للمجتمع لكنهم بمجرد خروج الشهر الكريم كما يقولون في المثل عاد حليمة لعادتها القديمة فيعود هذا الإنسان إلى ما كان عليه من قبل من عشية العيد أو قل من أول يوم من أيام شوال من العصيان والمخالفات الشرعية . صنف آخر من الناس متضجر لا يريد رمضان ولذلك فهو يفعل كل ما بوسعه من العصيان في رمضان من التمرد فتجده مثلاً يفطر في رمضان جهاراً في الشوارع بل ربما أحياناً في ليالي رمضان تجد من شباب هذه الأمة الذين ساروا في هذا لطريق المنحرف من يغازل بنات المسلمين من يتتبع عورات المسلمين . وبعضهم يستقبله بشيء من الحفاوة لكن التضجر موجود يمكن أن يزول بعد أن يمشي شيء من الوقت وترتفع روحانيته أو معنوياته يمكن أن يمضي على ما يرام . وصنف يستقبلونه بحفاوة وترحاب لأنه موسم الخير موسم التنافس موسم الأعمال الصالحة يستقبلونه كما يستقبل أحدنا الضيف العزيز الغالي الذي طالت غيبته فهو موسم الخير موسم للتنافس بالحسنات موسم لغفران الذنوب موسم التقرب إلى الله عز وجل – وقد تجد صنفاً من الناس بين هذا وذاك تجده أحياناً يتضجر وأحياناً يفرح وأحياناً يفرح بالصوم لما فيه من النفحات وأحياناً لما فيه من الموائد والأكلات فتجد صنفاً يخلط بين هذا وذاك . المحور الرابع : السلف وآداب الصيام . كان سلفنا الصالح رضي الله عنهم إذا دخل رمضان لزموا المساجد لماذا ؟ قالوا : لا نؤذي الناس ولا يؤذينا الناس لا نغتاب الناس ولا يغتابونا فيبقون في المساجد يتعبدون لله تعالى قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه – إذا صمت فليصم معك سمعك وبصرك وجوارحك لا تكذب ولا تغتاب ولا تنظر إلى الحرام وهذه القضية تحتاج إلى مجاهدة والسلف الصالح ضربوا أروع الأمثلة في مجاهدة النفس لكن حالنا اليوم على غير ذلك فتجد أكثر الناس يصومون عن الطعام والشراب والجماع لكن جوارحهم ما تصوم إلا من رحم الله تعالى – فتجد العينين تطيش هنا وهناك تجد الأذن تستمع إلى ما حرم الله تجد اليد ربما تبطش تجد الرجل تسعى إلى ما حرم الله تعالى – وهم صيام إلا من رحم الله تعالى – الأمر كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))[7] فلا يكن حظ المسلم من صيامه الجوع والعطش إذا صام صوم جوارحه كلها لله تعالى – لتكون طائعة لله تعالى – فلعلك تجد مثلاً من الناس من لا يتأدب بهذه الآداب بل ربما لا يدخل المسجد إلا المغرب والعشاء وركعتين أو أربع من التراويح ورجع إلى بيته أين يقضي بقية يومه ؟ إما نوماً وإما في القيل والقال وإما في ضياع وقته وإما في تتبع الفوازير والمسابقات والمسلسلات ليس على مستوى الداخل بل على مستوى الداخل والخارج ولعله يأتي في آخر رمضان وقد أنفق على المسابقات الرمضانية ما يزيد على عشرة آلاف إلى عشرين ألفاً مقابل فواتير يدفعها لفاتورة الهاتف . المحور الخامس : رمضان والسمر اعتاد المسلمون في بعض البلدان إلى قلب الليل إلى نهار والنهار إلى ليل وبقي بعض المسلمين على حالهم أن النهار معاشاً والليل سباتاً وهذه هي الحياة الصحيحة التي فطر الله عباده عليها وكون الإنسان يقلب الليل نهاراً والنهار ليلاً لا شك أن هذا يؤثر على صحته ويؤثر على أخلاقياته لأن الله تعالى حكيم ولهذا جعل الليل المظلم للنوم وجعل النهار المضيء للعمل والسعي في طلب الرزق فاعتاد بعض البلدان ومنها بلادنا أنهم يقلبون الليل نهاراً والنهار ليلاً لكن هذا السهر فيما يقضيه الناس ؟ بعض الناس يقضي الليل وهذا طبعاً قطاع قليل جداً يقضيه في الذكر والطاعة والعبادة وهذا مثل الكبريت الأحمر وبعض الناس يقضيها في الأسمار في الدواوين في القيل والقال وفي الغيبة والنميمة وفي كلام الرويبضة أما القيل والقال وهذا أكثر مجالس الناس قال فلان قال فلان قال فلان أو في الغيبة والنميمة أو في كلام الرويبضة وهو التافه يتكلم في أمر العامة يهدم إسرائيل ويغرقها ويرميها في البحر في دقائق ويخطط لقلب نظام الحكم في أمريكا ويفككها إلى دويلات صغيرة ومحوها من على الخارطة ويلف قليلاً فيصعد إلى روسيا وإلى الهند وإلى كل  أعداء الدين هذا إذا كان في قلبه شيء من الحرقة على الإسلام يفعل هذه الأفاعيل كلها خلال ساعتين وبعد ذلك إذا انتهى مجلسه تبين له أنه كان في وهم ولم يجن في آخر وقته إلا الهم والحسرات أنا ما خبرت أمريكا أنا ما دمرت إسرائيل لا بالعكس يستمع في آخر الليل الإخبار قتل كذا من الفلسطينيين وضربت الدولة الفلانية وهو مسكين يتحدث في شئون الناس لكنه ليس متأهلاً لهذا وكان الواجب عليه أن يقضي وقته إن كان ولا بد في طاعة الله تعالى كما كان عليه سلفنا الصالح رضي الله عنهم – بعض الناس يقضي ليله إما في ما لا ينفع وإما في ما يضر بعضهم يقضي وقته مثلاً في لعب الدمنة في الورق البطة وإلا في الشطرنج وإلا في ما شابه ذلك من الألعاب وقد صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال ((من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه))[8] دلالة على تحريم لعب الطاولة لكن من يقنع الناس بتحريم مثل هذه الأعمال بل لو سألته ماذا تصنع ؟ قال :  أقتل الوقت هل المسلم خلق ليقتل وقته أم خلق ليعمل ليبلوكم أيكم أحسن عملاً أما سمعنا قول نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ((ما تزال قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن علمه ماذا عمل فيه ؟))[9] هذه الأوقات هذه الأنفاس ستسأل عنها بين يدي الله عز وجل – الثانية والدقيقة وخروج النفس ورجوعه سنسأل عنه بين يدي الله تعالى  ونحن نوقن جميعاً بأن النفس إذا خرج لا يمكن أن يعود خلص خرج مشت ثانية من عمرك لا يمكن أن تعود هذه الثانية تقدم إلى الآخرة ثانية ودقيقة وساعة ويوماً وأسبوعاً وشهراً وهلم جر فبعض الناس يقضي ليله ماذا تصنع ؟ قال : أقتل الوقت نضيع وقت والله حرام حرام على المسلم أن يضيع وقته يجب أن تستثمر الأوقات في طاعة الله عز وجل – ما كان سلفنا الصالح يعتادون مثل هذه العبارات الذي لو سمعها بعض سلفنا الصالح لاقشعر بدنه تضيع الوقت الوقت كانوا يقولون الوقت من ذهب الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك وبعض الناس يقضي ليله سهراً لا أقول في ما لا ينفع بل فيما يضر كما أسلفنا سابقاً في تتبع الدشوش والقنوات الفضائية محليها وخارجها ما كان منها فضائياً وغير فضائي وهو يتبع من هنا وهناك هذا الفلم أحسن وهذه المسلسلات أشوق وهذا فلم إسلامي بل بعضهم يتتبع الأفلام المحرمة ظناً منه وجهلاً منه أن الصوم إنما هو في رمضان وأن الحرمة إنما هي في نهار رمضان دون ليله والصحيح أن رمضان كله حكمه واحد وهذه المسائل وإن كانت محرمة في غير رمضان لكن حرمتها تشتد في رمضان .

 المحور السادس : رمضان والإفراط في النوم وضياع الوقت : ذكرنا آنفاً قوله صلى الله عليه وآله وسلم – ((((ما تزال قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن علمه ماذا عمل فيه ؟))[10]

وذكرنا قوله صلى الله عليه وآله وسلم ((من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين ))[11] فنجد بعض الناس يفرط في النوم النوم يمكن للإنسان أن يصيره عباده يؤجر عليه عند الله تعالى كما قال معاذ رضي الله عنه – لما سأله أبو موسى الأشعري رضي الله عنه – كيف تقسم وقتك ؟ قال : والله إني لأحتسب نومي كما أحتسب قيامي أحتسب الأجر عند الله تعالى في النوم أي أنام ليقويني على طاعة الله تعالى كما أحتسب قيامي أستغله في طاعة الله عز وجل – قال الله تعالى ((  قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )) سورة الأنعام آية(163) ومحيا الإنسان يومه من الصبح إلى الليل يقضيه في أعمال المختلفة يعني منها عبادات ومنها أمور عادة لكن العبد المؤمن يصيرها عبادة بأن ينوي بها التقرب إلى الله عز وجل – أن يعف نفسه عن محارم الله تعالى – أن يعف أهله وأولاده عن المحارم حتى لا يمدوا أيديهم إلى الناس فتنقلب هذه العادات على عبادة وصح عنه صلى الله عليه وآله وسلم من حديث عامر بن سعد رضي الله عنه قال

: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا مريض بمكة فقلت لي مال أوصي بمالي كله ؟ قال ( لا ) . قلت فالشطر ؟ قال ( لا ) . قلت فالثلث ؟ قال ( الثلث والثلث كثير أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم ومهما أنفقت فهو لك صدقة حتى اللقمة ترفعها في في امرأتك ولعل الله يرفعك ينتفع بك ناس ويضر بك آخرون))[12] فبعض الناس يتكأ على حديث لم يصح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم – وهو ((نوم الصائم عبادة…))[13] وبعدين ينام من الفجر إلى العصر مالك ؟ نوم الصائم عبادة وربما قال لأهله لا  توقضوني إلا قبيل المغرب ليش ؟ نوم الصائم عبادة تسويل من الشيطان الرجيم والنوم يكون بقدره ما زاد عن الحد انقلب إلى الضد يمرض الإنسان يسقم الإنسان إن كان ولا بد وقد قلب الليل نهاراً والنهار ليلاً فليرقد إلى الظهر ثم يستأنف عمله صلاة الظهر قراءة القرآن صلاة العصر قراءة القرآن أذكار المساء الدعاء التضرع بين يدي الله عز وجل – وهلم جر ويواصل أعماله إلى أن يأتي وقت النوم من اليوم الثاني بعض الناس مثلاً ينام ربما إلى العصر صلاة الظهر يصليها بعد العصر مالك قال : المعبود باقي وبعض الناس ينام مثلاً إلى الظهر وصلى ورجع يرقد إلى العصر وصلى العصر وين رايح يا فلان تعال اقرأ قرآن قال : السوق إلى متى إلى في السوق إلى قبيل المغرب وربما أفطر في الطريق ضاع يومه وليله أين يقضيه في القيل والقال وما شاكل ذلك وانتهى رمضان فتبين لنا جال سلفنا الصالح رضي الله عنهم – أنهم كانوا ينامون النوم المعتاد وإلا عمل وجد واجتهاد ومثابرة ومنافسة في الخيرات أما عدنا معشر المتأخرين فتغير الحال ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى .

المحور السابع : رمضان وقراءة القرآن : اختار الله تعالى هذا الشهر لتنزيل القرآن الكريم قال تعالى ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ…)) سورة البقرة آية ( 185) كيف كان حاله صلى الله عليه وآله وسلم – في رمضان ؟ كان يأتيه جبريل عليه السلام – يتدارس معه القرآن وكان صلى الله عليه وآله وسلم – أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان حين يأتيه جبريل – عليه السلام – وأما حال سلفنا الصالح مع القرآن فحدث عن هذا ولا حرج فنجد أنواعاً من الأحوال مع القرآن هذا مثلاً الزهري رحمه الله – والإمام مالك كانا من كبار العلماء وكانا لهم حظ ونصيب أوفر في قراءة القرآن ليلاً ونهاراً في غير رمضان ومع هذا كانوا يقرءون العلم على الناس قتادة رضي الله عنه – من علماء التابعين كان يختم القرآن في غير رمضان في كل سبعة أيام وكان في رمضان في كل ثلاث أيام وفي العشر الأواخر في كل ليلة وكان البخاري له في كل ليلة مصحف وكان الشافعي رحمه الله تعالى – يقرأ ستين مصحفاً في رمضان يعني مصحف بالليل ومصحف بالنهار ما عندهم شغل إلا قراءة القرآن لكن حالنا الآن الطيب فينا من يقرأ مصحفا ًلكن لو حث الناس على قراءة القرآن ليلاً ونهاراً يقولون : لا تشدها تنبصق ساعة وساعة لربك طيب ساعة لقلبك وين تقضيها ؟ يقضيها أمام النساء في القنوات ياليته يقضيها مثلاً في الجلوس مع أهله في ملاعبة الأولاد وغير ذلك لا يقضيها الساعة التي للقلب هذه في قتل قلبه يستمع الأغاني المحرمة ينظر إلى الصور المحرمة الأفلام الخليعة المسلسلات الماجنة إن كان ولا بد شيء للقلب القلب هذا يحتاج إلى عمل ساعة للقلب يعني افهمها فهماً صحيحاً أي ساعة لإصلاح القلب وليس لإفساده ساعة لزرع الإيمان في القلب وليس لتدميره فالناس يفهمون أفهاماً مغلوطة الساعة التي للرب يريدها دقائق طولت في الصلاة طولت في القراءة وما شاكل ذلك . ذكر بعض المشايخ في إحدى المحاضرات واحد في مصر دائماً يشاكس طول طول طول طولت في الصلاة خفف في الصلاة فقرأ بعد الفاتحة من سورة الرحمن (( مداهمتان )) الله أكبر آية قال له : يا بيه خليها مداهمة واحدة ليش خليتها مداهمتان الآن حالنا كذا الساعة التي يقولون للرب ساعة يعيشها الإنسان في قلق تماماً كالسمكة التي ترمى من البحر إلى الساحل تضل تتقلب تتمل مل ما يقضيها الإنسان في خشوع لله تعالى فحال سلفنا الصالح رضي الله عنهم – مع القرآن هذا حالهم ما ذكرنا وأما واقعنا اليوم إن جئت إلى التحاكم للقرآن فالقرآن قد غيب من الواقع فصار لا يتحاكم إليه يؤتى بالقوانين الوضعية من أوروبا وحلت محل القرآن ليتحاكم الناس إلى هذه القوانين الوضعية وقالوا : في قوانينهم ودساتيرهم لا عقوبة إلا بقانون شرب الخمر قال الله كذا قالوا : لا عقوبة إلا بقانون لم ينصص القانون بمعاقبة الخمار زنا قال الله كذا قالوا : لا القانون لم ينصص على معاقبة من زنا هذه حريات شخصية فإن جئت إلى واقع المسلمين التحاكم إلى القرآن صفر على الشمال اللهم إلا في أحوال ضيقة في الأحوال الشخصية إلا ما شاء الله تعالى – في بعض الدول في بعض الجوانب وليس في جميع الجوانب إن جئت إلى تلاوته وقراءته تجد أن شريحة كبيرة تقرأ القرآن لكن يقرءونه للمادة للأموات وما شاكل ذلك . وبعض الناس نعم يقرا القرآن لكن كما قلنا من قبل لا يقرأ قرآناً أنزله الله تعالى على محمد صلى الله عليه وآله وسلم – فلو أن لنا كرة بعضهم والله قال لي سمعت شخصاً يقرؤها فلو أن لنا كُرة من قرأ منا القرآن فإنما يقرءوه في أطر ضيقة جداً الله الله في القرآن العظيم .

المحور الثامن : الإسراف في الأكل والشرب . يقول الله تعالى (( … وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)) سورة الأعراف آية (31) الأصل في هذا الإباحة لكن التبذير حرام يقول صلى الله عليه وآله وسلم ((ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن . حسب الآدمي لقيمات يقمن صلبه . فإن غلبت الآدمي نفسه فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس))[14] ومعلوم أن كثرة الطعام يحدث عند الإنسان خمولاً فلا يرغب في القرآن ولا في الصلاة ولا في القيام بل يصيبه الخمول ويحتاج إلى نوم أطول يتولد من هذا الطعام أخلاط تشوش عليه ذهنه وما شاكل ذلك فنجد من الناس في رمضان من يسرف في تناول الطعام أو يسرف في المائدة نفسها ويذهب هذا الطعام بعد ذلك في القمائم ونجد أن الناس ربما أغلبهم يستعدون لهذا الشهر الكريم بالأطعمة والأشربة أكثر من استعدادهم له بالطاعة وكيف سيقضي وقته وينظم جدوله والأصل على كل حال أننا لا نحرم على الناس شيئاً أحله الله لهم فالأصل في الطعام والشراب الإباحة ولو نوع الإنسان لكن ليكن ذلك بقدر بحيث يستعين بهذا الطعام والشراب على طاعة الله تعالى لأن الناس ما يحتاجون الآن إلى أن نعلمهم كيف يأكلون ويشربون وماذا يفعلون في رمضان افعل ما تشاء لكن ليكن ذلك بدون إسراف كل واشرب ووسع على أهلك ولا شيء عليك لكن لا يتجاوز الحد ى تسرف في ذلك لا تذهب هذه الأطعمة براميل القمامة.

 المحور التاسع : رمضان وصلاة الجماعة الحمد لله في رمضان خاصة في بدايته نجد أن الناس يقبلون على الصلوات الخمس في جماعة وهذا هو الواجب كما قال الله تعالى ((وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)) سورة البقرة آية (43) والأمر هنا جماعي مما يدل على إقامة هذه الشعائر جماعية إضافة إلى قوله صلى الله عليه وآله وسلم قال ( من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر))[15]

وحديث الأعمى عن أبي هريرة قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له فلما ولي دعاه فقال هل تسمع النداء بالصلاة ؟ فقال نعم قال فأجب))[16] هذا الواجب في رمضان وفي غير رمضان لكن في رمضان يتأكد لأن الإنسان يكون أشد تقرباً إلى الله تعالى مع القول بصحة الصلاة لو صلى في بيته لكنه يأثم لا نقول ببطلان صلاته لقوله صلى الله عليه وآله وسلم (( … وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كثر فهو أحب إلى الله عزوجل))[17] لكن سرعان ما يتراجع القوم ثلاثة أيام خمسة أيام نجد زحام في المساجد لكن بعد خمسة أيام يبدأ الناس يتخلفون عن صلاة الجماعة وفي العشر الأواخر نجد هم كما سيأتي أكثر شذوذاً وأكثر بعداً مع أن الواجب كان العكس ولقد كان سلفنا الصالح رضي الله عنهم – كانوا يحرصون على أداء صلاة الجماعة أشد الحرص ولا يتخلف عنها كما قالوا إلا منافق معلوم النفاق وكانوا إذا غاب إنسان اتهموه وظنوا به ظن السوء إما أنه مريض معذور وإما أنه نافق لكن الآن حالنا غير هذا الحال نسأل الله تعالى العافية .

المحور العاشر : صلاة التراويح : صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالناس ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع توافد أناس كثير يريدون الصلاة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم – لكن لم يخرج صلى الله عليه وآله وسلم – خشية أن تفرض عليهم ثم خبرهم بهذا قال : أما والله إني لم يغب عني مكانكم ولكني خشيت أن يفرض عليكم فلا تستطيعوا قام الصحابة رضي الله عنهم – بعد ذلك الواحد والاثنين مع بعضهما والعشرة مع بعض حتى جمعهم عمر رضي الله عنه – على أبي بن كعب وكانوا يقومون قياماً طويلاً . كان صلى الله عليه وآله وسلم يقوم قياما ً طويلاً حتى تتفطر قدماه فيقال له : لماذا تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر هون على نفسك فيقول : أفلا أكون عبداً شكوراً وكان يصلي بالأربع الركعات قالت عائشة رضي الله عنها فلا تسأل عن حسنهن بل كان يقوم أحياناً بالركعة الواحدة بالبقرة والنساء وآل عمران في ركعة واحدة ولقد كان يقول من قام معه لقد كدت أن أهم بأمر سوء قالوا : ما هو قال :  أن أجلس وكان السلف الصالح على كل حال يصلون صلاة طويلة وصح عنه صلى الله عليه وآله وسلم – أنه كان يصلى إحدى عشر ركعة إلى ثلاثة عشر ركعة كحد أعلى لكن ثبت عن الصحابة أنهم كانوا يصلون أكثر من هذا كانوا يصلون ثلاثة وعشرين ركعة ولا حرج على كل حال لمن صلى أكثر من أحد عشر ركعة شريطة أن تكون بتؤدة وروية أن تقام الصلاة كما أمر الله عز وجل – لا أن تكون صلاة لا يقام ركوعها ولا سجودها فالأفضل للإنسان أن يصلى ثلاثاً أو خمساً بهدوء وبإناء وروية خير من أن يصلي ذلك العدد الكثير صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم – أنه قال ((  من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه))[18] وصح عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال ((من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه))[19] هذا حال سلفنا الصالح رضي الله عنهم – أنهم كانوا يحيون الليل بالقيام بالصلاة بقراءة القرآن بالذكر بالتضرع بين يدي الله عز وجل خاصة في الثلث الأخير من الليل كما قال عمر رضي الله عنه – والتي ينامون عنها خير من التي يقومنها لكن حالنا اليوم اليوم الأولى الحمد لله المساجد تكتض ولا يجد الناس أماكن للصلاة ثاني يوم يخف قليلاً ثالث يوم خامس سادس يوم لا يبقى إلا الذين عندهم الجد والنشاط لا يبقى في المسجد إلا ثلاثة صفوف إلى أربعة صفوف كحد أعلى أما البقية فقد انصرفوا إلى أعمالهم الطيب منهم الذي صلى ركعتين أو أربع ثم انصرف وقد يكون هنا من باب التنبيه عدم انتباه من أئمة المساجد فالواجب هو التخفيف على الناس ما أمكن لقوله صلى الله عليه وآله وسلم – ((أيها الناس إنكم منفرون فمن صلى بالناس فليخفف فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة))[20] والمسالة إذا علمنا أن الناس- أيها الإخوة – سيصلون الصلاة كاملة بحيث يخفف عنهم مثلاً إلى نصف جزء أو أكثر قليلاً فالأفضل أن يخفف عنهم أما إذا كان يعلم أن العدد هو العدد يقرا بالناس ما يقوون عليه وما يجعلهم راغبين في حديث السائب بن يزيد رضي الله عنه – كان الإمام منا يقوم بالمئين حتى كان أحدنا يعتمد على العصي من طول القيام فالحاصل أننا في مساجدنا نجد أننا في بداية الشهر الناس يتزاحمون لكن سرعان ما يفرون سرعان ما يتراجعون ويتركون ميدان العباد يتركونه فارغاً وهنا أحب أن أنبه إلى أن بعض الناس خاصة الشباب الناس يصلون وهم يتحدثون في مؤخرة المسجد فيؤذون الإمام والمصلين والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول (( …أما إن أحدكم إذا قام في الصلاة فإنه يناجي ربه فليعلم أحدكم ما يناجي ربه ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة في الصلاة))[21] والعامة يحفظونه بلفظ لا يشغل قارئكم مصليكم وهو بنفس المعنى فإذا هم الإمام بالركوع قام هؤلاء القوم وركعوا مع الناس من أجل أن تحسب لهم ركعة ركعة وهدرة ركعة وكلام فيكون قد قضوا أمرين في وقت واحد وهذا لا يجوز إن كان يتعب من القيان يصلى جالساً وإن كان يريد أن يرتاح ولا بد فلا يتكلم ولا يؤذي المسلمين .

 المحور الحادي عشر : رمضان وتفطير الصائمين صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم ((من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا))[22] وتفطير الصائم بحبة تمر أو ما يدخل جوفه ماء أو تمر يكون قد كتب الله لك الأجر وأما إن زاد على ذلك فهذا خير ونعمة والذي حث عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم – هو التفطير ويثبت هذا بأقل القليل لكن الحمد لله أن الناس اعتادوا على أن يدعوا الناس إلى أن يأملوا من طعامهم وشرابهم لكن بعض الناس يفوته الأجر هو يريد الأجر لكن متى يأتي إليه الناس بعض صلاة المغرب من أجل الموائد الطويلة العريضة ويكون قد فاته الأجر وإن كان هو مأجور هو يريد أجره كالصائم فمن دعا شخصاً يقول له اسمع أشترط عليك ألا تأكل شيئاً إلا من تمري أو شيء من تمري ولا تشرب إلا من شرابي حتى أكسب الأجر مش تأتي تأكل المائدة وتترك الفائدة أنا أردت الفائدة من التمرة إلى المائدة فليكن حرصنا جميعاً على هذا إن شاء الله تعالى . أسأل الله تعالى أن يجعل مقدم هذا الشهر الكريم على الأمة خير وبركة ونصر .

والحمد لله رب العالمين.


[1] – البخاري 3/1194

[2] – سنن الترمذي 3/66

[3] – البخاري 2/670

[4] – 5/1950

[5] – سنن الترمذي 3/66

[6] – صحيح الترغيب والترهيب 1/241

[7] – البخاري 2/673

[8] – مسلم 4/1770

[9] – صحيح الترغيب والترهيب 1/30

[10] – صحيح الترغيب والترهيب 1/30

[11] – صحيح الترغيب والترهيب 1/241

[12] – البخاري 5/2047

[13] – السلسلة الضعيفة 10/198

[14] – سنن ابن ماجة 2/1111

[15] – سنن ابن ماجة 1/260

[16] – مسلم 1/452

[17] – سنن أبي داود 1/207

[18] – البخاري 1/22

[19] – البخاري 2/672

[20] – البخاري 1/46

[21] –  أحمد 2/26

[22] – سنن الترمذي 3/171

اضافة تعليق

اضغط هنا للتعليق