كيفية التوبة النصوح

بسم الله الرحمن الرحيم

كيفية التوبة النصوح

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

  حلقتنا لهذا اليوم حول كيفية التوبة النصوح

قد يسرف العبد على نفسه بالذنوب والمعاصي لدرجة أن تضيق عليه الدنيا بما رحبت فلا يجد ملجأً ولا مهربا إلا أن يلتجأ ويفر إلى الله عز وجل بالتوبة النصوح

مستمعي الأكارم :

أعلموا عباد الله أن العلماء من سلف وخلف قد أجمعوا على أن التوبة واجبة على الفور والدوام من كل ذنب صغير كان أو كبير وقد جاء في الوحي وعن النبي صلى الله عليه وسلم الحث على ذلك

قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا  توبوا إلى الله توبة نصوحا)

وقوله تعالى (و توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)

وأما ما جاء عن المعصوم صلى الله عليه وسلم فمنها ما يأتي :

عن الأغر بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم(أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة) رواه مسلم

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها) رواه مسلم

عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

(لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها  فأتى شجرة واضطجع  في ظلها وقد أيس من راحلته فبينما هو كذلك إذ بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح) متفق عليه

من أقوال السلف فيها:

سأل رجل ابن مسعود رضي الله عنه عن ذنب ألم به رجل هل له من توبة ؟ فأعرض عنه ثم إلتفت إليه ورأى عينيه تذرفان فقال له :إن الجنة لها ثمانية أبواب كلها تفتح وتغلق إلا باب التوبة فإن عليه ملكا موكلا لا يغلق فأعمل ولا تيأس

شروط التوبة النصوح :

قال الله : (يا أيها الذين أمنوا توبوا إلى  الله توبة نصوحا )

قال ابن كثير رحمه الله (هي توبة صادقة جازمة تمحو ما قبلها من السيئات وتلم شعث التائب  و تجمعه  وتكفه عما يتعاطاه من الذنوب)

وشروطها:

إن كان الذنب بين العبد وربه فشروطها ثلاثة:

أحدها:  أن يقلع من المعصية

الثاني: أن يندم على فعلها

الثالث: أن يعزم ألا يعود إليها أبدا

وإن كانت في حق الآدمي فهذه الثلاثة يضاف إليها أن يبرأ من حق صاحبها

فإن كانت مالا رده أليه وإن كانت حداً مكنه منه  أو طلب عفوه وإن كانت غيبة استحلها منها

كيفية تحقق التوبة:

قال القرطبي رحمه الله في تحقق هذه التوبة بأربعة أشياء :

الاستغفار باللسان  والإقلاع بالأبدان وإضمار بترك العود بالجنان ومهاجرة سيئ الخلان

 فأين من بكى جنايات الشباب التي اسود بها الكتاب ؟

وأين من يأتي إلى الباب يجد الباب مفتوحا ؟

فأين أثر ندمك ؟ أين حذرك من أليم العقاب؟

أين قلقك من خوف العتاب؟

أتعتقد أن التوبة قول باللسان إنما التوبة دواء يطهر الإنسان ؟

علامات قبول التوبة  :

1-أن يكون العبد بعد التوبة خيرا مما كان قبلها بمعنى هل زاد في الحسنات

2-لا يزال الخوف مصاحبا له لا يأمن مكر الله طرفة عين.

3-انخلاع القلب خوفا وندما على قدر الذنب

4- ذل وخضوع خاص لا يكون لغير المذنب يجتمع عليه فيلقي نفسه على بساط رحمة الله

(إلهي وسيدي ومولاي أسألك بعزك وذلي إلا رحمتني أسلك بقوتك وضعفي وبغناك وفقري أليك هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك عبيدك سواي كثير وليس لي سيد سواك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك أسألك مسألة المسكين وأبتهل أليك ابتهال الخاضع الذليل وأدعوك دعاء الخائف الضرير سؤال من خضعت لك رقبته ورغم لك أنفه وفاضت لك عينه وذل لك قلبه إلا تبت علينا ورحمتنا إنك أنت التواب الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وليكن حالك كما قال الشاعر أبو نواس

يارب إن عظمت ذنوبي كثرة       فلقد علمت بأن عـــــفوك أعظــــم

إن كان لا يرجوك إلا محـسن       فمن الذي يدعو ويرجو المجــــــرم

أدعوك ربي كما أمرت تضرعا       فإذا رددت فمــــن ذا يرحـــــــــم

مالي إليك وسيلة إلا الرجــاء       وجميل عفوك ثم أنــــــــــــي مسلم